الهزبر الكاسر
29-01-2001, 09:46 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحم لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على نبي الرحمات عليه وعلى آله وصحبه أزكى التحيات
أما بعد فهذا هو الجزء الأول من مقابلة قناة الجزيرة مع المجاهد الفذ أسامة بن لادن
"كان التحدي كبيرا، وكان مسابقة مع الزمن، هل سيكون بمقدور الراية تغطية الحوار الهام الذي أجرته قناة الجزيرة مع أسامة بن لادن الذي يعتبره البعض مجاهدا وتعتبره الولايات المتحدة الأمريكية المطلوب الأول للعدالة، وتقديم هذا الحوار في اليوم الثاني للقراء؟
بدون الدخول في التفاصيل نعترف بأن الأمر لم يكن سهلا، ونعترف أن مجرد اسم بن لادن يثير في أخيلة الكثيرين صورا مختلفة، إنه هنا وهناك في قلب العاصفة وفي مجرى التيارات المتقاطعة، تلاحقه عدسات المصورين ويلاحقه رصاص القناصة ولكن قناعته عبر الحوار الذي أعده وقدمه صلاح نجم لن تهتز، كما أن استراتيجيته التي تحدث عنها الزميل عبد الباري عطوان لم تهتز.
قد نتفق وقد نختلف مع الرجل الذي بات اسمه يعني الكثير خاصة بعد أن ارتبط بتفجير السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام وما تلا ذلك من أحداث تشبه فيلما سينمائيا من صنع أمريكي، ولكننا في النهاية نحترم الجهد ونحترم العرض ونحترم الأسلوب الذي قدمته به الجزيرة، ويعتبر عملاً وثائقياً حيا ونابضا بالإيقاع المتسارع لينقل للمشاهدين على امتداد الكرة الأرضية قضية أصبحت حديث الناس وشاغلهم، والتحية موصولة إلى قناة الجزيرة. هذه القناة التي تتفوق على نفسها كل صباح وتقدم الجديد والمفيد والمثير.
قصة بن لادن حكاية تروى ومواجهة سياسية لا ندري متي تنتهي وكيف ولكنها تكشف صورة من صراع الإرادات المتواجد بعد انقشاع الحرب الباردة.
عندما يذكر اسم بن لادن تتوالى على الذهن مجموعة من الأفكار المتناقضة، الثروة، الزهد، الإرهاب، البطولة الجهاد.. الرابط بينها جميعا هو هذا الرجل الذي يعده البعض شيطاناً والآخرون مجاهدا ذا قضية.
يقول أسامة بن لادن:
اسمي أسامة بن محمد بن لادن أنعم الله علي أن ولدت من أبوين مسلمين في جزيرة العرب في الرياض في حي الملز عام 1377هـ.. ثم منّ الله سبحانه وتعالى علينا أن ذهبنا إلى المدينة المنورة بعد الولادة بستة أشهر ومكثت باقي عمري في الحجاز ما بين مكة وجدة والمدينة.. أبي الشيخ محمد بن عوض بن لادن هو من مواليد حضرموت كما هو معلوم وذهب للعمل في الحجاز منذ وقت مبكر جدا منذ أكثر من 70 سنة، ثم فتح الله سبحانه وتعالى عليه بأن شرف بما لم يشرف به أحد من البنائين ببناء المسجد الحرام حيث الكعبة المشرفة، وفي نفس الوقت بفضل الله عليه قام ببناء المسجد النبوي على نبينا أفضل الصلاة والسلام.
ثم لما علم أن حكومة الأردن قد أنزلت مناقصة لترميم مسجد قبة الصخرة، جمع المهندسين وطلب منهم أن يضعوا سعر التكلفة فقط بدون أرباح، وقالوا له نحن إن شاء الله نضمن المشروع مع ربح، قال أنتم فقط ضعوا سعر التكلفة، فلما وضعوا سعر التكلفة، تفاجأوا انه خفض السعر عن سعر التكلفة حتى يضمن خدمة البناء لمساجد الله ولهذا المسجد، وأرسى عليه المشروع، وبفضل الله عليه كان يصلي أحيانا في اليوم الواحد في المساجد الثلاثة عليه رحمة الله،ولا يخفى انه كان أحد المؤسسين للبنية التحتية في المملكة العربية السعودية.
وبعد ذلك درست في الحجاز ثم درست الاقتصاد في جامعة جدة أو ما يسمى بجامعة الملك عبد العزيز وعملت مبكرا في الطرق في شركة الوالد عليه رحمة الله مع العلم أن الوالد عليه رحمة الله توفى وكان عمري عشر سنوات.. هذا باختصار عن أسامة بن لادن.
أما ماذا يريد؟.. فالذي نريده هو نطالب بما هو حق لكل كائن حي، ونحن نطالب بأن تحرر أرضنا من الأعداء وأن تحرر أرضنا من الأمريكان، هذه الكائنات الحية قد زودها الله سبحانه وتعالى بغيرة فطرية، ترفض أن يدخل عليها داخل، فهذه أعزكم الله الدواجن، لو أن الدجاج دخل عليها مسلح عسكري يريد أن يعتدي على بيتها فهي تقاتله وهي دجاج، فنحن نطالب بحق هو لجميع الكائنات الحية فضلا عن الكائنات الإنسانية البشرية، فضلا عن المسلمين.
