مخاوي الغربة
04-05-2000, 09:49 AM
ليست القصة في حد ذاتها هي التي استوقفتني رغم جمالها وصدقها الإنساني الفريد ، لكنه هذا المغزى المخيف الذي أرادت أن تقوله لنا …فأفزعتني وأثارت حيرتي لفترة .. أما القصة فعن لحظة مؤلمة من لحظات شقاء الأنسان المعذب بهمومه وآلامه منذ الأزل .. وأما الألم فهو في قمته حين يستولي على المرء فيفقده الرغبة في الكلام والحركة ومساعدة الآخرين !
قلب جديد
ثلاث سنوات وهو يعمل معها في نفس المكان ، لم تلتفت إليه ، ولم تشعر بوجوده ، إنه شاب خجول منطو على نفسه .. قليل الكلام يؤدي عمله في صمت ، ويغادر المكان في هدوء ، وهي شابه جميلة تحب الحياة والناس ، لكنها تقول عن نفسها : لا تعرف كيف تختار حياتها .. فمن تحبه لا يلبث أن يهجرها بلا سبب ، و من يرغبها تعمى عنه إى أن ينصرف عنها ، وليس لها صديقة سوى زميلتها السمراء التي تعمل في نفس الكافتيريا وتتهمها دائما بالسذاجة لأنها تقبل على من تحب بلا تحفظ ، وتغمره حبها فلا يلبث أن يزهد فيها …
وصديقها قد فاجأها بالغدر على غير انتظار ، فكرهت كل شيء ، وقررت أن تغلق قلبها في وجه الجميع إلى أن تتعلم خبرة الحب التي تتيح لها أن تكون هي المرغوبة ويكون الطرف الآخر هو الحريص على الاحتفاظ بها .
وبين حديث العزاء المتبادل ببين الصديقتين خلال لحظات الراحة من العمل تلتفت الشابة الحزينة إلى ذلك الشاب المنطوي الذي يعمل في هدوء في مطبخ الكافتيريا وتسأل صديقتها السمراء هل هو قادر حقاً على الكلام ؟ وتشاركها صديقتها التعجب لأحواله وصمته وشعره الطويل المنسدل على جانبي وجهه .. ثم تنهض كلتاهما لأداء عملهما قبل أن يوبخهما مدير الكافتيريا أو المطعم .
وفي المساء تغادر الفتاة الحائرة مع قلبها المكان عائدة على الأقدام إلى بيتها فيلاحقها شابان عابثان يتحرشان بها ويتجاذبانها في الحديقة الخالية التي تقطعها كل مساء في طريق العودة .. وتدافع الفتاة عن نفسها بكل طاقتها فلا تلبث أن تنهار مغمى عليها ، وفي اللحظة التي يوشك فيها الشابان على اقتراف جريمتهما يظهر فجأة الشاب الصامت عامل الكافتيريا ويطيح بهما وينحني على زميلته الشابة وينظر إليها بتألم شديد ثم يخلع سترته ويغطي بها ما تكشف من جسمها خلال تعرضها لمحاولة الشابين الاعتداء عليها ، ويحملها على ذراعيه وهي غائبة الوعي ، ويتجه بها إلى بيتها فينزلها أمام بابه ويجلس غير بعيد عنها يترقب تنبهها مما غشاها إلى أن تفيق مرتعبة فتنظر إلى نفسها في فزع وإلى الشاب الغريب الصامت في قلق ثم تفتح باب بيتها وتغيب وراءه بلا كلمة واحدة ويمضي الشاب في طريقه عائدا إلى بيته .
وفي اليوم التالي غابت الفتاة عن عملها ، ثم رجعت في اليوم التالي تحمل سترة زميلها ، فتوجهت إلى المطبخ وأعادتها إلى الشاب الصامت شاكرة ، فإذا به يقول لها متألما وهو يخفض عينيه حتى لا يواجه نظرتها إنه شديد الأسف ، لأنه قد تأخر في العمل بعض الشيء ليلة الحادث المؤلم فلم يستطع حمايتها في الوقت المناسب .
وتكتشف الفتاة أن الشاب الصامت الخجول كان يتبعها دائما عن بعد كلما عملت في دورية المساء واضطرت للعودة وحدها إلى بيتها وفي وقت متأخر .
وتسأله بدهشة : هل كنت تتبعني من قبل ؟
ويجيبها ورأسه منحنيا على صدره : نعم لأحميك من أخطار الطريق في الليل .
