ريحانة
05-03-2002, 01:52 AM
منقول من كتاب " الاستنارة في بيان آداب ركوب و قيادة السيارة "
( للسيارة و البعير رؤيتان مختلفتان حول دور كل منهما في التاريخ و الحضارة الانسانية , د. أحمد بن سعيد سجل رؤيتهما في هذه المحاورة :
السيد بعير :
لقد كنت في الماضي وسيلة الانتقال , و حامل الأثقال , تقطع الفيافي , و تشد القوافي , و تقول : يا كافي ! تستصغر الأعباء , و تصبر على البلاء , حتى سموك : سفينة الصحراء .
لكن كل ذلك مضى , و قضى الله فيه ما قضى , لقد هجرك الناس الي , و أصبحوا يتسابقون لتقبيل يدي , ألم تر كيف جعلوني أحسن الجوائز , لكل متسابق فائز ؟ و نشروا اعلاناتي في الجرائد , وبسطوا من أجلي الموائد, و أقاموا شركات التقسيط , من أجلي أيها " العبيط " ! حتى ذلت بسببي أعناق الشباب , و تناوشتهم الديون من كل باب , و تقطعت بهم الأسباب .....
تذكر يا بعير أيام مجدك , و تحسر على صبرك و جدك , و تجرع مرارة الأسى , و ابك كما يبكي النسا .
لقد هبطت من القمة الى السفح , و لم تعد تصلح الا للذبح , يأكلك القوم ثم يمتطوني , و يحمدون ربهم على متوني , بل هاهم انصرفوا عنك الى الدجاج , و أنت هائم على وجهك في الفجاج , و هجروك الى لحم الغنم , فافتح عينيك و لا تنم , و امض بلا أمل , و احقد يا جمل ! لم يعد يراك الناس الا لماما , بعد أن كنت قائدا مقداما , و صرت أندر من الطربوش , بعد أن كنت مزهوا فوق العروش . بل اني ربما رويتك من عروقي , و حملتك في صندوقي , و رأى الناس سيارة تحمل جملا , فضحكوا منك ....
واخجلا ! أو ربما أبصروك ممددا في الطريق , بعد أن صدمتك يا رفيق ! و ما حصل ذلك الا لجهلك , و فرط ترددك و ثقلك . فالحمد لله الذي أغنى خلقه بي , و خلصهم منك يا غبي .
يتوق امتلاكي الناس طرا و لا فخر
و يخطب ودي من له الحكم و الأمر
فمن يرق صهواتي ينل كل حاجة
و يلتذ بالدنيا و يشمخ له قدر
و من يعتزلني يلقى ذلة و خيبة
و ليس له بريقيه و لا بحر
فغض بعير الطرف لست مكافئا
لسيدة دانت لها البدو و الحضر
ألم ترهم ساقوا أطايب ابلهم
لكي يشتروني , من اذن حاله نكر ؟
و باتوا أسارى القسط زهرة عمرهم
و من يخطب الحسناء لم يغلها المهر
السيارة
_________________
حضرة السيارة :
كلامك يطفح بالغرور , و ينبئ عن مين و زور , فمن أنت حتى تتطاولين علي , و هل نسيت أنك جماد و أني حي , و قد رزقني الله طول العمر , و نفع بي خلقه عبر العصر , شهدت قوافل الفتوح , و هي تغدو بالنصر و تروح , و أياما عز فيها التوحيد , و قلمت أظافير الطغاة بيد من حديد , و ارتفعت فيها منزلة الأدباء , أدى حق الله العلماء .
فماذا شهد عصرك يا مغرورة ! غير التباهي بانتصارات ( الكورة ) , و أين فتوحي من سياسات ( الانتفاح ) , و مظاهر الانبطاح , التي تنوء بها أيام ( الملاح ) ؟ !
و ليت شعري ! كيف تزعمين أنك جلبت السلامة , و حققت لكل فتى أحلامه , و أنت تزهقين في كل يوم نفسا , و تهدرين الملايين فلسا فلسا . كم طفل قضى بسببك نحبه , و شيخ فقد بسببك لبه , و صبية في عمر الزهور , أصبحت من سكان القبور . كم انفجرت عجلتك على حين غرة , فتناثرت بفضل وفائك النادر أسرة .
يا عدو الأنام ! و نذير الشؤم و الحطام ! يا قهر الرجال ! يا حزن ربات الحجال ! يا كيد الحيزبون ! يا وليدة الزمن المجنون ! يا كالحة المنظر ! يا سيئة المخبر ! يا سبة الزمان ! يا ساحرة الغلمان ! يا ضياع الأمان ! يا انتهاء الضمان ! يا فتنة عثمان ! يا حفرة الادمان ! يا أحقر من لو ! يا أضعف من أو ! يا غصة في الريق ! يا خذلان الصديق اذا اشتد الضيق ! يا صنيعة الغرب ! يا خائنة الدرب ! يا جالبة الكرب ! تباهين في الطريق بدهسي , و تزهقين ببرود نفسي , لا غرو فهذا طبع من صنعوك , و ديدن من ركبوك .
تعيرني أني بعير لك العذر
تعيشين في عصر يسيره الكفر
موازينه طاشت فصار ظلامه
نهارا و أضحى من طبائعه الغدر
غدا العدل فيه أن تكبل أمة
يمزقها العدوان و الهتك و الأسر
غدا قتل أطفال و حظر دوائهم
صوابا و تجويع النساء هو الفخر
أنا كاره يا دابة الشؤم جيلكم
و ما نالني و الله في بعدكم خسر
و لكنني آت اذا الفتح أسرجت
ركائبه و انزاح عن كوننا الضر
و عاد أصيحابي يسوسون أمره
فأطلع مزهوا كما طلع الفجر
البعير )
:) :) :)
( للسيارة و البعير رؤيتان مختلفتان حول دور كل منهما في التاريخ و الحضارة الانسانية , د. أحمد بن سعيد سجل رؤيتهما في هذه المحاورة :
السيد بعير :
لقد كنت في الماضي وسيلة الانتقال , و حامل الأثقال , تقطع الفيافي , و تشد القوافي , و تقول : يا كافي ! تستصغر الأعباء , و تصبر على البلاء , حتى سموك : سفينة الصحراء .