والذي حصل في بلاد الإسلام وخاصة للمقدسات ابتداء من المسجد الأقصى حيث قبلة النبي عليه الصلاة والسلام الأولى، ثم استمر العدوان للتحالف الصليبي اليهودي تتزعمه أمريكا وإسرائيل حتى أخذوا بلاد الحرمين ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فنحن نسعى لتحريض الأمة كي تقوم لتحرير أرضها والجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى ولتحكم الشرع ولتكون كلمة الله هي العليا.
د. سعد الدين إبراهيم: فيما يخص ابن لادن، هذا هو الاستثناء الذي يؤكد القاعدة، لأنه هو الأصغر منهم، ولأن الأسرة نفسها رغم ثرائها إلا أنها تعتبر من السعودية أسرة هامشية من أصول حضرموتية. فهو لم يقبل قبولا كاملا رغم ثرائه في المجتمع السعودي بالداخل، فهنا عامل التهميش يفسر الرغبة أحيانا في التحدي والرغبة في أن يواجه النظام القائم، فإذا لم يستطع ذلك في الداخل فعله في الخارج، وهذا ينطبق على بعض الأمراء السعوديين حتى في عهد عبد الناصر الذين يكون مغضوبا عليهم من الأسرة، وهؤلاء إما أن التهميش أو محاولات التهميش يجعلهم يثورون، وتجعلهم يتمردون على الأسرة وعلى النظام القائم عموما وعلى طبقتهم عموما.
عبد الباري عطوان: أولا اكتشفت أن الرجل على درجة عالية جدا من التواضع الطبيعي، يعني بطبعه متواضع، والرجل مؤمن بكل كلمة يقولها، ولا يكذب ولا يبالغ ولا يجامل، ولا يحاول حتى أن يخفي شيئا، فما في قلبه على لسانه، وساحر في حديثه، صوته خفيض وفيه دماثة وفيه خلق، وتستطيع -وقد مكثت يوما كاملا معهم- تشعر بالدماثة والخلق والطيبة والتواضع الأصلي وليس التواضع المبالغ فيه أو المصطنع.
رجل يريد الآخرة ويعتقد حقيقة انه عاش أكثر من اللازم، ويشعر بحسرة في داخله وهو لم يعبر عنها، أنه لم يستشهد عندما كان يقاتل السوفييت أو الشيوعيين، أو الكفار.. ويقول لك لماذا أعيش؟
لاري جونسون: من الواضح أنه قتل وجرح مواطنين أمريكيين أكثر من أي جماعة أخرى شنت هجمات إرهابية في الأعوام السبعة الأخيرة.
لا يوجد شخص أو جماعة قتلت من الأمريكيين مثل هذا العدد وأجانب أيضا، فمثلا إذا أحصينا عدد لضحايا بالنسبة للهجوم الواحد نجد أن أسامة بن لادن ومؤيديه نجحوا في إسقاط حوالي 125 ضحية في الهجمة.
أما حماس وهي المنظمة التي تأتي في الترتيب الثاني فقد تسببت هجماتها في إسقاط ستة ضحايا في الهجمة الواحدة.. هذا الفارق يبين أن ابن لادن لا يفعل شيئا عاديا، وإنما أخذ على عاتقه تنفيذ رؤية واضحة، إنه يرى أن الولايات المتحدة تدنس مهد الإسلام في السعودية ومن هنا وجه حربه ضد المصالح الأمريكية..
ولكن من حسن الحظ أن إمكاناته محدودة، فهو إنسان في النهاية إنه ليس عملاقا وليس سوبر مان إنه لا يستطيع كشف الحجب أو قراءة الأفكار، لكنه ما زال يعد تهديدا، لقد تعهد بقتل الناس ونفذ ذلك بالفعل واعتقد أننا يجب أن نصدق وعيده، لقد أرسل تهديده ولا يجب أن تعتبره أمرا سهلا وإنما تهديدا حقيقيا.
الجزيرة: أسامة بن لادن هو الرجل الذي أعلنت الولايات المتحدة الحرب عليه وأعلن عليها الحرب، بل وتكلفت محاولة قتله عدة مئات من ملايين من الدولارات انهالت على معسكره في جبال خوست بأفغانستان على شكل صواريخ كروز، هذا المعسكر هو ما أسمته الولايات المتحدة بالقاعدة، لكن القصة لا تبدأ من هنا.
كانت الحرب الأفغانية في بدايتها بعد سلسلة من الانقلابات العسكرية التي أطاح أولاها بالملكية وجاءت بحكومات حليفة للاتحاد السوفيتي إلى هذا البلد المستعصي على الغزاة.