وتغادره الفتاة لتبدأ عملها وهي مشغولة الخاطر بهذا الشاب الغريب .. لقد حماها من عدوان الشابين لكنه شديد التألم ، لأنه لم يستطع أن يمنع العدوان من البداية .. ولقد كان يتبعها كلما غادرت العمل وحيدة إلى بيتها في المساء ليحميها من أخطار الطريق ويحرص على آلا تراه أو تشعر به خلال ذلك وهو يتحدث أليها ورأسه منكس إلى الأرض وبصوت خجول .. ولا يجرؤ على النظر إليها ، فأي مشاعر صادقة يحملها هذا الشاب الصامت تجاهها .. وشيئا فشيء تجد الفتاة نفسها مهتمة بهذا الشاب الغامض .. وتلتقي به في غير أوقات العمل فتعرف أنه شاب يتيم تربى في بيت لرعاية الأطفال اليتامى ، وكان طفلا مريضا معظم سنوات طفولته ، وأنه شاب مثقف يقرأ الكتب التي لا يقرأها أمثاله من العاملين بالمطعم ويحتفظ بأسطوانات كلاسيكية ، ويفسر لها وجود عدد كبير من الكتب في مسكنه لأنه لا ينام كثيرا وأنه أعتاد العزلة منذ طفولته المريضة التي حرمه المرض خلالها من مشاركة الأطفال ألعابهم .. وتزداد الفتاة اقترابا منه واحتراما لمشاعره وأفكاره رغم غرابتها وتطلب منه أن يرفع رأسه في وجهها حين يتحدث إليها …
وتدعوه الفتاة لقضاء ليلة رأس السنة في بيتها مع أسرتها .. وتكتم علاقتها الحميمة به حتى عن صديقتها السمراء الوحيدة ، وتفاجأ ذات مساء به وهو يترنح والدماء تنزف منه بغزارة ، فقد كان يخرج المهملات من الباب الخلفي للمطعم فترصده الشابان بعد أن برأ من جراحهما و انهالا عليه ضربا وركلا ثم طعنه أحدهما بسكين في بطنه فتحامل على نفسه ونزع تلك السكين بيده ، ثم دخل المطعم يترنح ويوشك على السقوط، وصرخت الفتاة الجميلة صرخة مدوية حين رأته يتهاوى أمامها ورافقته في سيارة الإسعاف إلى المستشفى ، وصارحت الشرطة بما حدث لها يوم محاولة الاعتداء عبيها وعلاقة ذلك بما فعله الشابان بفتاها .. فألقت الشرطة القبض عليهما .
ولازمن الفتى الجريح في المستشفى وراحت تسال الطبيب بقلق عن حالته فيجيبها بأن حالته خطيرة ليس بسبب طعنة السكين وما تعرض له من ضرب وإيذاء وإنما لأن الفتى مولود بعيب خلقي في القلب ولا علاج له إلا بعملية زرع جديدة في صدره بدلا من قلبه المريض .. وتهلع الفتاة لما سمعت وتأمل أن ينجح الأطباء في إنقاذ حياته ، لكن الفتى يرفض بإصرار غريب فكرة انتزاع قلبه من صدره واستبداله بقلب جديد ، ويتمرد في المستشفى فينتزع الأنابيب التي تربطه بالأجهزة الطبية ، ويرتدي ملابسه ويغادر المستشفى في الصباح ليذهب إلى حبيبته التي لا يطيق الابتعاد عنها وتسعد الفتاة برؤيته لكنها تتساءل عن سبب رفضه لأجراء جراحة زرع القلب له .. فيجيبها دهشا للسؤال نفسه : لأنهم يريدون أن يأخذوا مني قلبي الذي أحبك !.
وتضحك الفتاة بسعادة وتحاول إقناعه بأن الإنسان إنما يحب بعقله وأفكاره وأحاسيسه وليس بعضو معين من أعضاء جسمه ، لكنه يصر على أنه يسمح لأحد بأن يأخذ منه قلبه الذي أحبها به !. .. وتأمل الفتاة في أن تقنعه مع الأيام بإجراء الجراحة الضرورية وتعلن للجميع حبها له وسعادتها به وتفرض عليهم أن يعاملوه بما يستحقه شاب طيب وأمين مثله من احترام وتقدير .
وترسو سفينة الفتاة نهائيا في مرفأ الشاب الطيب الذي تتعجب لأيمانه بخرافة الحب بالقلب الذي لا يعدو أن يكون مضخة للدم رغم ثقافته المميزة وتصطحبه معها في كل مكان .. ويبدو واضحا للجميع أنها قد عرفت أخيرا كيف تختار حياتها ومن تمنحه حبها بلا تحفظ أو حسابات فلا يزيده ذلك إلا رغبة فيها وتمسكا بها .
