PDA

View Full Version : منهجية تحقيق الوحدة اليمنية


المسلوب
22-05-2005, 11:11 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اليوم تحتفل الجمهورية اليمنية بالذكرى الخامسة عشرة لاعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة

واليوم ايضا انقل لكم محاضرة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح التي القاها فخامته في جامعة سيول الوطنية خلال زيارته الى كوريا الجنوبية أواخر شهر ابريل الماضي بعنوان ( منهجية تحقيق الوحدة اليمنية ) واستعرض فيها تجربة اليمن الوحدوية ومساراتها والصعوبات والعوائق التي واجهتها وكيف تم التغلب على هذه الصعوبات حتى تحقق هذاالهدف العظيم في الثاني والعشرين من مايو 1990م.. وفيما يلي نص المحاضرة:

السيد رئيس الجامعة..
عمداء جامعة سيول في كوريا الجنوبية..
الأساتذة الأفاضل..
الطلاب والطالبات في جامعة سيول في جمهورية كوريا الجنوبية..
السلام عليكم ورحمة الله..
يسعدني أن أتحدث معكم حول مسيرة الوحدة اليمنية التي تحققت في عام 1990م في الثاني والعشرين من مايو بطرق سلمية وديمقراطية، نضع هذه التجربة أمام أصدقائنا الكوريين بناءً على طلبهم، والصعوبات الجمة التي واجهت مسيرة الوحدة، فقد بدأت المحطة الأولى للوحدة اليمنية بعد جلاء الاستعمار في عام 1967م من جنوب الوطن وبدأت المفاوضات بين قيادتي شطري الوطن بعد جلاء الاستعمار ورحيله في الثلاثين من نوفمبر، وكان هناك مخاض طويل وصعوبات جمة في ذلك الوقت، كانت هناك صعوبات في شمال الوطن، حيث كان يواجه تحديات كبيرة وهجمة شرسة من مخلفات النظام الرجعي الإمامي على النظام الجمهوري، ولكن تصدى له الجمهوريون في حصار السبعين يوماً ودحرنا كل هذه المؤامرات وصمدت الجمهورية العربية اليمنية في ذلك الوقت.. وفي نفس الوقت كانت الجمهورية العربية تجري محادثات مع أشقائها في جنوب الوطن من أجل مواجهة تلك التحديات لأن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة وثورة الرابع عشر من أكتوبر ليست ثورة تخص الشمال أو الجنوب، وإنما كل مناضلي الثورة اليمنية من شمال الوطن ومن جنوبه وكلهم أسهموا في تفجير ثورة 26 سبتمبر وأسهموا في تفجير ثورة الرابع عشر من أكتوبر.ونحن نعتبرها ثورة يمنية واحدة سبتمبر وأكتوبر، وهناك قوافل من الشهداء والجرحى من أبناء الوطن اليمني الواحد الذين جابهوا الاستعمار البريطاني في جنوب الوطن، فشعبنا أصلاً موحد العقيدة، وموحد التراب، وموحد التراث ولكن التجزئة نتيجة وجود الاستعمار البريطاني الذي جثم على جنوب الوطن أكثر من مئة وثلاثين عاماً والنظام الملكي الرجعي المتخلف الذي كان موجوداً في شمال الوطن، ولذلك أسهم الجميع في تفجير الثورة اليمنية واحتضنت عدن كل مناضلي الثورة اليمنية أو رجال الحركة الوطنية في ذلك الوقت.
