بويك ون
13-04-2001, 04:10 PM
الاستدلال بقول الله U: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا - الأحزاب 33، ونزولها في اهل الكساء خاصة وهم علي وفاطمة والحسن والحسين y ، ودلالة الآية على العصمة والتي هي شروط الإمامة .
اقول: لا شك في صحة حديث الكساء، وانه r قد ادخل عليا وفاطمة والحسن والحسين y فيه ثم قال: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا .
ولا يعني هذا بالضرورة صحة كل ما ورد في القصة اذ ان معظمها لا يصح سندا او متنا الا بالقدر الذي أوردناه او قريبا منه .
وحيث ان القصة وردت من طرق صحيحة فإن هذا يغنينا عن الكلام في أسانيد طرقها الأخرى ولكن نتكلم في دلالتها على مقصود القوم، ونذكر الردود عليه .
فنقول ليس في استدلالنا هذا دلالة على العصمة ولا الإمامة، وبيان ذلك من وجوه: منها، ان قوله تعالى: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس إهل البيت ويطهركم تطهيرا .
كقوله: ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم - المائدة 6 .
وكقوله: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر- البقرة 185 .
وكقوله: يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم - النساء 26 .
وكقوله: يريد الله أن يخفف عنكم - النساء 28،00 ..الآيات .
فإن إرادته U في هذه الآيات متضمنة لمحبته لذلك المراد ورضاه به وانه شرعه للمؤمنين وأمرهم به، ليس في ذلك أنه خلق هذا المراد ولا أنه قضاه وقدره ولا أنه يكون لا محالة .
والدليل علي ذلك ان النبي r بعد نزول هذه الآية قال: اللهم هؤلاء اهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فطلب من الله لهم اذهاب الرجس والتطهير، فلو كانت الآية تتضمن أخبار الله بانه قد اذهب عنهم الرجس وطهرهم لم يحتج إلى الطلب والدعاء، ولقال الله تعالى: ان الله اذهب عنكم الرجس أهل البيت وطهركم تطهيرا .
وتؤكدها الرواية الأخرى التي قال فيهـا r بعد نزول هذه الآية: اللهم أنا وأهل بيتي هؤلاء اليك لا إلى النار [1] .
فلو كان مفهوم الرجس متحققا هنا كما يرى القوم لما كان للدعاء هنا محل، وايضا لو كانت مفيده للعصمة ينبغي ان يكون الصحابة لا سيما الحاضرون في غزوة بدر قاطبة معصومين لقوله تعالى فيهم: ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون، بل لعل هذا افيد لما فيه من قوله سبحانه: وليتم نعمته عليكم، فإن وقوع هذا الاتمام لا يتصور بدون الحفظ عن المعاصي وشر الشيطان .
وعلي أي حال سنأتي علي الكلام في العصمة .
ومنها، ان الخطاب في الآيات كله لأزواج النبي r حيث بدأ بهن وختم بهن :
قال تعالى: يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا * وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما * يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا * ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما * يانساء النبي لستن كأحد من النساء إن إتقين فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا * وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا * وأذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا .
فالخطاب كله لازواج النبي r ومعهن الأمر والنهي والوعد والوعيد .
لكن لما تبين ما في هذا من المنفعة التي تعمهن وتعم غيرهن من أهل البيت جاء التطهير بضمير المذكر لأنه إذا اجتمع المذكر والمؤنث غلب المذكر، حيث تناول أهل البيت كلهم وعلي وفاطمة والحسن والحسين y اخص من غيرهم بذلك، لذلك خصهم النبي r بالدعاء لهم .
وهذا كما ان قوله لمسجد اسس علي التقوى من أول يوم، نزلت بسبب مسجد قباء لكن الحكم يتناوله ويتناول ماهو احق منه بذلك وهو مسجد المدينة .
ويؤيد ذلك ما جاء في بعض الروايات من قوله r بعد نزول هذه الآية: اللهم ان هؤلاء احق [2].
ونعود إلى صيغة التذكير ونضيف ان هذا شائع في اللغة كما يقول الرجل لصاحبه: كيف اهلك؟ أي امراتك ونساؤك، فيقول: هم بخير، وقد قال تعالى: أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت – هود 73 .
والمخاطب بهذه الآية بالإجماع هي سارة زوجة إبراهيم u، وهذا دليل على أن زوجة الرجل من أهل البيت .
وقوله تعالى: فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لإهله أمكثوا إني آنست نارا لعلي أتيكم منها بخبر او جذوة من النار لعلكم تصطلون – القصص 29 . والمخاطب هنا ايضا زوجة موسى u .
والشواهد علي ذلك كثيرة وسنأتي على ذكر أمثلة أخرى .
وقد تفطن إلى ذلك بعض علماء الشيعة فبدا عاجزا عن رد هذا الإشكال فإدعى ان في الآية تحريفا .
فالمجلسي مثلا في رده علي هذا الإشكال قال: لعل آية التطهير وضعوها في موضع زعموا انها تناسبه، او ادخلوها في سياق مخاطبة الزوجات لبعض مصالحهم الدنيوية ، وقد ظهر من الأخبار عدم ارتباطها بقصتهن، فالاعتماد في هذا الباب على النظم والترتيب ظاهر البطلان، ولو سلم عدم التغيير في الترتيب فنقول: ستأتي أخبار مستفيضة بانه سقط من القرآن آيات كثيرة فلعله سقط مما قبل الآية وما بعدها آيات لو ثبت لم يفت الربط الظاهري بينها [3] .
وقال احد المعاصرين وهو أكثر حذرا في اخفاء عقيدته: فالآية لم تكن بحسب النزول جزءا من آيات نساء النبي ولا متصلة بها وانما وضعت بينها اما بأمر من النبي r او عند التأليف بعد الرحلة [4] .
وعلى اي حال لا نسهب في تناول هذه الجزئية، فحسبنا ان اضطرار هؤلاء في جزء من آية لا آية باكملها إلى كل هذه التأويلات دليل علي بعدها عن مقصودهم، وصحة نزولها في زوجات النبي r وكذا أهل بيته y أجمعين .
نعود إلى الردود، ومنها، ان ما اختص به الامير والسبطان y من الآية بزعم القوم ثبت للزهراء رضي الله عنها، وخصائص الإمامة لا تثبت للنساء، فلو كان هذا دليلا لكان من يتصف به يستحقها والزهراء رضي الله عنها كذلك وبذات الاعتبار .
ومنها، خروج تسعة من الائمة لعدم شمول الاية لهم، حيث اختصت الآية بثلاثة منهم .
ومنها، ان اذهاب الرجس لا يكون الا بعد ثبوته، والشيعة يقولون بعصمة الائمة منذ ولادتهم إلى وفاتهم، وسنوقفك علي اقوالهم في هذا .
والحال ان الردود كثيرة، لا يسعنا سردها جميعا وبالاخص مسألة الكلام في إرادة الله U وعقيدة الشيعة فيها وتعارضها مع الآية .
ولكن لنتكلم قليلا في مدلول الآية من حيث كونها دليلا علي العصمة وكون ذلك محصورا في اهل الكساء دون غيرهم كما يزعم الشيعة، ونبدأ في الكلام أولا في بيان من هم أهل البيت ، ثم نتكلم في العصمة .
لا شك ان هناك خلافا بين العلماء في تعيينهم :
فمن قائل أنهم امته .
وقائل أنهم المتقون من امته .
وقائل أنهم زوجاتة رضي الله عنهن .
وقائل أنهم اقاربه r ممن تحرم عليهم الصدقة .
وقائل أنهم علي وفاطمة والحسن والحسين y .
وهذا الأخير من اغرب الاقوال فلمجرد ان وضع النبي r كساءه عليهم وقال أنهم اهل بيتي، اخرج القوم كل من سواهم عن كونه من أهل بيته r وحملوا جميع النصوص الوارده في فضائل أهل بيته علي هؤلاء .
ولا أدري ماذا عسى ان يكون سائر اقاربه، ولبيان فساد هذا القول وخلافة لمفهوم اهل بيت الرجل وبيان أنه اعم من هذا الحصر الذي قال به القوم نقول: ان الروايات من طرق القوم أكثر من ان تحصى في بيان ان اهل بيت النبي r اعم ممـا يدعيه القوم انفسهم، ولكن نذكر هنا الروايات المتعلقة بآية التطهير موضوع حديثنا، وسنتطرق إلى البقية عند حديثنا عن روايات الثقلين، نقول:
قد ورد في بعض روايات الباب ان ام سلمة رضي الله عنها راوية الحديث كانت ممن جللهم النبي r بالكساء مع الخمسة، حيث قالت للرسول r: الست من اهلك؟ قال: بلي، قالت: فادخلني في الكساء [5] .
وفي رواية: أنه r قال: اللهم اليك أنا وأهل بيتي لا إلى النار، فقلت: يا رسول الله وانا معكم؟ فقال: وانت [6] .
والغريب ان واثلة بن الاسقع t وهو من الذين رووا حديث الكساء، بعد ان ذكر الحديث وقول النبي r: اللهم هؤلاء احق، قال: فقلت من ناحية البيت: وانا من اهلك يا رسول الله؟ قال: وانت من أهلي، قال واثلة: فلذلك ارجو ما ارجو من عملي [7] .
فهل ان إبن الاسقع t الذي اسلم ورسول الله r يتجهز إلى تبوك في السنة التاسعة من الهجرة، من أهل البيت، وامهات المؤمنين رضي الله عنهن لسن من اهله .
وهذا علي لما احتج على أبي بكر y بزعم القوم قال له: انشدك بالله الي ولأهلي وولدي آية التطهير من الرجس ام لك ولأهل بيتك [8] .
فإننا نعلم بالضروة أنه t يعني بقوله ولأهلي الزهراء رضي الله عنها، اي ان الزوجة من اهل بيت الرجل .
فالشواهد في دخول الزوجات في اهل بيت الرجل كثيرة، وقد ذكرنا بعض الآيات علي ذلك كقول الملائكة لسارة زوجة إبراهيم علي نبينا وعليه افضل التسليم: أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت .
والعجيب ان مفسري القوم عند ذكرهم لهذه الآية يمرون عليها مرور الكرام خشية الخوض في بيان معني الأهل في الآية لوضوحه البين رغم اسهابهم في بيان المقصود بالأهل في آية التطهير .
ومن خاض فيه اضطرب كقول صاحب مجمع البيان: ويعني بأهل البيت بيت إبراهيم u وانما جعلت سارة من أهل بيته لأنها كانت إبنة عمه ولا دلالة في الآية علي ان زوجة الرجل من أهل بيته [9] .