وتصحبه ذات يوم إلى إحدى المباريات الرياضية فيجلس إلى حوارها فخورا بوجوده معها ، وتنتهي المباراة ويغادرون الملعب فتقود الفتاة سيارتها الصغيرة ويجلس الشاب الطيب إلى جوارها يتحدث إليها .. وتراودها أحلام الاستقرار والأمان مع هذا الشاب الطيب إلى نهاية العمر وتستريح إلى أنه سيظل يحبها بالقلب الجديد كما يحبها بقلبه المريض وأكثر ، وتستمر الفتاة في خواطرها وتأملاتها بعض الوقت ثم تلتفت إليه فتجده نائما إلى جوارها كالملاك وابتسامة خفيفة تشع من ملامح وجهه الطيب الذي يتدلى على جانب صدره . وتصل السيارة إلى بيتها فتدعو فتاها برفق للاستيقاظ لكي تقدمه إلى أمها وزوج أمها وشقيقها لكن الفتى لا يزال مستغرقا في نوم الملائكة فتضحك الفتاة لاستغراقه في النوم كالطفل البريء ، وتكرر عليه النداء عدة مرات بلا استجابة من جانبه فتهزه برفق وهي تغالب الضحك فلا يستجيب .. فتهزه بشدة اكثر فإذا به نائم نومه الأبدي فلا تصرخ ولا تولول وإنما توسد رأسه صدرها وتحيطه بذراعيها وتبكي في صمت .. لقد رحل الفتى الطيب عن الدنيا في لحظة خاطفة سعيدا بأنه قد نال من السعادة ما كان يحلم ببعض منه ، واحتفظ بقلبه الذي أحبها به فوشت ملامحه شبه الباسمة بالارتياح والاستسلام وليس بالألم والخوف .
وتمت المراسم المعتادة في مثل هذه الظروف الحزينة ورجعت الفتاة مع صديقتها وهي تقول لها :
أخيرا عرفت من يستحق حبي .. لكن ها هو غاب عني إلى الأبد ..
ثم تسترجع ذكرياته معها في مخيلتها فتبتسم للذكرى ابتسامة حزينة وتقول لصديقتها : لقد كان كالملاك وعزائي الوحيد هو أنني قد أسعدته .. وسعدت به هذه الفترة القصيرة !.
تحياتي
متمنيا لكم سهرة ممتعة؟ http://www.swalif.net/swalif1/ubb/smile.gif
قلب جديد
ثلاث سنوات وهو يعمل معها في نفس المكان ، لم تلتفت إليه ، ولم تشعر بوجوده ، إنه شاب خجول منطو على نفسه .. قليل الكلام يؤدي عمله في صمت ، ويغادر المكان في هدوء ، وهي شابه جميلة تحب الحياة والناس ، لكنها تقول عن نفسها : لا تعرف كيف تختار حياتها .. فمن تحبه لا يلبث أن يهجرها بلا سبب ، و من يرغبها تعمى عنه إى أن ينصرف عنها ، وليس لها صديقة سوى زميلتها السمراء التي تعمل في نفس الكافتيريا وتتهمها دائما بالسذاجة لأنها تقبل على من تحب بلا تحفظ ، وتغمره حبها فلا يلبث أن يزهد فيها …
وصديقها قد فاجأها بالغدر على غير انتظار ، فكرهت كل شيء ، وقررت أن تغلق قلبها في وجه الجميع إلى أن تتعلم خبرة الحب التي تتيح لها أن تكون هي المرغوبة ويكون الطرف الآخر هو الحريص على الاحتفاظ بها .
وبين حديث العزاء المتبادل ببين الصديقتين خلال لحظات الراحة من العمل تلتفت الشابة الحزينة إلى ذلك الشاب المنطوي الذي يعمل في هدوء في مطبخ الكافتيريا وتسأل صديقتها السمراء هل هو قادر حقاً على الكلام ؟ وتشاركها صديقتها التعجب لأحواله وصمته وشعره الطويل المنسدل على جانبي وجهه .. ثم تنهض كلتاهما لأداء عملهما قبل أن يوبخهما مدير الكافتيريا أو المطعم .
