PDA

View Full Version : فقه الواقع مقوماته وآثاره


USAMA LADEN
18-09-2005, 08:27 AM
فقه الواقع مقوماته وآثاره

أولاً: حاجتنا إلى فقه الواقع

بسم الله الرحمن الرحيم


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا كثيرا 0
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)(1).
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)(2).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)(3).
أما بعد:
أيها الأخوة المؤمنون، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته، حمدا لك ربي أن هيأت لنا هذا اللقاء الطيب المبارك بإذن الله ثم شكرا لكم أيها الأخوة الكرام شكرا لكم يا من تجشمتم عناء المجيء في هذه الليلة الباردة؛ لتستمعوا إلى أخ لكم من إخوانكم، وإنني على ثقة بل وإنني أخشى أن أخيب ظنكم؛ لأنكم أيها الأحبة قد أحرجتموني بحضوركم وأحرجني الشيخ جزاه الله خيرا بالكلمات التي قالها، ولقد والله رجوته هذا اليوم مرارا ألا يفعل ففعل فسامحه الله أقول لأخي الكريم رفقا بأخيك رفقا بأخيك، وإن كان هذا دأبك، فرفقا بإخوانك فالحي لا تؤمن عليه الفتنة إنني لا أشك أنه يقولها من قلب مفعم بالحب، ولكن ما بيننا أقول أرفع من ذلك، فسامحه الله وعفا الله عنا وعنه والله المستعان، وأقول: اللهم اجعلني خيرا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون.
أخوتي الكرام: في هذه الليلة الطيبة المباركة، سأتحدث معكم حديثا يختلف عن بعض الأحاديث التي كنتم تستمعون إليها حديثي ليس حديثا حماسيا، ولا حديثا في مناسبة من المناسبات إنما هو حديث عن قضية من القضايا سأتحدث معكم في موضوع طالما أرقني، وطالما وقفت معه متأملا ومقلبا النظر، وهذا الموضوع الذي ألقيه بين أيديكم هذه الليلة قد عشت وإياه أكثر من سنة، ولا أكون مبالغا إذا قلت قرابة سنتين، وأنا في كل يوم وفي كل مناسبة أضع نقطة، وآخر نقطة وضعتها قبل آذان المغرب.
هذا الموضوع أيها الأخوة يتعلق بقضية مصيرية تعيشها أمتنا أقول: قلبت النظر، فرأيت حال الأمة رأيت ما نحن فيه من ضعف وتأخر رأيت المستوى الذي بلغناه في الماضي، والحال التي وصلنا إليها في الحاضر، وتوالت الأحداث وأصبحت هذه الأمة في وضع تاريخي لم يمر عليها منذ سنوات طويلة بل إنني أقول غير مبالغ: إنني حسب قراءاتي للتاريخ لا أعرف أنه مر بأمتنا مرحلة من المأساة والضعف والاعتماد على أعدائها كما هي تعيش اليوم قلت: لعلني لعلي أقف وإياكم نعالج هذه القضية من أساسها، ووجدت أن جهلنا بواقعنا وأخص كثيرا من طلاب العلم سبب من الأسباب الرئيسة التي أوصلتنا إلى الحالة التي نحن فيها.
والموضوع أحبتي الكرام فقه الواقع مقوماته وآثاره موضوع طويل، طويل، ولذلك فإنني سأضطر للاختصار أولا، وسأطيل ثانيا فتحملوا مني بارك الله فيكم.
أقول: إن قضية فقه الواقع التي نتحدث عنها هذه الليلة موضوع مهم وخطير، وإنني على قناعة تامة بأننا لو كنا نفقه الواقع كما ينبغي لما آلت حالنا إلى الوضع الذي نحن فيه الآن، وفقه الواقع أحبتي الكرام ليس فقها جديدا بل هو فقه قديم قدم هذا الدين، وسأقف معكم مع عدة عناصر في هذا الموضوع آخذها فصلا فصلا وبابا بابا محاولا قدر الإمكان الجمع بين الإيجاز والوفاء.
فأقول: حاجتنا إلى الوعي حاجتنا إلى فقه الواقع إذا قرأنا في كتاب ربنا نجد قوله تعالى في سورة الأنعام (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ)(4) استبانة سبيل المجرمين أحبتي الكرام هي فقه الواقع، ولقد تحدث المفسرون كثيرا عند هذه الآية، ووقفوا معها، وبينوا ما يجب علينا تجاه هذه المسألة، والواقع الملح أننا غفلنا كثيرا كثيرا عن استبانة المجرمين أو عن استبانة سبيل المجرمين فعبثوا في بلادنا وديارنا وديننا وعقيدتنا ومجتمعنا.
المجرمون أحبتي الكرام يعملون بالإفساد ويسعون بالإفساد منذ سنوات طويلة، ونحن صحونا إن كنا قد صحونا متأخرين جدا والله جلا وعلا يقول لنا: (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ)(5) أقول: هذه الآية لأن هناك من طلاب العلم هداهم الله من يتصور أن فقه الواقع هو مجرد ترف أو مجرد ثقافة أو مجرد مزيد من المعلومات لا.




--------------------------------------------------------------------------------

1 - سورة آل عمران آية : 102 .
2 - سورة النساء آية : 1 .
3 - سورة الأحزاب آية : 70-71 .
4 - سورة الأنعام آية : 55 .
5 - سورة الأنعام آية : 55 .