Misrمصر
05-08-2004, 03:13 PM
صدام حسين........!!!!!
هذا الرجل سيظل علامة استفهام كبيرة أقف أمامها عاجزا عن فك شفرات صاحبها!
وطننا العربي كلّه تسري فيه أخبار وروايات عن أنه كان ضيفا دائما على السفارة الأمريكية في القاهرة حين كان طالبا بمصر، وطبعا كله كلام × كلام، لا نعلم أصله أو صحته.
وطننا العربي -والإعلام الغربي- يروج لمذبحة حلبجة ويلصقونها بصدام، سبحان الله! وأقرأ على استحياء تقريرا كاملا للمخابرات الأمريكية يبرئ فيه صدام من المذبحة، بل وتذكر الصحيفة الإماراتية التي أوردت النبأ أنه من المحتمل أن يستعين صدام بالCIA للاستفادة من تقريرها المشار إليه!!
ربما تظل حادثة احتلال الكويت هي النقطة السوداء التي لم نر تفسيرا لها إلى الآن، وإن كان البعض يشير إلى تغير طرأ على الرجل بعد هذه الحادثة، إذ أصبح التكريم منوطا بالعلماء من أهل السنّة، وحلقات تحفيظ القرآن، حتى إنني قرأت مقالا صحفيا في صحيفة "صوت الأمة" المصرية يشنّع فيه كاتب المقال _لا أذكر اسمه_ على صدام تقريبَه للعلماء والمشايخ ويحذره من أن يلقى مصير سلفه أنور السادات الذي قرب ما يسمونه "الجماعات الإسلامية" فاغتالوه في نهاية المطاف - على حد زعم الكاتب-.
وفي هذا الصدد، يجب ولا بد وينبغي أن أشير إلى شخصية أخرى قد يفيدنا النظر في سيرتها ومآلها وتاريخها للحكم على صدام حسين أو تكوين تصور معقول معتدل عنه، ذلكم هو أيها السادة الرئيس الأوغندي الأسبق "عيدي أمين" _آخر رئيس مسلم لأوغندا_ الذي رحل عن دنيانا قبل عام تقريبا بعيدا عن أرضه وموطنه لاجئا سياسيا في المملكة العربية السعودية التي قدم إليها لاجئا بعد سقوط حكمه سنة 1979م.
من يقرأ عن عيدي أمين يرى العجب، قرأت عنه في هيئة الإذاعة البريطانية BBC وفي وسائل الإعلام الأجنبية، وإذا كلهم يكررون في وصف الرجل "الديكتاتور" "آكل البشر" "الدموي" بل إن الرجل لم يستطع أن يعود إلى بلده في أخريات حياته لأن رئيسها الحالي هدد بمحاكمته بتهمة انتهاك حقوق الإنسان، ولا غرو، فالإشاعات تملأ الأفق عن الرجل أنه كان يستمتع بأكل لحوم الآدميين إلى غير ذلك.
الشيخ محمد الغزالي وعيدي أمين!http://www.khayma.com/islamissolution/iis/7th/mostqbal/gazalee.jpg
عيدي أمين رحمه الله قرأت عنه في كتاب الشيخ الغزالي رحمه الله "الحق المر"، فماذا وجدت؟ الكتاب ليس بين يدي الآن لأنقل لكم بالنص ما وجدته، لكني أنقل بالمعنى ما قرأته، لقد ذكر الغزالي رحمه الله أنّ عيدي أمين حين تولى السلطة في أوغندا ابتعد عن التعاون مع العالم الغربي وإسرائيل ووجه ثقله السياسي مع الوطن العربي والعالم الإسلامي، وفوق هذا وذاك، فقد أرسل إلى الأزهر الشريف يطلب إرسال وفد من العلماء للنظر في تكوين ما يشبه هيئة علماء لتأسيس بنية دينية قوية تواجه توابع الاستعمار وآثاره الثقافية والدينية والاجتماعية، وكان شيخنا الشيخ محمد الغزالي رحمه الله ضمن هذا الوفد الذي أرسله شيخ الأزهر حينذاك تلبية لطلب الرئيس الأوغندي وحرصا على مصالح المسلمين في أوغندا.
ذكر الشيخ الغزالي أيضا أنّ عيدي أمين حارب كل قوى الاستعمار البريطاني وتلاميذه في دولته، فحورب ونشرت الشائعات عنه وأصبح طريدا بين عشية وضحاها.
