المهاجر3
19-12-2000, 11:56 PM
المقام الأول : في مطلق الدعاء لختم القرآن
والمتحصل في هذا ما يلي :
أولاً : أن ما تقدم مرفوعا ( من الأحاديث ) وهو في مطلق الدعاء لختم القرآن لا يثبت منه شئ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بل هو إما موضوع أو ضعيف لا ينجبر .
ويكاد يحصل القطع بعدم وجود ما هو معتمد في الباب مرفوعا ، لأن العلماء الجامعين الذين كتبوا في علوم القرآن ، وأذكاره أمثال : النووي ، وابن كثير ، والقرطبي ، والسيوطي ، لم تخرج سياقتهم عن بعض ما ذكر فلو كان لديهم في ذلك ما هو أعلى إسنادا لذكروه .
ثانياً : أنه قد صح من فعل أنس رضي الله عنه : الدعاء عند ختم القرآن ( خارج الصلاة ) ، وجمع أهله وولده لذلك ، وأنه قد قفاه على ذلك جماعة من التابعين كما في أثر مجاهد بن جبر ، رحمهم الله أجمعين .
ثالثاً : أنه لم يتصل الوقوف على شئ في مشروعية ذلك في منصوص الإمامين أبي حنيفة والشافعي رحمهما الله تعالى .
وأن المروي عن الإمام مالك رحمه الله : أنه ليس من عمل الناس . وأن الختم ليس سنة للقيام في رمضان .
رابعاً : أن استحبا ب الدعاء عقب الختم ، هو في المروي عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى ، كما ينقله علماء الحنابلة ، وقرره بعض متأخري المذاهب الثلاثة .
المقام الثاني : في دعاء الختم في الصلاة ( مهم )
وخلاصته فيما يلي :
أولاً : أنه ليس فيما تقدم من المروي ( أي الأحاديث ) حرف واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو عن أحد صحابته رضي الله عنهم ، يفيد مشروعية الدعاء في الصلاة بعد الختم قبل الركوع أو بعده لإمام أو منفرد .
ثانياً : أن نهاية ما في الباب ما يذكره علماء المذهب من الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى في رواية : حنبل والفضل والحربي عنه - والتي لم نقف على أسانيدها – من جعل دعاء الختم في صلاة التراويح قبل الركوع .
وفي رواية عنه – لا يعرف مخرجها : أنه سهل فيه في دعاء الوتر .
{ كتبه المهاجر }
وهذه مع جلالة القائلين بها لم يذكروا رحمهم الله ما يسند المشروعية من نص ثابت في سنده ودلالته عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن الصحابة رضي الله عنهم .
وهذا من العبادات الجهرية التي لو وقعت لنقل إلينا وقوعها واشتهر أمرها في كتب الرواية والأثر . بل في رواية حنبل لما قال لأحمد رحمه الله تعالى : إلى أي شئ تذهب في هذا ، قال رأيت أهل مكة يفعلونه ... : دليل على أنه لو كان عند الإمام أحمد رحمه الله تعالى سنة ماضية مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أو متصلة العمل بعصر الصحابة رضي الله عنهم ، لاعتمدها في الدلالة ، وهو رحمه الله تعالى من أرباب الإحاطة في الرواية .
فلم يبق في الدلالة عنده إلا عمل المصرين : مكة والبصرة وكم لأهل كل مصر من عمل لم يتابعهم عليه أحد . مثل أهل مكة في عدة مسائل كما في ( أخبار مكة للفاكهي ) 3/92- 96 .
مدى حجية جريان العمل في العبادات :
وعليه فليعلم أن توارث العمل يكون في موطن الحجة حيث يتصل بعصر التشريع كتوارث مقدار الصاع والمد النبوي وأعيان المشاعر ، ونحو ذلك .
ويكون في موطن الحجة أيضا عند جماعة من الفقهاء والأصوليين والمحدثين حيث تكون عضادته لحديث ضعيف ، تلقته الأمة بالقبول . لكن هنا لم يكن نقل لعمل متصل بعصر النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم ، ولا عاضد لحديث في الباب وتلقته الأمة بالقبول ففات إذا شرطه عند من قال به .
لهذا فإن مالكاً رحمه الله تعالى وهو عالم المدينة في زمانه كره الدعاء بعد الختم مطلقاً وقال : ما هو من عمل الناس .