ولاشك ان القاريء لايخفى عليه ما يرمي إليه الطبرسي من وراء هذا، وما الذي اضطره إلى هذا القول الذي لم ينقله عنه مفسرو القوم الذين جاؤوا بعده لفساده البين، ولكن حتى على فرض الإعتبار الآخر، فهل يدخل القوم العم او أولاده في اهل بيت الرجل .
وكذلك ذكرنا قول الله تعالى في قصة موسى u: فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله لأمكثوا إني آنست نارا لعلي أتيكم منها بخبر او جذوة من النار لعلكم تصطلون - القصص 29 .
وقال تعالى: وهل أتاك حديث موسى * اذ رءا نارا فقال لأهله لأمكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى - طه 9،10 .
وقال تعالى: أذ قال موسى لأهله إني آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو أتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون - النمل 7 .
والمخاطب هنا ايضا زوجة موسى u، ولعل ان يأتينا طبرسي آخر ليقول ان شعيب u كان عمه !!
وقال تعالى: واذكر في الكتاب اسماعيل أنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا * وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا - مريم 55 .
فمن اهله الذي كان يأمرهم بالصلاة ؟
وهذا كقوله تعالى مخاطبا النبي r: وأمر أهلك بالصلاة وإصطبر عليها - طه 132 .
ولا شك في دخول زوجاته او خديجة رضي الله عنها علي أقل تقدير في الأهل، بإعتبار ان السورة مكية والامير إنما تزوج الزهراء وانجب السبطين y بعد الهجرة .
وقال تعالى: ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا إمراتك كانت من الغابرين - العنكبوت 33 .
وقال تعالى: قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلو إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك00الآية - هود 81 .
وقال تعالى: فأسر بأهلك بقطع من الليل وأتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وأمضوا حيث تؤمرون - الحجر 65 .
وقال تعالى: رب نجني وأهلي مما يعملون * فنجيناه وأهله أجمعين - الشعراء 169،170.
وقال تعالى: فأنجيناه وأهله إلا إمرأته كانت من الغابرين - الاعراف 83 .
وقال تعالى: فأنجيناه وأهله إلا إمراته قدرناها من الغابرين - النمل 57 .
وقال تعالى: إذ إنجيناه وأهله أجمعين * إلا عجوزا في الغابرين - الصافات 134،135.
وهذه الآيات صريحة ولا تحتاج إلى دليل في كون الزوجة من اهل الرجل، لا أقل من قوله تعالى: الا امراتك، او: الا امراته، دليل علي ذلك، فالمستثنى من جنس المستثنى منه.
وقال تعالى: وإستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدا الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم - يوسف 25 .
فالمخاطب هنا عزيز مصر، وقولها: ما جزاء من اراد باهلك سوءا ؟ أي زوجتك، وهذا بين.
وقال تعالى: ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون * ونجيناه وأهله من الكرب العظيم – الصافات 76 .
ولم يقل احد ان زوجة نوح لم تكن من الناجين، لأنها ليست من اهله u .
والشواهد علي ذلك كثيرة، وكلها تقتضي دخول زوجات الرجل في آله .
قال تعالى: إن الله إصطفي آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين – آل عمران 33 .
وقال تعالى: إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين – الحجر 59 .
وقال تعالى: فلما جاء آل لوط المرسلون – الحجر 61 .
وقال تعالى: فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم أنهم أناس يتطهرون – النمل 56 .
وقال تعالى: إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر - القمر 34 .
فهذه الآيات صريحة في دخول زوجات النبي في آله، وكذا الشواهد من السنة وهي كثيرة :
منها قوله r في قصة الإفك لما نزلت الآيات في براءة عائشة رضي الله عنها: الحمد لله الذي صرف عنا السوء أهل البيت [10] .
وفي رواية: يصرف عنا الرجس أهل البيت [11] . ولا يحتاج الأمر إلى تعليق .
ومن الغرائب ان القوم جعلوا نزول هذه الآيات في ذم عائشة رضي الله عنها لا تبرئتها، وذلك لأنهم يقولون ان عائشة هي التي قذفت مارية القبطية واتهمتها بالزنا وقالت لرسول الله r: ان إبراهيم ليس منك وانه إبن جريج القبطي [12] .
والقصة لاتهمنا الآن، ولكن الذي يهمنا هو ان بكلا القولين يتحقق المقصود من ان قوله r ذلك إنما كان في زوجته، سواء كانت عائشة ام مارية رضي الله عنهن .
الاستدلال بحديث الثقلين
اما الإستدلال بحديث الثقلين فقبل الكلام فيه نقول: رغم إضطراب أسانيد روايات الفريقين فيه، الا أنه ثبت عن رسول الله r بألفاظ مختلفة وطرق يعضد بعضه بعضا ويرقى إلى مرتبة الصحة بالشواهد والمتابعات، أنه قال:
إني تركت فيكم ما ان اخذتم به لن تضلوا، فاقتصرت بعض الروايات علي ذكر كتاب الله [13] .
وفي أخرى: وعترتي [14] . وأخرى: وعترتي اهل بيتي [15] . وأخرى: وسنتي [16] .
فإذا علمت ثبوت هذه الروايات والألفاظ فيكون الكلام في وجه الإستدلال، اما القرآن فقد علمت موقف القوم منه في الباب الثاني وبه يسقط نصف الإستدلال بهذا الحديث .
بيان من هم عترة النبي وأهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم
اما العترة فالأمر فيه واسع فعترة الرجل في اللغة هم نسله كولده وولد ولده، اي الذكور من الاولاد، وهذا إشكال قد يخرج عليا t من كونه من العترة .
وتوسع البعض فقال ان عترة الرجل هم أدنى قومه إليه في النسب، ورهطه، ورهط الرجل قومه وقبيلته، إلى غير ذلك [17] .
وعلى الأخير ندلل ببعض الروايات: فعن علي t قال: يا رسول الله إنك لتحب عقيلا؟ قال: أي والله إني لاحبه حبين: حبا له وحبا لحب أبي طالب له، وان ولده لمقتول في محبة ولدك فتدمع عليه عيون المؤمنين وتصلي عليه الملائكة المقربون ثم بكى رسول الله حتى جرت دموعه علي صدره ثم قال: إلى الله اشكو ما تلقي عترتي من بعدي [18] .
وعن أبي بكر الصديق t قال: نحن عترة رسول الله r [19] .
وعن عمران بن الحصين قال: خطبنا رسول الله فقال معاشر الناس إني راحل عن قريب ومنطلق إلى المغيب اوصيكم في عترتي خيرا، فقام إليه سلمان فقال: يا رسول الله اليس الائمة بعدك من عترتك؟ فقال: نعم الائمة بعدي من عترتي [20] .
وعن الحسـين t قال بعد ان جمع ولده واخوته وأهل بيته ونظر إليهم فبكى ساعة: اللهم إنا عترة نبيك [21] .
وعن البـاقر: قـال رسول الله r: اما والله ان في اهل بيتي من عترتي لهداة مهتدين [22] .
وعن الصادق: نحن ولاة أمر الله وورثة وصي الله وعترة نبي الله [23] .
وعن الباقر في قوله U: إني اسكنت ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم: نحن بقية تلك العترة [24] .
وعن زيد بن علي بن الحسين y أنه قال أنا من العترة [25] .
وكذا قال إبناء مسلم بن عقيل y [26] .
وعن رسول الله r قال: عليكم بالسمع والطاعة للسابقين من عترتي فإنهم يصدونكم عن البغي ويهدونكم إلى الرشد ويدعونكم إلى الحق فيحيون كتابي وسنتي ويميتون البدع [27] .
نعم، قد يسأل سائل فيقول أنه r قد أمر بالتمسك بالعترة وهو لفظ عام ولكنه خص التمسك بالأهل من دون سائر العترة بقوله وعترتي اهل بيتي، فوجه الحكم إلى من إستحق هذين الإسمين ؟
فنقول: لم لم يقتصر على ذكر الأهل فحسب، فيقول وكتاب الله وأهل بيتي، هذا على فرض حمل الأهل علي ما يراه القوم، فمعلوم ان الأهل داخلون في العترة وليس العكس، ولكن إذا علمنا من هم الأهل كما مر بك في آية التطهير لا نرى داعيا لكل هذا التكلف، ولكن لا بأس من أن نزيد هنا نصوصا أخرى تدل علي أن أهل بيت النبي r اعم واشمل بكثير من هذا الحصر :
منها ان النبي r في حديث الثقلين نفسه بعد ان قال: إني تارك فيكم الثقلين00الحديث، قيل له: فمن اهل بيتك؟ قال: آل علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل عباس [28] .
والطريف ان القوم وضعوا روايه في موضوعنا هذا، تفيدنا ولا تخدمهم، حيث زعموا ان الباقر قال: في قول رسول الله r: اوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي، لو سكت رسول الله ولم يبين اهلها لإدعاها آل عباس، وآل عقيل، وآل فلان، وآل فلان، ولكن أنزل في كتابه: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا، فاخذ رسول الله r بيد علي وفاطمه والحسن والحسين y تحت الكساء 00و ذكر القصه [29] .
فهم يقرون هنا بأن حديث الثقلين إنما كان قبل نزول ايه التطهير التي بين فيها الرسول r بزعمهم من هم أهل البيت، وعلى هذا فمن هم الذين اوصى اصحابه بالتمسك بهم مع القرآن بين حديث الثقلين هذا، وبين نزول آيه التطهير، فتأمـل .
وعن زيد بن ارقم t قال: قال رسول الله r: إني تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب الله، ثم قال وأهل بيتي، فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ اليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساءه من أهل بيته، ولكن من حرم عليه الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس، قال: كل هؤلاء حرم الصدقة، قال: نعم [30] .
وفي مرض موته r لما سمع البكاء قال: من هؤلاء؟ قالوا: الأنصار، فقال: من هنا من اهل بيتي؟ قالوا: علي والعباس، فدعاهما وخرج متوكئا عليهما00الرواية [31] .
وعن سلمان الفارسي t قال: كنت جالسا عند النبي في المسجد اذ دخل العباس بن عبدالمطلب فسلم، فرد النبي ورحب به فقال: يا رسول الله بما فضل علينا أهل البيت علي بن أبي طالب والمعادن واحدة؟ فقال النبي: اذن أخبرك يا عم00الرواية [32] .
وعن الباقر قال: لما أمر العباس وغيره بسد الابواب واذن لعلي بترك بابه، جاء العباس وغيره من آل محمد فقالوا: يارسول الله ما بال علي يدخل ويخرج؟ فقال رسول الله: ذلك إلى الله فسلموا له حكمه [33] .