على أن الشيخ الغزالي رحمه الله يذكر لنا موقفا آخر في أوغندا على عهد عيدي أمين، يقول الشيخ في كتابه "مستقبل الإسلام خارج أرضه كيف نفكر فيه" ما نصه [عندما كنت في أوغندا على عهد عيدي أمين، جاءني من يطلب مني إلقاء درس ديني في المولد النبوي، فعرتني دهشة! وقلت لمحدثي: أظننا في شعبان؟ قال: نحن نحتفل بالمولد أكثر العام.!
قلت: حسنأ سآتي معكم، وتبسم وكيل الأزهر- وكنا مبعوثين معا- وقال: ماذا ستصنع؟ قلت له: هؤلاء يجتمعون على حديث في الإسلام أو على تلاقٍ لذكر الله، تحت عنوان المولد! ليس في حسابهم أكثرمن هذا.!
قال: إنك في مصر متهم بالوهابية؟ قلت: والوهابيون يتهمونني بالصوفية! وأنا طالب علم أبغي خدمة الإسلام وحده ولا أكترث بالعناوين، والله من وراء القصد..
وذهبت إلى الجمهور المحتشد، وألقيت درسا لا أذكر موضوعه، كان هدفي أن تحت التراب جمرا يوشك أن ينطفيء، ويجب أن أبقيه مشتعلا فتحدثت عن الله الواحد لأضع أسوارا عالية أمام زحف التثليث، وجليت بعض العقائد والأخلاق مستعينا بأحاديث نبوية كثيرة، وفي أثناء سرد الأحاديث قلت بلباقة: إن محمدا أعظم من أن يكون مولدا يقام في ليلة أوفي شهر! إنه رسالة يتصدى لها الآن شياطين الإنس والجن ونحن لهم بالمرصاد! ولابد أن نوصل رحمته إلى العالمين، وننفع بتراثه الناس أجمعين...
وبشرتهم بأن محبتهم لرسول الله ستقودهم إلى الجنة، وأننا سنلتقي كثيرا لنعرف كيف نتبعه ونحيي سنته.
أرجو أن يتضاعف هذا الجمع غدا لأننا سنشرح طائفة من شعب الإيمان .!
قال لي رفيقي: إنك ما حدثتهم عن بدعة الإحتفال بالمولد، وقال أحد المنسوبين إلى العلم: ولا عن خرافة التوسل!!
قلت: الحقائق التي آخذهم بها ستطرد في صمت ما عداها، كما يدخل الماء في الزجاجة فيطرد منها الهواء ليحل محله! إن مهمتي التنويرلا إلصاق التهم وحشد الادلة لاثباتها كي ألقي الناس بعد ذلك في جهنم، أنا مربٍ! لا مدّعٍ عام..
وقال آخر: لاحظت أن جمهرتهم يسدلون أيديهم في الصلاة! قلت: دعهم على ما ألفوا من مذهب مالك! إنني أريد شغلهم بالزحف الإستعماري على أرضهم ودينهم، ولن يعاقب الله أحدا أسدل يديه.
إن الدين هنا مهدد بالفناء، بل لقد تقلص عن بقاع واسعة، فعلقوا الناس بالأهم وخوفوهم من الأدهى.. أرجئوا الكثير مما يشغلكم الآن واكترثوا بالأركان ومعاقد الايمان والأخلاق والعبادات..