دخلت الحرب الباردة بكل ما تعنيه إلى بلاد الأفغان، دخلت القوات السوفيتية، أنذرت الولايات المتحدة.. وبدأت حركة مقاومة، كان المجاهدون يحاربون الكفر الشيوعي، والولايات المتحدة تحارب تقدم النفوذ السوفيتي، ولأول مرة منذ قرون ترفع راية الجهاد باسم الإسلام والحرب على الكفار السوفيت باسم الجهاد.. وهناك من يقول باسم الولايات المتحدة ويدعمها. فهل كان المجاهدون عملاء أمريكيين انقلبوا على واشنطن عندما انقلبت هي عليهم؟
أسامة بن لادن:
محاولة للتشويه من الأمريكان، والحمد لله الذي رد كيدهم إلى الوساوس،وكل مسلم منذ أن يعي التمييز من قلبه بغض الأمريكان وبغض اليهود والنصارى، وهو جزء من عقيدتنا ومن ديننا، فمنذ أن وعيت على نفسي وأنا في حرب وفي عذاب وفي بغض وكره للأمريكان، وما حصل هذا الذي يقولونه قط... أما أنهم دعموا الجهاد أو دعموا القتال فهذا الدعم هو من دول عربية وبخاصة من دول خليجية لتتحدث أنها تدعم الجهاد وهو لم يكن لوجه الله سبحانه وتعالى وإنما كان خوفا على عروشهم من الزحف الروسي. وأمريكا في ذلك الوقت وكان رئيسها كارتر لم يستطع أن يتفوه بكلمة ذات شأن إلا بعد مرور بضع وعشرين يوما في 20 يناير وقال إن أي تدخل لروسيا إلى منطقة الخليج نعتبره اعتداء على أمريكا، لأنه محتل لهذه المنطقة، محتل للبترول فقال إننا سنستخدم القوة العسكرية إذا حدث هذا التدخل، فالأمريكان يكذبون إذا زعموا انهم تعاونوا معنا في يوم من الايام ونتحداهم أن يبرزوا أي دليل، بل انهم كانوا عالة علينا وعلى المجاهدين في أفغانستان ولم يكن باتفاق، وإنما كنا نقوم بواجب هو نصرة الإسلام في أفغانستان، وان كان هذا الواجب يتقاطع بغير رضانا مع مصلحة أمريكية، وعندما قاتل المسلمون الروم،فمن المعلوم أن القتال الشديد بين الفرس والروم كان دائما ولا يمكن لعاقل أن يقول إن المسلمين في معركة مؤتة عندما قاتلوا الروم القول بأنهم كانوا عملاء للفرس.
وإنما تقاطعت المصلحة، فقتال الروم كان واجبا عليه لكنه يفرح الفرس، وبعد غزواتهم على الروم بدأوا بفضل من الله على الفرس، فتقاطع المصالح بدون اتفاق لا يعني الصلة أو العمالة.. بل ونحن نعادي منذ تلك الأيام ولنا محاضرات بفضل الله في الحجاز ونجد بوجوب مقاطعة البضائع الأمريكية وبوجوب ضرب القوات الأمريكية وبوجوب ضرب الاقتصاد الأمريكي منذ أكثر من اثنتي عشرة سنة.
الجزيرة: حاولت الولايات المتحدة دائما تقليل حجم الدور الذي قامت به هناك، لكنها مع ذلك تعترف بأنها قدمت المساعدات.. في العاصمة الأمريكية واشنطن لا يزال لاري جونسون وهو موظف سابق في هيئة الاستخبارات الأمريكية يمارس عمله في تدريب الجهات الحكومية على مكافحة الإرهاب.. ويتحدث عن هذه الفترة.
لاري جونسون: كانت هناك قوى دولية متعددة حتى قبل دخول الروس أفغانستان، البريطانيون ذهبوا إلى أفغانستان وحاولوا السيطرة على أهلها، فشل البريطانيون، وفشل الروس، ولا أعتقد أن هناك من يمكنه السيطرة على أفغانستان سوى أهلها.. اما الولايات المتحدة فقد ذهبت هناك وعلمت المجاهدين كيف يستخدمون البنادق أو كيف يزرعون المتفجرات فهذا هو الواقع.. هل فعلنا ذلك؟ نعم، ذهبنا وساعدنا في تدريبهم وقدمنا لهم من العون ما ساعدهم على طرد الروس.. ولكن لم تكن هذه ظاهرة خلقتها الولايات المتحدة، هذه الممارسة مستمرة هناك منذ قرون، ويجبان ندرك ذلك.
الجزيرة: وفي بدايات تلك الحرب كان العرب يتدفقون على أفغانستان مجاهدون وصحفيون.. جمال إسماعيل مراسل الجزيرة كان يدرس هناك في تلك الفترة وتعرف على شاب ثري مليء بالحماس للجهاد ضد الكفار في بيشاور كان أسامة بن لادن.
جمال إسماعيل: كانت بداية المعرفة بالشيخ أسامة بن محمد بن لادن هي حينما كان يتردد على مدينة بيشاور الباكستانية أثناء فترة الجهاد الأفغاني والاحتلال السوفييتي لأفغانستان وكنت في ذلك الوقت طالبا في جامعة بيشاور وكنت أتردد على مكاتب المؤسسات الإغاثية العربية وتنقل الأخبار لمن كان يهتم بها في ذلك الوقت.