فمن يقصد بقوله: وجاء العباس وغيره من آل محمد0 وقال r لفاطمة: زوجتك خير اهل بيتي اقدمهم سلما واعظمهم حلما واكبرهم علما [34] .
وعن إبن عباس y قال: قال رسول الله r: يا معشر الأنصار، يا معشر بني هاشم، يا معشر بني عبدالمطلب، أنا محمد أنا رسول الله، الا واني خلقت من طينة مرحومة في أربعة من اهل بيتي: أنا وعلي وحمزة وجعفر [35] .
وقال r: ان الهي اختارني في ثلاثة من اهل بيتي، وانا سيد الثلاثة واتقاهم لله ولا فخر، اختارني وعليا وجعفرا إبنى أبي طالب، وحمزة بن عبدالمطلب [36] .
وقال r في مرض موته لفاطمه رضي الله عنها بعد ان سألتة: اي أهل البيت افضل؟ قال: علي بعدي افضل امتي وحمزة وجعفر افضل اهل بيتي بعد علي وبعدك وبعد إبني وسبطي[37] .
وفي غزوة بدر لما استشهد شيبة بن عبد المطلب قال r فيه بانه أول شهيد من اهل بيتي [38] .
وان شئت اعم من هؤلاء فإليكها: قال r: يا بني عبدالمطلب إني سالت الله لكم ان يعلم جاهلكم وان يثبت قائمكم وان يهدي ضالكم وان يجعلكم نجداء جوداء رحماء، ولو ان رجلا صلى وصف قدميه بين الركن والمقام ولقى الله ببغضكم أهل البيت دخل النار [39] .
وقال r: فوالذي نفسي بيده لو ان رجلا صفن بين الركن والمقام صائما وراكعا وساجدا ثم لقى الله U غير محب لاهل بيتي لم ينفعه ذلك، قالوا: ومن اهل rومن خلقه الله مني ومن لحمي ودمي0 فقال القوم: فانا نحب الله ورسوله وأهل بيت رسوله0 قال: بخ بخ فانتم إذا منهم انتم إذا منهم ومعهم والمرء مع من أحب وله ما اكتسب [40] .
فكم من أهل بيته استجاب لدعوته، ولما سئل r عمن يغسله، ويكفنه، ويدخله القبر؟ قال: رجال اهل بيتي الأدنى فالأدنى[41] .
وقال r لعلي: يا علي كن أنت وابنتي فاطمة والحسن والحسين، وكبروا خمسا وسبعين – ثم من جاء من اهل بيتي يصلون علي فوجا فوجا00الحديث [42] .
وقال r لعلي في مرض موتة: يا أخي تقبل وصيتي وتنجز عني ديني وتقوم بأمر أهلي من بعدي00الحديث [43] .
ومثلها روايات الخليفة في الأهل التي ذكرناها في الباب الاول، فهل يرى القوم أنه t مضيع للزهراء والسبطين y حتى يأمره r او يأمر غيره بالقيام بأمرهم بعده .
وهذا الحسن t في كتاب الصلح إلى معاوية قال: وعلي معاوية بن أبي سفيان بذلك عهد الله وميثاقه وما اخذ الله على أحد من خلقه بالوفاء وبما اعطى الله من نفسه، وعلى أن لا يبغي للحسن بن علي ولا لاخيه الحسين ولا لاحد من اهل بيت رسول الله غائلة سرا ولا جهرا، ولا يتخيف احدا منهم في افق من الآفاق [44] .
ونحن نعلم أنه t عندما قال هذا لمعاويه كان أبوه الامير وامه الزهراء y قد ماتوا، وهو قد ذكر بقيه اهل الكساء، وهم نفسه واخوه الحسين y ، فمن يقصد بقوله: ولا لاحد من اهل بيت رسول الله .
وعن الصادق قال: ليس منا أحد إلا وله عدو من أهل بيته [45] . فمن يا ترى من اهل الكساء كان عدوا لاهل الكساء .
وعلى اي حال فالمسألة فيها طول، والروايات القليلة التي أوردناها، كلها تدل دلالة واضحة علي فساد الحصر المذكور عند القوم، وقد بينا عند حديثنا عن روايات ايه التطهير ان خروج بقيه الائمه مستلزم بذات الاعتبار، ونزيد هنا ان بعض الروايات ذهبت إلى ابعد من هذا ولو على سبيل التشريف كما في بعضها :
فعن الديلمي قال: قلت لابي عبدالله: جعلت فداك من الآل؟ قال: ذرية محمد ، وفي روايه عن أبي بصير قال: قلت لابي عبدالله: من آل محمد؟ قال: ذريتة [46] .
وعن الرضا أنه سأل عن العترة اهم الآل ام غير الآل؟ فقال: هم الآل [47] .
وفي بعض الروايات ان رسول الله r قال: أمتي آلي، -وفي أخرى- قال: آل محمد امته [48] .
وعن الباقر قال: كان رسول الله r يصنع بمن مات من بني هاشم خاصة شيئا لا يصنعه باحد من المسلمين كان إذا صلى علي الهاشمي ونضح قبره بالماء وضع رسول الله r كفه علي القبر حتى تري اصابعه في الطين فكان الغريب يقدم او المسافر من اهل المدينة فيرى القبر الجديد عليه اثر كف رسول الله r، فيقول: من مات من آل محمد؟ r [49] .
وقال رسول الله r في سلمان الفارسي t: سلمان منا أهل البيت [50] .
ولابي ذر الغفاري t: يا اباذر إنك منا أهل البيت [51] .
وللمقداد t: المقداد منا أهل البيت [52] .
وقال علي في الزبير y: مازال الزبير رجلا منا أهل البيت [53] .
وقال في الراهب الذى لقيه في طريقه إلى صفين واسلم واستشهد معه في المعركة: هذا منا أهل البيت [54] .
وكذا قول الصادق لأكثر من واحد من اصحابه: أنه منا أهل البيت [55] .
وقال إبن الحنفية t: في قوله تعالى: قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى، قال: نحن من أهل البيت وقرابته [56] .
وعن حذيفة بن اليمان t قال: نظر رسول الله r إلى زيد بن حارثة فقال: المقتول في الله، والمصلوب في امتي، والمظلوم من اهل بيتي سمي هذا، واشار بيده إلى زيد بن حارثة فقال: ادن مني يا زيد، زادك اسمك عندي حبا فانت سمي الحبيب من اهل بيتي [57] .
حتى جبرئيل u ففي بعض روايات الكساء، أنه دخل فيه فتضاعف حسنه وبهاؤه، ولما سألته الملائكة عن ذلك قال: كيف لا اكون كذلك وقد شرفت بأن جعلت من آل محمد وأهل بيته [58] .
وهذا الباقر يقول لسعد بن عبدالملك وهو من بني امية: أنت اموي منا أهل البيت [59] .
ويروي القوم ان النبي r قال لعائشة رضي الله عنها: يا عائشة إنك لتقاتلين عليا، ويصحبك ويدعوك إلى هذا نفر من اهل بيتي واصحابي [60] .
فمن من اصحاب الكساء كان معها y أجمعين .
وعن محمد بن علي بن الحنفية قال: إنما حبنا أهل البيت شيء يكتبه الله في ايمن قلب العبد [61] .
ولا نمل القارئ بايراد كل مأورد في الباب، فهي كثيرة جدا، ولم نعلق علي أكثرها إنما اسردناها سردا هنا لدلالتها الواضحة في بيان المقصود، وان مفهوم أهل البيت اعم بكثير مما يراه القوم، بعد بيان فساد الحصر المزعوم في الخمسه اصحاب الكساء .
موقف الشيعة من الثقلين
ثم ان القوم يقرون بأن القرآن لم يرفع الخلاف بين المسلمين بل نرى القرآن سببا في اضطراب الكثير من عقائدهم لما فيه من تعارض لها، حتى افضى بهم الأمر إلى القول بتعرضه للتحريف كما مر بك في الباب الثاني، وان القرآن كما أنزل إنما هو عند صاحب الزمان الذي اختفى به وسيأتي به عند خروجه، لتجد نفسـك مطالبا بالتمسك بثقلين احدهما محرف والآخر غائب ولا يعدون ذلك من الضلال .
اضف إلى ذلك ما ذكرناه عند حديثنا عن آية التطهير من إختلاف أهل البيت مع بعضهم البعض، وكذا إختلاف اجوبتهم في المسألة الواحدة ، بل واختلاف الإمام نفسه في المسألة[62]. واضطراب القوم في تأويل ذلك، والذي كان من ثمراته إختلاف المراجع في العصر الواحد، حتى إنك لا تكاد تجد عند القوم خبرا الا وبإزائه ما يضاده، ولا يسلم حديث الا وفي مقابلته ما ينافيه، حتى ادي ذلك إلى رجوع الكثير من الشيعه عن مذهبهم كما اعترف بهذا شيخ الطائفه الطوسي [63] .
إلى آخر ما تحمله مصنفاتهم من عقائد ما أنزل الله بها من سلطان، وكلها منسوبه إلى أهل البيت .
الكلام في أول من درس أسانيد الروايات عند الشيعة
ولا يملك أحد منهم ان يرد هذه الأحاديث او يضعف أسانيدها , ومن يجرؤ على فعل ذلك تعرض لهجوم عنيف من طائفته مهما كانت منزلته عظيمة عندهم، كشأن العلامه الحلي الذي يعد من اوائل من تعرض لأسانيد روايات الشيعه بالدراسه والتخريج .
وكان من نتائج ذلك ان سقطت ثلثي روايات امهات كتبهم كالكافي للكليني مثلا، والذي يبلغ عدد رواياته حوالي ( 16199 )، فلم يصح منها بإعتبار مقايس القوم المتواضعه سوى ( 5072 )، [64] .
هذا بالنسبه لأعظم مصادر القوم وعمدتهم في استنباط الأحكام [65]، والذي ذكر مصنفه الكليني بانه الفه في عشرين سنه، وأورد فيه ما صح من اثار عن الصادقين [66]، والذي يعتقد بعض علماء القوم بأن كتابه هذا قد عرض علي المهدي فاستحسنه وقال كاف لشيعتنا [67] .
وقس علي ذلك بقيه مصادرهم .
وقد تعرض الحلي لهجوم عنيف من طائفته بسبب ما قام به، حتى قالوا فيه: هدم الدين مرتين احداهما يوم السقيفه وثانيهما يوم ولد العلامه [68] .
ولا شك ان ما قالوه في الحلي صحيح بإعتبار ان ما قام به يعد هدما لدين الإماميه، وكذا استخدامهم لكلمة دين، فتأمل .