وظاهر من هذا أنه من العمل المتأخر عن عصر الصحابة رضي الله عنهم والمتحرر عند علماء الأصول : أن جريان العمل فيما لا يتصل بعصر الصحابة رضي الله عنهم لا يعتبر حجة في (( التعبد )) ولا يلتفت إليه لقاعدة (( وقف العبادات على النص ومورده )) . وظاهر من كلمة الإمام مالك رحمه الله تعالى أنه لم يكن محل اتفاق بعدهم رضي الله عنهم .
ومذهب الجمهور من أهل العلم الاحتجاج بما نقل عن الصحابة رضي الله عنهم . في ذلك فقط ، كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في (( صحة أصول مذهب أهل المدينة )) . مع الأخذ في الاعتبار بما هو
{ كتبه المهاجر }
مقرر في : أصول الحديث ، والفقه من أن الصحابي إذا رأى خلاف ما روى فالعبرة بروايته لا برأيه .
وأن الصحابي أيضاً : إذا رأى رأياً صح عنه ، وثبت في المرفوع ما هو على خلافه فالأخذ بالثابت المرفوع هو المتعين وإذا كان هذا في حق الصحابة رضي الله عنهم وهم أبر الأمة قلوباً فكيف بمن تأخر عن طبقتهم . ومعلومة وجوه الاعتذار في هذا عن الصحابة رضي الله عنهم ، وعمن بعدهم من أهل العلم كما في (( رفع الملام عن الأئمة الأعلام )) لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى .
ومعلوم أيضاً أن المنتسب إلى مذهب كالحنفي والحنبلي مثلا لو ترك في مسألة مذهب إمامه لقيام الدليل على خلافه فإن هذا هو عين التقليد في صورة ترك التقليد ، لقول كل إمام ( إذا صح الحديث فهو مذهبي ) .
والخلاصة : أنه ليس من دليل لهذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى سوى عمل التابعين في مكة وأنه منقطع الاتصال بعصر الصحابة رضي الله عنهم . وأن التابعين اختلفوا فقال مالك رحمه الله تعالى : ليس من عمل الناس . فآل الأمر إلى قاعدة العبادات من وقفها على النص ومورده ، ولا نص هنا فبقي الأمر على البراءة وعدم المشروعية والله أعلم .
ثالثا : أن أمراً تعبدياً : وهو الدعاء في الصلاة لختم القرآن قبل الركوع ، أو بعده ، من إمام ، أو منفرد لم يثبت فيه شئ عن النبي صلى الله عليه وسلم – بل لم يروى فيه شئ – ولا عن صحابته الكرام رضي الله عنهم ! ثم تعمر به المحاريب بدعاء فيه ما هو متكلف مسجوع ، غير مأثور ، يشغل نحو ساعة من الزمان . يتلى بصوت التلاوة وأدائها ، وتحرير النغم فيه . يكون عن ظهر قلب ، أو في رسالة ربما وصلت ثمانين صفحة – أي تعدل تلاوة خمسة أجزاء من كتاب الله تعالى – مع رفع الأيدي ، ومسح الوجه بهما بعد الفراغ ، ويبكي من شاء الله من مأموم وإمام – أثابهم الله على حسن نيتهم – وقوارع التنزيل ، وآيات الذكر الحكيم ، تتلى في ليالي الشهر ، بل على ممر العام ، ولا تكاد تسمع ناشجاً ولا نابساً ببكاء من مأموم أو إمام ، والله تعالى يقول { لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله } الآية .
وعن محمد ابن زياد قال رأيت أبا أمامة رضي الله عنه أتى على رجل وهو ساجد ، يبكي في سجوده ، ويدعو ربه ، فقال أبو أمامة : (( أنت ، أنت ، لو كان هذا في بيتك )) .
{ كتبه المهاجر }
إن أمراً شأنه كذلك لا يتعبد به إلا بنص ثابت في سنده ودلالته ، والنص في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو عن أحد من صحابته رضي الله عنهم لم يحصل بعد التتبع البالغ ، وعدم وقوف الحفاظ الجامعين على شئ في ذلك كما تقدم يدل على عدم وجوده . ورحم الله الإمام أحمد ، إذ في رواية عبدوس عنه : أن الإمام إن زاد حرفاً في دعاء القنوت على الوارد فاقطع صلاتك . فكيف بدعاء يستغرق نحو ساعة من الزمان لم يرتبه النبي صلى الله عليه وسلم ولا شيئا منه لختم القرآن .
