USAMA LADEN
21-12-2005, 04:11 AM
"مشعل": هذا عصر المقاومة والصمود وليس عصر أمريكا والكيان الصهيونيّ
عمّان – المركز الفلسطينيّ للإعلام
أكّد رئيس المكتب السياسيّ لحركة المقاومة الإسلاميّة "حماس"؛ خالد مشعل، خلال حوارٍ مع مراسل جريدة المجد الأردنيّة، أنّ هذا العصر هو عصر المقاومة والصمود وليس عصراً أمريكياً كما يروّج دعاة الاستسلام والاستخذاء، مشيراً إلى امتداد جبهة المقاومة والممانعة من فلسطين إلى لبنان، وسوريا، والعراق، وإيران.
وأوضح خلال الحوار، الذي وصفته جريدة المجد بالساخن، أنّ أمريكا والكيان الصهيونيّ وعلى امتداد جبهة الصمود والممانعة، لم تعودا مطلقتا اليدين، بل ضاقت خياراتهما وهوامشهما رغم قوتهما العسكرية الباطشة، كما أنّ السياسة الأمريكية-الصهيونية تجد نفسها أكثر من أيّ وقتٍ مضى في مأزق شديد في كل مواقع هذه الجبهة.
ورداً عن سؤالٍ حول كيفية رؤيته للمشهد الفلسطيني وحالة الصراع مع العدو الصهيوني مع اقتراب العام الجديد، قال مشعل: إنّ المشهد الفلسطيني وحالة الصراع مع العدو الصهيوني، والمشهد العربي والإسلامي أصبحا مع طيّ الصفحات الأخيرة من عام 2005، والاقتراب من الدخول في عام 2006، أكثر وضوحاً وتبلوراً، وباتت معالمه واستحقاقاته تفرض نفسها على الجميع، مضيفاً أن التهدئة تقترب من أجلها المحدّد حسب ما هو مقرر، والعدو الصهيوني بعد أنْ تجاهل شروطها الفلسطينية ما زال يواصل التصعيد والعدوان على أرضنا وشعبنا، وحتى غزة التي انسحب منها لم تسلم من عدوانه، والأسرى والمعتقلون بدل أنْ يُفرَج عنهم زاد عددهم إلى ما يربو عن تسعة آلاف، وشارون يدير ظهره للسلطة الفلسطينية ويجعل من الجمود السياسي سيد الموقف، فلا تفاوض ولا حراك سياسيّ.
وقال: "هذا أمر كان واضحاً لدينا بعكس ما توهمه البعض وراهن عليه، فليس عند شارون بعد انسحابه من غزة شيء يعطيه للسلطة الفلسطينية، بل هو ماضٍ في تنفيذ خطته لفك الارتباط والتي تتضمن مواصلة بناء الجدار وتوسيع المستوطنات ومصادرة الأراضي وتهويد القدس وتقطيع أوصال الضفة، والتأكيد المتواصل على لاءاته الأربع خاصة تجاه قضيتي القدس وحق العودة".
ورداً عن سؤالٍ حول إعلان شارون عن استعداده للتفاوض مع السلطة على أساس خارطة الطريق، أكد مشعل أن شارون حين يبدي استعداده للتفاوض مع السلطة على أساس خارطة الطريق، فهو يعني خارطة الطريق التي عدّلها هو بنفسه، مع إلزام السلطة بالدخول في مواجهة مع شعبها ومع فصائل المقاومة، أيْ الدخول في مشروع حربٍ أهلية، كشرطٍ للبدء في التفاوض، ومع قرب موعد الانتخابات الصهيونية وازدياد حمى المنافسات الحزبية يزداد الجمود السياسي تعمّقاً، مع ترجيح ازدياد وتيرة التصعيد والعدوان في أجواء هذه الانتخابات، باعتبار أنّ التصعيد ضد الشعب الفلسطيني هو المدخل المعتاد للقوى الصهيونية لكسب المزيد من أصوات الناخبين، وفي ظلّ هكذا مشهد فليس أمام شعبنا الفلسطيني إلا أنْ يدافع عن نفسه ويواجه التصعيد الصهيوني بشجاعة، فالمقاومة الفلسطينية هي الرد الطبيعي على الاحتلال والعدوان، وليس من حقّ أحدٍ أنْ يفرض علينا لغة التهدئة في مواجهة لغة التصعيد الصهيوني.