ويسوءني أنني تركت أوغنده، ثم ذهب بعد ذلك بسنين عيدي أمين، وتعرض المسلمون هناك لبلاء ماحق، وجاءهم من لا يحسن الكلام إلا في الأمور التي تعمدت البعد عنها، فكان هؤلاء الدعاة مع المبشرين الدهاة، ظلمات بعضها فوق بعض غطت مستقبل الإسلام وجرت عليه الهزائم]
تقارير أخرى منصفة
على صعيد آخر، نشرت مفكرة الإسلام تقريرا عن المسلمين في أوغندا، فماذا قال التقرير عن عيدي أمين تحديدا؟
لقد قال بالحرف الواحد: "ونالت أوغندا استقلالها سنة 1382هـ وسلمت إنجلترا مقاليد الحكم لأحد أتباعها وهو 'ميلتون أوبوتي' وفي سنة 1384هـ ظهرت شخصية 'عيدي أمين' كقائد للجيش وهو ضابط مسلم تدرب في إسرائيل وهو ذو طبيعة إستبدادية تأثر بشخصية 'عبد الناصر' .حدث انقلا سنة 1391هـ قام به 'عيدي أمين' ضد 'ميلتون أوبوتي' استلم على إثره الحكم وفر 'أبوتي' إلى تنزانيا التي رفضت الاعتراف بحكم 'عيدي أمين' الذي قام بعدة إجراءات كان من شأنها إثارة القوى الصليبية والصهيونية ضده فلقد قام 'عيدي أمين' بطرد البعثة الإسرائيلية من أوغندا وسجن بعض أفرادها إذ كانت تتصرف بحرية كأنها على أرضها وقامت إسرائيل بعملية فدائية وأنقذت أفراد بعثتها الموقوفين في مطار 'عينتيبية' , وقام عيدي أمين بالحد من نشاط الإرساليات النصرانية وأعدم أحد القساوسة واتجه لنشر الدعوة الإسلامية فزاد تعداد المسلمين في أيامه وأعلن 'عيدي أمين' انضمام أوغندا لمنظمة المؤتمر الإسلامي"
تقرير مغرض، بي بي سي نموذجا، ليعرف القارئ كيف يكون التلبيس على الرأي العام
لنقرأ -على الجانب الآخر- ما كتبته البي بي سي عن عيدي أمين رحمه الله:
"ومن ابرز ما قام به امين ترحيل كافة الآسيويين المقيمين في اوغندا عام 1972، متهما اياهم بالسيطرة على اقتصاد البلاد لتحقيق مصالحهم الخاصة.
ويقول منصور موجول، عضو اتحاد المرحلين من اوغندا، للبي بي سي انه كان من بين عشرات الآلاف الآسيويين الذين رحلهم امين، لكن هذا الترحيل افاد الكثيرين، اذ مكنهم من الاستقرار في بريطانيا"
هل لاحظتم ما قاله عضو اتحاد المرحّلين، من أن هذا الترحيل أفادهم وسمح لهم بالاستقرار في بريطانيا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
إذا، هؤلاء المرحلون ليسوا بالآسيوين فعلا، وإنما هم أذناب الاستعمار الإنجليزي وعملاء بريطانيا يخدمون مصالحها، وإلا لكانوا رجعوا إلا بلدانهم يوم أن طردهم عيدي أمين، ألست منطقيا في كلامي هذا؟؟ ما الذي يعنيه أن يكون هؤلاء "الآسيويون" مستقرين في "بريطانيا" بعد طردهم من أوغندا؟؟ لو كانوا فعلا مجرد عمال آسيوين بسطاء لعادوا إلى بلادهم لا إلى بريطانيا، لكن كونهم يستقرون في بريطانيا فهذا يعني أنهم كانوا فعلا أذنابا للاستعمار ومهددون للاقتصاد الوطني الأوغندي، وإلا فإن العامل البسيط الذي يهاجر بحثا عن قوت أطفاله حين يطرد أو يرحّل فإنه يعود إلى وطنه الأم.
أمر آخر جدير بالملاحظة، هو مصطلح "اتحاد المرحلين من أوغندا"!!! فآلة الإرهاب العالمي لم تكتف بكيل التهم للرجل جزافا، وإنما أوحت للمرحلين من أوغندا -الذين هم متعانون لمصلحة المستعمر كما سبق وأوضحنا- وكونت باسمهم رابطة تجمعهم إمعانا في النكاية بالرجل وتلطيخ سمعته.
بل حتى البي بي سي في مكان آخر من تقرير آخر عن عيدي أمين تكتب فتقول "وكان المهاجرون الآسيويون يمثلون قوة اقتصادية كبيرة في أوغندا. وقد فاجأهم عيدي أمين بإمهالهم تسعين يوماً لمغادرة البلاد، في إطار برنامج كان يهدف لتمكين سكان البلاد الأصليين من السيطرة على اقتصاد البلاد وقد فر الكثيرون منهم إلى بريطانيا".