إن مدرك الحكم في الجميع في دائرة القاعدة بتوقيف العبادات على النص ومورده ، وقد علم من مدارك الشرع ، أنه لا مدخل لغير المعصوم صلى الله عليه وسلم في الشرع ، وأنه ليس من أحد من خلق الله إلا وهو يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي صلى الله عليه وسلم .
وبعد
ألا يعود دعاء الختم في صلاة التراويح ( وبهذه الكيفية ) بالتأثير على قاعدة العبادات من أنها توقيفية لا تكون إلا بنص ؟؟؟
{ كتبه المهاجر }
ملاحظة : قال الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله
من المؤلفات في صيغ دعاء ختم القرآن :
الدعاء المنسوب إلى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى والذي استمر زمنا يطبع في أخريات المصاحف الشريفة ، وهذا ما لم تثبت نسبته إليه ولا يعرف من نسبه إليه ، وكان الشيخ عبدالرحمن بن قاسم رحمه الله جامع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في شك من نسبة هذا الدعاء إلى ابن تيمية رحمه الله كما تحرر لدي بخطه في بعض أوراق له يوصي بعدم إدخاله في ( مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ) ، ولعل حذفه من الطبعات الأخيرة للمصحف الشريف لذلك ، أو لهذا ، ولعدم ترتيب دعاء من النبي صلى الله عليه وسلم لختم القرآن ، وتجريداً لكتاب الله تعالى وكلامه مما ليس منه . انتهى
وقال الشيخ عبدالعزيز السدحان : قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله : أما الدعاء المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فلا أعلم صحة هذه النسبة إليه ... ولكني لم أقف على ذلك في شئ من كتبه . انتهى
أقول فإن ما سبق هو خلاصة ما بحثه فضيلة الشيخ العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد حفظه الله في رسالته القيمة :
الأجزاء الحديثية ( 5 )
مرويات دعاء ختم القرآن وحكمه داخل الصلاة وخارجها
والحمدلله رب العالمين .
والمتحصل في هذا ما يلي :
أولاً : أن ما تقدم مرفوعا ( من الأحاديث ) وهو في مطلق الدعاء لختم القرآن لا يثبت منه شئ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بل هو إما موضوع أو ضعيف لا ينجبر .
ويكاد يحصل القطع بعدم وجود ما هو معتمد في الباب مرفوعا ، لأن العلماء الجامعين الذين كتبوا في علوم القرآن ، وأذكاره أمثال : النووي ، وابن كثير ، والقرطبي ، والسيوطي ، لم تخرج سياقتهم عن بعض ما ذكر فلو كان لديهم في ذلك ما هو أعلى إسنادا لذكروه .
ثانياً : أنه قد صح من فعل أنس رضي الله عنه : الدعاء عند ختم القرآن ( خارج الصلاة ) ، وجمع أهله وولده لذلك ، وأنه قد قفاه على ذلك جماعة من التابعين كما في أثر مجاهد بن جبر ، رحمهم الله أجمعين .
ثالثاً : أنه لم يتصل الوقوف على شئ في مشروعية ذلك في منصوص الإمامين أبي حنيفة والشافعي رحمهما الله تعالى .
وأن المروي عن الإمام مالك رحمه الله : أنه ليس من عمل الناس . وأن الختم ليس سنة للقيام في رمضان .
رابعاً : أن استحبا ب الدعاء عقب الختم ، هو في المروي عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى ، كما ينقله علماء الحنابلة ، وقرره بعض متأخري المذاهب الثلاثة .
المقام الثاني : في دعاء الختم في الصلاة ( مهم )
وخلاصته فيما يلي :
أولاً : أنه ليس فيما تقدم من المروي ( أي الأحاديث ) حرف واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو عن أحد صحابته رضي الله عنهم ، يفيد مشروعية الدعاء في الصلاة بعد الختم قبل الركوع أو بعده لإمام أو منفرد .
ثانياً : أن نهاية ما في الباب ما يذكره علماء المذهب من الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى في رواية : حنبل والفضل والحربي عنه - والتي لم نقف على أسانيدها – من جعل دعاء الختم في صلاة التراويح قبل الركوع .