تعرفت عليه في البداية عام 1984 عندما أسس مكتبه الذي كان يعرف باسم مكتب خدمات المجاهدين في مدينة بيشاور، وأسس هذا المكتب بالتعاون بين أسامة بن لادن والشيخ عبد الله عزام الفلسطيني الذي قتل عام 1989 وكان أسامة بن لادن في تلك الفترة يتكفل بتمويل جزء كبير من مكتب الخدمات وكفالة بعض المجاهدين العرب في الجبهات الأفغانية لكنه لم يكن مقيما بشكل دائم في مدينة بيشاور أوفي الأراضي الأفغانية وإنما كان يتردد على المدينة كل ثلاثة أشهر للاطلاع على الأمور والاجتماع بقادة المجاهدين والشيخ عبد الله عزام وغيرهم ثم يتردد على الجبهات الأفغانية في الداخل.
ثم تطورت الأمور وأنشأ أول معسكر للمجاهدين العرب في داخل أفغانستان وبتمويل منه في نهاية عام 1986 وبدأ هذا المعسكر في تدريب وإعداد المجاهدين العرب في منطقة قريبة من الحدود الباكستانية داخل الأراضي الأفغانية تدعى منطقة أجاجي.
برهان الدين رباني: جاء أسامة بن لادن إلى أفغانستان في حين أن كثيرا من الدول لم تكن تمنع المجاهدين من الذهاب إلى هناك والمشاركة في المعارك بل كانوا يشجعونهم على ذلك، ولم تكن أمريكا تعارض ذلك، وعدد من المسلمين كانوا يأتون من أمريكا واشتركوا في المعارك أثناء الغزو الروسي لأفغانستان، وأسامة بن لادن جاء في نفس الوقت، والسعودية أيضا لم تكن تعترض على ذلك.
الجزيرة: لكن الطرف الخاسر في هذه الحرب يري رأيا آخر.. الجنرال فارينكوف قائد القوات السوفييتية في أفغانستان ألقى السلاح وصار عضوا في البرلمان الروسي لكنه وقبل سنوات عندما كانت الحرب في عنفوانها كان في خط المواجهة قاتل المجاهدين وانسحب.
الجنرال فارينكوف: لقد لعبت الولايات المتحدة دورا حاسما، حاسما بالفعل، فمنذ عشية دخولنا أفغانستان كان الأمريكان على علم بقرارنا،ولكنهم لجأوا أولاً إلى الصمت ولم يبدوا أي موقف خشية أن نغير رأينا، فهم كانوا يريدون دخولنا،وعندما دخلنا أفغانستان فعلوا كل ما بوسعهم من أجل دعم وتزويد المعارضة الأفغانية مادياً وتقنياً وأيديولوجياً بشكل كامل، واستغلوا وجود اللاجئين الأفغان في باكستان وإيران.. لقد قدموا كل ما يلزم مادياً لإقامة معسكرات ومراكز التدريب ومخازن سلاح وقواعد وساهمت في ذلك بعض الدول الأخرى بما في ذلك باكستان بغرض واضح وهو تهيئة المعارضة الأفغانية على أكمل وجه، ومن الواضح أن الناس الذين راحوا يشكلون جماعات مسلحة كنا نسميهم عصابات لكنها في الواقع كانت فصائل مسلحة حقيقية، ويرسلون قوافل السلاح إلى داخل أفغانستان من جهة باكستان وكانوا يعرفون أن لديهم مهاما محددة ويعرفون أنهم يقاتلون ليس فقط من أجل الدين والقضية بل ومن أجل المبالغ المالية غير القليلة التي كانوا يتلقونها، لقد كانت لدى المجاهدين مصلحة مادية مباشرة وهذا أمر هام جداً.
الجزيرة: الجزيرة: في خضم المعارك التي دارت في أفغانستان بين القوات الحكومية والمجاهدين زار أسامة بن لادن أفغانستان عدة مرات وخلال هذه الزيارات تطورت مشاركاته في العمليات مع المجاهدين من مستوى إلى آخر.
جمال إسماعيل: أسس معسكر الأنصار عام 87وتعرض هذا المعسكر لهجمات جوية وبرية من القوات السوفييتية والقوات الحكومية الأفغانية وتعرض هذا المعسكر العربي إلى قصف شديد وانسحب المقاتلون الأفغان مع بداية القصف الجوي وعمليات الإنزال ولكن المقاتلين العرب وعلى رأسهم عبد الله عزام وأسامة بن لادن ومجموعة لا يزيد عددها على 35 شخصاً صمدوا في المعسكر لمدة أسبوعين من القتال الضاري وبعدها ظهرت ما يسمى بأسطورة أسامة بن لادن والمجاهدين العرب.
