PDA

View Full Version : منهج اهل السنه والجماعة ((( التثبت من الحقائق )))


محب الجهاد
12-12-2000, 04:25 PM
ارجوا من المشرف اعذارى فى وضع هذاالمقال هنا ومكانه فى الاسلامى ولكن هناك من يحتاجه من بعض رواد السياسية0

التثبُّت من الحقائق

قال الله تعالى: {ياأيُّها الَّذين آمنوا إن جاءَكُم فاسقٌ بنبأٍ فتَبَيَّنوا أن تُصيبوا قوماً بِجهالةٍ فتُصبِحوا على ما فعلتم نادمين(6)}

ومضات:

ـ الفاسق هو الإنسان الَّذي يخرج عن حدود طاعة الله إلى معصيته، وقد أمر الله تعالى في هذه الآية أن توضع أفعاله وأقواله تحت المراقبة والمحاكمة، لأنه لا يؤمَنْ جانبه ولا يُرْكَن إليه، فهو غير مبالٍ أصلاً بسلامة المجتمع أو أمنه أو ترابطه، وإن الأخذ بكلامه على محمل الصدق والثقة، لاسيَّما فيما يتعلَّق بأعراض الناس ومصائرهم، قد يوقعنا في مساوئ التسرُّع والخطأ، ويحملنا على أن نرتكب ما نندم عليه حيث لا ينفع الندم.

في رحاب الآيات:

إن الإنسان الراشد العاقل مسؤول عن كلِّ كلمة يتفوَّه بها، وعن أي معنى يوحي به للآخرين، ومن هنا فقد تعيَّن عليه أن يوثِّق كلامه ويثبِّته بدلائل من أرض الحقيقة والواقع، وأن يحيط عقله ولُبَّه بالمراقبة الذاتية، فلا ينطق إلا خيراً، ولا يلقي سمعه إلا إلى ما يقبله العقل وتؤيِّده الحُجج والدلائل، وهذا لا يُدرَك إلا باستقصاء الحقائق. فكم من مقولة كاذبة أدَّت إلى تَهْلُكة، وكم من خبر زائف أدَّى إلى نزاع وشجار، وكم من شائعة مغرضة أدَّت إلى فساد في الأرض، فما كلُّ ما يُسمع يُقال، وما كلُّ ما يُسمع يُصدَّق أو يُؤخذ كقرينة إثبات، خاصَّة فيما يتعلق بأعراض الناس وأخلاقهم وأماناتهم ومجمل سلوكهم. جاء في الحديث أن معاذ بن جبل رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : «وهل نُحاسب على أقوالنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم : ثَكِلَتْك أُمُّك يامعاذ! وهل يكبُّ النَّاس في النَّار إلا حصائد ألسنتهم» (رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه).

لقد حمى الإسلام حُرُمات الناس وكراماتهم، فشدَّد العقوبات على منتهكي الأعراض، ومثيري الفتن، وحذَّرنا في الوقت نفسه من الانسياق وراء تياراتهم، وتصديق كلِّ ما يقولون ويروِّجون، كي لا نتحوَّل إلى أدوات إذاعية لهم، تنقل افتراءاتهم وتَجَنِّيهم على النَّاس، فإذا وقعت الواقعة وكثرت الضحايا، وانجلت الحقيقة، وتبيَّن كذب ما كانوا يدَّعون، شعرنا بالنَّدم والألم لأننا كنا أدوات مشاركة في الجريمة، ومسؤوليتنا في ذلك جسيمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «التثبُّت من الله والعجلة من الشيطان» (رواه البيهقي في شعب الإيمان عن أنس بن مالك رضي الله عنه ). ومدلول الآية عام، وهو يتضمَّن الدعوة إلى التمحيص والتثبُّت من خبر الناس عموماً، والفاسق خصوصاً، لأنه مَظِنَّة الكذب وكلامه موضع شكٍّ حتَّى يثبت صدقه، أمَّا الصادق فيؤخذ بخبره، لأن الصدق هو الأصل في المجتمع المؤمن، وخبر الفاسق استثناء، والأخذ بخبر الصادق الثقة جزء من منهج التثبُت لأنه أحد مصادره. أمَّا الشكُّ المطلق في جميع المصادر وفي جميع الأخبار، فهو مخالف لأصل الثقة المعتمدة، ومعطِّل لسير الحياة، والإسلام يترك الحياة تسير في مجراها الطبيعي، ويضع الضمانات والحواجز لصيانتها فقط، لا لتعطيلها. وهذا كلُّه فيما لم يطلب الشارع دليلاً عليه، أمَّا ما طلب الشارع دليلاً عليه كالاتِّهام بالزنا، فلابدَّ فيه من شهادة أربعة شهود عدول، وإلا فهو مرفوض ولو كان من صادق أو صادقَيْن أو ثلاثة فلابدَّ من الأربعة.

من موقع ايات 0