تسجيل الدخول

View Full Version : نحن بحاجة لمشروع إعلامي عملاق لتوأمة الإسلام والعروبة لصد المشروع الأميركي


واحد انسان
07-11-2004, 03:10 PM
كتابات - سمير عبيد
كنّا نأمل أن يخسر الرئيس جورج بوش عسى تتمكن منطقتنا من التفاهم مع الإدارة الأميركية والشعب الأميركي، ولكن تبين أن الشعب الأميركي مفتونا بفتل العضلات وتصدير سياسة وثقافة الكابوي إلى العالم عامة والشرق الأوسط بشكل خاص.


ففوز الرئيس بوش الابن هو رد اعتبار لوالده جورج بوش الأب الذي خسر أمام الرئيس بيل كلينتون، خصوصا وكانت استطلاعات الرأي تؤشر لفوز الأب بوش الذي بشّر بالنظام العالمي الجديد، لذا ففرحة بوش الأب تفوق فرحة الابن، وكذلك فرحة التيار المحافظ والمتشدد في إدارة بوش تفوق فرحة الرئيس بوش الابن أيضا، ومن الجهة الأخرى يجب دراسة عملية فوز الرئيس بوش، ومزاجية الشعب الأميركي، حيث عندما فوّز الرئيس بوش لولاية ثانية يعطينا الحق بعدم التعاطف مع الشعب الأميركي من الآن فصاعدا، بل إعادة النظر بجميع العلاقات مع هذا الشعب الذي تعاطف مع رئيسه الذي لا يحترم أحد، حيث ثبت أنه شعبا لازال مؤمنا بالثقافة نفسها التي ابادة ( 23 مليونا) من الهنود الحمر لتؤسس على حسابهم الإمبراطورية الأميركية القديمة، لذا أصبح الأمر واضحا حيث يريدون تأسيس إمبراطوريتهم الجديدة على جماجم العرب والمسلمين في منطقتنا، كي يتفرغوا صوب الصين ودول أخرى، ولكن الأمر ليس بهذه السهولة التي آمن بها التيار المتطرف في إدارة جورج بوش الابن، والذي خدع الشعب الأميركي وجعله يعطي الأصوات لهكذا إدارة متعطشة للحروب والدمار، وإهانة الشعوب والأمم، لأن كثير من المحللين والساسة في العالم يرون أن إدارة بوش الابن بشقيها الأول المنتهي والثاني الذي سيبدأ سوف تؤسس لطريق انهيار وانحسار الأمبراطورية الأميركية، حيث من بوادرها ما نراه الآن من تدهور في سعر الدولار، وانخفاض معدلات النمو، وفقدان الملايين لوظائفهم، والخوف والهلع الذي عبّر ويعبر عنه كبار السياسيين الأميركان عن طريق وسائل الإعلام، والندوات، ومنهم من وجه رسائل تحذير إلى الرئيس جورج بوش نفسه محذرين خلالها من الاستهتار الذي تمارسه الإدارة الأميركية اتجاه العالم ومنطقة الشرق الأوسط.

سيطبق الرئيس بوش ما تبقى من رؤيته الإلهية!

لكن الرئيس بوش الذي يؤمن بأنه رسولا للبشرية، ومعه إدارته التي تحتوي على تيار المحافظين الجدد، والذين يؤمنون بالتوسع والحروب، وتشكيل منطقة الشرق الأوسط من جديد لتكون بإدارة إسرائيل نيابة عن الولايات المتحدة الأميركية يرون أن عملية فوز الرئيس مسألة غيبية هي الأخرى، وخطوة أخرى من الإيحاء الرباني كي يكتمل المشروع الأميركي الذي خططته ثلاث قوى هي ( التيار المسيحي المتشدّد والمتحالف مع التيار اليهودي المتشدّد، والتيار البروتستانتي المتشدّد، وتيار الماركسيين الذين تحولوا إلى الليبرالية ولكن برؤى وتوجهات غريبة وعائمة ومتطرفة)، لذا فعملية تشغيل مسلسل التوسع ستبدأ حال تفرغ الرئيس الأميركي من توزيع المهام والوظائف، والتي لن يفكر بمنحها كثيرا كما فعل في ولايته الأولى، لأنه كان حريصا على التوازنات والجمهور والأصوات، أما الآن فهو حل من ذلك لأنه لا يتطلع لولاية ثالثة تحت بنود الدستور التي تمنع الرئيس لولاية ثالثة، ولكن من يدري ربما لا يكتمل هذا الر ئيس ولايته كلها، لأنه معرّض للكذب والتزوير، وخير دليل عدم وجود مسببات الحرب على العراق لحد الآن، كما أنه معرض للتهور بقرارات وحروب لا يرضى بها الله والعباد!.