انقسام الشيعة بعدها إلى أصوليين و أخباريين
وقد انقسم القوم بعد ذلك إلى طائفتين اخبارية واصولية على ما نراهم اليوم .
والاخبارية هم الذين لا يرون الادلة الشرعية الا الكتاب والحديث، وكل ما نقل عن الائمه فهو حديث عندهم وهو حجة لأنه نقل عن معصومين وما نقل عنهم فهو حجة علي اليقين، ولا ينظر إلى هذا الحديث ما منزلته وشأنه ما دام وجد في الاصول الأربعمائة [69] .
والاصولية هم الذين يلجأون في مقام استنباط الأحكام الشرعية إلى الادلة الأربعة من الكتاب والسنة والاجماع ودليل العقل [70] .
وقد شنع كل فريق منهم على الاخر وحمل عليه، ووضع للرد عليه مصنفات، واتهمه بالخروج عن التشيع الصحيح إلى اخر ما لا يمكن ذكره مخافة الخروج عن موضوع الكتاب .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - أمالي الطوسي، 562 البحار، 25/240 ، 35/215،219،232 ، 37/63 فرات، 1/333،335
[2] - البرهان، 3/321 البحار، 35/217 الطرائف، 29 العمدة، 16،21
[3] - البحار، 35/234 محجة العلماء، 163 فصل الخطاب، 320 الحدائق الناضرة، 2/290
[4] - الميزان، 16/312
[5] - الطرائف، 30 العمدة، 18 البحار، 35/221 ، 45/198 البرهان، 3/321
[6] - أمالي الطوسي، 85 البحار، 25/240 ، 37/39،402 كشف الغمة، 1/47
[7] - البرهان، 3/321
[8] - نور الثقلين، 4/271
[9] - مجمع البيان، 3/274
[10] - الخصال، 125 البحار، 22/154،155،168 ، 38/302 ، 79/104 تفسير القمي، 2/76 الميزان، 15/104 نور الثقلين، 1/582 ، 3/582 الصافي، 3/424 البرهان، 3/127 الغرر والدرر، 1/77
[11] - البحار، 22/168 تاويل الآيات، 2/604
[12] - البحار، 20/316 ، 35/153،154،155 ، 38/302 ، 79/103 تفسير القمي، 2/75 الخصال، 125 الميزان، 15/89،103 نور الثقلين، 3/581 الصافي، 3/423 البرهان، 3/126،127 الغرر والدرر، 1/77 علل الشرايع، 580 ومنهم من صنف في ذلك كتاب مستقل، أنظر مثلا: حديث الإفك، لجعفر مرتضى العاملي، او بحث مستقل، البحار، 79/104 (الحاشية) وغيرها0
[13] - الخصال، 2/84 البحار، 21/381 ، 77/119
[14] - كمال الدين، 122، معاني الأخبار، 32 الخصال، 1/43 أمالي الصدوق، 231 البصائر، 122 عيون الأخبار، 1/60 ، 2/68 بشارة المصطفى، 204 العمدة، 51،52 الطرائف، 28،34 الإحتجاج، رسالة العسكري إلى اهل الاهواز في الجبر والتفويض البحار، 2/226 ، 23/109،131،141،145،147،152 ، 24/234 ، 33/248،249 ، 37/107،137،168،185،191 ، 38/99 ، 44/248،249 ، 93/2 إثبات الهداة، 1/485،488،497،498،613 ، 2/139،184 المناقب، 1/235
[15] - أمالي المفيد، 28،79 الطرائف، 28،29 العمدة، 34،35 كمال الدين، 70،98،225، 227،228،229،230،234 البصائر، 413،414 تفسير العياشي، 1/15،16 عيون الأخبار، 199 ، 2/31 صحيفة الرضا، 23،24 أمالي الطوسي، 491 الكافي، 1/294 معاني الأخبار، 32 أمالي الصدوق، 338،422 كنز الفوائد، 367 كشف الغمة، 43 الإحتجاج، 249 غيبة النعماني، 17،27،37،47 نور الثقلين، 5/193،605،690 البحار، 2/226 ، 22/475،476 ، 23/95،106،107،108،113،114،132،133،134،135،136،140،141،145،146،147،152،156 ، 24/324،325 ، 35/184 ، 37/114،128،129 ، 92/13،52 منتخب الأثر، 45،107 تأويل الآيات، 1/117، 122 إثبات الهداة، 1/61،444،489،496،497،498،499،509،529،530،551،557،558،562،564،568،571،،581،588،591،610،612،619،625،631،634،639،640،649،650،657،658،698
[16] - كمال الدين، 226 البحار، 23/132 - و قد أورد القوم عن النبي صلى الله عليه واله وسلم والائمة الامر بالرجوع إلى القرآن والسنة في حال الإختلاف
[17] - أنظر تفصيل ذلك في : البحار، 23/151،157 ، 90/260،261 كمال الدين، 100،105،118،231
[18] - أمالي الصدوق، 78 البحار، 22/288 ، 44/287
[19] - كمال الدين، 234 معاني الأخبار، 32 البحار، 23/149،158 ، 28/325
[20] - كفاية الأثر،17 البحار، 36/330
[21] - الإرشاد، 226 البحار، 44/383
[22] - بصائر الدرجات، 15 البحار، 23/152 ، 44/383
[23] - البصائر، 19 البحار، 26/260
[24] - البحار، 12/89،93 ، 23/223،224،225 نور الثقلين، 2/549 ، 1/328 تأويل الآيات، 1/246 البرهان، 2/319 العياشي، 2/231
[25] - كفاية الأثر، 326،327،328 البحار، 46/198،201،202 إثبات الهداة، 1/604،605 منتخب الأثر، 129،245
[26] - أمالي الصدوق، 77،78،79 البحار، 45/101،103
[27] - البحار، 16/375
[28] - كشف الغمة، 1/44 البحار، 23/115 ، 25/237 ، 35/211،229
[29] - العياشي، 1/277 البحار، 35/211 البرهان، 1/385 ، 3/309 الكافي، 1/286
[30] - البحار، 23/114،115 ، 35/229 العمدة، 35
[31] - الإحتجاج، 43 البحار، 28/177
[32] - البحار، 43/17
[33] - تفسير العسكري، 20 البحار، 33/184 ، 39/25 ، 86/260
[34] - البحار، 32/184
[35] - الخصال، 95 أمالي الصدوق، 172 البحار، 7/231 ، 11/380 ، 22/274 نور الثقلين، 2/47
[36] - أمالي الطوسي، 89 البحار، 22/277 ، 35/214 تفسير فرات، 1/340
[37] - كمال الدين، 251 سليم بن قيس، 70 البحار، 28/53
[38] - البحار، 19/225،254 مجمع البيان، 4/526 نور الثقلين، 2/131 البرهان، 2/66 القمي، 1/264
[39] - أمالي الطوسي، 117 27/173 أمالي المفيد، 148
[40] - أمالي الطوسي، 644 البحار، 27/105 كشف الغمه، 1/124
[41] - أمالي الطوسي، 129،210 البحار، 22/455،531 المناقب، 1/238،240
[42] - الطرف، 45 البحار، 22/494 ، 81/379
[43] - الإرشاد، 97 إعلام الورى، 84 البحار، 22/469،501
[44] - البحار، 44/65 كشف الغمة، 2/193
[45] - البحار، 46/180 ، 47/273
[46] - معاني الأخبار، 33 أمالي الصدوق، 145 البحار، 25/216 إثبات الهداة، 1/490،528
[47] - عيون الأخبار، 126 تحف العقول، 415 أمالي الصدوق، 312 البحار، 25/221
[48] - أمالي الصدوق، 312 عيون الأخبار، 126 تحف العقول، 415 البحار، 25/221
[49] - الكافي، 3/55 البحار، 16/261
[50] - أمالي الصدوق، 209 عيون الأخبار، 2/70 الإحتجاج، 139 الكشي، 8،10،13 البصائر، 17،18 الإختصاص، 341 الكافي، 1/401 اليقين، 183 الطرائف، 28 مجمع البيان، 2/427 ، 5/167 البحار، 2/190 ، 10/123 ، 11/131،148،313 ، 17/170 ، 18/19،135 ، 20/189،198 ، 22/319،326،330،349،331،348،343،373،374،385،391 ، 23/111 ، 36/334 ، 37/331 ، 63/218 ، 68/28،55 ، 73/287 ، 75/443 تفسير العسكري، 121 البرهان، 1/2
[51] - أمالي الطوسي، 536 البحار، 77/76
[52] - إثبات الوصية، 33
[53] - البحار، 28/347 ، 32/108 ، 41/145 الخصال، 157
[54] - البحار، 32/427 ، 38/59
[55] - البحار، 47/345،349 ، 83/155 الإختصاص، 68،195 أمالي الطوسي، 44 نور الثقلين، 2/547
[56] - تفسير فرات، 2/399 البحار، 23/248
[57] - مستطرفات السرائر فيما استطرفه من رواية بن قولوية البحار، 46/192
[58] - تفسير العسكري، 376 إرشاد القلوب، 214 كنز جامع الفوائد، 483 البحار، 17/262 ، 26/343،345 أنظر ايضا: تاويل الآيات، 2/834 البحار، 26/344 إرشاد القلوب، 2/403
[59] - الإختصاص، 85 البحار، 46/337 البرهان، 2/319
[60] - الإحتجاج، 104 البحار، 32/278 ، 38/349
[61] - تاويل الآيات، 2/676 البحار، 23/366،389 كنز الفوائد، 335
[62] - أنظر ان شئت: البحار، 2/228،236،237،238،241 ، 23/185 ، 24/125 ، 25/330،332 ، 37/33 ، 75/428 ، 72/178 ، 92/95 البصائر، 106،113 الإختصاص، 306،330 الكافي، 1/65،265 تأويل الآيات، 1/21 البرهان، 1/20 العياشي، 1/23 الصافي، 1/17 أنظر ايضا الاستبصار فيما إختلف من الأخبار، للطوسي، وهو كتاب مستقل في هذا الباب0
[63] - تهذيب الأحكام، 1/2 الحدائق الناضره، 1/90 رجال الطوسي، المقدمه 73
[64] - لؤلؤة البحرين، 394 كليات في علم الرجال، 357
[65] - أنظر منزله الكافي عند القوم ، 24 و ما بعدها من الكتاب نفسه0
[66] - الكافي، 1/8
[67] - الكافي، 1/25
[68] - اعيان الشيعه، 5/401 مقباس الهداية، 1/137 الحدائق الناضرة، 1/170
[69] - اعيان الشيعه، 1/93
[70] - اعيان الشيعه، 17/453 مع علماء النجف الاشرف، 10 مصادر الاستنباط،
اقول: لا شك في صحة حديث الكساء، وانه r قد ادخل عليا وفاطمة والحسن والحسين y فيه ثم قال: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا .
ولا يعني هذا بالضرورة صحة كل ما ورد في القصة اذ ان معظمها لا يصح سندا او متنا الا بالقدر الذي أوردناه او قريبا منه .
وحيث ان القصة وردت من طرق صحيحة فإن هذا يغنينا عن الكلام في أسانيد طرقها الأخرى ولكن نتكلم في دلالتها على مقصود القوم، ونذكر الردود عليه .
فنقول ليس في استدلالنا هذا دلالة على العصمة ولا الإمامة، وبيان ذلك من وجوه: منها، ان قوله تعالى: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس إهل البيت ويطهركم تطهيرا .
كقوله: ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم - المائدة 6 .
وكقوله: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر- البقرة 185 .
وكقوله: يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم - النساء 26 .
وكقوله: يريد الله أن يخفف عنكم - النساء 28،00 ..الآيات .
فإن إرادته U في هذه الآيات متضمنة لمحبته لذلك المراد ورضاه به وانه شرعه للمؤمنين وأمرهم به، ليس في ذلك أنه خلق هذا المراد ولا أنه قضاه وقدره ولا أنه يكون لا محالة .
والدليل علي ذلك ان النبي r بعد نزول هذه الآية قال: اللهم هؤلاء اهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فطلب من الله لهم اذهاب الرجس والتطهير، فلو كانت الآية تتضمن أخبار الله بانه قد اذهب عنهم الرجس وطهرهم لم يحتج إلى الطلب والدعاء، ولقال الله تعالى: ان الله اذهب عنكم الرجس أهل البيت وطهركم تطهيرا .
وتؤكدها الرواية الأخرى التي قال فيهـا r بعد نزول هذه الآية: اللهم أنا وأهل بيتي هؤلاء اليك لا إلى النار [1] .
فلو كان مفهوم الرجس متحققا هنا كما يرى القوم لما كان للدعاء هنا محل، وايضا لو كانت مفيده للعصمة ينبغي ان يكون الصحابة لا سيما الحاضرون في غزوة بدر قاطبة معصومين لقوله تعالى فيهم: ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون، بل لعل هذا افيد لما فيه من قوله سبحانه: وليتم نعمته عليكم، فإن وقوع هذا الاتمام لا يتصور بدون الحفظ عن المعاصي وشر الشيطان .
وعلي أي حال سنأتي علي الكلام في العصمة .
ومنها، ان الخطاب في الآيات كله لأزواج النبي r حيث بدأ بهن وختم بهن :
قال تعالى: يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا * وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما * يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا * ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما * يانساء النبي لستن كأحد من النساء إن إتقين فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا * وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا * وأذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا .
فالخطاب كله لازواج النبي r ومعهن الأمر والنهي والوعد والوعيد .
لكن لما تبين ما في هذا من المنفعة التي تعمهن وتعم غيرهن من أهل البيت جاء التطهير بضمير المذكر لأنه إذا اجتمع المذكر والمؤنث غلب المذكر، حيث تناول أهل البيت كلهم وعلي وفاطمة والحسن والحسين y اخص من غيرهم بذلك، لذلك خصهم النبي r بالدعاء لهم .
وهذا كما ان قوله لمسجد اسس علي التقوى من أول يوم، نزلت بسبب مسجد قباء لكن الحكم يتناوله ويتناول ماهو احق منه بذلك وهو مسجد المدينة .
ويؤيد ذلك ما جاء في بعض الروايات من قوله r بعد نزول هذه الآية: اللهم ان هؤلاء احق [2].
ونعود إلى صيغة التذكير ونضيف ان هذا شائع في اللغة كما يقول الرجل لصاحبه: كيف اهلك؟ أي امراتك ونساؤك، فيقول: هم بخير، وقد قال تعالى: أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت – هود 73 .
والمخاطب بهذه الآية بالإجماع هي سارة زوجة إبراهيم u، وهذا دليل على أن زوجة الرجل من أهل البيت .
وقوله تعالى: فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لإهله أمكثوا إني آنست نارا لعلي أتيكم منها بخبر او جذوة من النار لعلكم تصطلون – القصص 29 . والمخاطب هنا ايضا زوجة موسى u .
والشواهد علي ذلك كثيرة وسنأتي على ذكر أمثلة أخرى .
وقد تفطن إلى ذلك بعض علماء الشيعة فبدا عاجزا عن رد هذا الإشكال فإدعى ان في الآية تحريفا .
فالمجلسي مثلا في رده علي هذا الإشكال قال: لعل آية التطهير وضعوها في موضع زعموا انها تناسبه، او ادخلوها في سياق مخاطبة الزوجات لبعض مصالحهم الدنيوية ، وقد ظهر من الأخبار عدم ارتباطها بقصتهن، فالاعتماد في هذا الباب على النظم والترتيب ظاهر البطلان، ولو سلم عدم التغيير في الترتيب فنقول: ستأتي أخبار مستفيضة بانه سقط من القرآن آيات كثيرة فلعله سقط مما قبل الآية وما بعدها آيات لو ثبت لم يفت الربط الظاهري بينها [3] .
وقال احد المعاصرين وهو أكثر حذرا في اخفاء عقيدته: فالآية لم تكن بحسب النزول جزءا من آيات نساء النبي ولا متصلة بها وانما وضعت بينها اما بأمر من النبي r او عند التأليف بعد الرحلة [4] .
وعلى اي حال لا نسهب في تناول هذه الجزئية، فحسبنا ان اضطرار هؤلاء في جزء من آية لا آية باكملها إلى كل هذه التأويلات دليل علي بعدها عن مقصودهم، وصحة نزولها في زوجات النبي r وكذا أهل بيته y أجمعين .
نعود إلى الردود، ومنها، ان ما اختص به الامير والسبطان y من الآية بزعم القوم ثبت للزهراء رضي الله عنها، وخصائص الإمامة لا تثبت للنساء، فلو كان هذا دليلا لكان من يتصف به يستحقها والزهراء رضي الله عنها كذلك وبذات الاعتبار .
ومنها، خروج تسعة من الائمة لعدم شمول الاية لهم، حيث اختصت الآية بثلاثة منهم .
ومنها، ان اذهاب الرجس لا يكون الا بعد ثبوته، والشيعة يقولون بعصمة الائمة منذ ولادتهم إلى وفاتهم، وسنوقفك علي اقوالهم في هذا .
والحال ان الردود كثيرة، لا يسعنا سردها جميعا وبالاخص مسألة الكلام في إرادة الله U وعقيدة الشيعة فيها وتعارضها مع الآية .
ولكن لنتكلم قليلا في مدلول الآية من حيث كونها دليلا علي العصمة وكون ذلك محصورا في اهل الكساء دون غيرهم كما يزعم الشيعة، ونبدأ في الكلام أولا في بيان من هم أهل البيت ، ثم نتكلم في العصمة .
لا شك ان هناك خلافا بين العلماء في تعيينهم :
فمن قائل أنهم امته .
وقائل أنهم المتقون من امته .
وقائل أنهم زوجاتة رضي الله عنهن .
وقائل أنهم اقاربه r ممن تحرم عليهم الصدقة .
وقائل أنهم علي وفاطمة والحسن والحسين y .
وهذا الأخير من اغرب الاقوال فلمجرد ان وضع النبي r كساءه عليهم وقال أنهم اهل بيتي، اخرج القوم كل من سواهم عن كونه من أهل بيته r وحملوا جميع النصوص الوارده في فضائل أهل بيته علي هؤلاء .
ولا أدري ماذا عسى ان يكون سائر اقاربه، ولبيان فساد هذا القول وخلافة لمفهوم اهل بيت الرجل وبيان أنه اعم من هذا الحصر الذي قال به القوم نقول: ان الروايات من طرق القوم أكثر من ان تحصى في بيان ان اهل بيت النبي r اعم ممـا يدعيه القوم انفسهم، ولكن نذكر هنا الروايات المتعلقة بآية التطهير موضوع حديثنا، وسنتطرق إلى البقية عند حديثنا عن روايات الثقلين، نقول:
قد ورد في بعض روايات الباب ان ام سلمة رضي الله عنها راوية الحديث كانت ممن جللهم النبي r بالكساء مع الخمسة، حيث قالت للرسول r: الست من اهلك؟ قال: بلي، قالت: فادخلني في الكساء [5] .
وفي رواية: أنه r قال: اللهم اليك أنا وأهل بيتي لا إلى النار، فقلت: يا رسول الله وانا معكم؟ فقال: وانت [6] .
والغريب ان واثلة بن الاسقع t وهو من الذين رووا حديث الكساء، بعد ان ذكر الحديث وقول النبي r: اللهم هؤلاء احق، قال: فقلت من ناحية البيت: وانا من اهلك يا رسول الله؟ قال: وانت من أهلي، قال واثلة: فلذلك ارجو ما ارجو من عملي [7] .
فهل ان إبن الاسقع t الذي اسلم ورسول الله r يتجهز إلى تبوك في السنة التاسعة من الهجرة، من أهل البيت، وامهات المؤمنين رضي الله عنهن لسن من اهله .
وهذا علي لما احتج على أبي بكر y بزعم القوم قال له: انشدك بالله الي ولأهلي وولدي آية التطهير من الرجس ام لك ولأهل بيتك [8] .
فإننا نعلم بالضروة أنه t يعني بقوله ولأهلي الزهراء رضي الله عنها، اي ان الزوجة من اهل بيت الرجل .
فالشواهد في دخول الزوجات في اهل بيت الرجل كثيرة، وقد ذكرنا بعض الآيات علي ذلك كقول الملائكة لسارة زوجة إبراهيم علي نبينا وعليه افضل التسليم: أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت .
والعجيب ان مفسري القوم عند ذكرهم لهذه الآية يمرون عليها مرور الكرام خشية الخوض في بيان معني الأهل في الآية لوضوحه البين رغم اسهابهم في بيان المقصود بالأهل في آية التطهير .
ومن خاض فيه اضطرب كقول صاحب مجمع البيان: ويعني بأهل البيت بيت إبراهيم u وانما جعلت سارة من أهل بيته لأنها كانت إبنة عمه ولا دلالة في الآية علي ان زوجة الرجل من أهل بيته [9] .