وأشار إلى أنّ من ظن أنّه قادر على تحويل التهدئة إلى برنامجٍ دائم في الساحة الفلسطينية ليصرف شعبنا عن المقاومة ويجرّم من يمارسها وكأنّه ارتكب محرّماً وخرج عن الأصل، فهو واهم، فالمقاومة هي الأصل وهي البرنامج الأصيل والطبيعي لشعبنا ما دام هناك احتلال وعدوان.
وشدد مشعل على أنّ "شعبنا الفلسطيني العظيم، رغم ما يعانيه من آلام مبرحة وجراح نازفة وحصار وتجويع، ورغم إدراكه لما تعنيه المقاومة من أثمان باهظة واستحقاقات مؤلمة، إلا أنه لا يختار إلا المقاومة، ولا ينحاز إلاّ إليها، وهو يعبّر عن ذلك بالكلمة والموقف والفعل الجهادي المبارك، بل وفي كل محطة انتخابات تجري في الساحة الفلسطينية، وهو أبلغ رد من شعبنا الأصيل على الضغوط والتهديدات الصهيونية والأمريكية التي تقحم نفسها في شأننا الداخلي الفلسطيني، وتسعى جاهدة لإقصاء المقاومة وحصارها وتحريض الجماهير ضدها".
وفي معرض ردّه على سؤالٍ حول المتطوّعين للترويج لما يسمّى بالعصر الأمريكي قال: إنّ "الكثيرين في منطقتنا كانوا يخوفوننا من العصر الأمريكي والصهيوني، واستحالة الصمود في وجهه، وأنّ هذا الزمن ليس زمن المقاومة، بل زمن السياسة، أي زمن الاستسلام والقبول بقواعد اللعبة الوحيدة التي تسمح بها السياسة الأمريكية الصهيونية، لكننا كنا نؤكد على الدوام أن المقاومة هي خيارنا كشعب وكأمة، وأنها ممكنة بل ضرورة، وأنها خيارنا الوحيد للبقاء في هذا العالم المتصارع، وطريقنا الوحيد لتحرير أرضنا وانتزاع حقوقنا، بل هي اللغة الوحيدة التي نفرض بها وجودنا على الخارطة الإقليمية والدولية، ونفرض بها احترامنا على العالم كله".
وأضاف قائلا: "ذلك ما كنا نقوله بالأمس، أما اليوم فنقول بكل ثقة إنّ هذا العصر عصر المقاومة، وهذا الزمن زمن الصمود، فالمقاومة فرضت نفسها في فلسطين، والمقاومة فرضت نفسها في لبنان، والمقاومة فرضت نفسها في العراق، وسوريا رغم الضغوط والتهديدات القاسية اختارت الصمود والممانعة بلغة واضحة، وإيران في مواجهة الضغوط والتهديد بالضرب والاستهداف اختارت كذلك خيار الصمود والممانعة. إنها جبهة مقاومة وممانعة ممتدة من فلسطين إلى لبنان إلى سوريا إلى العراق إلى إيران، وحول هذه الجبهة بؤر أخرى تمارس قدراً من الممانعة السياسية في مواجهة الضغوط الأمريكية، التي تريد تقزيم الأمة والهيمنة عليها ونهب ثرواتها وإلغاء دورها لصالح الكيان الصهيوني، الطرف الوحيد المسموح له بالدور القيادي في المنطقة".
وأكّد أنّ أمريكا والكيان الصهيونيّ على امتداد هذه الجبهة الممتدة، لم تعودا مطلقتا اليدين، بل ضاقت خياراتهما وهوامشهما رغم قوتهما العسكرية الباطشة، وأنّ السياسة الأمريكية الصهيونية تجد نفسها أكثر من أيّ وقتٍ مضى في مأزق شديد في كل مواقع هذه الجبهة، فهي في ورطة بفلسطين، حيث المقاومة تتقدم، وتحرر الأرض وتفكك المستوطنات، وقد حررت غزة بالقوة، وتفرض نفسها في السياسة الفلسطينية رغم أنف أمريكا والكيان الصهيوني، وكل رهاناتهما في فرض الهزيمة على شعبنا وتصفية القضية وفرض تسويات ظالمة فشلت وانهارت بفضل الله تعالى، كما أنّ السياسة الأمريكية الصهيونية في مأزق في لبنان رغم خروج سوريا منه، فلا هي قادرة على نزع سلاح حزب الله، ولا هي قادرة رغم كل التحولات على تغيير هوية لبنان العربية وإسقاطه في الأحضان الصهيونية.