محطات صعبة
هناك محطات صعبة مرت بها الوحدة اليمنية، ولنتذكر التآمر الذي حصل على الوحدة اليمنية منذ أن بدأ الحوار بين قيادتي الشطرين وجاءت حرب عام 1972م نتيجة لمؤامرات خارجية كانت ضد تحقيق الوحدة اليمنية وتدخلت الجامعة العربية في ذلك الوقت وعملت على إيقاف الحرب بين شطري الوطن، وتم الاجتماع في القاهرة بين رئيسي وزراء الشطرين والتوقيع على مبادئ إعادة تحقيق الوحدة اليمنية.. ثم تلتها إتفاقية طرابلس بين رئيسي الشطرين، وكان الشطران يسعيان الى إعادة تحقيق الوحدة، ولكن حسب تفكير قيادتي الشطرين حينها بحسب تفكيرها.. التفكير الأول في قيادة الشطر الشمالي من الوطن كانت تفكر انها في ذلك الوقت هي المنتصرة وهي القادرة على فرض الوحدة بطريقتها وإيديولوجيتها وتفكيرها على إخوانهم في الشطر الجنوبي من الوطن.. هذا نتيجة لدفع خارجي باتهام قيادة الشطر الجنوبي من الوطن بأنها دولة (ماركسية-لينينية) يجب إزالة هذا النظام.. لا من أجل تحقيق الوحدة اليمنية ولكن فرضها بالقوة على الشطر الجنوبي وبحجة أنهم ماركسيون..فتشكلت لجان الوحدة في طرابلس في عام 1972م ضمت كل الجهات المختصة: الاقتصادية، السياسية، القانونية، القضائية.. كل اللجان المختصة بإعادة هيكلة وتحقيق الوحدة اليمنية شكلت في طرابلس، واستمر هذا الحوار فترة طويلة من عام 1972م حتى عام 1979م، وكان هناك وزيران للدولتين، أو الممثلان الشخصيان لرئيسي الدولتين في الشمال والجنوب.. اللذين يذهبان من صنعاء إلى عدن ومن عدن إلى صنعاء للحوار حول إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، وكانت المماطلة من قيادتي الشطرين في إعادة تحقيق الوحدة.. لأن كل واحد يريد أن يفرض الوحدة بطريقة معينة كان يُتهم الشطر الشمالي بأنه دولة رأسمالية، ويُتهم الجنوب بأنه دولة ماركسية علمانية، رغم انه جزء لا يتجزأ من الشعب اليمني (عبارة عن أفكار كانت لدى بعض القيادات وبعض الشباب وفرضت على الشعب).واكبر دليل على ذلك انه كانت تنشأ صراعات في الشطر الجنوبي ولا تحكمها الماركسية أو اللينينية كانت تحكمها القبلية، وللتدليل على صحة ما أقوله ما حصل في أحداث الثالث عشر من يناير عام 1986م، وأعود بالذاكرة إلى ما قبل أحداث الثالث عشر من يناير عام 1986م حصلت أحداث في الشطر الشمالي وأحداث في الشطر الجنوبي منها مقتل الرئيس الحمدي، ومقتل الرئيس الغشمي، وكانت أصابع الاتهام في الجنوب تشير الى القيادات التي كانت في قيادة الشمال بما حدث للحمدي، وكانوا يعتبرون ان ما حدث للرئيس الحمدي تأمر على الوحدة التي كان من الممكن ان تتحقق بطريقة الاتفاق مع قيادة الشطر الجنوبي في ذلك الوقت..وفي نفس الوقت قتل الحمدي وجاءت مؤامرة من قيادة الشطر الجنوبي على قتل الغشمي كما قتل في الجنوب الرئيس سالم ربيع علي، وكانت الأحداث في أي شطر تنعكس على الشطر الآخر، بعد ذلك جئنا إلى مركز القرار وأنا واحد من ضمن القيادات لما يسمى بالشطر الشمالي، وكنت أحد أعضاء هيئة مجلس الرئاسة المؤقت الذي استمر أكثر من عشرين يوماً.. ثم انتخبت رئيساً للجمهورية العربية اليمنية في ذلك الوقت، وكان هناك تراشق إعلامي بين قيادتي الشطرين في الشمال والجنوب وتوجيه الاتهامات وكل طرف يحمل الطرف الآخر المسؤولية وإعاقة إعادة تحقيق الوحدة.. بسبب هذا التراشق الإعلامي أدى إلى اندلاع حرب بين الشطرين عام 1979م وكان هناك تفوق عسكري للشطر الجنوبي الذي كان يعتبر ضمن حلف وارسو حيث كان مدعوماً من وارسو، وكان لديه تسليح باهر مما أدى إلى دخول قواته الى بعض القرى أو بعض المدن في شمال الوطن..