وحتى يوحي الإعلام العالمي للكون بأسره أنه لا أحد يؤيد عيدي أمين، كتبت بي بي سي _وأنا أستشهد بها بوصفها أخطبوطا إعلاميا ضخما_ "وما زال مؤيدوه، والعديد منهم من شمالي أوغندا مثل أمين نفسه، يحثون الحكومة على السماح للرئيس الأسبق بالعودة إلى البلاد" فانظروا رعاكم الله إلى قولها "ومازال مؤيدوه والعديد منهم من شمالي أوغندا مثل أمين نفسه" فحتى حين تبرر وكالات الإعلام الغربي وجود تأييد لرجل يريدون هدمه تقول إن معظم هؤلاء المؤيدين هم من نفس المنطقة التي ينتمي إليها ذلك الرجل، نفس الكلام قالوه عن مؤيدي صدام أن معظمهم من تكريت!
التقارير التي استشهدنا بها في هذا المقال:
كتاب الشيخ الغزالي
http://www.khayma.com/islamissolution/iis/7th/mostqbal/index.htm
فقرة (لكي تنجح دعايتنا)
تقرير "مفكرة الإسلام" عن مسلمي أوغندا
http://links.islammemo.cc/historydb/one_news.asp?IDnews=91
صحيفة أخبار اليوم المصرية وقعت في فخ الإعلام العالمي
http://www.akhbarelyom.org.eg/hawadeth/issues/600/0901.html
وفي نفس الفخ وقعت صحيفة الرأي العام الكويتية
http://www.alraialaam.com/17-08-2003/ie5/frontpage.htm
القذافي يؤيد عيدي أمين، تقرير لإسلام أون لاين
http://www.islamonline.net/Arabic/history/1422/09/article07.shtml
صحيفة الشعب تتحدث عنه (لا أعلم فحوى المقال لأن الموقع محجوب عندنا في مصر)
http://www.alshaab.com/2004/23-07-2004/yehia.htm
حوار مع مفتي أوغندا يمتدح فيه جهود عيدي أمين في تكوين مجلس أعلى للشؤون الإسلامية
http://www.muslimworldleague.org/paper/1764/articles/page16.htm
تقارير بي بي سي:
يبحث عن كلية
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_3152000/3152221.stm
خبر الوفاة
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_3156000/3156363.stm
ذكريات حوار معه بقلم صحفيين بريطانيين حاوروه وهو رئيس
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_3178000/3178799.stm
بل جعلوا يوما خاصا للاحتفال بذكرى سقوطه
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_1923000/1923423.stm
هذا الرجل سيظل علامة استفهام كبيرة أقف أمامها عاجزا عن فك شفرات صاحبها!
وطننا العربي كلّه تسري فيه أخبار وروايات عن أنه كان ضيفا دائما على السفارة الأمريكية في القاهرة حين كان طالبا بمصر، وطبعا كله كلام × كلام، لا نعلم أصله أو صحته.
وطننا العربي -والإعلام الغربي- يروج لمذبحة حلبجة ويلصقونها بصدام، سبحان الله! وأقرأ على استحياء تقريرا كاملا للمخابرات الأمريكية يبرئ فيه صدام من المذبحة، بل وتذكر الصحيفة الإماراتية التي أوردت النبأ أنه من المحتمل أن يستعين صدام بالCIA للاستفادة من تقريرها المشار إليه!!
ربما تظل حادثة احتلال الكويت هي النقطة السوداء التي لم نر تفسيرا لها إلى الآن، وإن كان البعض يشير إلى تغير طرأ على الرجل بعد هذه الحادثة، إذ أصبح التكريم منوطا بالعلماء من أهل السنّة، وحلقات تحفيظ القرآن، حتى إنني قرأت مقالا صحفيا في صحيفة "صوت الأمة" المصرية يشنّع فيه كاتب المقال _لا أذكر اسمه_ على صدام تقريبَه للعلماء والمشايخ ويحذره من أن يلقى مصير سلفه أنور السادات الذي قرب ما يسمونه "الجماعات الإسلامية" فاغتالوه في نهاية المطاف - على حد زعم الكاتب-.
وفي هذا الصدد، يجب ولا بد وينبغي أن أشير إلى شخصية أخرى قد يفيدنا النظر في سيرتها ومآلها وتاريخها للحكم على صدام حسين أو تكوين تصور معقول معتدل عنه، ذلكم هو أيها السادة الرئيس الأوغندي الأسبق "عيدي أمين" _آخر رئيس مسلم لأوغندا_ الذي رحل عن دنيانا قبل عام تقريبا بعيدا عن أرضه وموطنه لاجئا سياسيا في المملكة العربية السعودية التي قدم إليها لاجئا بعد سقوط حكمه سنة 1979م.