ورداً عن سؤال حول الضغوط والتهديدات الأمريكية التي تتعرض لها سوريا، أكّد أنّ السياسة الأمريكية-الصهيونية تجد نفسها في وضعٍ حرجٍ وخيارات صعبة، فسوريا على لسان قائدها الرئيس بشار الأسد اختارت بكلّ شجاعة مواقف الصمود والمقاومة لمواجهة تلك الضغوط والتهديدات، مع هامش محسوبٍ من المناورة السياسية.
وأضاف أن الإدارة الأمريكية تتوهم أنّ سورية هي الحلقة الأسهل كسراً في المنطقة وفي الجوار العراقي، وباعتبارها يمكن أنْ تشكّل مخرجاً لها من مأزقها الكبير في العراق، إلا أنّ خيارات الإدارة الأمريكية مع سورية كذلك ليست سهلة، بل أحلاها مر وعلقم، خاصة في ضوء تجربتها المرة والقاسية في العراق بعد إسقاط النظام السابق.
وقال: "سورية وإنْ خذلها الكثيرون في المنطقة في ظلّ الوضع العربي والإسلامي الرديء وحالة الانقسام والضعف السائدة، لكنها تملك حلفاء أقوياء، فشعوب الأمة معها خاصةً في ظلّ حالة الوعي لديها -في ضوء تجربة العراق- بالنوايا الحقيقية التي تريدها الإدارة الأمريكية من استهداف سورية، وإدراكها أنّ الدافع الحقيقيّ هو معاقبة سورية على مواقفها القومية المناهضة للسياسة الأمريكية والصهيونية في فلسطين ولبنان والعراق، وبالتالي الرغبة في تطويع الموقف السوري ليسير في الفلك الأمريكي والخضوع لبرنامجه وأولوياته في المنطقة، مشيراً إلى أن قوى المقاومة في المنطقة، في فلسطين ولبنان والعراق، فهي مع سورية، تقف إلى جانبها في خندق المقاومة والصمود والممانعة.
وشدد مشعل على أنّ سورية ليست وحدها في مواجهة هذه المعركة الظالمة، "بل نحن جميعاً معها، ولن نسمح لأحدٍ بالاستفراد بها، ولا بأيّ طرفٍ من أطراف جبهة المقاومة والممانعة الممتدة، وهو ذات الموقف تجاه أي استفراد أو استهداف لأيّ بلدٍ من أمّتنا، فقدر القوى الحية والأصيلة أنْ تكون مع أمتها في السراء والضراء، لأنّ الدفاع عن الأمة دفاع عن الذات، ودفاع عن خيار المقاومة والممانعة الذي تستهدفه القوى المعادية للأمة حتى تخلو الساحة لمؤامراتها ومخططاتها".
وأشاد مشعل بالمقاومة العراقية، وقال: إنّ المأزق الأمريكي الصهيوني يتكرّر كذلك في العراق، حيث أربكت المقاومة العراقية العظيمة كل الحسابات، ووضعت الإدارة الأمريكية في بحرٍ متلاطم من الأزمات الداخلية والخارجية، حتى باتت أمريكا اليوم بكل الحسابات غير أمريكا قبل عامين أو ثلاثة، أي قبل غزوها للعراق.
