PDA

View Full Version : المفتوح.. والمقفول


USAMA LADEN
30-09-2007, 07:42 PM
المفتوح.. والمقفول

في بداية عصر استخدام الأقمار الصناعية في البث التلفزيوني في أوائل وأواسط التسعينيات شاع استخدام السماوات المفتوحة كمصطلح لوصف هذه الظاهرة.
ومع نهاية العقد سرعان ما أصبح هذا المصطلح يشهر في وجه من يطالبون بتقييد ومنع الإباحية في الإنتاج الفني الغنائي والتمثيلي باعتبار أنهم يسيرون في عكس الإتجاه السائد فوق أنهم يطالبون بما يستحيل تلبيته لأن السماوات أصبحت مفتوحة وإذا تم منع الإباحية أو الخروج على العادات والتقاليد والذوق العام وما يخالف أحكام الدين في البرامج والإنتاج المحلي فإنه يستحيل تطبيق هذا المنع على كل ما يراه الناس لأن السماوات أصبحت مفتوحة بفضل الأقمار الصناعية وسوف يشاهد الناس الإنتاج الأجنبي القادم من الغرب وحتى الشرق وهو بطبعه يحتوي على مشاهد إباحية أو مخالفة لأحكام الدين.

وظل هذا المصطلح هو الحل السوي المفضل للعديد من مسئولي الإعلام العربي حتى بدأت طبيعة تلك السماوات المفتوحة تتغير على عكس ما يحبون. وحدث هذا مع تطورين مهمين أولهما كثرة وتفشي البرامج الدينية والقنوات الإسلامية على العديد من الأقمار وظهور محطات فضائية عديدة تعني بالشأن الإسلامي في جوانبه المتعددة. أما التطور الثاني فهو ظهور القنوات المستقلة أو على الأقل التي تسمح بهامش معين من حرية الرأي على بعض الأقمار ولا سيما التي تتبع الغرب وبالذات أوروبا.

هنا حدث شيئ هز من ثقة و... شعار السماوات المفتوحة لدى مروجيه حيث إنكسر الإحتكار المطلق للقنوات المحلية أو القطرية للرأي والخبر كما كسر المنع المفروض على الرأي الديني والسياسي المخالف أو على إطلاقه.

وحتى في حالة القنوات الحكومية الفضائية فإن الاختلاف بين الدول العربية أو غير العربية كان يسمح بحالة فريدة وغريبة من الحرية نبعت وسط القنوات التابعة لحكومات سلطويه فأصبحنا نعرف ظاهرة القناة التي تقدس حكومتها ولاتذكرها إلا بالخير ولا تكشف أي شئ مما يحدث داخل بلادها لكنها في نفس الوقت تكون مستعدة لكشف أخبار وأسرار وفضائح الدول أو الدول الأخرى التي تختلف معها حكومتها.

وفي هذه المساحة البينية من الحرية استطاع المشاهدون بفضل التنقل السريع كسر الاحتكار الحكومي في بلدهم ، وحدث نفس الشئ بالنسبة للمنع المفروض على الفكر الإسلامي بالكامل في بلدان معينه أو على مساحات معينه في بلدان أخرى بأن يجد طريقه إلى المشاهدين.

هنا بدأت نقمة السماوات المفتوحه التي كانت الأنشوده الرائجة حتى أوائل القرن تختفي وتحل محلها أغنية أخرى تتحدث عن السماوات المقفولة من خلال ترديد مقولات المنع والتقييد والضبط وما شابه.

وبالطبع لم تنطبق هذه المقولات على موجة الإباحية والتسيب الأخلاقي التي تعاني منها القنوات الفضائية بل على العكس إنطبقت على القنوات والبرامج الدينية والسياسية.

وقد حدث تيار معاكس يرى أن مواجهة السماوات المفتوحه دينيا وسياسيا يجب أن يمر ليس فقط عبر غلق هذه السماوات ولكن عبر زيادة فتح السماوات على الإباحية والتعري والجنس. وهكذا ازدادت أعداد قنوات الأغاني المكشوفة والعارية بينما أزدادت الضغوط على القنوات الدينية والسياسية.

وفي إطار ذلك التحرك أطلق تيار آخر بديل عن التوجهات الدينية الحرة في بعض القنوات وهو تيار فتح قنوات دينية مخصوصة تبشر باتجاه ديني مغلق ومحدود ولا يمثل أي طروحات دنيوية تقلق الحكام والنخب العلمانية ذات النفوذ.

واتبع نفس الأسلوب، وإن كان بدرجة أقل، مع بعض القنوات التي كانت ذات توجه سياسي حيث جرى شراؤها لتحويل توجهها كما جرى إسكات أو تخويف قنوات أخرى كما جرى انتشار قنوات أخرى تتظاهر بأنها تقدم حدمات عامه ومحايدة في مجال الأخبار والتحليل لكنها في الواقع تتبع مباشرة الدولة أو أخرى وتبشر بأفكارها ومواقفها .

وباختصار وعبر وسائل وأدوات متعددة انتقل الحال من السماوات المفتوحة أو التبشير والتغنى بها إلى السماوات المقفولة والموضوعة تحت السيطرة حتى ولو سيتم الإعلان عن ذلك رسمياً أو بشكل واضح .

لكن المفارقة هي أن البعض ما زال يتحدث ويتصور الأمور على أن العالم العربي يعيش عصر السماوات المفتوحة ويطالب في إطار ذلك بمزيد من الانفلات والقفل.

شفيق
09-10-2007, 05:16 PM
(يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ


الْكَافِرُونَ) صدق الله العظيم

اشكر اخي اسامه وابدي لك اعجابي لما تطرح من مواضيع مهمه