صدى الحق
06-08-2005, 05:07 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا سني حسيني، جعلت ترحمي عليه مكان أنيني، أنا أحب السبطين ، لكني أقدم الشيخين ، ليس من لوازم حب الشمس أن تكره القمر ، وموالاة الحسن والحسين تقتضي موالاة أبي بكر وعمر ، لأنه يحبهم ويحبونه ، ويحترمهم ويحترمونه .
قاتل الله عبيد الله ، يحرج على رؤوس العظماء في سوق المزاد .
الحسين لا يمجد بضريح ، ولا بالإسراف في المديح ، لكننا نصدق في حبه ، إذا اتبعنا جده ، وحملنا وده ، وليس بأن نعكف عنده .
بعض الناس ذبابة ، يجفو القرابة ، ويسب الصحابة .
عظماؤنا ما بين مقتول ومذبوح ، ومسجون ومبطوح ومضروب ومجروح .
يا صاحب الفطن ، تريد أن تدخل الجنة بلا ثمن ، يا من يريدون الغروس والعروس ، ابذلوا النفوس ، وقدموا الرؤوس .
تريد شراء الجنة بصاع من شعير ، وهو لا يكفي علوفا للعير ، ولا فطورا للبعير ، إذا ناداك المسكين ، كأنه طعنك بسكين .
وأنت تتمنى على الله الأماني ، وتشتاق لمثل تلك المغاني .
أنت من سنين ، تبكي على الحسين ، من يحب الحسين ابن علي ، فليطع الولي ، هذا هو الحب الجلي .
أنت مثل شيخ فزارة ، حينما قطع أزراره ، قالوا مالك ؟
قال: أفدي بها أخي أبا عمارة .
أنا أعلن صرخة الاحتجاج ، ضد ابن زياد والحجاج ، يا أرض الظالمين أبلعي ماءك ، ويا ميادين السفّاحين أشربي دماءك .
آه ما أطوله من يوم للقتلة ، إذا جاء المقتول ومن قتله ، في يوم لا يكون الحاكم فيه إلا الواحد ، ولا المُلك إلا للماجد ، وقد خاب فيه الجاحد المعاند .
الحسين شهيد ، على رغم أنف العنيد ، ما قتل وما نهب ، وما ظلم وما سلب .
وقد أخطأ ابن خلدون حينما نقل أن الحسين قتل بسيف الشريعة ، وهذا النقل من الأمور الشنيعة ، بل قال شيخ الإسلام ، علم الأعلام: قُتل الحسين بسيف الظلم والعدوان ، وقتله مصيبة يُؤجر عليها من استرجع من أهل الإيمان: (إنا لله وإنا إليه راجعون) ، وإنا لرسوله لتابعون .
إن كان قتل الحسين من العدل ، فقد ألغى مدلول النقل والعقل ، وما عاد في الدنيا ظلم ، وما بقي في الأرض إثم .
وإذا احتاج إثبات النهار إلى كلام ، فقل على الدنيا السلام .
في كربلاء ، كرب وبلاء ، على ثراها قلب ذكي ، ودم زكي .
الحسين ليس بحاجة إلى مآتم وولائم ، تزيد الأمة هزائم إلى هزائم .
الحسين على نهج جدّه محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى مذهب أبيه المسدد ، تقوى تمنع من الانحراف ، وعدل يحمل على الإنصاف .
ولو أن الحسين صاحب دنيا لما بكينا ، ولو أنه طالب جاه ما اشتكينا ، ولكنه من البيت الطاهر ، صاحب النسب الباهر ، أمانته رصينة ، وأخلاقه حصينة .
صح الخبر في السنة ، أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، فإذا قتل السيد كيف حال المسود ، وضحية الحاسد هو المحسود ، وقال جدهما المعصوم: (هما ريحانتاي من الدنيا) فهم بهذه التزكية في الدرجة العليا ، والريحانة تشم ولا تقطع ، وتمسح ولا تقلع ، جاؤوا بالرأس إلى ابن زياد في العراق، والدم مهراق ، ثم لم تبك للظلمة عيون ، ولم تتحرك شجون ، وهذا برهان على أن قلوب الظلمة كالحجارة ، وأن نفوسهم ملئت بالمرارة .
لما أغمد سيف الجهاد ، سله ابن زياد ، على العلماء والعباد .
لو كانت الأمة شاركت في قتل الحسين لكانت ظالمة ، ولو رضيت بذلك لأصبحت آثمة ، وقعت الأمة بين فكي زياد ويزيد ، يدوسون الجماجم ويقولون: هل من مزيد ، وتصفق له أراذل العبيد .
ليل الحسين صلاة وخشوع وبكاء ، وليلهم رقص وطرب وغناء ، نهار الحسين تلاوة وذكر وصيام ، ونهارهم لهو وعشق وغرام .