وفي المساء تغادر الفتاة الحائرة مع قلبها المكان عائدة على الأقدام إلى بيتها فيلاحقها شابان عابثان يتحرشان بها ويتجاذبانها في الحديقة الخالية التي تقطعها كل مساء في طريق العودة .. وتدافع الفتاة عن نفسها بكل طاقتها فلا تلبث أن تنهار مغمى عليها ، وفي اللحظة التي يوشك فيها الشابان على اقتراف جريمتهما يظهر فجأة الشاب الصامت عامل الكافتيريا ويطيح بهما وينحني على زميلته الشابة وينظر إليها بتألم شديد ثم يخلع سترته ويغطي بها ما تكشف من جسمها خلال تعرضها لمحاولة الشابين الاعتداء عليها ، ويحملها على ذراعيه وهي غائبة الوعي ، ويتجه بها إلى بيتها فينزلها أمام بابه ويجلس غير بعيد عنها يترقب تنبهها مما غشاها إلى أن تفيق مرتعبة فتنظر إلى نفسها في فزع وإلى الشاب الغريب الصامت في قلق ثم تفتح باب بيتها وتغيب وراءه بلا كلمة واحدة ويمضي الشاب في طريقه عائدا إلى بيته .
وفي اليوم التالي غابت الفتاة عن عملها ، ثم رجعت في اليوم التالي تحمل سترة زميلها ، فتوجهت إلى المطبخ وأعادتها إلى الشاب الصامت شاكرة ، فإذا به يقول لها متألما وهو يخفض عينيه حتى لا يواجه نظرتها إنه شديد الأسف ، لأنه قد تأخر في العمل بعض الشيء ليلة الحادث المؤلم فلم يستطع حمايتها في الوقت المناسب .
وتكتشف الفتاة أن الشاب الصامت الخجول كان يتبعها دائما عن بعد كلما عملت في دورية المساء واضطرت للعودة وحدها إلى بيتها وفي وقت متأخر .
وتسأله بدهشة : هل كنت تتبعني من قبل ؟
ويجيبها ورأسه منحنيا على صدره : نعم لأحميك من أخطار الطريق في الليل .
وتغادره الفتاة لتبدأ عملها وهي مشغولة الخاطر بهذا الشاب الغريب .. لقد حماها من عدوان الشابين لكنه شديد التألم ، لأنه لم يستطع أن يمنع العدوان من البداية .. ولقد كان يتبعها كلما غادرت العمل وحيدة إلى بيتها في المساء ليحميها من أخطار الطريق ويحرص على آلا تراه أو تشعر به خلال ذلك وهو يتحدث أليها ورأسه منكس إلى الأرض وبصوت خجول .. ولا يجرؤ على النظر إليها ، فأي مشاعر صادقة يحملها هذا الشاب الصامت تجاهها .. وشيئا فشيء تجد الفتاة نفسها مهتمة بهذا الشاب الغامض .. وتلتقي به في غير أوقات العمل فتعرف أنه شاب يتيم تربى في بيت لرعاية الأطفال اليتامى ، وكان طفلا مريضا معظم سنوات طفولته ، وأنه شاب مثقف يقرأ الكتب التي لا يقرأها أمثاله من العاملين بالمطعم ويحتفظ بأسطوانات كلاسيكية ، ويفسر لها وجود عدد كبير من الكتب في مسكنه لأنه لا ينام كثيرا وأنه أعتاد العزلة منذ طفولته المريضة التي حرمه المرض خلالها من مشاركة الأطفال ألعابهم .. وتزداد الفتاة اقترابا منه واحتراما لمشاعره وأفكاره رغم غرابتها وتطلب منه أن يرفع رأسه في وجهها حين يتحدث إليها …
وتدعوه الفتاة لقضاء ليلة رأس السنة في بيتها مع أسرتها .. وتكتم علاقتها الحميمة به حتى عن صديقتها السمراء الوحيدة ، وتفاجأ ذات مساء به وهو يترنح والدماء تنزف منه بغزارة ، فقد كان يخرج المهملات من الباب الخلفي للمطعم فترصده الشابان بعد أن برأ من جراحهما و انهالا عليه ضربا وركلا ثم طعنه أحدهما بسكين في بطنه فتحامل على نفسه ونزع تلك السكين بيده ، ثم دخل المطعم يترنح ويوشك على السقوط، وصرخت الفتاة الجميلة صرخة مدوية حين رأته يتهاوى أمامها ورافقته في سيارة الإسعاف إلى المستشفى ، وصارحت الشرطة بما حدث لها يوم محاولة الاعتداء عبيها وعلاقة ذلك بما فعله الشابان بفتاها .. فألقت الشرطة القبض عليهما .