من يقرأ عن عيدي أمين يرى العجب، قرأت عنه في هيئة الإذاعة البريطانية BBC وفي وسائل الإعلام الأجنبية، وإذا كلهم يكررون في وصف الرجل "الديكتاتور" "آكل البشر" "الدموي" بل إن الرجل لم يستطع أن يعود إلى بلده في أخريات حياته لأن رئيسها الحالي هدد بمحاكمته بتهمة انتهاك حقوق الإنسان، ولا غرو، فالإشاعات تملأ الأفق عن الرجل أنه كان يستمتع بأكل لحوم الآدميين إلى غير ذلك.
الشيخ محمد الغزالي وعيدي أمين!http://www.khayma.com/islamissolution/iis/7th/mostqbal/gazalee.jpg
عيدي أمين رحمه الله قرأت عنه في كتاب الشيخ الغزالي رحمه الله "الحق المر"، فماذا وجدت؟ الكتاب ليس بين يدي الآن لأنقل لكم بالنص ما وجدته، لكني أنقل بالمعنى ما قرأته، لقد ذكر الغزالي رحمه الله أنّ عيدي أمين حين تولى السلطة في أوغندا ابتعد عن التعاون مع العالم الغربي وإسرائيل ووجه ثقله السياسي مع الوطن العربي والعالم الإسلامي، وفوق هذا وذاك، فقد أرسل إلى الأزهر الشريف يطلب إرسال وفد من العلماء للنظر في تكوين ما يشبه هيئة علماء لتأسيس بنية دينية قوية تواجه توابع الاستعمار وآثاره الثقافية والدينية والاجتماعية، وكان شيخنا الشيخ محمد الغزالي رحمه الله ضمن هذا الوفد الذي أرسله شيخ الأزهر حينذاك تلبية لطلب الرئيس الأوغندي وحرصا على مصالح المسلمين في أوغندا.
ذكر الشيخ الغزالي أيضا أنّ عيدي أمين حارب كل قوى الاستعمار البريطاني وتلاميذه في دولته، فحورب ونشرت الشائعات عنه وأصبح طريدا بين عشية وضحاها.
على أن الشيخ الغزالي رحمه الله يذكر لنا موقفا آخر في أوغندا على عهد عيدي أمين، يقول الشيخ في كتابه "مستقبل الإسلام خارج أرضه كيف نفكر فيه" ما نصه [عندما كنت في أوغندا على عهد عيدي أمين، جاءني من يطلب مني إلقاء درس ديني في المولد النبوي، فعرتني دهشة! وقلت لمحدثي: أظننا في شعبان؟ قال: نحن نحتفل بالمولد أكثر العام.!
قلت: حسنأ سآتي معكم، وتبسم وكيل الأزهر- وكنا مبعوثين معا- وقال: ماذا ستصنع؟ قلت له: هؤلاء يجتمعون على حديث في الإسلام أو على تلاقٍ لذكر الله، تحت عنوان المولد! ليس في حسابهم أكثرمن هذا.!
قال: إنك في مصر متهم بالوهابية؟ قلت: والوهابيون يتهمونني بالصوفية! وأنا طالب علم أبغي خدمة الإسلام وحده ولا أكترث بالعناوين، والله من وراء القصد..
وذهبت إلى الجمهور المحتشد، وألقيت درسا لا أذكر موضوعه، كان هدفي أن تحت التراب جمرا يوشك أن ينطفيء، ويجب أن أبقيه مشتعلا فتحدثت عن الله الواحد لأضع أسوارا عالية أمام زحف التثليث، وجليت بعض العقائد والأخلاق مستعينا بأحاديث نبوية كثيرة، وفي أثناء سرد الأحاديث قلت بلباقة: إن محمدا أعظم من أن يكون مولدا يقام في ليلة أوفي شهر! إنه رسالة يتصدى لها الآن شياطين الإنس والجن ونحن لهم بالمرصاد! ولابد أن نوصل رحمته إلى العالمين، وننفع بتراثه الناس أجمعين...
وبشرتهم بأن محبتهم لرسول الله ستقودهم إلى الجنة، وأننا سنلتقي كثيرا لنعرف كيف نتبعه ونحيي سنته.
أرجو أن يتضاعف هذا الجمع غدا لأننا سنشرح طائفة من شعب الإيمان .!