ولهذا وقع الخلاف وعدم الإنصاف .
يا أهل العقول ، إن قتل سبط الرسول ، وابن البتول ، أمر مهول ، فلا تخبروا أعداء الملة ، بهذه الزلة ، فإنها للأمة ذلة .
الحسين ليس بحاجة إلى وضع أشعار ، ولكن إلى رفع شعار ، دعنا من ترديد القصيد ، والتباكي بالنشيد ، ولكن تابع الحسين في تجريد التوحيد ، وتوقير الشيخين أهل الرأي الرشيد .
العظماء يقتلون بالسيف أعزاء ، والظلمة يموتون على فُرشهم أذلاء جبناء فالعظيم قتل بتذكية شرعية ، والجبان مات ميتة بدعية . (حرمت عليكم الميتة).
فأتت الحسين الشهادة في بدر لأنه صغير ، فعوضه الله بها في صحراء العراق وهو كبير ، الرجل يريد أن يكتب اسمه بدم ، وهو يحب البيع لا السلم ، ومن يشابه أباه فما ظلم .
الذين ينوحون على الحسين ويقولون قتل وهو مظلوم ، قلنا: هذا أمر معلوم ، ولكن كفاكم بالنياحة جهلاً .
فهل كان قتل عمر وعثمان وعلي عدلاً ؟!
النياحة في الدين غير مباحة ، لأنها مخالفة للمأمور ، وفعل للمحظور ، وتسخط بالمقدور ، لو لم يُقتل الحُسين لمات .
أفتنوحون عليه وقد كسب عز الحياة ، وسعادة الوفاة .
من أحب الحسين فليفعل فعله في حظ الدين ، وكراهية الظالمين ، وحب المساكين .
قتل الحسين دليل على عظمة الإسلام ، لأن مهره رؤوس تقطع ، وأرواح تدفع ، وضريبته دم يسيل ، ورأس في سبيل الله يميل ، الإسلام كالأسد همته ليست سخيفة ، ولذلك لا يأكل الجيفة ، لعظمة الشمس أصابها الخسوف ، ولجلالة القمر رمي بالكسوف ، والعظماء غرض للحتوف .
رحم الله السبطين ، الحسن والحسين، وعليا وفاطمة في الخالدين .
والصلاة والسلام على خاتم المرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
د. عائض القرني
من بريدي
صدى الحق
أنا سني حسيني، جعلت ترحمي عليه مكان أنيني، أنا أحب السبطين ، لكني أقدم الشيخين ، ليس من لوازم حب الشمس أن تكره القمر ، وموالاة الحسن والحسين تقتضي موالاة أبي بكر وعمر ، لأنه يحبهم ويحبونه ، ويحترمهم ويحترمونه .
قاتل الله عبيد الله ، يحرج على رؤوس العظماء في سوق المزاد .
الحسين لا يمجد بضريح ، ولا بالإسراف في المديح ، لكننا نصدق في حبه ، إذا اتبعنا جده ، وحملنا وده ، وليس بأن نعكف عنده .
بعض الناس ذبابة ، يجفو القرابة ، ويسب الصحابة .
عظماؤنا ما بين مقتول ومذبوح ، ومسجون ومبطوح ومضروب ومجروح .
يا صاحب الفطن ، تريد أن تدخل الجنة بلا ثمن ، يا من يريدون الغروس والعروس ، ابذلوا النفوس ، وقدموا الرؤوس .
تريد شراء الجنة بصاع من شعير ، وهو لا يكفي علوفا للعير ، ولا فطورا للبعير ، إذا ناداك المسكين ، كأنه طعنك بسكين .
وأنت تتمنى على الله الأماني ، وتشتاق لمثل تلك المغاني .
أنت من سنين ، تبكي على الحسين ، من يحب الحسين ابن علي ، فليطع الولي ، هذا هو الحب الجلي .
أنت مثل شيخ فزارة ، حينما قطع أزراره ، قالوا مالك ؟
قال: أفدي بها أخي أبا عمارة .
أنا أعلن صرخة الاحتجاج ، ضد ابن زياد والحجاج ، يا أرض الظالمين أبلعي ماءك ، ويا ميادين السفّاحين أشربي دماءك .
آه ما أطوله من يوم للقتلة ، إذا جاء المقتول ومن قتله ، في يوم لا يكون الحاكم فيه إلا الواحد ، ولا المُلك إلا للماجد ، وقد خاب فيه الجاحد المعاند .
الحسين شهيد ، على رغم أنف العنيد ، ما قتل وما نهب ، وما ظلم وما سلب .