ولازمن الفتى الجريح في المستشفى وراحت تسال الطبيب بقلق عن حالته فيجيبها بأن حالته خطيرة ليس بسبب طعنة السكين وما تعرض له من ضرب وإيذاء وإنما لأن الفتى مولود بعيب خلقي في القلب ولا علاج له إلا بعملية زرع جديدة في صدره بدلا من قلبه المريض .. وتهلع الفتاة لما سمعت وتأمل أن ينجح الأطباء في إنقاذ حياته ، لكن الفتى يرفض بإصرار غريب فكرة انتزاع قلبه من صدره واستبداله بقلب جديد ، ويتمرد في المستشفى فينتزع الأنابيب التي تربطه بالأجهزة الطبية ، ويرتدي ملابسه ويغادر المستشفى في الصباح ليذهب إلى حبيبته التي لا يطيق الابتعاد عنها وتسعد الفتاة برؤيته لكنها تتساءل عن سبب رفضه لأجراء جراحة زرع القلب له .. فيجيبها دهشا للسؤال نفسه : لأنهم يريدون أن يأخذوا مني قلبي الذي أحبك !.
وتضحك الفتاة بسعادة وتحاول إقناعه بأن الإنسان إنما يحب بعقله وأفكاره وأحاسيسه وليس بعضو معين من أعضاء جسمه ، لكنه يصر على أنه يسمح لأحد بأن يأخذ منه قلبه الذي أحبها به !. .. وتأمل الفتاة في أن تقنعه مع الأيام بإجراء الجراحة الضرورية وتعلن للجميع حبها له وسعادتها به وتفرض عليهم أن يعاملوه بما يستحقه شاب طيب وأمين مثله من احترام وتقدير .
وترسو سفينة الفتاة نهائيا في مرفأ الشاب الطيب الذي تتعجب لأيمانه بخرافة الحب بالقلب الذي لا يعدو أن يكون مضخة للدم رغم ثقافته المميزة وتصطحبه معها في كل مكان .. ويبدو واضحا للجميع أنها قد عرفت أخيرا كيف تختار حياتها ومن تمنحه حبها بلا تحفظ أو حسابات فلا يزيده ذلك إلا رغبة فيها وتمسكا بها .
وتصحبه ذات يوم إلى إحدى المباريات الرياضية فيجلس إلى حوارها فخورا بوجوده معها ، وتنتهي المباراة ويغادرون الملعب فتقود الفتاة سيارتها الصغيرة ويجلس الشاب الطيب إلى جوارها يتحدث إليها .. وتراودها أحلام الاستقرار والأمان مع هذا الشاب الطيب إلى نهاية العمر وتستريح إلى أنه سيظل يحبها بالقلب الجديد كما يحبها بقلبه المريض وأكثر ، وتستمر الفتاة في خواطرها وتأملاتها بعض الوقت ثم تلتفت إليه فتجده نائما إلى جوارها كالملاك وابتسامة خفيفة تشع من ملامح وجهه الطيب الذي يتدلى على جانب صدره . وتصل السيارة إلى بيتها فتدعو فتاها برفق للاستيقاظ لكي تقدمه إلى أمها وزوج أمها وشقيقها لكن الفتى لا يزال مستغرقا في نوم الملائكة فتضحك الفتاة لاستغراقه في النوم كالطفل البريء ، وتكرر عليه النداء عدة مرات بلا استجابة من جانبه فتهزه برفق وهي تغالب الضحك فلا يستجيب .. فتهزه بشدة اكثر فإذا به نائم نومه الأبدي فلا تصرخ ولا تولول وإنما توسد رأسه صدرها وتحيطه بذراعيها وتبكي في صمت .. لقد رحل الفتى الطيب عن الدنيا في لحظة خاطفة سعيدا بأنه قد نال من السعادة ما كان يحلم ببعض منه ، واحتفظ بقلبه الذي أحبها به فوشت ملامحه شبه الباسمة بالارتياح والاستسلام وليس بالألم والخوف .
وتمت المراسم المعتادة في مثل هذه الظروف الحزينة ورجعت الفتاة مع صديقتها وهي تقول لها :
أخيرا عرفت من يستحق حبي .. لكن ها هو غاب عني إلى الأبد ..
ثم تسترجع ذكرياته معها في مخيلتها فتبتسم للذكرى ابتسامة حزينة وتقول لصديقتها : لقد كان كالملاك وعزائي الوحيد هو أنني قد أسعدته .. وسعدت به هذه الفترة القصيرة !.
تحياتي
متمنيا لكم سهرة ممتعة؟ http://www.swalif.net/swalif1/ubb/smile.gif