وعلّق مشعل على التهديدات الأمريكية بضرب إيران، فقال: إنّ السياسة الأمريكية الصهيونية في مواجهة الخيار النووي الإيراني باتت اليوم أمام معضلة حقيقية، فالمبادرة إلى ضرب إيران ضربة استباقية هو مشكلة ومغامرة غير مأمونة العواقب في ظل قدرة إيران على إيذاء أمريكا والكيان الصهيونيّ، وترك إيران أمام احتمالات الوصول إلى الخيار النووي مشكلة أخرى كذلك، خاصة بالنسبة للكيان الصهيوني الذي لا يتصور نفسه أمام ميزان قوى إقليمي جديد يفقد فيه موقع التفرد والتفوق.
وقال: إنّ هذا الموقف الإيراني "الواضح والقويّ لمسناه عن كثب في لقاءاتنا الأخيرة مع مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران ومع رئيسها الشاب الشجاع، ومع كلّ المسؤولين فيها، سواء تجاه حق إيران في امتلاك الطاقة النووية السلمية، أمْ تجاه قضية فلسطين وحق شعبنا في مقاومة الاحتلال، أم تلك اللغة الجريئة في الحديث عن عدم شرعية الكيان الصهيوني وضرورة زواله ورحيله عن أرض فلسطين".
وختم مشعل اللقاء بالتأكيد على أنّ هذا العصر هو عصر المقاومة والممانعة، وقال: "نعم نحن في عصر المقاومة بفضل الله تعالى ثم بفضل التضحيات الجسيمة والإرادة الحديدية لقوى المقاومة، ونحن في عصر بدأنا نضع خطواتنا على طريق التقدم والتحرير والنصر بإذن الله، في ذات الوقت الذي بدأ فيه الكيان الصهيوني مسيرة التراجع والانحدار والانسحاب ولو بخطوات بطيئة، وفي ذات الوقت الذي بدأت فيه السياسة الأمريكية تعاني من الأزمات والمآزق والفشل والتراجع، مع اتساع حالة الانتقاد والتجرؤ عليها على الصعيدين الإقليمي والدولي".
وتابع قائلا: "إنها سنة الله تعالى في الشعوب والأمم، وهو قانون الصراع والتدافع الذي لا يتخلّف، والذي يجد فيه كلّ صاحب حقّ متسعاً فيه لنيل حقه طالما تسلح بالإيمان والعزم والإرادة والصبر والتضحية، والنفس الطويل في إدارة الصراع، والصمود في ميدان الجهاد والمقاومة".
عمّان – المركز الفلسطينيّ للإعلام
أكّد رئيس المكتب السياسيّ لحركة المقاومة الإسلاميّة "حماس"؛ خالد مشعل، خلال حوارٍ مع مراسل جريدة المجد الأردنيّة، أنّ هذا العصر هو عصر المقاومة والصمود وليس عصراً أمريكياً كما يروّج دعاة الاستسلام والاستخذاء، مشيراً إلى امتداد جبهة المقاومة والممانعة من فلسطين إلى لبنان، وسوريا، والعراق، وإيران.
وأوضح خلال الحوار، الذي وصفته جريدة المجد بالساخن، أنّ أمريكا والكيان الصهيونيّ وعلى امتداد جبهة الصمود والممانعة، لم تعودا مطلقتا اليدين، بل ضاقت خياراتهما وهوامشهما رغم قوتهما العسكرية الباطشة، كما أنّ السياسة الأمريكية-الصهيونية تجد نفسها أكثر من أيّ وقتٍ مضى في مأزق شديد في كل مواقع هذه الجبهة.
ورداً عن سؤالٍ حول كيفية رؤيته للمشهد الفلسطيني وحالة الصراع مع العدو الصهيوني مع اقتراب العام الجديد، قال مشعل: إنّ المشهد الفلسطيني وحالة الصراع مع العدو الصهيوني، والمشهد العربي والإسلامي أصبحا مع طيّ الصفحات الأخيرة من عام 2005، والاقتراب من الدخول في عام 2006، أكثر وضوحاً وتبلوراً، وباتت معالمه واستحقاقاته تفرض نفسها على الجميع، مضيفاً أن التهدئة تقترب من أجلها المحدّد حسب ما هو مقرر، والعدو الصهيوني بعد أنْ تجاهل شروطها الفلسطينية ما زال يواصل التصعيد والعدوان على أرضنا وشعبنا، وحتى غزة التي انسحب منها لم تسلم من عدوانه، والأسرى والمعتقلون بدل أنْ يُفرَج عنهم زاد عددهم إلى ما يربو عن تسعة آلاف، وشارون يدير ظهره للسلطة الفلسطينية ويجعل من الجمود السياسي سيد الموقف، فلا تفاوض ولا حراك سياسيّ.