من يعتقد أن الرئيس بوش سوف يكون متزنا وحنونا على الشرق الأوسط والعالم العربي والإسلامي فهو واهم، فالرجل يحمل مشروعا عملاقا هدفه تدمير ( الإسلام والعروبة) معا، وكذلك الحقد على الحضارات الضاربة في التاريخ، حيث يهدف هذا المشروع لتفريغ الإسلام من محتواه الحقيقي كدين وكمشروع للحياة في المناهج، والمساجد، والندوات، وفي وسائل الإعلام، لذا مشروعا أميركا ثقافيا عملاقا تقوده الأميركية ( زوجة السفير الأميركي في كابول خليل زلماي زاده) هدفه فصل الأحاديث النبوية عن القرآن، والبقاء على القرآن فقط في المناهج والتعليم دون الاعتماد على التفاسير، ودون الاعتماد على الرديف المتعارف عليه وهو الأحاديث والسنّة، وهي كارثة حقيقية تهدد الإسلام كمشروع حضاري، والإسلام كدين، وتحاول طمس ونسيان الرسول محمد ( ص) وجميع أحاديثه هو وصحبة أجمعين، وهو ما بشر به وزير الدفاع الأميركي رامسفيلد في عام 2002 عندما قال( نحن ذاهبون لمنطقة الشرق الأوسط لإعادة تشكيلها وجعلها كأورب ا الشرقية) أي بمعنى جعل المسلمين في منطقة الشرق الأوسط كالمسلمين في أوربا الشرقية ( مسلمين باللسان و بطاقات الأحوال الشخصية فقط) أما ممارساتهم فكلها بين الماكدونالز وموسيقى البوب الأميركية، ومتابعة الأفلام الأميركية، والصرعات الأميركية و الأوربية، وانتشار المافيا والبغاء ( مع احترامنا للقلة الصامدة في هذه الدول والتي لا تشكل خطراً على أصحاب المخططات هناك)، وهكذا مشروع حتما توافق وستوافق عليه روسيا والدول الأوربية، وفي مقدمتها فرنسا وألمانيا وغيرها لأنها خائفة من ( البعبع) الإسلامي الذي بشرت به أميركا، وبعض الأطراف الأوربية التي ربطت مشاريعها مع المشروع الأميركي، وفي مقدمتها اللوبي الصهيوني اليهودي، والمسيحي المتطرف في الدول الأوربية.