الجزيرة: هذه كانت الخبرة الميدانية التي جمعها أسامة بن لادن من خلال سنوات من القتال الطويل، خبرة يفخر بأنها انتهت بالنصر علىالسوفييت، خبرة استخدمها فيما بعد لإنشاء معسكر تدريب هاجمته الولايات المتحدة بالصواريخ وأسمته معسكر القاعدة"
آمل أن أكون وفقت في طرح ما هو مفيد وترقبوا الجزء الثاني في القريب العاجل
الحم لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على نبي الرحمات عليه وعلى آله وصحبه أزكى التحيات
أما بعد فهذا هو الجزء الأول من مقابلة قناة الجزيرة مع المجاهد الفذ أسامة بن لادن
"كان التحدي كبيرا، وكان مسابقة مع الزمن، هل سيكون بمقدور الراية تغطية الحوار الهام الذي أجرته قناة الجزيرة مع أسامة بن لادن الذي يعتبره البعض مجاهدا وتعتبره الولايات المتحدة الأمريكية المطلوب الأول للعدالة، وتقديم هذا الحوار في اليوم الثاني للقراء؟
بدون الدخول في التفاصيل نعترف بأن الأمر لم يكن سهلا، ونعترف أن مجرد اسم بن لادن يثير في أخيلة الكثيرين صورا مختلفة، إنه هنا وهناك في قلب العاصفة وفي مجرى التيارات المتقاطعة، تلاحقه عدسات المصورين ويلاحقه رصاص القناصة ولكن قناعته عبر الحوار الذي أعده وقدمه صلاح نجم لن تهتز، كما أن استراتيجيته التي تحدث عنها الزميل عبد الباري عطوان لم تهتز.
قد نتفق وقد نختلف مع الرجل الذي بات اسمه يعني الكثير خاصة بعد أن ارتبط بتفجير السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام وما تلا ذلك من أحداث تشبه فيلما سينمائيا من صنع أمريكي، ولكننا في النهاية نحترم الجهد ونحترم العرض ونحترم الأسلوب الذي قدمته به الجزيرة، ويعتبر عملاً وثائقياً حيا ونابضا بالإيقاع المتسارع لينقل للمشاهدين على امتداد الكرة الأرضية قضية أصبحت حديث الناس وشاغلهم، والتحية موصولة إلى قناة الجزيرة. هذه القناة التي تتفوق على نفسها كل صباح وتقدم الجديد والمفيد والمثير.
قصة بن لادن حكاية تروى ومواجهة سياسية لا ندري متي تنتهي وكيف ولكنها تكشف صورة من صراع الإرادات المتواجد بعد انقشاع الحرب الباردة.
عندما يذكر اسم بن لادن تتوالى على الذهن مجموعة من الأفكار المتناقضة، الثروة، الزهد، الإرهاب، البطولة الجهاد.. الرابط بينها جميعا هو هذا الرجل الذي يعده البعض شيطاناً والآخرون مجاهدا ذا قضية.
يقول أسامة بن لادن:
اسمي أسامة بن محمد بن لادن أنعم الله علي أن ولدت من أبوين مسلمين في جزيرة العرب في الرياض في حي الملز عام 1377هـ.. ثم منّ الله سبحانه وتعالى علينا أن ذهبنا إلى المدينة المنورة بعد الولادة بستة أشهر ومكثت باقي عمري في الحجاز ما بين مكة وجدة والمدينة.. أبي الشيخ محمد بن عوض بن لادن هو من مواليد حضرموت كما هو معلوم وذهب للعمل في الحجاز منذ وقت مبكر جدا منذ أكثر من 70 سنة، ثم فتح الله سبحانه وتعالى عليه بأن شرف بما لم يشرف به أحد من البنائين ببناء المسجد الحرام حيث الكعبة المشرفة، وفي نفس الوقت بفضل الله عليه قام ببناء المسجد النبوي على نبينا أفضل الصلاة والسلام.
ثم لما علم أن حكومة الأردن قد أنزلت مناقصة لترميم مسجد قبة الصخرة، جمع المهندسين وطلب منهم أن يضعوا سعر التكلفة فقط بدون أرباح، وقالوا له نحن إن شاء الله نضمن المشروع مع ربح، قال أنتم فقط ضعوا سعر التكلفة، فلما وضعوا سعر التكلفة، تفاجأوا انه خفض السعر عن سعر التكلفة حتى يضمن خدمة البناء لمساجد الله ولهذا المسجد، وأرسى عليه المشروع، وبفضل الله عليه كان يصلي أحيانا في اليوم الواحد في المساجد الثلاثة عليه رحمة الله،ولا يخفى انه كان أحد المؤسسين للبنية التحتية في المملكة العربية السعودية.
وبعد ذلك درست في الحجاز ثم درست الاقتصاد في جامعة جدة أو ما يسمى بجامعة الملك عبد العزيز وعملت مبكرا في الطرق في شركة الوالد عليه رحمة الله مع العلم أن الوالد عليه رحمة الله توفى وكان عمري عشر سنوات.. هذا باختصار عن أسامة بن لادن.
أما ماذا يريد؟.. فالذي نريده هو نطالب بما هو حق لكل كائن حي، ونحن نطالب بأن تحرر أرضنا من الأعداء وأن تحرر أرضنا من الأمريكان، هذه الكائنات الحية قد زودها الله سبحانه وتعالى بغيرة فطرية، ترفض أن يدخل عليها داخل، فهذه أعزكم الله الدواجن، لو أن الدجاج دخل عليها مسلح عسكري يريد أن يعتدي على بيتها فهي تقاتله وهي دجاج، فنحن نطالب بحق هو لجميع الكائنات الحية فضلا عن الكائنات الإنسانية البشرية، فضلا عن المسلمين.