وقد أخطأ ابن خلدون حينما نقل أن الحسين قتل بسيف الشريعة ، وهذا النقل من الأمور الشنيعة ، بل قال شيخ الإسلام ، علم الأعلام: قُتل الحسين بسيف الظلم والعدوان ، وقتله مصيبة يُؤجر عليها من استرجع من أهل الإيمان: (إنا لله وإنا إليه راجعون) ، وإنا لرسوله لتابعون .
إن كان قتل الحسين من العدل ، فقد ألغى مدلول النقل والعقل ، وما عاد في الدنيا ظلم ، وما بقي في الأرض إثم .
وإذا احتاج إثبات النهار إلى كلام ، فقل على الدنيا السلام .
في كربلاء ، كرب وبلاء ، على ثراها قلب ذكي ، ودم زكي .
الحسين ليس بحاجة إلى مآتم وولائم ، تزيد الأمة هزائم إلى هزائم .
الحسين على نهج جدّه محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى مذهب أبيه المسدد ، تقوى تمنع من الانحراف ، وعدل يحمل على الإنصاف .
ولو أن الحسين صاحب دنيا لما بكينا ، ولو أنه طالب جاه ما اشتكينا ، ولكنه من البيت الطاهر ، صاحب النسب الباهر ، أمانته رصينة ، وأخلاقه حصينة .
صح الخبر في السنة ، أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، فإذا قتل السيد كيف حال المسود ، وضحية الحاسد هو المحسود ، وقال جدهما المعصوم: (هما ريحانتاي من الدنيا) فهم بهذه التزكية في الدرجة العليا ، والريحانة تشم ولا تقطع ، وتمسح ولا تقلع ، جاؤوا بالرأس إلى ابن زياد في العراق، والدم مهراق ، ثم لم تبك للظلمة عيون ، ولم تتحرك شجون ، وهذا برهان على أن قلوب الظلمة كالحجارة ، وأن نفوسهم ملئت بالمرارة .
لما أغمد سيف الجهاد ، سله ابن زياد ، على العلماء والعباد .
لو كانت الأمة شاركت في قتل الحسين لكانت ظالمة ، ولو رضيت بذلك لأصبحت آثمة ، وقعت الأمة بين فكي زياد ويزيد ، يدوسون الجماجم ويقولون: هل من مزيد ، وتصفق له أراذل العبيد .
ليل الحسين صلاة وخشوع وبكاء ، وليلهم رقص وطرب وغناء ، نهار الحسين تلاوة وذكر وصيام ، ونهارهم لهو وعشق وغرام .
ولهذا وقع الخلاف وعدم الإنصاف .
يا أهل العقول ، إن قتل سبط الرسول ، وابن البتول ، أمر مهول ، فلا تخبروا أعداء الملة ، بهذه الزلة ، فإنها للأمة ذلة .
الحسين ليس بحاجة إلى وضع أشعار ، ولكن إلى رفع شعار ، دعنا من ترديد القصيد ، والتباكي بالنشيد ، ولكن تابع الحسين في تجريد التوحيد ، وتوقير الشيخين أهل الرأي الرشيد .
العظماء يقتلون بالسيف أعزاء ، والظلمة يموتون على فُرشهم أذلاء جبناء فالعظيم قتل بتذكية شرعية ، والجبان مات ميتة بدعية . (حرمت عليكم الميتة).
فأتت الحسين الشهادة في بدر لأنه صغير ، فعوضه الله بها في صحراء العراق وهو كبير ، الرجل يريد أن يكتب اسمه بدم ، وهو يحب البيع لا السلم ، ومن يشابه أباه فما ظلم .
الذين ينوحون على الحسين ويقولون قتل وهو مظلوم ، قلنا: هذا أمر معلوم ، ولكن كفاكم بالنياحة جهلاً .
فهل كان قتل عمر وعثمان وعلي عدلاً ؟!
النياحة في الدين غير مباحة ، لأنها مخالفة للمأمور ، وفعل للمحظور ، وتسخط بالمقدور ، لو لم يُقتل الحُسين لمات .
أفتنوحون عليه وقد كسب عز الحياة ، وسعادة الوفاة .
من أحب الحسين فليفعل فعله في حظ الدين ، وكراهية الظالمين ، وحب المساكين .
قتل الحسين دليل على عظمة الإسلام ، لأن مهره رؤوس تقطع ، وأرواح تدفع ، وضريبته دم يسيل ، ورأس في سبيل الله يميل ، الإسلام كالأسد همته ليست سخيفة ، ولذلك لا يأكل الجيفة ، لعظمة الشمس أصابها الخسوف ، ولجلالة القمر رمي بالكسوف ، والعظماء غرض للحتوف .
رحم الله السبطين ، الحسن والحسين، وعليا وفاطمة في الخالدين .
والصلاة والسلام على خاتم المرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
د. عائض القرني
من بريدي
صدى الحق