قال لي رفيقي: إنك ما حدثتهم عن بدعة الإحتفال بالمولد، وقال أحد المنسوبين إلى العلم: ولا عن خرافة التوسل!!
قلت: الحقائق التي آخذهم بها ستطرد في صمت ما عداها، كما يدخل الماء في الزجاجة فيطرد منها الهواء ليحل محله! إن مهمتي التنويرلا إلصاق التهم وحشد الادلة لاثباتها كي ألقي الناس بعد ذلك في جهنم، أنا مربٍ! لا مدّعٍ عام..
وقال آخر: لاحظت أن جمهرتهم يسدلون أيديهم في الصلاة! قلت: دعهم على ما ألفوا من مذهب مالك! إنني أريد شغلهم بالزحف الإستعماري على أرضهم ودينهم، ولن يعاقب الله أحدا أسدل يديه.
إن الدين هنا مهدد بالفناء، بل لقد تقلص عن بقاع واسعة، فعلقوا الناس بالأهم وخوفوهم من الأدهى.. أرجئوا الكثير مما يشغلكم الآن واكترثوا بالأركان ومعاقد الايمان والأخلاق والعبادات..
ويسوءني أنني تركت أوغنده، ثم ذهب بعد ذلك بسنين عيدي أمين، وتعرض المسلمون هناك لبلاء ماحق، وجاءهم من لا يحسن الكلام إلا في الأمور التي تعمدت البعد عنها، فكان هؤلاء الدعاة مع المبشرين الدهاة، ظلمات بعضها فوق بعض غطت مستقبل الإسلام وجرت عليه الهزائم]
تقارير أخرى منصفة
على صعيد آخر، نشرت مفكرة الإسلام تقريرا عن المسلمين في أوغندا، فماذا قال التقرير عن عيدي أمين تحديدا؟
لقد قال بالحرف الواحد: "ونالت أوغندا استقلالها سنة 1382هـ وسلمت إنجلترا مقاليد الحكم لأحد أتباعها وهو 'ميلتون أوبوتي' وفي سنة 1384هـ ظهرت شخصية 'عيدي أمين' كقائد للجيش وهو ضابط مسلم تدرب في إسرائيل وهو ذو طبيعة إستبدادية تأثر بشخصية 'عبد الناصر' .حدث انقلا سنة 1391هـ قام به 'عيدي أمين' ضد 'ميلتون أوبوتي' استلم على إثره الحكم وفر 'أبوتي' إلى تنزانيا التي رفضت الاعتراف بحكم 'عيدي أمين' الذي قام بعدة إجراءات كان من شأنها إثارة القوى الصليبية والصهيونية ضده فلقد قام 'عيدي أمين' بطرد البعثة الإسرائيلية من أوغندا وسجن بعض أفرادها إذ كانت تتصرف بحرية كأنها على أرضها وقامت إسرائيل بعملية فدائية وأنقذت أفراد بعثتها الموقوفين في مطار 'عينتيبية' , وقام عيدي أمين بالحد من نشاط الإرساليات النصرانية وأعدم أحد القساوسة واتجه لنشر الدعوة الإسلامية فزاد تعداد المسلمين في أيامه وأعلن 'عيدي أمين' انضمام أوغندا لمنظمة المؤتمر الإسلامي"
تقرير مغرض، بي بي سي نموذجا، ليعرف القارئ كيف يكون التلبيس على الرأي العام
لنقرأ -على الجانب الآخر- ما كتبته البي بي سي عن عيدي أمين رحمه الله:
"ومن ابرز ما قام به امين ترحيل كافة الآسيويين المقيمين في اوغندا عام 1972، متهما اياهم بالسيطرة على اقتصاد البلاد لتحقيق مصالحهم الخاصة.