ولاشك ان القاريء لايخفى عليه ما يرمي إليه الطبرسي من وراء هذا، وما الذي اضطره إلى هذا القول الذي لم ينقله عنه مفسرو القوم الذين جاؤوا بعده لفساده البين، ولكن حتى على فرض الإعتبار الآخر، فهل يدخل القوم العم او أولاده في اهل بيت الرجل .
وكذلك ذكرنا قول الله تعالى في قصة موسى u: فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله لأمكثوا إني آنست نارا لعلي أتيكم منها بخبر او جذوة من النار لعلكم تصطلون - القصص 29 .
وقال تعالى: وهل أتاك حديث موسى * اذ رءا نارا فقال لأهله لأمكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى - طه 9،10 .
وقال تعالى: أذ قال موسى لأهله إني آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو أتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون - النمل 7 .
والمخاطب هنا ايضا زوجة موسى u، ولعل ان يأتينا طبرسي آخر ليقول ان شعيب u كان عمه !!
وقال تعالى: واذكر في الكتاب اسماعيل أنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا * وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا - مريم 55 .
فمن اهله الذي كان يأمرهم بالصلاة ؟
وهذا كقوله تعالى مخاطبا النبي r: وأمر أهلك بالصلاة وإصطبر عليها - طه 132 .
ولا شك في دخول زوجاته او خديجة رضي الله عنها علي أقل تقدير في الأهل، بإعتبار ان السورة مكية والامير إنما تزوج الزهراء وانجب السبطين y بعد الهجرة .
وقال تعالى: ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا إمراتك كانت من الغابرين - العنكبوت 33 .
وقال تعالى: قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلو إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك00الآية - هود 81 .
وقال تعالى: فأسر بأهلك بقطع من الليل وأتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وأمضوا حيث تؤمرون - الحجر 65 .
وقال تعالى: رب نجني وأهلي مما يعملون * فنجيناه وأهله أجمعين - الشعراء 169،170.
وقال تعالى: فأنجيناه وأهله إلا إمرأته كانت من الغابرين - الاعراف 83 .
وقال تعالى: فأنجيناه وأهله إلا إمراته قدرناها من الغابرين - النمل 57 .
وقال تعالى: إذ إنجيناه وأهله أجمعين * إلا عجوزا في الغابرين - الصافات 134،135.
وهذه الآيات صريحة ولا تحتاج إلى دليل في كون الزوجة من اهل الرجل، لا أقل من قوله تعالى: الا امراتك، او: الا امراته، دليل علي ذلك، فالمستثنى من جنس المستثنى منه.
وقال تعالى: وإستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدا الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم - يوسف 25 .
فالمخاطب هنا عزيز مصر، وقولها: ما جزاء من اراد باهلك سوءا ؟ أي زوجتك، وهذا بين.
وقال تعالى: ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون * ونجيناه وأهله من الكرب العظيم – الصافات 76 .
ولم يقل احد ان زوجة نوح لم تكن من الناجين، لأنها ليست من اهله u .
والشواهد علي ذلك كثيرة، وكلها تقتضي دخول زوجات الرجل في آله .
قال تعالى: إن الله إصطفي آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين – آل عمران 33 .
وقال تعالى: إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين – الحجر 59 .
وقال تعالى: فلما جاء آل لوط المرسلون – الحجر 61 .
وقال تعالى: فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم أنهم أناس يتطهرون – النمل 56 .
وقال تعالى: إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر - القمر 34 .
فهذه الآيات صريحة في دخول زوجات النبي في آله، وكذا الشواهد من السنة وهي كثيرة :
منها قوله r في قصة الإفك لما نزلت الآيات في براءة عائشة رضي الله عنها: الحمد لله الذي صرف عنا السوء أهل البيت [10] .
وفي رواية: يصرف عنا الرجس أهل البيت [11] . ولا يحتاج الأمر إلى تعليق .
ومن الغرائب ان القوم جعلوا نزول هذه الآيات في ذم عائشة رضي الله عنها لا تبرئتها، وذلك لأنهم يقولون ان عائشة هي التي قذفت مارية القبطية واتهمتها بالزنا وقالت لرسول الله r: ان إبراهيم ليس منك وانه إبن جريج القبطي [12] .
والقصة لاتهمنا الآن، ولكن الذي يهمنا هو ان بكلا القولين يتحقق المقصود من ان قوله r ذلك إنما كان في زوجته، سواء كانت عائشة ام مارية رضي الله عنهن .
الاستدلال بحديث الثقلين
اما الإستدلال بحديث الثقلين فقبل الكلام فيه نقول: رغم إضطراب أسانيد روايات الفريقين فيه، الا أنه ثبت عن رسول الله r بألفاظ مختلفة وطرق يعضد بعضه بعضا ويرقى إلى مرتبة الصحة بالشواهد والمتابعات، أنه قال:
إني تركت فيكم ما ان اخذتم به لن تضلوا، فاقتصرت بعض الروايات علي ذكر كتاب الله [13] .
وفي أخرى: وعترتي [14] . وأخرى: وعترتي اهل بيتي [15] . وأخرى: وسنتي [16] .
فإذا علمت ثبوت هذه الروايات والألفاظ فيكون الكلام في وجه الإستدلال، اما القرآن فقد علمت موقف القوم منه في الباب الثاني وبه يسقط نصف الإستدلال بهذا الحديث .
بيان من هم عترة النبي وأهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم
اما العترة فالأمر فيه واسع فعترة الرجل في اللغة هم نسله كولده وولد ولده، اي الذكور من الاولاد، وهذا إشكال قد يخرج عليا t من كونه من العترة .
وتوسع البعض فقال ان عترة الرجل هم أدنى قومه إليه في النسب، ورهطه، ورهط الرجل قومه وقبيلته، إلى غير ذلك [17] .
وعلى الأخير ندلل ببعض الروايات: فعن علي t قال: يا رسول الله إنك لتحب عقيلا؟ قال: أي والله إني لاحبه حبين: حبا له وحبا لحب أبي طالب له، وان ولده لمقتول في محبة ولدك فتدمع عليه عيون المؤمنين وتصلي عليه الملائكة المقربون ثم بكى رسول الله حتى جرت دموعه علي صدره ثم قال: إلى الله اشكو ما تلقي عترتي من بعدي [18] .
وعن أبي بكر الصديق t قال: نحن عترة رسول الله r [19] .
وعن عمران بن الحصين قال: خطبنا رسول الله فقال معاشر الناس إني راحل عن قريب ومنطلق إلى المغيب اوصيكم في عترتي خيرا، فقام إليه سلمان فقال: يا رسول الله اليس الائمة بعدك من عترتك؟ فقال: نعم الائمة بعدي من عترتي [20] .
وعن الحسـين t قال بعد ان جمع ولده واخوته وأهل بيته ونظر إليهم فبكى ساعة: اللهم إنا عترة نبيك [21] .
وعن البـاقر: قـال رسول الله r: اما والله ان في اهل بيتي من عترتي لهداة مهتدين [22] .
وعن الصادق: نحن ولاة أمر الله وورثة وصي الله وعترة نبي الله [23] .
وعن الباقر في قوله U: إني اسكنت ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم: نحن بقية تلك العترة [24] .
وعن زيد بن علي بن الحسين y أنه قال أنا من العترة [25] .
وكذا قال إبناء مسلم بن عقيل y [26] .
وعن رسول الله r قال: عليكم بالسمع والطاعة للسابقين من عترتي فإنهم يصدونكم عن البغي ويهدونكم إلى الرشد ويدعونكم إلى الحق فيحيون كتابي وسنتي ويميتون البدع [27] .
نعم، قد يسأل سائل فيقول أنه r قد أمر بالتمسك بالعترة وهو لفظ عام ولكنه خص التمسك بالأهل من دون سائر العترة بقوله وعترتي اهل بيتي، فوجه الحكم إلى من إستحق هذين الإسمين ؟
فنقول: لم لم يقتصر على ذكر الأهل فحسب، فيقول وكتاب الله وأهل بيتي، هذا على فرض حمل الأهل علي ما يراه القوم، فمعلوم ان الأهل داخلون في العترة وليس العكس، ولكن إذا علمنا من هم الأهل كما مر بك في آية التطهير لا نرى داعيا لكل هذا التكلف، ولكن لا بأس من أن نزيد هنا نصوصا أخرى تدل علي أن أهل بيت النبي r اعم واشمل بكثير من هذا الحصر :
منها ان النبي r في حديث الثقلين نفسه بعد ان قال: إني تارك فيكم الثقلين00الحديث، قيل له: فمن اهل بيتك؟ قال: آل علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل عباس [28] .
والطريف ان القوم وضعوا روايه في موضوعنا هذا، تفيدنا ولا تخدمهم، حيث زعموا ان الباقر قال: في قول رسول الله r: اوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي، لو سكت رسول الله ولم يبين اهلها لإدعاها آل عباس، وآل عقيل، وآل فلان، وآل فلان، ولكن أنزل في كتابه: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا، فاخذ رسول الله r بيد علي وفاطمه والحسن والحسين y تحت الكساء 00و ذكر القصه [29] .
فهم يقرون هنا بأن حديث الثقلين إنما كان قبل نزول ايه التطهير التي بين فيها الرسول r بزعمهم من هم أهل البيت، وعلى هذا فمن هم الذين اوصى اصحابه بالتمسك بهم مع القرآن بين حديث الثقلين هذا، وبين نزول آيه التطهير، فتأمـل .
وعن زيد بن ارقم t قال: قال رسول الله r: إني تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب الله، ثم قال وأهل بيتي، فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ اليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساءه من أهل بيته، ولكن من حرم عليه الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس، قال: كل هؤلاء حرم الصدقة، قال: نعم [30] .
وفي مرض موته r لما سمع البكاء قال: من هؤلاء؟ قالوا: الأنصار، فقال: من هنا من اهل بيتي؟ قالوا: علي والعباس، فدعاهما وخرج متوكئا عليهما00الرواية [31] .
وعن سلمان الفارسي t قال: كنت جالسا عند النبي في المسجد اذ دخل العباس بن عبدالمطلب فسلم، فرد النبي ورحب به فقال: يا رسول الله بما فضل علينا أهل البيت علي بن أبي طالب والمعادن واحدة؟ فقال النبي: اذن أخبرك يا عم00الرواية [32] .
وعن الباقر قال: لما أمر العباس وغيره بسد الابواب واذن لعلي بترك بابه، جاء العباس وغيره من آل محمد فقالوا: يارسول الله ما بال علي يدخل ويخرج؟ فقال رسول الله: ذلك إلى الله فسلموا له حكمه [33] .