وقال: "هذا أمر كان واضحاً لدينا بعكس ما توهمه البعض وراهن عليه، فليس عند شارون بعد انسحابه من غزة شيء يعطيه للسلطة الفلسطينية، بل هو ماضٍ في تنفيذ خطته لفك الارتباط والتي تتضمن مواصلة بناء الجدار وتوسيع المستوطنات ومصادرة الأراضي وتهويد القدس وتقطيع أوصال الضفة، والتأكيد المتواصل على لاءاته الأربع خاصة تجاه قضيتي القدس وحق العودة".
ورداً عن سؤالٍ حول إعلان شارون عن استعداده للتفاوض مع السلطة على أساس خارطة الطريق، أكد مشعل أن شارون حين يبدي استعداده للتفاوض مع السلطة على أساس خارطة الطريق، فهو يعني خارطة الطريق التي عدّلها هو بنفسه، مع إلزام السلطة بالدخول في مواجهة مع شعبها ومع فصائل المقاومة، أيْ الدخول في مشروع حربٍ أهلية، كشرطٍ للبدء في التفاوض، ومع قرب موعد الانتخابات الصهيونية وازدياد حمى المنافسات الحزبية يزداد الجمود السياسي تعمّقاً، مع ترجيح ازدياد وتيرة التصعيد والعدوان في أجواء هذه الانتخابات، باعتبار أنّ التصعيد ضد الشعب الفلسطيني هو المدخل المعتاد للقوى الصهيونية لكسب المزيد من أصوات الناخبين، وفي ظلّ هكذا مشهد فليس أمام شعبنا الفلسطيني إلا أنْ يدافع عن نفسه ويواجه التصعيد الصهيوني بشجاعة، فالمقاومة الفلسطينية هي الرد الطبيعي على الاحتلال والعدوان، وليس من حقّ أحدٍ أنْ يفرض علينا لغة التهدئة في مواجهة لغة التصعيد الصهيوني.
وأشار إلى أنّ من ظن أنّه قادر على تحويل التهدئة إلى برنامجٍ دائم في الساحة الفلسطينية ليصرف شعبنا عن المقاومة ويجرّم من يمارسها وكأنّه ارتكب محرّماً وخرج عن الأصل، فهو واهم، فالمقاومة هي الأصل وهي البرنامج الأصيل والطبيعي لشعبنا ما دام هناك احتلال وعدوان.
وشدد مشعل على أنّ "شعبنا الفلسطيني العظيم، رغم ما يعانيه من آلام مبرحة وجراح نازفة وحصار وتجويع، ورغم إدراكه لما تعنيه المقاومة من أثمان باهظة واستحقاقات مؤلمة، إلا أنه لا يختار إلا المقاومة، ولا ينحاز إلاّ إليها، وهو يعبّر عن ذلك بالكلمة والموقف والفعل الجهادي المبارك، بل وفي كل محطة انتخابات تجري في الساحة الفلسطينية، وهو أبلغ رد من شعبنا الأصيل على الضغوط والتهديدات الصهيونية والأمريكية التي تقحم نفسها في شأننا الداخلي الفلسطيني، وتسعى جاهدة لإقصاء المقاومة وحصارها وتحريض الجماهير ضدها".
وفي معرض ردّه على سؤالٍ حول المتطوّعين للترويج لما يسمّى بالعصر الأمريكي قال: إنّ "الكثيرين في منطقتنا كانوا يخوفوننا من العصر الأمريكي والصهيوني، واستحالة الصمود في وجهه، وأنّ هذا الزمن ليس زمن المقاومة، بل زمن السياسة، أي زمن الاستسلام والقبول بقواعد اللعبة الوحيدة التي تسمح بها السياسة الأمريكية الصهيونية، لكننا كنا نؤكد على الدوام أن المقاومة هي خيارنا كشعب وكأمة، وأنها ممكنة بل ضرورة، وأنها خيارنا الوحيد للبقاء في هذا العالم المتصارع، وطريقنا الوحيد لتحرير أرضنا وانتزاع حقوقنا، بل هي اللغة الوحيدة التي نفرض بها وجودنا على الخارطة الإقليمية والدولية، ونفرض بها احترامنا على العالم كله".