لكن كل ذلك مضى , و قضى الله فيه ما قضى , لقد هجرك الناس الي , و أصبحوا يتسابقون لتقبيل يدي , ألم تر كيف جعلوني أحسن الجوائز , لكل متسابق فائز ؟ و نشروا اعلاناتي في الجرائد , وبسطوا من أجلي الموائد, و أقاموا شركات التقسيط , من أجلي أيها " العبيط " ! حتى ذلت بسببي أعناق الشباب , و تناوشتهم الديون من كل باب , و تقطعت بهم الأسباب .....
تذكر يا بعير أيام مجدك , و تحسر على صبرك و جدك , و تجرع مرارة الأسى , و ابك كما يبكي النسا .
لقد هبطت من القمة الى السفح , و لم تعد تصلح الا للذبح , يأكلك القوم ثم يمتطوني , و يحمدون ربهم على متوني , بل هاهم انصرفوا عنك الى الدجاج , و أنت هائم على وجهك في الفجاج , و هجروك الى لحم الغنم , فافتح عينيك و لا تنم , و امض بلا أمل , و احقد يا جمل ! لم يعد يراك الناس الا لماما , بعد أن كنت قائدا مقداما , و صرت أندر من الطربوش , بعد أن كنت مزهوا فوق العروش . بل اني ربما رويتك من عروقي , و حملتك في صندوقي , و رأى الناس سيارة تحمل جملا , فضحكوا منك ....
واخجلا ! أو ربما أبصروك ممددا في الطريق , بعد أن صدمتك يا رفيق ! و ما حصل ذلك الا لجهلك , و فرط ترددك و ثقلك . فالحمد لله الذي أغنى خلقه بي , و خلصهم منك يا غبي .
يتوق امتلاكي الناس طرا و لا فخر
و يخطب ودي من له الحكم و الأمر
فمن يرق صهواتي ينل كل حاجة
و يلتذ بالدنيا و يشمخ له قدر
و من يعتزلني يلقى ذلة و خيبة
و ليس له بريقيه و لا بحر
فغض بعير الطرف لست مكافئا
لسيدة دانت لها البدو و الحضر
ألم ترهم ساقوا أطايب ابلهم
لكي يشتروني , من اذن حاله نكر ؟
و باتوا أسارى القسط زهرة عمرهم
و من يخطب الحسناء لم يغلها المهر
السيارة
_________________
حضرة السيارة :
كلامك يطفح بالغرور , و ينبئ عن مين و زور , فمن أنت حتى تتطاولين علي , و هل نسيت أنك جماد و أني حي , و قد رزقني الله طول العمر , و نفع بي خلقه عبر العصر , شهدت قوافل الفتوح , و هي تغدو بالنصر و تروح , و أياما عز فيها التوحيد , و قلمت أظافير الطغاة بيد من حديد , و ارتفعت فيها منزلة الأدباء , أدى حق الله العلماء .
فماذا شهد عصرك يا مغرورة ! غير التباهي بانتصارات ( الكورة ) , و أين فتوحي من سياسات ( الانتفاح ) , و مظاهر الانبطاح , التي تنوء بها أيام ( الملاح ) ؟ !
و ليت شعري ! كيف تزعمين أنك جلبت السلامة , و حققت لكل فتى أحلامه , و أنت تزهقين في كل يوم نفسا , و تهدرين الملايين فلسا فلسا . كم طفل قضى بسببك نحبه , و شيخ فقد بسببك لبه , و صبية في عمر الزهور , أصبحت من سكان القبور . كم انفجرت عجلتك على حين غرة , فتناثرت بفضل وفائك النادر أسرة .
يا عدو الأنام ! و نذير الشؤم و الحطام ! يا قهر الرجال ! يا حزن ربات الحجال ! يا كيد الحيزبون ! يا وليدة الزمن المجنون ! يا كالحة المنظر ! يا سيئة المخبر ! يا سبة الزمان ! يا ساحرة الغلمان ! يا ضياع الأمان ! يا انتهاء الضمان ! يا فتنة عثمان ! يا حفرة الادمان ! يا أحقر من لو ! يا أضعف من أو ! يا غصة في الريق ! يا خذلان الصديق اذا اشتد الضيق ! يا صنيعة الغرب ! يا خائنة الدرب ! يا جالبة الكرب ! تباهين في الطريق بدهسي , و تزهقين ببرود نفسي , لا غرو فهذا طبع من صنعوك , و ديدن من ركبوك .
تعيرني أني بعير لك العذر
تعيشين في عصر يسيره الكفر
موازينه طاشت فصار ظلامه
نهارا و أضحى من طبائعه الغدر
غدا العدل فيه أن تكبل أمة
يمزقها العدوان و الهتك و الأسر
غدا قتل أطفال و حظر دوائهم
صوابا و تجويع النساء هو الفخر
أنا كاره يا دابة الشؤم جيلكم
و ما نالني و الله في بعدكم خسر
و لكنني آت اذا الفتح أسرجت
ركائبه و انزاح عن كوننا الضر
و عاد أصيحابي يسوسون أمره
فأطلع مزهوا كما طلع الفجر
البعير )
:) :) :)