تسجيل الدخول

View Full Version : عندما تلتقي السياسة الخارجية بالنبؤات الإنجيلية


USAMA LADEN
27-09-2005, 08:02 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

عندما تلتقي السياسة الخارجية بالنبؤات الإنجيلية

بقلم البروفيسور بول س. بويار

هل تنبأ الإنجيل بتغيير النظام في العراق؟ هل رسم الله حدود إسرائيل منذ ألفيات مضت؟ هل هيئة الأمم المتحدة بذرة نظام حكم شيطاني عالمي؟

بالنسبة للملايين من الأمريكان، الجواب على كل تلك الأسئلة هو "نعم". فسياسة إدارة بوش في الشؤون الخارجية و اللتي تعلوها نبرة "نحن وحدنا من يقرر" و اللتي تسيطر عليها فكرة "لا لنقد إسرائيل في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي" و الحرب على العراق، هذه السياسة الخارجية بالنسبة لهؤلاء الملايين ليست مجرد مسألة مصالح وطنية أمريكية ولا توسع في ساحة الحرب على الإرهاب، بل هي جزء يتحقق من خطة إلهية شاملة.

لطالما اشتكى الإنجيليون المسيحيون من أن "أهل الإيمان" لا يحظون بالقدر الكافي من الاحترام و من أن العقائد الدينية تحتقر في خطابنا العام، أو هكذا يقول ستيفين كارتر و هو أستاذ قانون في جامعة يـيـل المرموقة و إنجيلي مسيحي في كتابه "ثقافة الجحود" اللذي نشر عام 1993. إن كارتر لديه حق على الأقل فيم يخص الجانب اللذي أتخصص فيه أنا من التاريخ الأمريكي، فباستثناء بعض النوادر كان و لا يزال مؤرخوا الثقافة الأمريكية يقللون من شأن الدين في الولايات المتحدة بالذات في الحقبة المعاصرة. المؤرخون الكنسيون ألفوا مصنفات جيدة لكنها منعزلة فكريا عن التيارات الفكرية في دراسة تاريخ الثقافة الأمريكية. هذا الأمر على وشك التغير كما يقول مارك نول في رسالته للماجستير اللتي حملت عنوان "إله أمريكا" اللتي نشرت عام 2002 ميلادية.

و لكني أتحدى و بكل قوة ادعاءات كارتر بأن العقائد الدينية لا تلعب دورا في تشكيل سياستنا العامة. في الواقع، الدين كان دائما له دورا هائلا في تشكيل السياسات و إن لم يكن هذا الدور مباشرا أو واضحا للعيان و هذا الأمر أوضح ما يكون في حقبتنا المعاصرة بالذات، فانظر إلى الدور الهام اللذي يلعبه الدين في خلفية الساحة السياسية اللتي تشكل السياسة الخارجية للولايات المتحدة حاليا. فمن صالحنا أن نرعى اهتماما لخلفية أولئك اللذي ينظرون إلى اجتياح أمريكا للشرق الأوسط من خلال نظارة التنبؤات الإنجيلية.

هنالك وفرة من الأدلة اللتي توضح أن ملايين الأمريكان - ما يقارب الـ 40% طبقا لبعض أشهر الاستفتاءات الوطنية - يؤمنون إيمانا قاطعا بأن التنبؤات الإنجيلية تعطي تفاصيل دقيقة و محددة لأحداث تتسارع قرب نهاية الزمان. فقد أسس رجل الدين البريطاني جون داربي في القرن التاسع عشر منظومة "تشريع ما قبل الألفية" و اللتي تحدد تفاصيل سلسلة من علامات الساعة اللتي تمهد لنهاية الزمان، و من بين هذه العلامات حروب و كوارث طبيعية و انتشار الفسق و اضمحلال الفضيلة و نشوء نظالم سياسي اقتصادي يهيمن عالميا و عودة اليهود إلى الأرض اللتي وعد الله بها إبراهيم.