ويقول منصور موجول، عضو اتحاد المرحلين من اوغندا، للبي بي سي انه كان من بين عشرات الآلاف الآسيويين الذين رحلهم امين، لكن هذا الترحيل افاد الكثيرين، اذ مكنهم من الاستقرار في بريطانيا"
هل لاحظتم ما قاله عضو اتحاد المرحّلين، من أن هذا الترحيل أفادهم وسمح لهم بالاستقرار في بريطانيا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
إذا، هؤلاء المرحلون ليسوا بالآسيوين فعلا، وإنما هم أذناب الاستعمار الإنجليزي وعملاء بريطانيا يخدمون مصالحها، وإلا لكانوا رجعوا إلا بلدانهم يوم أن طردهم عيدي أمين، ألست منطقيا في كلامي هذا؟؟ ما الذي يعنيه أن يكون هؤلاء "الآسيويون" مستقرين في "بريطانيا" بعد طردهم من أوغندا؟؟ لو كانوا فعلا مجرد عمال آسيوين بسطاء لعادوا إلى بلادهم لا إلى بريطانيا، لكن كونهم يستقرون في بريطانيا فهذا يعني أنهم كانوا فعلا أذنابا للاستعمار ومهددون للاقتصاد الوطني الأوغندي، وإلا فإن العامل البسيط الذي يهاجر بحثا عن قوت أطفاله حين يطرد أو يرحّل فإنه يعود إلى وطنه الأم.
أمر آخر جدير بالملاحظة، هو مصطلح "اتحاد المرحلين من أوغندا"!!! فآلة الإرهاب العالمي لم تكتف بكيل التهم للرجل جزافا، وإنما أوحت للمرحلين من أوغندا -الذين هم متعانون لمصلحة المستعمر كما سبق وأوضحنا- وكونت باسمهم رابطة تجمعهم إمعانا في النكاية بالرجل وتلطيخ سمعته.
بل حتى البي بي سي في مكان آخر من تقرير آخر عن عيدي أمين تكتب فتقول "وكان المهاجرون الآسيويون يمثلون قوة اقتصادية كبيرة في أوغندا. وقد فاجأهم عيدي أمين بإمهالهم تسعين يوماً لمغادرة البلاد، في إطار برنامج كان يهدف لتمكين سكان البلاد الأصليين من السيطرة على اقتصاد البلاد وقد فر الكثيرون منهم إلى بريطانيا".
وحتى يوحي الإعلام العالمي للكون بأسره أنه لا أحد يؤيد عيدي أمين، كتبت بي بي سي _وأنا أستشهد بها بوصفها أخطبوطا إعلاميا ضخما_ "وما زال مؤيدوه، والعديد منهم من شمالي أوغندا مثل أمين نفسه، يحثون الحكومة على السماح للرئيس الأسبق بالعودة إلى البلاد" فانظروا رعاكم الله إلى قولها "ومازال مؤيدوه والعديد منهم من شمالي أوغندا مثل أمين نفسه" فحتى حين تبرر وكالات الإعلام الغربي وجود تأييد لرجل يريدون هدمه تقول إن معظم هؤلاء المؤيدين هم من نفس المنطقة التي ينتمي إليها ذلك الرجل، نفس الكلام قالوه عن مؤيدي صدام أن معظمهم من تكريت!
التقارير التي استشهدنا بها في هذا المقال:
كتاب الشيخ الغزالي
http://www.khayma.com/islamissolution/iis/7th/mostqbal/index.htm
فقرة (لكي تنجح دعايتنا)
تقرير "مفكرة الإسلام" عن مسلمي أوغندا
http://links.islammemo.cc/historydb/one_news.asp?IDnews=91
صحيفة أخبار اليوم المصرية وقعت في فخ الإعلام العالمي
http://www.akhbarelyom.org.eg/hawadeth/issues/600/0901.html
وفي نفس الفخ وقعت صحيفة الرأي العام الكويتية
http://www.alraialaam.com/17-08-2003/ie5/frontpage.htm
القذافي يؤيد عيدي أمين، تقرير لإسلام أون لاين
http://www.islamonline.net/Arabic/history/1422/09/article07.shtml
صحيفة الشعب تتحدث عنه (لا أعلم فحوى المقال لأن الموقع محجوب عندنا في مصر)
http://www.alshaab.com/2004/23-07-2004/yehia.htm
حوار مع مفتي أوغندا يمتدح فيه جهود عيدي أمين في تكوين مجلس أعلى للشؤون الإسلامية
http://www.muslimworldleague.org/paper/1764/articles/page16.htm
تقارير بي بي سي:
يبحث عن كلية
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_3152000/3152221.stm
خبر الوفاة
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_3156000/3156363.stm
ذكريات حوار معه بقلم صحفيين بريطانيين حاوروه وهو رئيس
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_3178000/3178799.stm
بل جعلوا يوما خاصا للاحتفال بذكرى سقوطه
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_1923000/1923423.stm