والذي حصل في بلاد الإسلام وخاصة للمقدسات ابتداء من المسجد الأقصى حيث قبلة النبي عليه الصلاة والسلام الأولى، ثم استمر العدوان للتحالف الصليبي اليهودي تتزعمه أمريكا وإسرائيل حتى أخذوا بلاد الحرمين ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فنحن نسعى لتحريض الأمة كي تقوم لتحرير أرضها والجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى ولتحكم الشرع ولتكون كلمة الله هي العليا.
د. سعد الدين إبراهيم: فيما يخص ابن لادن، هذا هو الاستثناء الذي يؤكد القاعدة، لأنه هو الأصغر منهم، ولأن الأسرة نفسها رغم ثرائها إلا أنها تعتبر من السعودية أسرة هامشية من أصول حضرموتية. فهو لم يقبل قبولا كاملا رغم ثرائه في المجتمع السعودي بالداخل، فهنا عامل التهميش يفسر الرغبة أحيانا في التحدي والرغبة في أن يواجه النظام القائم، فإذا لم يستطع ذلك في الداخل فعله في الخارج، وهذا ينطبق على بعض الأمراء السعوديين حتى في عهد عبد الناصر الذين يكون مغضوبا عليهم من الأسرة، وهؤلاء إما أن التهميش أو محاولات التهميش يجعلهم يثورون، وتجعلهم يتمردون على الأسرة وعلى النظام القائم عموما وعلى طبقتهم عموما.
عبد الباري عطوان: أولا اكتشفت أن الرجل على درجة عالية جدا من التواضع الطبيعي، يعني بطبعه متواضع، والرجل مؤمن بكل كلمة يقولها، ولا يكذب ولا يبالغ ولا يجامل، ولا يحاول حتى أن يخفي شيئا، فما في قلبه على لسانه، وساحر في حديثه، صوته خفيض وفيه دماثة وفيه خلق، وتستطيع -وقد مكثت يوما كاملا معهم- تشعر بالدماثة والخلق والطيبة والتواضع الأصلي وليس التواضع المبالغ فيه أو المصطنع.
رجل يريد الآخرة ويعتقد حقيقة انه عاش أكثر من اللازم، ويشعر بحسرة في داخله وهو لم يعبر عنها، أنه لم يستشهد عندما كان يقاتل السوفييت أو الشيوعيين، أو الكفار.. ويقول لك لماذا أعيش؟
لاري جونسون: من الواضح أنه قتل وجرح مواطنين أمريكيين أكثر من أي جماعة أخرى شنت هجمات إرهابية في الأعوام السبعة الأخيرة.
لا يوجد شخص أو جماعة قتلت من الأمريكيين مثل هذا العدد وأجانب أيضا، فمثلا إذا أحصينا عدد لضحايا بالنسبة للهجوم الواحد نجد أن أسامة بن لادن ومؤيديه نجحوا في إسقاط حوالي 125 ضحية في الهجمة.
أما حماس وهي المنظمة التي تأتي في الترتيب الثاني فقد تسببت هجماتها في إسقاط ستة ضحايا في الهجمة الواحدة.. هذا الفارق يبين أن ابن لادن لا يفعل شيئا عاديا، وإنما أخذ على عاتقه تنفيذ رؤية واضحة، إنه يرى أن الولايات المتحدة تدنس مهد الإسلام في السعودية ومن هنا وجه حربه ضد المصالح الأمريكية..
ولكن من حسن الحظ أن إمكاناته محدودة، فهو إنسان في النهاية إنه ليس عملاقا وليس سوبر مان إنه لا يستطيع كشف الحجب أو قراءة الأفكار، لكنه ما زال يعد تهديدا، لقد تعهد بقتل الناس ونفذ ذلك بالفعل واعتقد أننا يجب أن نصدق وعيده، لقد أرسل تهديده ولا يجب أن تعتبره أمرا سهلا وإنما تهديدا حقيقيا.
الجزيرة: أسامة بن لادن هو الرجل الذي أعلنت الولايات المتحدة الحرب عليه وأعلن عليها الحرب، بل وتكلفت محاولة قتله عدة مئات من ملايين من الدولارات انهالت على معسكره في جبال خوست بأفغانستان على شكل صواريخ كروز، هذا المعسكر هو ما أسمته الولايات المتحدة بالقاعدة، لكن القصة لا تبدأ من هنا.
كانت الحرب الأفغانية في بدايتها بعد سلسلة من الانقلابات العسكرية التي أطاح أولاها بالملكية وجاءت بحكومات حليفة للاتحاد السوفيتي إلى هذا البلد المستعصي على الغزاة.