في منظومة داربي، التشريع المعمول به حاليا سينتهي بالـ "الابتهاج" (عقيدة تقول بأنه في نهاية الزمان سيرفع الله أتباع المسيح عن الأرض و يعذب من دونهم بكوارث مهولة و يبتهج أتباع المسيح بلقاء الرب) حيث يلتقي المسيح و أتباعه الحقيقيون في الهواء. ثم تبدأ فترة الفتن حيث يظهر الدجال معسول الكلام في أوروبا و يسيطر على قوى العالم بأسره و يفرض حكمه الطاغوتي عالميا تحت رمزه الشهير 666 و اللذي ذكر في سفر الرؤيا في الإنجيل. بعد سبع سنين سيرجع المسيح ليهزم الدجال و جنده في هرمجدون و هي ساحة قتال أثرية قرب مدينا حيفا. ثم يعيد المسيح إنشاء الهيكل في القدس و من الهيكل سيفتتح ألف سنة من العدل و القسط و تعرف هذه الحقبة بالألفـــــــية.

هذا السيناريو اللذي استطاع داربي أن يجمع رقعه بحذاقة من فقرات الفتن في الإنجيل روج له مفسروا الإنجيل في أمريكا من أمثال سايروس سكوفيلد صاحب كتاب "مرجع سكوفيلد الإنجيلي" الذي وصل إلى قائمة الكتب الأكثر مبيعا. و منظومة داربي هذه بدأ يروج لها مؤخرا جمع من قنوات المذياع التبشيرية و مروجوا المطبوعات و القساوسة المتطرفون أتباع النهج الحرفي في تفسير الإنجيل و نجوم التلفاز من أمثال جيري فولويل و جاك فان إمب و جون هاجي.

كتب المؤلف هال ليندزي كتابا بعنوان "كوكب الأرض الراحل" في عام 1970 و هو في عمومه مجرد تحديث لتعليمات داربي صاحب المنظومة و وصل هذا الكتاب أيضا لقائمة الكتب الأكثر مبيعا في السبعينيات. و اليوم تباع سلسلة روايات خيالية تسمى بسلسلة "تُـرك في الخلف" و هي من تأليف جيري جينكينز و تيم ليهي و تروي قصصا عن ذات المنظومة، و بيع من السلسلة 50 مليون نسخة منذ صدور العدد الأول منها عام 1995 ، و عددها العاشر رواية بعنوان "البقايا" بقيت على لائحة الكتب الأكثر مبيعا في نيويورك لعدة أسابيع خلال الصيف الماضي.

خلال حقبة الحرب الباردة كان هال ليندزي (صاحب كتاب كوكب الأرض الراحل) يركز على الاتحاد السوفيتي و يقتبس نصوصا من سفر حزقائيل في الإنجيل تتنبأ بهلاك مملكة الشمال المسماة بـيأجوج و اللتي فسرها هو بأن المقصود بها هي روسيا. أما المروجون التشريعيون في يومنا هذا فإنهم يسلطون الأضواء على الشرق الأوسط و على نشوء النظام العالمي الجديد تحت قيادة "محور الشر" الخاص بهم : أي الأمم المتحدة و المنظمات الدولية و مؤسسات الإعلام العالمية و الشركات التعاونية العابرة للقارات و الاتفاقيات التجارية و المؤسسات المالية. يقولون بأن هذا النظام المتداخل يضع حجر الأساس لديكتاتورية الدجال الواردة في التنبؤات.

أما بالنسبة لما يخص الشرق الأوسط من النبؤات فإن المروجون التشريعيون يرون بأن ولادة دولة إسرائيل في عام 1948 و استيلاءها على القدس في عام 1967 هو علامة رئيسة من علامات نهاية الزمان. كما أنهم يرون أن المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية و قطاع غزة و التشييد المستقبلي للهيكل في القدس على أنقاض أحد مقدسات المسلمين هي كلها خطوات في خطة إلهية تتضح معالمها. الجماعات المتطرفة صاحبة الفكر التوسعي في إسرائيل بما في ذلك قيادات حزب الليكود يرحبون بكل ممنونية بهذا الدعم اللذي لا يتزعزع من قبل المروجون هنا.

عندما زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين ناتنياهو الولايات المتحدة عام 1998 لم يقم بزيارة الرئيس كلينتون إلا بعد أن أجرى اتصالا بجيري فولويل (أحد متطرفي التبشيريين على التلفاز الأمريكي). الجدير بالذكر أن منظومة التشريع (لصاحبها داربي) فيها نبؤات عن مجازر جماعية ترتكب بحق اليهود و اعتناق البقية الناجية منهم للمسيحية، لكن هذه النبؤات يغطي عليها المروجون هنا و يقللون من شأنها من خلال تفسيرها على أنها كلمات رمزية و ليست حرفية.