ويبقى الشق الثاني من المشروع الأميركي وهو قتل العنفوان العربي داخل الشخصية العربية، ومسألة أبعاد الأحاديث النبوية، والرسول العربي محمد (ص) الذي يفخر به العرب عن المناهج الدراسية، والتداول والندوات، يصب في عملية قتل الافتخار بهذا النبي وبعبقريته ونهجه ومدرسته وعروبته التي اختارها الله تعالى للبشرية أجمع، ومن ثم زرع في داخل النفسية العربية الشعور بالانهزامية التي تولد النقمة ضد كل ما هو يمت للتاريخ العربي والإسلامي بصلة، أي تحويل الدين والعروبة والتاريخ العربي إلى شماعة يعلق عليها المواطن العربي جميع الأغلاط والإخفاقات التاريخية المعاصرة وغير المعاصرة، الحالية والمستقبلية، ومن عجّل بهكذا مشاريع هي النخب العربية والإسلامية التي انخرطت في المشروع الأميركي، والتي أصبحت أبواقا داخل المجتمعات العربية والإسلامية، كما أصبحت عيون تراقب كل ما هو يوحد الأجيال أو ينورها، ولهذا أوجدت الولايات المتحدة الأميركية لهؤلاء المنابر الإعلامية العملاقة، و المراكز الإستراتيجية داخل الدول العربية والإسلامية بحجة قضايا المرآة، وحقوق الإنسان، والفقر، والطفولة، ونشر الديموقراطية، والحفاظ على حقوق الأقليات وغيرها، ولو جئنا وبحثنا سنجد أن أعلى حالات اغتصاب واعتداء وضرب في العالم أنجاه المرآة هي في أميركا، وأعلى حالات الفقر هي في أميركا وتحيدا بين السكان السود، أما عن الطفل و الطفولة فنشرت منظمة العفو الدولية( آمنستي) تقريرها السنوي الأخير قبل شهر ونصف، فتبين أن الولايات المتحدة الأميركية تحتل المرتبة الأولى في العالم في عملية إعدام الأطفال ( القصّر)، بل رفضت المحكمة الفيدرالية الأميركية تغيير القوانين الخاصة بهذه المسألة، أما نشر الديموقراطية فهي كذبة كبرى، والغاية منها التدخل في شؤون الدول، واحتلالها ونهب خيراتها، وما حصل في العراق لهو خير دليل، عندما رفعوا شعار الحرية والديموقراطية، وتبين أنه احتلالا كولونياليا، واغتصابا للأطفال والرجال والنساء، وقتل يومي للمدنيين الأبرياء في مدن العراق، حيث وصل العدد وحسب الدراسات الأميركية إلى ( 100) ألف قتيل من المدنيين العراقيين، وللفترة المحصورة بين آذار/ مارس 2003 إلى أيلول/ سبتمبر 2004!!!.

لذا حتما سيستميت الرئيس بوش من اجل أكمال رؤيته الإلهية، لهذا ستكون هناك مزيدا من المعارك والعويل وصرخات النساء والأطفال، وستسجل عدسات الكاميرات مزيدا من الفوضى وحالات الاغتصاب وسط النساء والأطفال العرب!.

مشروع النهوض والمواجهة...!

سقطت الجيوش العربية وأصبحت وستصبح عبئا على الحكومات والدول العربية، لأن من بنود المشروع الأميركي هو عملية تحويل الجيوش العربية إلى جيوش من العاطلين، وقسم من هذه الجيوش سيتحول إلى الشرطة التي تحمي المشروع الأميركي، والحكومات التي ستعين خدمة للمشروع الأميركي، كما حصل ويحصل في العراق، وتحت شعار تجزأة الكامل، وتفتيت المجزأ، كما عبر عنها وزير الخارجية الأميركي كولن باول قائلا قُبيل الحرب على العراق (نحن ذاهبون لمنطقة الشرق وذلك لتشكيل خارطتها من جديد، والعراق هو البداية)، لهذا لم يبق لنا سلاحا إلا الإعلام فقط، ودولنا العربية تمتلك السطوة المالية كي تؤسس هكذا مشاريع، ولكن الأنانية والطمع والجشع والتصديق بمسرحية أنهم أصدقاء واشنطن وتحت شعار ( ببن عمي ولا بي)، وباعتقادهم سوف يُستثنون من المشروع والتغيير والتدمير، هو السبب الذي جعل الخذلان والتقوقع شعارا سائدا، ولكن نقول لهؤلاء ( لا صديق دائم لدى واشنطن، فأنها لا تؤمن إلا بالمصالح فقط).