دخلت الحرب الباردة بكل ما تعنيه إلى بلاد الأفغان، دخلت القوات السوفيتية، أنذرت الولايات المتحدة.. وبدأت حركة مقاومة، كان المجاهدون يحاربون الكفر الشيوعي، والولايات المتحدة تحارب تقدم النفوذ السوفيتي، ولأول مرة منذ قرون ترفع راية الجهاد باسم الإسلام والحرب على الكفار السوفيت باسم الجهاد.. وهناك من يقول باسم الولايات المتحدة ويدعمها. فهل كان المجاهدون عملاء أمريكيين انقلبوا على واشنطن عندما انقلبت هي عليهم؟
أسامة بن لادن:
محاولة للتشويه من الأمريكان، والحمد لله الذي رد كيدهم إلى الوساوس،وكل مسلم منذ أن يعي التمييز من قلبه بغض الأمريكان وبغض اليهود والنصارى، وهو جزء من عقيدتنا ومن ديننا، فمنذ أن وعيت على نفسي وأنا في حرب وفي عذاب وفي بغض وكره للأمريكان، وما حصل هذا الذي يقولونه قط... أما أنهم دعموا الجهاد أو دعموا القتال فهذا الدعم هو من دول عربية وبخاصة من دول خليجية لتتحدث أنها تدعم الجهاد وهو لم يكن لوجه الله سبحانه وتعالى وإنما كان خوفا على عروشهم من الزحف الروسي. وأمريكا في ذلك الوقت وكان رئيسها كارتر لم يستطع أن يتفوه بكلمة ذات شأن إلا بعد مرور بضع وعشرين يوما في 20 يناير وقال إن أي تدخل لروسيا إلى منطقة الخليج نعتبره اعتداء على أمريكا، لأنه محتل لهذه المنطقة، محتل للبترول فقال إننا سنستخدم القوة العسكرية إذا حدث هذا التدخل، فالأمريكان يكذبون إذا زعموا انهم تعاونوا معنا في يوم من الايام ونتحداهم أن يبرزوا أي دليل، بل انهم كانوا عالة علينا وعلى المجاهدين في أفغانستان ولم يكن باتفاق، وإنما كنا نقوم بواجب هو نصرة الإسلام في أفغانستان، وان كان هذا الواجب يتقاطع بغير رضانا مع مصلحة أمريكية، وعندما قاتل المسلمون الروم،فمن المعلوم أن القتال الشديد بين الفرس والروم كان دائما ولا يمكن لعاقل أن يقول إن المسلمين في معركة مؤتة عندما قاتلوا الروم القول بأنهم كانوا عملاء للفرس.
وإنما تقاطعت المصلحة، فقتال الروم كان واجبا عليه لكنه يفرح الفرس، وبعد غزواتهم على الروم بدأوا بفضل من الله على الفرس، فتقاطع المصالح بدون اتفاق لا يعني الصلة أو العمالة.. بل ونحن نعادي منذ تلك الأيام ولنا محاضرات بفضل الله في الحجاز ونجد بوجوب مقاطعة البضائع الأمريكية وبوجوب ضرب القوات الأمريكية وبوجوب ضرب الاقتصاد الأمريكي منذ أكثر من اثنتي عشرة سنة.
الجزيرة: حاولت الولايات المتحدة دائما تقليل حجم الدور الذي قامت به هناك، لكنها مع ذلك تعترف بأنها قدمت المساعدات.. في العاصمة الأمريكية واشنطن لا يزال لاري جونسون وهو موظف سابق في هيئة الاستخبارات الأمريكية يمارس عمله في تدريب الجهات الحكومية على مكافحة الإرهاب.. ويتحدث عن هذه الفترة.
لاري جونسون: كانت هناك قوى دولية متعددة حتى قبل دخول الروس أفغانستان، البريطانيون ذهبوا إلى أفغانستان وحاولوا السيطرة على أهلها، فشل البريطانيون، وفشل الروس، ولا أعتقد أن هناك من يمكنه السيطرة على أفغانستان سوى أهلها.. اما الولايات المتحدة فقد ذهبت هناك وعلمت المجاهدين كيف يستخدمون البنادق أو كيف يزرعون المتفجرات فهذا هو الواقع.. هل فعلنا ذلك؟ نعم، ذهبنا وساعدنا في تدريبهم وقدمنا لهم من العون ما ساعدهم على طرد الروس.. ولكن لم تكن هذه ظاهرة خلقتها الولايات المتحدة، هذه الممارسة مستمرة هناك منذ قرون، ويجبان ندرك ذلك.
الجزيرة: وفي بدايات تلك الحرب كان العرب يتدفقون على أفغانستان مجاهدون وصحفيون.. جمال إسماعيل مراسل الجزيرة كان يدرس هناك في تلك الفترة وتعرف على شاب ثري مليء بالحماس للجهاد ضد الكفار في بيشاور كان أسامة بن لادن.
جمال إسماعيل: كانت بداية المعرفة بالشيخ أسامة بن محمد بن لادن هي حينما كان يتردد على مدينة بيشاور الباكستانية أثناء فترة الجهاد الأفغاني والاحتلال السوفييتي لأفغانستان وكنت في ذلك الوقت طالبا في جامعة بيشاور وكنت أتردد على مكاتب المؤسسات الإغاثية العربية وتنقل الأخبار لمن كان يهتم بها في ذلك الوقت.