و على أساس هذه العقائد، يرفض التشريعيون أي أطروحة لحكمة مشترك للقدس، حيث كتب جون هاجــي في كتابه "بزوغ الفجر الأخير على أورشليم" : يا أيها المسيحيين و يا أيها اليهود دعونا نقف وقفة واحدة بلا خلافات حول هذه المسألة ، لا يمكن القبول بأي مساومة بالنسبة لمدينة أورشليم، لا الآن و إلى أبد الآبدين. إننا نتسابق نحو نهاية الزمان و إسرائيل تقع أمام فوهة المدفع و في عين العاصفة. إسرائيل هي الأمة الوحيدة اللتي أسست بسياسة إلهية سيادية و هو أقسم بعزته و جلاله أن يحمي أورشليم، مدينته المقدسة، فبما أن الله هو من خلق إسرائيل و تعهد بحفظها فإن اللذين يحاربوننا هم في الحقيقة في حرب مع الله.

لتشريعيون يرفضون أيضا كبح جماح عملية الاستيطان في الضفة الغربية و غزة حيث أن هذه الأراضي تقع في صميم ما وعد الله به إبراهيم من الأرض في سفر التكوين 15:18 كل الأرض من نهر النيل إلى الفرات.

هذا السيناريو يعني أن العالم الإسلامي بأسره في حلف ضد الرب و سيستحق الإبادة في آخر الزمان، و هذه الرؤية للعالم الإسلامي هي في حقيقتها نظرة قديمة جدا من معتقدات المسيحية في شؤون البعث و الحساب. مؤولوا النبؤات المسيحيون في القرون الوسطى رأوا الإسلام على أنه قوة شيطانية بشرت الصحف المقدسة بدمارها. خلال تجهيز ريتشارد قلب الأسد لحملته الصليبية الثالثة في عام 1190، بشر جاوشيم مؤول النبؤات الشهير بأن الحاكم الإسلامي للقدس المعروف بصلاح الدين ليس سوى الدجال و أن ريتشارد سيهزمه و يسيطر على المدينة المقدسة ثانية. يجدر بالذكر أن تنبؤات جاوشيم خذلته حيث عاد ريتشاد إلى أوروبا في عام 1192 و صلاح الدين لايزال على سدة الحكم. المفسرون اللاحقون أسقطوا دور الدجال هذه المرة على الدولة العثمانية.

تلاشت هذه الظاهرة بعد عام 1920 حين سقطت الدولة العثمانية و نشأ الاتحاد السوفيتي و لكن الظاهرة عادت بقوة مرة أخرى في أواخر القرن العشرين و في حينها لم يكتفي مروجوا التنبؤات بدعم جماعات الخط المتطرف في إسرائيل، بل تجاوزوا ذلك الدعم إلى التشنيع على الإسلام على أنه شر مطلق مفقود الأمل فيه كتب عليه الهلاك، حيث كتب المؤلف جاي دوري في كتابه "الفرار من الفتن المقبلة"، كتب في ذلك الكتاب المنشور عام 1975 : العالم العربي هو عالم الدجال. الله يقول بأنه سيحول أرض العرب إلى خربة مقفرة قاحلة. و في كتاب "ما قبل المعركة الأخيرة - هرمجدون" المنشور عام 1971 و اللذي أعيد طبعه عام 1999، كتب المؤلف أرثر بلومفيلد : قد تبدو هذه عقوبة قاسية، لكن بنود الميثاق لابد أن تنفذ حرفيا.