وفي رواية عنه – لا يعرف مخرجها : أنه سهل فيه في دعاء الوتر .
{ كتبه المهاجر }
وهذه مع جلالة القائلين بها لم يذكروا رحمهم الله ما يسند المشروعية من نص ثابت في سنده ودلالته عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن الصحابة رضي الله عنهم .
وهذا من العبادات الجهرية التي لو وقعت لنقل إلينا وقوعها واشتهر أمرها في كتب الرواية والأثر . بل في رواية حنبل لما قال لأحمد رحمه الله تعالى : إلى أي شئ تذهب في هذا ، قال رأيت أهل مكة يفعلونه ... : دليل على أنه لو كان عند الإمام أحمد رحمه الله تعالى سنة ماضية مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أو متصلة العمل بعصر الصحابة رضي الله عنهم ، لاعتمدها في الدلالة ، وهو رحمه الله تعالى من أرباب الإحاطة في الرواية .
فلم يبق في الدلالة عنده إلا عمل المصرين : مكة والبصرة وكم لأهل كل مصر من عمل لم يتابعهم عليه أحد . مثل أهل مكة في عدة مسائل كما في ( أخبار مكة للفاكهي ) 3/92- 96 .
مدى حجية جريان العمل في العبادات :
وعليه فليعلم أن توارث العمل يكون في موطن الحجة حيث يتصل بعصر التشريع كتوارث مقدار الصاع والمد النبوي وأعيان المشاعر ، ونحو ذلك .
ويكون في موطن الحجة أيضا عند جماعة من الفقهاء والأصوليين والمحدثين حيث تكون عضادته لحديث ضعيف ، تلقته الأمة بالقبول . لكن هنا لم يكن نقل لعمل متصل بعصر النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم ، ولا عاضد لحديث في الباب وتلقته الأمة بالقبول ففات إذا شرطه عند من قال به .
لهذا فإن مالكاً رحمه الله تعالى وهو عالم المدينة في زمانه كره الدعاء بعد الختم مطلقاً وقال : ما هو من عمل الناس .
وظاهر من هذا أنه من العمل المتأخر عن عصر الصحابة رضي الله عنهم والمتحرر عند علماء الأصول : أن جريان العمل فيما لا يتصل بعصر الصحابة رضي الله عنهم لا يعتبر حجة في (( التعبد )) ولا يلتفت إليه لقاعدة (( وقف العبادات على النص ومورده )) . وظاهر من كلمة الإمام مالك رحمه الله تعالى أنه لم يكن محل اتفاق بعدهم رضي الله عنهم .
ومذهب الجمهور من أهل العلم الاحتجاج بما نقل عن الصحابة رضي الله عنهم . في ذلك فقط ، كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في (( صحة أصول مذهب أهل المدينة )) . مع الأخذ في الاعتبار بما هو
{ كتبه المهاجر }
مقرر في : أصول الحديث ، والفقه من أن الصحابي إذا رأى خلاف ما روى فالعبرة بروايته لا برأيه .
وأن الصحابي أيضاً : إذا رأى رأياً صح عنه ، وثبت في المرفوع ما هو على خلافه فالأخذ بالثابت المرفوع هو المتعين وإذا كان هذا في حق الصحابة رضي الله عنهم وهم أبر الأمة قلوباً فكيف بمن تأخر عن طبقتهم . ومعلومة وجوه الاعتذار في هذا عن الصحابة رضي الله عنهم ، وعمن بعدهم من أهل العلم كما في (( رفع الملام عن الأئمة الأعلام )) لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى .
ومعلوم أيضاً أن المنتسب إلى مذهب كالحنفي والحنبلي مثلا لو ترك في مسألة مذهب إمامه لقيام الدليل على خلافه فإن هذا هو عين التقليد في صورة ترك التقليد ، لقول كل إمام ( إذا صح الحديث فهو مذهبي ) .
والخلاصة : أنه ليس من دليل لهذه الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى سوى عمل التابعين في مكة وأنه منقطع الاتصال بعصر الصحابة رضي الله عنهم . وأن التابعين اختلفوا فقال مالك رحمه الله تعالى : ليس من عمل الناس . فآل الأمر إلى قاعدة العبادات من وقفها على النص ومورده ، ولا نص هنا فبقي الأمر على البراءة وعدم المشروعية والله أعلم .