وضع غير مستقر
كان الوضع في شمال الوطن متوتراً بسبب قتل رئيسين خلال تسعة أشهر والوضع العسكري غير سليم.. والاستقرار غير موجود، وحالة الأوضاع النفسية والسياسية في الشمال غير مستقرة.. ، ولذلك كان الوضع في الجنوب أفضل.. واعتقدت قيادة الشطر الجنوبي عن طريق أجهزتها الأمنية والاستخبارية أنها تستطيع أن تحقق الوحدة بطريقتها وتفرض الوحدة بالقوة وتحكم بالطريقة التي هي تتبناها في جنوب الوطن، حصل تدخل من الجامعة العربية، وعدد من الدول العربية وعملوا على رأب الصدع وإيقاف هذه الحرب وانسحاب إخواننا من جنوب الوطن من المدن التي كانوا فيها وبدأنا الحوار.. استئناف الحوار لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية وتحركت قيادات الشطرين، وأنا على رأس قيادة الشطر الشمالي والأخ عبد الفتاح إسماعيل على رأس قيادة الشطر الجنوبي فذهبنا إلى الكويت، فكانت قيادة الشطر الجنوبي في ذلك الوقت تعتبر أنها هي المنتصرة، وهي التي تستطيع أن تفرض شروطها.. شروط المنتصر من أجل أن تحقق الوحدة بطريقة القائد المنتصر في ذلك الحين.فذهبنا إلى الكويت وكانوا يحددون بأسابيع أو أيام معدودة لإعادة تحقيق الوحدة.. الوحدة الفورية.. الوحدة الفورية فكان البحث بيني وبين قيادة الشطر الجنوبي أن هذه الشروط غير عملية ولن تكون ذات جدوى، ولن تتحقق، وكان الاتفاق المبدئي على هذه الاتفاقية أن تستأنف لجان الوحدة أعمالها التي توقفت بعد حرب 1979م خلال فترة لا تزيد عن أربعة أشهر لتحقيق الوحدة.كان الشمال يعد نفسه لكي يستعيد أنفاسه ويرتب أوضاعه من أجل إعادة تحقيق الوحدة ليس بطريقة شروط الجانب المنتصر.. وواصلت لجان الوحدة أعمالها وكل المماطلات التي كانت تحصل من هنا أو من هناك..عملنا بشكل جاد على تمرير كل الشروط التي يفرضها كل طرف على الآخر ونتقبل الشروط المقبولة والشروط غير المقبولة من أجل تحقيق الوحدة.. وهذا ما سعينا إليه وسعيت أنا إليه شخصياً لأجل أن نفوت الفرصة - لأنها شروط تعجيزية هدفها عدم تحقيق الوحدة - فوافقت على كل تلك الشروط من أجل أن نحقق الوحدة، فأصبحنا أمام أمر واقع، وكانت هناك عدة قمم تنعقد بين قيادات الشطرين الجنوبي والشمالي في كل من عدن وصنعاء وتعز لأكثر من مرة، وأيضاً في فاس في المغرب، وأكثر من لقاء، وكنا نستغل أيضاً المؤتمرات والقمم العربية والإسلامية، أو قمم عدم الانحياز ونلتقي ونتحدث في مثل هذا الأمر، ومنها لقاؤنا في عام 1983م في دلهي في مؤتمر عدم الانحياز.. كان معروف أن هذا الحوار حوار (طرشان).. ضياعاً للوقت، وكانت القناعة لدى الشعب اليمني في الشمال والجنوب كاملاً.. تحقيق الوحدة لكن كيف؟ كل قيادات الشطر الشمالي والشطر الجنوبي كانت تريد أن تحققها بالطريقة التي يريدها. من أهم عوامل إعادة تحقيق الوحدة هو تفكك الاتحاد السوفيتي وانهيار المنظومة الاشتراكية، وقتل (شاوسيسكو) في رومانيا مع زوجته.
تنازلات من اجل الوحدة
هذه من المحطات المهمة التي تحدثت فيها مع أمين عام الحزب الاشتراكي في ذلك الوقت، وقلت له لابد من تحقيق الوحدة.. وقدمنا التنازلات راضين ومسترضين من أجل أن نُحقق الوحدة اليمنية، وليس في ذلك غبن عليّ لأنه في نهاية المطاف هذا شعب واحد، ولم نشعر ولا شعرنا بضيق أو بألم أبداً.. كان هناك معارضون لهم مصالح، كانوا يعتبرون هذا تنازل، وأنا شخصياً، والقيادات العاقلة والقيادات المسؤولة تقول يجب إذابة الكيانين السياسيين في كيان واحد، وهذا ليس بعجز أو بضعف ولكنها من أجل مصلحة الوطن ومصلحة الأمة العربية، ومصلحة المنطقة، فلنقدم هذه التنازلات وتعاد اللحمة اليمنية.. ولذلك عندما أقول أن بعض القيادات، في قيادة الحزب الاشتراكي هربت إلى الأمام، وافقت معنا على الوحدة بعد أن رأت انهيار الاتحاد السوفيتي ، ثم في 9 و10 ديسمبر عام 1992م بدأت تحيك المؤامرة لإعادة عقارب التاريخ إلى الوراء وإعادة التشطير مرة أخرى، ولكن شعبنا كان عظيماً في شماله وجنوبه والجماهير الغفيرة استطاعت أن تدمر هذه المؤامرة وأن تتغلب على صوت التشطير وتقول لا للتشطير.. نعم للوحدة اليمنية ، وهذا ما حدث ودحر الانفصال، وكان هناك ضحايا قتلوا في حرب صيف 1994م التي استمرت أكثر من سبعة وسبعين يوماً، وانتصرت الوحدة وتثبت النظام الجمهوري، الجمهورية اليمنية، وأصبحت جذورها راسخة وإلى الأبد.. إلى الأبد ان شاء الله.