الشعارات المعادية للإسلام تستعر بنوبة حمى اليوم. في شهر مايو الماضي قدمت مجلة تنبؤات تسمى بنداء منتصف الليل، قدمت احتضانا حميما أخويا لهجوم فرانكلين جراهام الشنيع على الإسلام (فرانكلين هو ابن بيلي جراهام المبشر المتطرف الشهير و أحد مستشاري عدد من رؤساء أمريكا و حاصل على ميداليات و جوائز تشريفية من أكثر من رئيس أمريكي). فقامت مجلة نداء منتصف الليل بالترويج للملخص المفيد لهجوم فرانكلين حيث كتبت المجلة : الإسلام دين شــــر. في رواية المؤلف ليندزي الخيالية لعام 1996 و المعنونة باسم "شهر دامي" يصور الكاتب أن أحد المتطرفين العرب كان يخطط لعملية تفجيرية نووية، فاضطرت إسرائيل لشن هجمة حرارية نووية على العالم العربي بأسره. و بكلمات المؤلف تلك تصبح الإبادة الجماعية هي قمة الدقة في وقوع التنبؤات.

في نهايات القرن العشرين، و بناءا على توقعات لسياسات جورج بوش (الأب)، ركز مؤلفوا النبؤات على صدام حسين. لم يقولوا بأنه هو الدجال، لكنهم لمحوا إلى أنه قد يكون أحد أوائل من سيحاولون لعب دور الدجال. على ملئ صفحات كاملة نشرت في الجرائد إعلانات إبان حرب الخليج عام 1991، إعلانات من "منظمة اليهود محبي المسيح" تعلن بأن : صدام يمثل روح الدجال اللذي حذرنا الإنجيل منه.

مصدقوا النبؤات رؤوا أمرا مميزا في مشروع صدام المكلف في السبعينات لإعادة بناء مدينة بابل من أنقاضها. فبابل هي المدينة الأسطورية الشهيرة على الفرات جنوبي بغداد و اللتي كانت تضم بين جوانبها إحدى عجائب العالم السبعة و اللتي دانت بثرائها إلى حاكمها الملك نبوخذ نصر ذلك الحاكم الشرير اللذي شن حروبا على إسرائيل دمرت القدس في عام 586 ق.م. و بسبب هذه الحروب - يقول سفر دانيال في الإنجيل - انتهى المطاف بالرجل إلى الخرف و أنهى حياته و هو يجتر الحشيش في الحقول.

في سفر الرؤيا، مدينة بابل تجسد كل ما هو فاسق، فتقول الآيات : داعرة كبيرة زنا بها ملوك الأرض. وصفت بغداد على أنها نقيض القدس، القدس مدينة الهداية. و سفر الرؤيا يتنبأ لبابل بدمار ماســـــح بالنار. و بما أنه لا يمكن تدمير بابل إلا بعد أن توجد أصلا، كان مشروع الأشغال العامة الطموح اللذي أسسه صدام يراه هؤلاء على أنه خطوة أساسية حتى تقع النبؤات.

كتاب شارلز داير "عمار بابل من علامات الساعة" المنشور سنة 1991 يركز على هذا الطرح. يقول داير أنه بالإضافة إلى نشوء دولة إسرائيل، و نشوء الاتحاد الأوروبي (أي أحجار الأساس لمملكة الدجال العالمية)، بالإضافة إلى كل ذلك تأتي ترميمات صدام لبابل كعلامة أخرى أن الساعة تقترب و يبرهن كل ذلك على عصمة النبؤات الإنجيلية من الخطأ. و يضيف الكاتب : عندما تسحق بابل نهائيا، عندها ستنعم إسرائيل بالأمن و السلام.

و هذا الطرح يتماشى تماما مع الأصوات اللتي كان تدعو للإطاحة بصدام، فطبعا كانت الصورة على واجهة كتاب المؤلف داير هي عبارة عن صورة صدام موازية لصورة تمثال نبوخذ نصر. الموقع الرسمي للمؤلف هال ليندزي مؤخرا وضع رسما كاريكاتيريا لطائرة حربية محفور عليها العلم الأمريكي و نجمة داوود و تحمل الطائلة صاروخة و هدفه مكتوب عليه "صدام" و تحت الصورة كتبت كلمات للنبي زكريا : في ذلك اليوم سأدمر كل الأمم اللتي ستتمرد على إسرائيل.

