PDA

View Full Version : سماحة المفتي يحذر من ترك صلاة الجماعة ويقرّر الإجماع على وجوبها ويرد على مخالف ذلك


العازمي
22-03-2007, 04:53 PM
المفتي يحذر من ظاهرة الصلاة في البيوت ويرد على من قال بجوازها





* الرياض - الجزيرة:



ألقى سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ محاضرة توجيهية في جامع إسكان أعضاء هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عن فضل المساجد والصلاة فيها بحضور معالي مدير الجامعة الدكتور محمد بن سعد السالم ووكلاء الجامعة وأعضاء هيئة التدريس.

وتحدث سماحته في بداية المحاضرة عن فضل الصلاة بشكل عام مستدلا بأدلة الكتاب والسنة الحاثة عليها وعن أهميتها بصفتها أحد أركان الإسلام الخمسة وأنها عماد الإسلام، بعدها تحدث سماحته عن المساجد وفضلها في الإسلام، وفضل عمارة المساجد وحث المقتدرين بالمبادرة إلى بنائها والابتعاد عن التكلف في زخرفة المساجد.

وبين سماحة المفتي آداب المساجد التي ينبغي على المسلم مراعاتها سواء كان إماما أو مصليا، وفضل ملازمة المساجد في تحري الصلوات وقراءة القرآن فيها وتدريسه، كما تناول فضل الصلاة في المساجد وحذر من خطورة ترك الصلاة فيها، ورد سماحته على الذين قالوا بجواز صلاة المسلم الصلاة المفروضة في بيته وقال: إن المسلمين أفتوا بالإجماع على وجوب الصلاة في المساجد، وختم سماحته بالإجابة على أسئلة الحاضرين المتعلقة بالمحاضرة. وبعد نهاية المحاضرة شرف سماحة المفتي مأدبة العشاء التي أقامتها الجامعة في قاعة المناسبات بالمدينة الجامعية.


http://www.al-jazirah.com/113976/lp2d.htm


يقول فضيلة الشيخ د. يوسف بن أحمد بن عبد الرحمن القاسم في تقرير الإجماع على وجوب صلاة الجماعة الوارد ذكره في كلام سماحة الشيخ المفتى عبد العزيز آل الشيخ ما نصه :

ومما يجدر التنبيه عليه هنا، أمران:


الأمر الأول: أن من أهل العلم من حكى الإجماع على وجوب صلاة الجماعة، أو ما يشبه الإجماع، ومنهم أبو بكر الكاساني الحنفي (587هـ)، وشيخ الإسلام ابن تيمية الحنبلي (728هـ) رحمهما الله تعالى.

فأما الكاساني، فإنه حكى توارث الأمة للوجوب، حيث قال في بدائع الصنائع (1/155) في معرض استدلاله على وجوب صلاة الجماعة: "وأما توارث الأمة، فلأن الأمة من لدن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إلى يومنا هذا واظبت عليها، وعلى النكير على تاركها، والمواظبة على هذا الوجه دليل الوجوب" أهـ.

وأما ابن تيمية، فإنه وإن حكى خلاف المذاهب الفقهية، كما في المجموع (23/225) فإنه حكى إجماع الصحابة على الوجوب، كما نقله عنه الشيخ عبد الله بن بسام في نيل المآرب (1/211) والجد الشيخ عبد الرحمن بن قاسم في حاشيته الشهيرة على الروض (2/259) حيث قال في معرض تقريره لوجوب الجماعة:

"قال الشيخ –يعني ابن تيمية- وهو المشهور عن أحمد، وغيره من أئمة السلف، وفقهاء الحديث، وغيرهم، بل وإجماع الصحابة" أهـ. وحيث إن بعض المنتسبين للعلم -قديماً وحديثاً- يعزو القول بسنية صلاة الجماعة إلى بعض الأئمة دون تمحيص، فقد نبه الشيخ ابن قاسم –رحمه الله- على أن من يقول بأنها سنة، فإنه يقصد السنة المؤكدة الموافقة للواجب، كما أن كثيراً من المتقدمين يطلق القول بالكراهة، ويقصد بها كراهة التحريم لا التنزيه، وهو اصطلاح معروف لدى أهل العلم، وفي هذا يقول الشيخ ابن قاسم في الحاشية (2/256): "ومن قال من الأئمة: إنها سنة، فمؤكدة؛ لتصريحهم بتأثيم تاركها، وسقوط عدالته، وتعزيره، وأنه لا رخصة في تركها إلا لعذر؛ للأخبار، فوافقونا معنى، بل صرح بعضهم بأنها سنة مؤكدة، وأنهم أرادوا بالتأكيد: الوجوب؛ أخذاً بالأخبار الواردة بالوعيد الشديد على تركها" أهـ.

وما قرره الشيخ في الحاشية، سبقه إليه العلامة ابن القيم (751هـ) حيث قال في كتابه الصلاة (1/137) في سياق حديثه عن وجوب صلاة الجماعة: "وقالت الحنفية، والمالكية: هي سنة مؤكدة، ولكنهم يؤثمون تارك السنة المؤكدة، ويصححون الصلاة بدونه، والخلاف بينهم وبين من قال إنها واجبة، لفظي، وكذلك صرح بعضهم بالوجوب" أهـ.