فمن يقصد بقوله: وجاء العباس وغيره من آل محمد0 وقال r لفاطمة: زوجتك خير اهل بيتي اقدمهم سلما واعظمهم حلما واكبرهم علما [34] .
وعن إبن عباس y قال: قال رسول الله r: يا معشر الأنصار، يا معشر بني هاشم، يا معشر بني عبدالمطلب، أنا محمد أنا رسول الله، الا واني خلقت من طينة مرحومة في أربعة من اهل بيتي: أنا وعلي وحمزة وجعفر [35] .
وقال r: ان الهي اختارني في ثلاثة من اهل بيتي، وانا سيد الثلاثة واتقاهم لله ولا فخر، اختارني وعليا وجعفرا إبنى أبي طالب، وحمزة بن عبدالمطلب [36] .
وقال r في مرض موته لفاطمه رضي الله عنها بعد ان سألتة: اي أهل البيت افضل؟ قال: علي بعدي افضل امتي وحمزة وجعفر افضل اهل بيتي بعد علي وبعدك وبعد إبني وسبطي[37] .
وفي غزوة بدر لما استشهد شيبة بن عبد المطلب قال r فيه بانه أول شهيد من اهل بيتي [38] .
وان شئت اعم من هؤلاء فإليكها: قال r: يا بني عبدالمطلب إني سالت الله لكم ان يعلم جاهلكم وان يثبت قائمكم وان يهدي ضالكم وان يجعلكم نجداء جوداء رحماء، ولو ان رجلا صلى وصف قدميه بين الركن والمقام ولقى الله ببغضكم أهل البيت دخل النار [39] .
وقال r: فوالذي نفسي بيده لو ان رجلا صفن بين الركن والمقام صائما وراكعا وساجدا ثم لقى الله U غير محب لاهل بيتي لم ينفعه ذلك، قالوا: ومن اهل rومن خلقه الله مني ومن لحمي ودمي0 فقال القوم: فانا نحب الله ورسوله وأهل بيت رسوله0 قال: بخ بخ فانتم إذا منهم انتم إذا منهم ومعهم والمرء مع من أحب وله ما اكتسب [40] .
فكم من أهل بيته استجاب لدعوته، ولما سئل r عمن يغسله، ويكفنه، ويدخله القبر؟ قال: رجال اهل بيتي الأدنى فالأدنى[41] .
وقال r لعلي: يا علي كن أنت وابنتي فاطمة والحسن والحسين، وكبروا خمسا وسبعين – ثم من جاء من اهل بيتي يصلون علي فوجا فوجا00الحديث [42] .
وقال r لعلي في مرض موتة: يا أخي تقبل وصيتي وتنجز عني ديني وتقوم بأمر أهلي من بعدي00الحديث [43] .
ومثلها روايات الخليفة في الأهل التي ذكرناها في الباب الاول، فهل يرى القوم أنه t مضيع للزهراء والسبطين y حتى يأمره r او يأمر غيره بالقيام بأمرهم بعده .
وهذا الحسن t في كتاب الصلح إلى معاوية قال: وعلي معاوية بن أبي سفيان بذلك عهد الله وميثاقه وما اخذ الله على أحد من خلقه بالوفاء وبما اعطى الله من نفسه، وعلى أن لا يبغي للحسن بن علي ولا لاخيه الحسين ولا لاحد من اهل بيت رسول الله غائلة سرا ولا جهرا، ولا يتخيف احدا منهم في افق من الآفاق [44] .
ونحن نعلم أنه t عندما قال هذا لمعاويه كان أبوه الامير وامه الزهراء y قد ماتوا، وهو قد ذكر بقيه اهل الكساء، وهم نفسه واخوه الحسين y ، فمن يقصد بقوله: ولا لاحد من اهل بيت رسول الله .
وعن الصادق قال: ليس منا أحد إلا وله عدو من أهل بيته [45] . فمن يا ترى من اهل الكساء كان عدوا لاهل الكساء .
وعلى اي حال فالمسألة فيها طول، والروايات القليلة التي أوردناها، كلها تدل دلالة واضحة علي فساد الحصر المذكور عند القوم، وقد بينا عند حديثنا عن روايات ايه التطهير ان خروج بقيه الائمه مستلزم بذات الاعتبار، ونزيد هنا ان بعض الروايات ذهبت إلى ابعد من هذا ولو على سبيل التشريف كما في بعضها :
فعن الديلمي قال: قلت لابي عبدالله: جعلت فداك من الآل؟ قال: ذرية محمد ، وفي روايه عن أبي بصير قال: قلت لابي عبدالله: من آل محمد؟ قال: ذريتة [46] .
وعن الرضا أنه سأل عن العترة اهم الآل ام غير الآل؟ فقال: هم الآل [47] .
وفي بعض الروايات ان رسول الله r قال: أمتي آلي، -وفي أخرى- قال: آل محمد امته [48] .
وعن الباقر قال: كان رسول الله r يصنع بمن مات من بني هاشم خاصة شيئا لا يصنعه باحد من المسلمين كان إذا صلى علي الهاشمي ونضح قبره بالماء وضع رسول الله r كفه علي القبر حتى تري اصابعه في الطين فكان الغريب يقدم او المسافر من اهل المدينة فيرى القبر الجديد عليه اثر كف رسول الله r، فيقول: من مات من آل محمد؟ r [49] .
وقال رسول الله r في سلمان الفارسي t: سلمان منا أهل البيت [50] .
ولابي ذر الغفاري t: يا اباذر إنك منا أهل البيت [51] .
وللمقداد t: المقداد منا أهل البيت [52] .
وقال علي في الزبير y: مازال الزبير رجلا منا أهل البيت [53] .
وقال في الراهب الذى لقيه في طريقه إلى صفين واسلم واستشهد معه في المعركة: هذا منا أهل البيت [54] .
وكذا قول الصادق لأكثر من واحد من اصحابه: أنه منا أهل البيت [55] .
وقال إبن الحنفية t: في قوله تعالى: قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى، قال: نحن من أهل البيت وقرابته [56] .
وعن حذيفة بن اليمان t قال: نظر رسول الله r إلى زيد بن حارثة فقال: المقتول في الله، والمصلوب في امتي، والمظلوم من اهل بيتي سمي هذا، واشار بيده إلى زيد بن حارثة فقال: ادن مني يا زيد، زادك اسمك عندي حبا فانت سمي الحبيب من اهل بيتي [57] .
حتى جبرئيل u ففي بعض روايات الكساء، أنه دخل فيه فتضاعف حسنه وبهاؤه، ولما سألته الملائكة عن ذلك قال: كيف لا اكون كذلك وقد شرفت بأن جعلت من آل محمد وأهل بيته [58] .
وهذا الباقر يقول لسعد بن عبدالملك وهو من بني امية: أنت اموي منا أهل البيت [59] .
ويروي القوم ان النبي r قال لعائشة رضي الله عنها: يا عائشة إنك لتقاتلين عليا، ويصحبك ويدعوك إلى هذا نفر من اهل بيتي واصحابي [60] .
فمن من اصحاب الكساء كان معها y أجمعين .
وعن محمد بن علي بن الحنفية قال: إنما حبنا أهل البيت شيء يكتبه الله في ايمن قلب العبد [61] .
ولا نمل القارئ بايراد كل مأورد في الباب، فهي كثيرة جدا، ولم نعلق علي أكثرها إنما اسردناها سردا هنا لدلالتها الواضحة في بيان المقصود، وان مفهوم أهل البيت اعم بكثير مما يراه القوم، بعد بيان فساد الحصر المزعوم في الخمسه اصحاب الكساء .
موقف الشيعة من الثقلين
ثم ان القوم يقرون بأن القرآن لم يرفع الخلاف بين المسلمين بل نرى القرآن سببا في اضطراب الكثير من عقائدهم لما فيه من تعارض لها، حتى افضى بهم الأمر إلى القول بتعرضه للتحريف كما مر بك في الباب الثاني، وان القرآن كما أنزل إنما هو عند صاحب الزمان الذي اختفى به وسيأتي به عند خروجه، لتجد نفسـك مطالبا بالتمسك بثقلين احدهما محرف والآخر غائب ولا يعدون ذلك من الضلال .
اضف إلى ذلك ما ذكرناه عند حديثنا عن آية التطهير من إختلاف أهل البيت مع بعضهم البعض، وكذا إختلاف اجوبتهم في المسألة الواحدة ، بل واختلاف الإمام نفسه في المسألة[62]. واضطراب القوم في تأويل ذلك، والذي كان من ثمراته إختلاف المراجع في العصر الواحد، حتى إنك لا تكاد تجد عند القوم خبرا الا وبإزائه ما يضاده، ولا يسلم حديث الا وفي مقابلته ما ينافيه، حتى ادي ذلك إلى رجوع الكثير من الشيعه عن مذهبهم كما اعترف بهذا شيخ الطائفه الطوسي [63] .
إلى آخر ما تحمله مصنفاتهم من عقائد ما أنزل الله بها من سلطان، وكلها منسوبه إلى أهل البيت .
الكلام في أول من درس أسانيد الروايات عند الشيعة
ولا يملك أحد منهم ان يرد هذه الأحاديث او يضعف أسانيدها , ومن يجرؤ على فعل ذلك تعرض لهجوم عنيف من طائفته مهما كانت منزلته عظيمة عندهم، كشأن العلامه الحلي الذي يعد من اوائل من تعرض لأسانيد روايات الشيعه بالدراسه والتخريج .
وكان من نتائج ذلك ان سقطت ثلثي روايات امهات كتبهم كالكافي للكليني مثلا، والذي يبلغ عدد رواياته حوالي ( 16199 )، فلم يصح منها بإعتبار مقايس القوم المتواضعه سوى ( 5072 )، [64] .
هذا بالنسبه لأعظم مصادر القوم وعمدتهم في استنباط الأحكام [65]، والذي ذكر مصنفه الكليني بانه الفه في عشرين سنه، وأورد فيه ما صح من اثار عن الصادقين [66]، والذي يعتقد بعض علماء القوم بأن كتابه هذا قد عرض علي المهدي فاستحسنه وقال كاف لشيعتنا [67] .
وقس علي ذلك بقيه مصادرهم .
وقد تعرض الحلي لهجوم عنيف من طائفته بسبب ما قام به، حتى قالوا فيه: هدم الدين مرتين احداهما يوم السقيفه وثانيهما يوم ولد العلامه [68] .
ولا شك ان ما قالوه في الحلي صحيح بإعتبار ان ما قام به يعد هدما لدين الإماميه، وكذا استخدامهم لكلمة دين، فتأمل .