وأضاف قائلا: "ذلك ما كنا نقوله بالأمس، أما اليوم فنقول بكل ثقة إنّ هذا العصر عصر المقاومة، وهذا الزمن زمن الصمود، فالمقاومة فرضت نفسها في فلسطين، والمقاومة فرضت نفسها في لبنان، والمقاومة فرضت نفسها في العراق، وسوريا رغم الضغوط والتهديدات القاسية اختارت الصمود والممانعة بلغة واضحة، وإيران في مواجهة الضغوط والتهديد بالضرب والاستهداف اختارت كذلك خيار الصمود والممانعة. إنها جبهة مقاومة وممانعة ممتدة من فلسطين إلى لبنان إلى سوريا إلى العراق إلى إيران، وحول هذه الجبهة بؤر أخرى تمارس قدراً من الممانعة السياسية في مواجهة الضغوط الأمريكية، التي تريد تقزيم الأمة والهيمنة عليها ونهب ثرواتها وإلغاء دورها لصالح الكيان الصهيوني، الطرف الوحيد المسموح له بالدور القيادي في المنطقة".
وأكّد أنّ أمريكا والكيان الصهيونيّ على امتداد هذه الجبهة الممتدة، لم تعودا مطلقتا اليدين، بل ضاقت خياراتهما وهوامشهما رغم قوتهما العسكرية الباطشة، وأنّ السياسة الأمريكية الصهيونية تجد نفسها أكثر من أيّ وقتٍ مضى في مأزق شديد في كل مواقع هذه الجبهة، فهي في ورطة بفلسطين، حيث المقاومة تتقدم، وتحرر الأرض وتفكك المستوطنات، وقد حررت غزة بالقوة، وتفرض نفسها في السياسة الفلسطينية رغم أنف أمريكا والكيان الصهيوني، وكل رهاناتهما في فرض الهزيمة على شعبنا وتصفية القضية وفرض تسويات ظالمة فشلت وانهارت بفضل الله تعالى، كما أنّ السياسة الأمريكية الصهيونية في مأزق في لبنان رغم خروج سوريا منه، فلا هي قادرة على نزع سلاح حزب الله، ولا هي قادرة رغم كل التحولات على تغيير هوية لبنان العربية وإسقاطه في الأحضان الصهيونية.
ورداً عن سؤال حول الضغوط والتهديدات الأمريكية التي تتعرض لها سوريا، أكّد أنّ السياسة الأمريكية-الصهيونية تجد نفسها في وضعٍ حرجٍ وخيارات صعبة، فسوريا على لسان قائدها الرئيس بشار الأسد اختارت بكلّ شجاعة مواقف الصمود والمقاومة لمواجهة تلك الضغوط والتهديدات، مع هامش محسوبٍ من المناورة السياسية.
وأضاف أن الإدارة الأمريكية تتوهم أنّ سورية هي الحلقة الأسهل كسراً في المنطقة وفي الجوار العراقي، وباعتبارها يمكن أنْ تشكّل مخرجاً لها من مأزقها الكبير في العراق، إلا أنّ خيارات الإدارة الأمريكية مع سورية كذلك ليست سهلة، بل أحلاها مر وعلقم، خاصة في ضوء تجربتها المرة والقاسية في العراق بعد إسقاط النظام السابق.
وقال: "سورية وإنْ خذلها الكثيرون في المنطقة في ظلّ الوضع العربي والإسلامي الرديء وحالة الانقسام والضعف السائدة، لكنها تملك حلفاء أقوياء، فشعوب الأمة معها خاصةً في ظلّ حالة الوعي لديها -في ضوء تجربة العراق- بالنوايا الحقيقية التي تريدها الإدارة الأمريكية من استهداف سورية، وإدراكها أنّ الدافع الحقيقيّ هو معاقبة سورية على مواقفها القومية المناهضة للسياسة الأمريكية والصهيونية في فلسطين ولبنان والعراق، وبالتالي الرغبة في تطويع الموقف السوري ليسير في الفلك الأمريكي والخضوع لبرنامجه وأولوياته في المنطقة، مشيراً إلى أن قوى المقاومة في المنطقة، في فلسطين ولبنان والعراق، فهي مع سورية، تقف إلى جانبها في خندق المقاومة والصمود والممانعة.