قد نعذر الحكومات العربية التي صلاحيتها بيد واشنطن، ولكننا لا نعذرها من العمل على أيجاد السبل والطرق التي لا تترك دليلا عليها في عملية دعم المشاريع الإعلامية الهادفة، والتي تتصدى للمشروع الأميركي، وتنمي العروبة داخل الشخصية العربية، وبالتالي العمل على الإسلام الفكري والمعتدل، والذي لا يعتمد على نظرية ( تقصير الثوب، وتطويل اللحى مقابل حلق الشارب)، بل على تقوية الفكر والبصيرة والمنطق والحجة العلمية لدى الفرد المسلم، فهناك مدارس، ومساجد، وشخصيات، ومراكز أسلامية كثيرة خدمت المشروع الأميركي بقصد وبدون قصد، عندما كانت تنظّر على أمور أكل الزمان عليها وشرب، دون مواكبة التطور والتغيّر في العالم، ودون دراية بالقفزات التي حلت بالمجتمعات والأمم والناس والأفراد، لهذا تحولوا إلى أعداء للأمة الإسلامية والعربية دون علمهم، بل جعلوا الأميركان وغيرهم يأخذون فعل هؤلاء حجة ضد أمتنا العربية والإسلامية في عملية التدخل، ولا ننسى أن أميركا أسست تيارات وشخصيا ت أسلامية ترفع الإسلام شعارا ولكنها بقلب أميركي، لذا نحن بأمس الحاجة إلى مشروع أعلامي عملاق هدفه تثبيت العروبة في النفوس التي أصبحت مهزوزة، وقوة العروبة لدى الفرد العربي والمسلم ستقوي الإسلام حتما وبالعكس، والدفاع عن الإسلام وشرح ماهية هذا المشروع العظيم الذي جاء للبشرية جمعاء، فلا أسلام قوي بلا عروبة عميقة وقوية، ولا عروبة نظيفة وقوية بلا أسلام قوي ومتنور، لهذا يجب أن نتوأم الإسلام الفكري الناضج والمتجدد مع العروبة التي تؤمن بالوحدة والتآخي والتعاون، فهذان معلمان للوحدة وليس للتفرق أبدا، وبهذا نتمكن من إنقاذ المسلم والمواطن العربي من الهجمة الشرسة التي قررتها الولايات المتحدة الأميركية وأذنابها ضده، فقناة ( الجزيرة) في قطر أعطت لهذين الموضوعين حيزا مباركا، ولكنها تعرضت وتتعرض إلى حملة شعواء من قبل الولايات المتحدة الأميركية، و وصل الحد إلى التهديد بإغلاقها وتشويهها لأنها خاطبت العقل العربي، وعرّفت العالم العربي والإسلامي بالحقيقة، لهذا أصبحت الحاجة ملحة، ولا تقبل التأجيل لأحياء المشروع الإعلامي الرديف، والذي يقوي قناة الجزيرة( من ناحية الإعلام وليس سياسة الجزيرة)، وليس بالضرورة أن ي كون نسخة منها، أو تابع لها ولكن يلتقي معها في حالة تناولت الجزيرة العروبة والإسلام ودافعت عن ثوابت الأمة العربية والإسلامية، لذا فهو واجب شرعي ووطني على الحكام ورجال الأعمال والميسورين أن يبادروا بدعم المشروع، بدلا من الاستثمار في ديزني، وبفضائيات الهشك بيشك، والعري، والعجرمة، والبرتقالة، وشراكة مايكل جاكسون في شراء الفنادق العملاقة التي تدور في غرفها بيع الأوطان وتفتيت وتميّع الأديان، والقضية عامة وليس خاصة، فالمسيحيين والأديان الأخرى التي تتواجد في منطقتنا العربية مطالبة هي الأخرى لأنها تشترك معنا بالعروبة والمصير المشترك، فالسلام يعم الجميع والدمار يعم الجميع هو الآخر، ولا يسعني إلا أن أختم مقالتي بقول الفنان اللبناني ( زياد الرحباني) وهو مسيحيا عندما قال معلقا حول الهجمة الأميركية للمنطقة العربية( أقسم.. أشعر أني مسلم)!.

كاتب وسياسي عراقي