وما قرره ابن القيم هنا يتفق مع ما قرره الحنفية في كتبهم، دون المالكية.

وهذا التقرير يقودنا إلى التنبيه على الأمر الثاني:

وهو وجوب الدقة في عزو الأقوال إلى أصحابها، ومراعاة المصطلحات الخاصة بكل مذهب، فالحنفية –على سبيل المثال- ينسب إليهم القول في صلاة الجماعة بأنها سنة مؤكدة، كما هو مدون في كتبهم، ولكنهم يقصدون بالسنة المؤكدة: الواجب، وهذا ما صرح به علماؤهم، ومنهم علاء الدين السمرقندي (ت 539هـ) في تحفة الفقهاء (1/358) حيث قال: "إن الجماعة واجبة، وقد سماها بعض أصحابنا سنة مؤكدة، وكلاهما واحد" وكذا قال الكاساني (ت 587هـ) في بدائع الصنائع (1/155) وعبارته: "قال عامة مشايخنا: إنها –أي صلاة الجماعة- واجبة، وذكر الكرخي: أنها سنة... وليس هذا اختلافاً في الحقيقة، بل من حيث العبارة؛ لأن السنة المؤكدة والواجب سواء، خصوصاً ما كان من شعائر الإسلام..." أهـ.

وأما الشافعية، فقد صرح إمامهم محمد بن إدريس الشافعي (204هـ) في كتابه الأم (1/154) بما يدل دلالة واضحة أنه يرى الوجوب، حيث قال: "فلا أرخص لمن قدر على صلاة الجماعة في ترك إتيانها إلا من عذر" ومعلوم أن كتاب الأم من مصادر القول الجديد للشافعي –رحمه الله- وكذا عزا هذا القول له النووي في المجموع (4/184) وقال: "وهذا قول اثنين من كبار أصحابنا المتمكنين في الفقه والحديث، وهما أبو بكر ابن خزيمة، وابن المنذر.." أهـ.

وأما الحنابلة، فالرواية المشهورة عن الإمام أحمد –رحمه الله- أن صلاة الجماعة واجبة، وهي المذهب عند الحنابلة، كما صرح به المرداوي في الإنصاف (2/210) ثم قال: "وعليه جماهير الأصحاب" أهـ.

وبهذا يتبين لك –أخي القارئ- عدم دقة القول بأن مذهب الجمهور هو القول بأنها سنة، خلافاً لما هو مثبت في بعض كتب الخلاف العالي، ولذا، فالواجب توثيق رأي كل إمام من كتب المذهب نفسه، وإن كانت كتب المذهب أحياناً تصرح بأن المذهب هو كذا، خلافاً لنص الإمام، كما نبه عليه شيخ الإسلام ابن تيمية، وغيره.

وبكل حال، فقد ذهب المحققون من أهل العلم إلى وجوب صلاة الجماعة في بيوت الله تعالى، وبهذا أفتت اللجنة الدائمة للإفتاء في الفتوى رقم (6036) برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله- وذلك اتباعاً لأدلة الكتاب والسنة، ولما عليه صحابة هذه الأمة كما يدل عليه قول ابن مسعود الثابت في صحيح مسلم (1/453): "لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق قد علم نفاقه، أو مريض، إن كان المريض ليمشي بين رجلين حتى يأتي الصلاة)، وإذا كان هذا حال المريض المرخص له الصلاة في بيته، فما الظن بالصحيح المعافى؟! وهذا الأثر دليل ظاهر على استقرار أمر الوجوب عند الصحابة –رضي الله عنهم- وهو شاهد حسن على ما حكاه ابن تيمية من الإجماع المذكور سلفاً.

ولهذا، وغيره، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (23/252) "والمصر على ترك الصلاة في الجماعة رجل سوء ينكر عليه، ويزجر على ذلك، بل يعاقب عليه، وترد شهادته، وإن قيل إنها سنة مؤكدة" ثم قال: "ومن قال: إنها سنة مؤكدة، ولم يوجبها، فإنه يذم من داوم على تركها، حتى إن من داوم على ترك السنن التي هي دون الجماعة سقطت عدالته عندهم، ولم تقبل شهادته. فكيف بمن يداوم على ترك الجماعة؟ فإنه يؤمر بها باتفاق المسلمين، ويلام على تركها، فلا يمكن من حكم، ولا شهادة، ولا فتيا، مع إصراره على ترك السنن الراتبة التي هي دون الجماعة، فكيف بالجماعة التي هي أعظم شعائر الإسلام؟!!" أهـ.

هذا وقد كان لحمل الناس –في هذا البلد- على إغلاق متاجرهم ومحلاتهم أثناء الصلاة، ومراقبة الهيئات وجهات الحسبة لهذا الأمر بكل دقة، أثر بالغ وحسن في إعانة الناس جميعاً –المقصِّر وغيره- على أداء الصلاة في وقتها، فضلاً عما يترتب على ذلك من المحافظة على أداء الصلاة جماعة، وما ينتج عنه من فوائد كثيرة، من تذكير للغافل، وتعليم للجاهل، وتقوية لأواصر المحبة بين أفراد الجماعة الواحدة، وغير ذلك مما لا يخفى، والله تعالى أعلم.