كل هذه الأطروحات تتداخل و تتكامل في سلسلة روايات "تُـرك في الخلف". و في إحدى الروايات عندما تبدأ حبكة الرواية بالوضوح للقارئ تجد أن نيكولاي كارباثيا - الشخصية اللتي ترمز للدجال في الرواية - وصلت إلى منصب الأمين العام للأمم المتحدة. يتفاخر أحد كتاب السلسلة تيم ليهي بمواقفه فيقول : لقد عارضت وجود الأمم المتحدة على مدار 50 سنة. و هو ناشط قديم من الخط اليميني المتدين. ففي رواياته، كارباثيا - الدجال - ينقل مقر الأمم المتحدة من مدينة نيويورك إلى مدينة بابل بعد إعادة عمارتها ليضع بذلك حجر الأساس لعملية تدمير -على يد المسيح- بابل المدينة اللتي ترمز للشر المطلق في أدبيات المروجين التشريعيين، و أيضا تدمير الأمم المتحدة المنظمة اللتي سارت على منهج الدجال أكثر من أي مؤسسة أخرى قبل ظهوره.

لكن بعض سياسات إدارة بوش تسبب التضارب لدى تابعي النبؤات. على سبيل المثال، عملية زيادة صلاحيات واشنطن في المراقبة و السيطرة على الخصوصيات فيما بعد 11 سبتمبر، هذه العملية قادها المدعي العام جون أشكروفت معشوق اليمين المتدين، و هي عملية تمثل خطوة لدى البعض نحو بناء ديكتاتورية الدجال العالمية. لكن ما يوازن ذلك هي سياسات رئيسية أخرى للإدارة الأمريكية، كعداءها الشديد تجاه الشركات التعاونية المتعددة الجنسيات و الاتفاقات الدولية (و اللتي ترى على أنها من ممهدات ظهور الدجال) و كذلك موقفها في التقليل من شأن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، و غضها الطرف عن التوسع اليهودي الاستيطاني في صميم الأراضي الفلسطينية، و تسيلطها الأضواء بلا تراجع على صدام. كل هذه السياسات اللتي تتبعها الإدارة تتماشى مع نظرة متتبعي النبؤات على أنه موافقة للخطة الإلهية المبشر بها : أي خطة جلب التاريخ الإنساني نحو مرحلة الذروة التدميرية ليحل محلها حكم طال انتظاره يسود فيه القسط و العدل و السلام.

إن من الواجب على الأكاديميين الأمريكيين أن يسترعي انتباههم دور الدين في الحياة الأمريكية العامة ليس فقط في الماضي، بل في الحاضر أيضا، فبدون فهم واضح للرؤيا المبنية على النبؤات و اللتي يحتضنها الملايين من المواطنين الأمريكيين، يصعب علينا فهم المناخ السياسي الأمريكي بكامل وجوهه.

الحكام عادة ما يثيرون مسألة الدين و يباركون حروبهم بمباركات إلهية، و من وجهة النظر هذه، إدارة بوش بكل بساطة أحيت تقاليد مألوفة. لكن

عندما يطل علينا رئيسنا "المولود مجددا" و يصف الهدف من سياسة الدولة الخارجية بمصطلحات عقائدية على أنها صراع عالمي ضد "أهل الشر" و حينما يتكلم عن صدام حسين و كأنه كائن شيطاني بقدرات خارقة للطبيعة (كالجن) و أن صدام حسب تعبير بوش : سيرينا يوما من الرعب لم تره عين قط. عندما يتكلم بوش بهذه الطريقة، فإنه لا يقوم بمجرد ضرب على أوتار أحداث 11 سبتمبر، بل هو يروج لصورة ما بمصطلحات أسطورية تدميرية توصل للملايين من متتبعي النبؤات صورة معينة بذاتها و رسالة ملتهبة توعد بقرب نهاية الزمان، ليس فقط نهاية الزمان لصدام، بل للتاريخ البشري كما نعرفه اليوم.

بول س. بويار (الكاتب) هو بروفيسور فخري متقاعد من قسم التاريخ بجامعة ويسكاونسين بمدينة ماديسون و حاليا هو أستاذ زائر لدى كلية ويليام و ميري و هو مؤلف كتاب "عندما ينتهي الزمان : الإيمان بالنبؤات في الثقافة الأمريكية المعاصرة" عام 1992

ترجمة : أخوك أبو اليزيد
سيجيء يوم حافل بجهادنا* الخيل تصهل والصوارم تلمع * قـد طال ليـل الكفـر لكنـي أرى* مـن خلفه شمس العقيدة تسطع