تعرفت عليه في البداية عام 1984 عندما أسس مكتبه الذي كان يعرف باسم مكتب خدمات المجاهدين في مدينة بيشاور، وأسس هذا المكتب بالتعاون بين أسامة بن لادن والشيخ عبد الله عزام الفلسطيني الذي قتل عام 1989 وكان أسامة بن لادن في تلك الفترة يتكفل بتمويل جزء كبير من مكتب الخدمات وكفالة بعض المجاهدين العرب في الجبهات الأفغانية لكنه لم يكن مقيما بشكل دائم في مدينة بيشاور أوفي الأراضي الأفغانية وإنما كان يتردد على المدينة كل ثلاثة أشهر للاطلاع على الأمور والاجتماع بقادة المجاهدين والشيخ عبد الله عزام وغيرهم ثم يتردد على الجبهات الأفغانية في الداخل.
ثم تطورت الأمور وأنشأ أول معسكر للمجاهدين العرب في داخل أفغانستان وبتمويل منه في نهاية عام 1986 وبدأ هذا المعسكر في تدريب وإعداد المجاهدين العرب في منطقة قريبة من الحدود الباكستانية داخل الأراضي الأفغانية تدعى منطقة أجاجي.
برهان الدين رباني: جاء أسامة بن لادن إلى أفغانستان في حين أن كثيرا من الدول لم تكن تمنع المجاهدين من الذهاب إلى هناك والمشاركة في المعارك بل كانوا يشجعونهم على ذلك، ولم تكن أمريكا تعارض ذلك، وعدد من المسلمين كانوا يأتون من أمريكا واشتركوا في المعارك أثناء الغزو الروسي لأفغانستان، وأسامة بن لادن جاء في نفس الوقت، والسعودية أيضا لم تكن تعترض على ذلك.
الجزيرة: لكن الطرف الخاسر في هذه الحرب يري رأيا آخر.. الجنرال فارينكوف قائد القوات السوفييتية في أفغانستان ألقى السلاح وصار عضوا في البرلمان الروسي لكنه وقبل سنوات عندما كانت الحرب في عنفوانها كان في خط المواجهة قاتل المجاهدين وانسحب.
الجنرال فارينكوف: لقد لعبت الولايات المتحدة دورا حاسما، حاسما بالفعل، فمنذ عشية دخولنا أفغانستان كان الأمريكان على علم بقرارنا،ولكنهم لجأوا أولاً إلى الصمت ولم يبدوا أي موقف خشية أن نغير رأينا، فهم كانوا يريدون دخولنا،وعندما دخلنا أفغانستان فعلوا كل ما بوسعهم من أجل دعم وتزويد المعارضة الأفغانية مادياً وتقنياً وأيديولوجياً بشكل كامل، واستغلوا وجود اللاجئين الأفغان في باكستان وإيران.. لقد قدموا كل ما يلزم مادياً لإقامة معسكرات ومراكز التدريب ومخازن سلاح وقواعد وساهمت في ذلك بعض الدول الأخرى بما في ذلك باكستان بغرض واضح وهو تهيئة المعارضة الأفغانية على أكمل وجه، ومن الواضح أن الناس الذين راحوا يشكلون جماعات مسلحة كنا نسميهم عصابات لكنها في الواقع كانت فصائل مسلحة حقيقية، ويرسلون قوافل السلاح إلى داخل أفغانستان من جهة باكستان وكانوا يعرفون أن لديهم مهاما محددة ويعرفون أنهم يقاتلون ليس فقط من أجل الدين والقضية بل ومن أجل المبالغ المالية غير القليلة التي كانوا يتلقونها، لقد كانت لدى المجاهدين مصلحة مادية مباشرة وهذا أمر هام جداً.
الجزيرة: الجزيرة: في خضم المعارك التي دارت في أفغانستان بين القوات الحكومية والمجاهدين زار أسامة بن لادن أفغانستان عدة مرات وخلال هذه الزيارات تطورت مشاركاته في العمليات مع المجاهدين من مستوى إلى آخر.
جمال إسماعيل: أسس معسكر الأنصار عام 87وتعرض هذا المعسكر لهجمات جوية وبرية من القوات السوفييتية والقوات الحكومية الأفغانية وتعرض هذا المعسكر العربي إلى قصف شديد وانسحب المقاتلون الأفغان مع بداية القصف الجوي وعمليات الإنزال ولكن المقاتلين العرب وعلى رأسهم عبد الله عزام وأسامة بن لادن ومجموعة لا يزيد عددها على 35 شخصاً صمدوا في المعسكر لمدة أسبوعين من القتال الضاري وبعدها ظهرت ما يسمى بأسطورة أسامة بن لادن والمجاهدين العرب.
الجزيرة: هذه كانت الخبرة الميدانية التي جمعها أسامة بن لادن من خلال سنوات من القتال الطويل، خبرة يفخر بأنها انتهت بالنصر علىالسوفييت، خبرة استخدمها فيما بعد لإنشاء معسكر تدريب هاجمته الولايات المتحدة بالصواريخ وأسمته معسكر القاعدة"
آمل أن أكون وفقت في طرح ما هو مفيد وترقبوا الجزء الثاني في القريب العاجل