وشدد مشعل على أنّ سورية ليست وحدها في مواجهة هذه المعركة الظالمة، "بل نحن جميعاً معها، ولن نسمح لأحدٍ بالاستفراد بها، ولا بأيّ طرفٍ من أطراف جبهة المقاومة والممانعة الممتدة، وهو ذات الموقف تجاه أي استفراد أو استهداف لأيّ بلدٍ من أمّتنا، فقدر القوى الحية والأصيلة أنْ تكون مع أمتها في السراء والضراء، لأنّ الدفاع عن الأمة دفاع عن الذات، ودفاع عن خيار المقاومة والممانعة الذي تستهدفه القوى المعادية للأمة حتى تخلو الساحة لمؤامراتها ومخططاتها".
وأشاد مشعل بالمقاومة العراقية، وقال: إنّ المأزق الأمريكي الصهيوني يتكرّر كذلك في العراق، حيث أربكت المقاومة العراقية العظيمة كل الحسابات، ووضعت الإدارة الأمريكية في بحرٍ متلاطم من الأزمات الداخلية والخارجية، حتى باتت أمريكا اليوم بكل الحسابات غير أمريكا قبل عامين أو ثلاثة، أي قبل غزوها للعراق.
وعلّق مشعل على التهديدات الأمريكية بضرب إيران، فقال: إنّ السياسة الأمريكية الصهيونية في مواجهة الخيار النووي الإيراني باتت اليوم أمام معضلة حقيقية، فالمبادرة إلى ضرب إيران ضربة استباقية هو مشكلة ومغامرة غير مأمونة العواقب في ظل قدرة إيران على إيذاء أمريكا والكيان الصهيونيّ، وترك إيران أمام احتمالات الوصول إلى الخيار النووي مشكلة أخرى كذلك، خاصة بالنسبة للكيان الصهيوني الذي لا يتصور نفسه أمام ميزان قوى إقليمي جديد يفقد فيه موقع التفرد والتفوق.
وقال: إنّ هذا الموقف الإيراني "الواضح والقويّ لمسناه عن كثب في لقاءاتنا الأخيرة مع مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران ومع رئيسها الشاب الشجاع، ومع كلّ المسؤولين فيها، سواء تجاه حق إيران في امتلاك الطاقة النووية السلمية، أمْ تجاه قضية فلسطين وحق شعبنا في مقاومة الاحتلال، أم تلك اللغة الجريئة في الحديث عن عدم شرعية الكيان الصهيوني وضرورة زواله ورحيله عن أرض فلسطين".
وختم مشعل اللقاء بالتأكيد على أنّ هذا العصر هو عصر المقاومة والممانعة، وقال: "نعم نحن في عصر المقاومة بفضل الله تعالى ثم بفضل التضحيات الجسيمة والإرادة الحديدية لقوى المقاومة، ونحن في عصر بدأنا نضع خطواتنا على طريق التقدم والتحرير والنصر بإذن الله، في ذات الوقت الذي بدأ فيه الكيان الصهيوني مسيرة التراجع والانحدار والانسحاب ولو بخطوات بطيئة، وفي ذات الوقت الذي بدأت فيه السياسة الأمريكية تعاني من الأزمات والمآزق والفشل والتراجع، مع اتساع حالة الانتقاد والتجرؤ عليها على الصعيدين الإقليمي والدولي".
وتابع قائلا: "إنها سنة الله تعالى في الشعوب والأمم، وهو قانون الصراع والتدافع الذي لا يتخلّف، والذي يجد فيه كلّ صاحب حقّ متسعاً فيه لنيل حقه طالما تسلح بالإيمان والعزم والإرادة والصبر والتضحية، والنفس الطويل في إدارة الصراع، والصمود في ميدان الجهاد والمقاومة".