انقسام الشيعة بعدها إلى أصوليين و أخباريين
وقد انقسم القوم بعد ذلك إلى طائفتين اخبارية واصولية على ما نراهم اليوم .
والاخبارية هم الذين لا يرون الادلة الشرعية الا الكتاب والحديث، وكل ما نقل عن الائمه فهو حديث عندهم وهو حجة لأنه نقل عن معصومين وما نقل عنهم فهو حجة علي اليقين، ولا ينظر إلى هذا الحديث ما منزلته وشأنه ما دام وجد في الاصول الأربعمائة [69] .
والاصولية هم الذين يلجأون في مقام استنباط الأحكام الشرعية إلى الادلة الأربعة من الكتاب والسنة والاجماع ودليل العقل [70] .
وقد شنع كل فريق منهم على الاخر وحمل عليه، ووضع للرد عليه مصنفات، واتهمه بالخروج عن التشيع الصحيح إلى اخر ما لا يمكن ذكره مخافة الخروج عن موضوع الكتاب .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - أمالي الطوسي، 562 البحار، 25/240 ، 35/215،219،232 ، 37/63 فرات، 1/333،335
[2] - البرهان، 3/321 البحار، 35/217 الطرائف، 29 العمدة، 16،21
[3] - البحار، 35/234 محجة العلماء، 163 فصل الخطاب، 320 الحدائق الناضرة، 2/290
[4] - الميزان، 16/312
[5] - الطرائف، 30 العمدة، 18 البحار، 35/221 ، 45/198 البرهان، 3/321
[6] - أمالي الطوسي، 85 البحار، 25/240 ، 37/39،402 كشف الغمة، 1/47
[7] - البرهان، 3/321
[8] - نور الثقلين، 4/271
[9] - مجمع البيان، 3/274
[10] - الخصال، 125 البحار، 22/154،155،168 ، 38/302 ، 79/104 تفسير القمي، 2/76 الميزان، 15/104 نور الثقلين، 1/582 ، 3/582 الصافي، 3/424 البرهان، 3/127 الغرر والدرر، 1/77
[11] - البحار، 22/168 تاويل الآيات، 2/604
[12] - البحار، 20/316 ، 35/153،154،155 ، 38/302 ، 79/103 تفسير القمي، 2/75 الخصال، 125 الميزان، 15/89،103 نور الثقلين، 3/581 الصافي، 3/423 البرهان، 3/126،127 الغرر والدرر، 1/77 علل الشرايع، 580 ومنهم من صنف في ذلك كتاب مستقل، أنظر مثلا: حديث الإفك، لجعفر مرتضى العاملي، او بحث مستقل، البحار، 79/104 (الحاشية) وغيرها0
[13] - الخصال، 2/84 البحار، 21/381 ، 77/119
[14] - كمال الدين، 122، معاني الأخبار، 32 الخصال، 1/43 أمالي الصدوق، 231 البصائر، 122 عيون الأخبار، 1/60 ، 2/68 بشارة المصطفى، 204 العمدة، 51،52 الطرائف، 28،34 الإحتجاج، رسالة العسكري إلى اهل الاهواز في الجبر والتفويض البحار، 2/226 ، 23/109،131،141،145،147،152 ، 24/234 ، 33/248،249 ، 37/107،137،168،185،191 ، 38/99 ، 44/248،249 ، 93/2 إثبات الهداة، 1/485،488،497،498،613 ، 2/139،184 المناقب، 1/235
[15] - أمالي المفيد، 28،79 الطرائف، 28،29 العمدة، 34،35 كمال الدين، 70،98،225، 227،228،229،230،234 البصائر، 413،414 تفسير العياشي، 1/15،16 عيون الأخبار، 199 ، 2/31 صحيفة الرضا، 23،24 أمالي الطوسي، 491 الكافي، 1/294 معاني الأخبار، 32 أمالي الصدوق، 338،422 كنز الفوائد، 367 كشف الغمة، 43 الإحتجاج، 249 غيبة النعماني، 17،27،37،47 نور الثقلين، 5/193،605،690 البحار، 2/226 ، 22/475،476 ، 23/95،106،107،108،113،114،132،133،134،135،136،140،141،145،146،147،152،156 ، 24/324،325 ، 35/184 ، 37/114،128،129 ، 92/13،52 منتخب الأثر، 45،107 تأويل الآيات، 1/117، 122 إثبات الهداة، 1/61،444،489،496،497،498،499،509،529،530،551،557،558،562،564،568،571،،581،588،591،610،612،619،625،631،634،639،640،649،650،657،658،698
[16] - كمال الدين، 226 البحار، 23/132 - و قد أورد القوم عن النبي صلى الله عليه واله وسلم والائمة الامر بالرجوع إلى القرآن والسنة في حال الإختلاف
[17] - أنظر تفصيل ذلك في : البحار، 23/151،157 ، 90/260،261 كمال الدين، 100،105،118،231
[18] - أمالي الصدوق، 78 البحار، 22/288 ، 44/287
[19] - كمال الدين، 234 معاني الأخبار، 32 البحار، 23/149،158 ، 28/325
[20] - كفاية الأثر،17 البحار، 36/330
[21] - الإرشاد، 226 البحار، 44/383
[22] - بصائر الدرجات، 15 البحار، 23/152 ، 44/383
[23] - البصائر، 19 البحار، 26/260
[24] - البحار، 12/89،93 ، 23/223،224،225 نور الثقلين، 2/549 ، 1/328 تأويل الآيات، 1/246 البرهان، 2/319 العياشي، 2/231
[25] - كفاية الأثر، 326،327،328 البحار، 46/198،201،202 إثبات الهداة، 1/604،605 منتخب الأثر، 129،245
[26] - أمالي الصدوق، 77،78،79 البحار، 45/101،103
[27] - البحار، 16/375
[28] - كشف الغمة، 1/44 البحار، 23/115 ، 25/237 ، 35/211،229
[29] - العياشي، 1/277 البحار، 35/211 البرهان، 1/385 ، 3/309 الكافي، 1/286
[30] - البحار، 23/114،115 ، 35/229 العمدة، 35
[31] - الإحتجاج، 43 البحار، 28/177
[32] - البحار، 43/17
[33] - تفسير العسكري، 20 البحار، 33/184 ، 39/25 ، 86/260
[34] - البحار، 32/184
[35] - الخصال، 95 أمالي الصدوق، 172 البحار، 7/231 ، 11/380 ، 22/274 نور الثقلين، 2/47
[36] - أمالي الطوسي، 89 البحار، 22/277 ، 35/214 تفسير فرات، 1/340
[37] - كمال الدين، 251 سليم بن قيس، 70 البحار، 28/53
[38] - البحار، 19/225،254 مجمع البيان، 4/526 نور الثقلين، 2/131 البرهان، 2/66 القمي، 1/264
[39] - أمالي الطوسي، 117 27/173 أمالي المفيد، 148
[40] - أمالي الطوسي، 644 البحار، 27/105 كشف الغمه، 1/124
[41] - أمالي الطوسي، 129،210 البحار، 22/455،531 المناقب، 1/238،240
[42] - الطرف، 45 البحار، 22/494 ، 81/379
[43] - الإرشاد، 97 إعلام الورى، 84 البحار، 22/469،501
[44] - البحار، 44/65 كشف الغمة، 2/193
[45] - البحار، 46/180 ، 47/273
[46] - معاني الأخبار، 33 أمالي الصدوق، 145 البحار، 25/216 إثبات الهداة، 1/490،528
[47] - عيون الأخبار، 126 تحف العقول، 415 أمالي الصدوق، 312 البحار، 25/221
[48] - أمالي الصدوق، 312 عيون الأخبار، 126 تحف العقول، 415 البحار، 25/221
[49] - الكافي، 3/55 البحار، 16/261
[50] - أمالي الصدوق، 209 عيون الأخبار، 2/70 الإحتجاج، 139 الكشي، 8،10،13 البصائر، 17،18 الإختصاص، 341 الكافي، 1/401 اليقين، 183 الطرائف، 28 مجمع البيان، 2/427 ، 5/167 البحار، 2/190 ، 10/123 ، 11/131،148،313 ، 17/170 ، 18/19،135 ، 20/189،198 ، 22/319،326،330،349،331،348،343،373،374،385،391 ، 23/111 ، 36/334 ، 37/331 ، 63/218 ، 68/28،55 ، 73/287 ، 75/443 تفسير العسكري، 121 البرهان، 1/2
[51] - أمالي الطوسي، 536 البحار، 77/76
[52] - إثبات الوصية، 33
[53] - البحار، 28/347 ، 32/108 ، 41/145 الخصال، 157
[54] - البحار، 32/427 ، 38/59
[55] - البحار، 47/345،349 ، 83/155 الإختصاص، 68،195 أمالي الطوسي، 44 نور الثقلين، 2/547
[56] - تفسير فرات، 2/399 البحار، 23/248
[57] - مستطرفات السرائر فيما استطرفه من رواية بن قولوية البحار، 46/192
[58] - تفسير العسكري، 376 إرشاد القلوب، 214 كنز جامع الفوائد، 483 البحار، 17/262 ، 26/343،345 أنظر ايضا: تاويل الآيات، 2/834 البحار، 26/344 إرشاد القلوب، 2/403
[59] - الإختصاص، 85 البحار، 46/337 البرهان، 2/319
[60] - الإحتجاج، 104 البحار، 32/278 ، 38/349
[61] - تاويل الآيات، 2/676 البحار، 23/366،389 كنز الفوائد، 335
[62] - أنظر ان شئت: البحار، 2/228،236،237،238،241 ، 23/185 ، 24/125 ، 25/330،332 ، 37/33 ، 75/428 ، 72/178 ، 92/95 البصائر، 106،113 الإختصاص، 306،330 الكافي، 1/65،265 تأويل الآيات، 1/21 البرهان، 1/20 العياشي، 1/23 الصافي، 1/17 أنظر ايضا الاستبصار فيما إختلف من الأخبار، للطوسي، وهو كتاب مستقل في هذا الباب0
[63] - تهذيب الأحكام، 1/2 الحدائق الناضره، 1/90 رجال الطوسي، المقدمه 73
[64] - لؤلؤة البحرين، 394 كليات في علم الرجال، 357
[65] - أنظر منزله الكافي عند القوم ، 24 و ما بعدها من الكتاب نفسه0
[66] - الكافي، 1/8
[67] - الكافي، 1/25
[68] - اعيان الشيعه، 5/401 مقباس الهداية، 1/137 الحدائق الناضرة، 1/170
[69] - اعيان الشيعه، 1/93
[70] - اعيان الشيعه، 17/453 مع علماء النجف الاشرف، 10 مصادر الاستنباط،