ثالثا : أن أمراً تعبدياً : وهو الدعاء في الصلاة لختم القرآن قبل الركوع ، أو بعده ، من إمام ، أو منفرد لم يثبت فيه شئ عن النبي صلى الله عليه وسلم – بل لم يروى فيه شئ – ولا عن صحابته الكرام رضي الله عنهم ! ثم تعمر به المحاريب بدعاء فيه ما هو متكلف مسجوع ، غير مأثور ، يشغل نحو ساعة من الزمان . يتلى بصوت التلاوة وأدائها ، وتحرير النغم فيه . يكون عن ظهر قلب ، أو في رسالة ربما وصلت ثمانين صفحة – أي تعدل تلاوة خمسة أجزاء من كتاب الله تعالى – مع رفع الأيدي ، ومسح الوجه بهما بعد الفراغ ، ويبكي من شاء الله من مأموم وإمام – أثابهم الله على حسن نيتهم – وقوارع التنزيل ، وآيات الذكر الحكيم ، تتلى في ليالي الشهر ، بل على ممر العام ، ولا تكاد تسمع ناشجاً ولا نابساً ببكاء من مأموم أو إمام ، والله تعالى يقول { لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله } الآية .
وعن محمد ابن زياد قال رأيت أبا أمامة رضي الله عنه أتى على رجل وهو ساجد ، يبكي في سجوده ، ويدعو ربه ، فقال أبو أمامة : (( أنت ، أنت ، لو كان هذا في بيتك )) .
{ كتبه المهاجر }
إن أمراً شأنه كذلك لا يتعبد به إلا بنص ثابت في سنده ودلالته ، والنص في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو عن أحد من صحابته رضي الله عنهم لم يحصل بعد التتبع البالغ ، وعدم وقوف الحفاظ الجامعين على شئ في ذلك كما تقدم يدل على عدم وجوده . ورحم الله الإمام أحمد ، إذ في رواية عبدوس عنه : أن الإمام إن زاد حرفاً في دعاء القنوت على الوارد فاقطع صلاتك . فكيف بدعاء يستغرق نحو ساعة من الزمان لم يرتبه النبي صلى الله عليه وسلم ولا شيئا منه لختم القرآن .
إن مدرك الحكم في الجميع في دائرة القاعدة بتوقيف العبادات على النص ومورده ، وقد علم من مدارك الشرع ، أنه لا مدخل لغير المعصوم صلى الله عليه وسلم في الشرع ، وأنه ليس من أحد من خلق الله إلا وهو يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي صلى الله عليه وسلم .
وبعد
ألا يعود دعاء الختم في صلاة التراويح ( وبهذه الكيفية ) بالتأثير على قاعدة العبادات من أنها توقيفية لا تكون إلا بنص ؟؟؟
{ كتبه المهاجر }
ملاحظة : قال الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله
من المؤلفات في صيغ دعاء ختم القرآن :
الدعاء المنسوب إلى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى والذي استمر زمنا يطبع في أخريات المصاحف الشريفة ، وهذا ما لم تثبت نسبته إليه ولا يعرف من نسبه إليه ، وكان الشيخ عبدالرحمن بن قاسم رحمه الله جامع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في شك من نسبة هذا الدعاء إلى ابن تيمية رحمه الله كما تحرر لدي بخطه في بعض أوراق له يوصي بعدم إدخاله في ( مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ) ، ولعل حذفه من الطبعات الأخيرة للمصحف الشريف لذلك ، أو لهذا ، ولعدم ترتيب دعاء من النبي صلى الله عليه وسلم لختم القرآن ، وتجريداً لكتاب الله تعالى وكلامه مما ليس منه . انتهى
وقال الشيخ عبدالعزيز السدحان : قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله : أما الدعاء المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فلا أعلم صحة هذه النسبة إليه ... ولكني لم أقف على ذلك في شئ من كتبه . انتهى
أقول فإن ما سبق هو خلاصة ما بحثه فضيلة الشيخ العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد حفظه الله في رسالته القيمة :
الأجزاء الحديثية ( 5 )
مرويات دعاء ختم القرآن وحكمه داخل الصلاة وخارجها
والحمدلله رب العالمين .