اليمن فوق الجميع
لقد جرى استفتاء على دستور الجمهورية اليمنية وجرى إيداع كل وثائق الوحدة في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية؛(استفتاء على دستور دولة الوحدة ) واستفتاء مرة أخرى على التعديلات الدستورية لم يكن مفروضاً من قيادة أو من شخص أو من حزب كان قوياً أو ضعيفاً، وكان الحزب هو اليمن، فوق كل الأحزاب رغم أني رئيس حزب وهناك الحزب الذي حقق معي الوحدة، وهو الحزب الاشتراكي اليمني، ولكن حزب كل الأحزاب هو حزب اليمن: الشعب اليمني بشماله وجنوبه، يفوق كل الأحزاب، أنا اختصر للأصدقاء الكوريين هذه المحاضرة ، فكل محطة لها كتيباتها، ونحن سنضع هذه الكتيبات وسنضع تجربتنا اليمنية أمام اصدقائنا في كوريا الجنوبية وسنرسلها إلى كوريا الشمالية، ونتطلع أن نرى هذا البلد الجميل، وهذا البلد الصناعي الكبير، وهذا البلد الذي تحول من بلد زراعي إلى بلد صناعي كبير، أن يسعى من أجل إعادة تحقيق الوحدة الكورية، نتمنى أن يسود الحوار بين قيادتي الكوريتين بشفافية مطلقة، وبحرية، وكل واحد يقدم التنازل للآخر، لانه إذا لم تقدم أية تنازلات من هنا أو هناك لا يمكن أن تتحقق الوحدة، ولا يمكن أن يرضى لكم جيرانكم أو الآخرون.. في العالم .. أن يسمحوا لكم بإعادة تحقيق الوحدة.
وأنا أقول بحمد الله تحققت الوحدة اليمنية بفضل إنهيار وتفكك ما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي، الذي ما كنا نريد أن يتفكك لأنه غيّر في الموازين الدولية، كنا نريد ان يظل كتلة كبيرة لكن هذا هو قدرنا، ونحن في اليمن استفدنا من ذلك، من المميزات للوحدة اليمنية، ان الشعب اليمني شماله وجنوبه كان يفرض على قيادتي الشطرين أن تحقق الوحدة ، عندما كان هناك تلكؤ من قيادة الشطرين الذي أثر على عدم تحقيق الوحدة، إرادة الجماهير كانت فوق إرادة الحكام في شطري اليمن، ولذلك الوحدة اليمنية مصانة لا بقوة الحديد والنار، أو الدبابة أو المدفع أو الطائرة أو الأغلبية الحزبية لكن بفضل إرادة وإصرار الشعب اليمني -شبابه وشاباته، شيوخه وكهوله- من أبناء الشعب اليمني هم الذين يفرضون حماية الوحدة، وهم الذين يحمونها الآن وليست الآليات ولا المدفعية، ولا الأسلحة الكيماوية، ولا أسلحة الدمار الشامل، ولكن يفرضها بإرادته ومبادئه العظيمة..

واخيرا ازف اسمى ايات التهاني والتبريكات الى القيادة السياسيةفي الجمهورية اليمنية ممثلة بفخامة المشير علي عبد الله صالح والى كافة ابناء الشعب اليمني بهذه المناسبة الغالية على قلب كل عربي ......... وانشاء الله في قادم الايام نرى العالم العربي والاسلامي يدا واحدة ...

مع تحياتي ........المسلوب