PDA

View Full Version : أحكام التشهير


المهاجر3
05-01-2001, 09:43 AM
أحـكـام التشـهير..

إن مما يكثر فيه الخلط بين طلاب العلم حكم التشهير ، وهل هو حرام بإطلاق أم أن الأمر فيه تفصيل ، ولذلك أحببت بيان هذه القضية بإيجاز ، فأقول :
التشهير : هو إذاعة السوء عــن شخص أو جهة كمجلة أو مدرسة أو دائرة أو مكتبة أو غير ذلك.
أحكامه : يختلف حكم الـتـشهـيــر باختلاف من شُهر به ، وإليك بيان ذلك على وجه التفصيل :
1- الأصل أن تشهير الناس بعضهم ببعض بذكر العيوب والتنقص من الأشخاص حرام.
أ - لأنه غيبة ، والله يقول : ((ولا يغتب بعضكم بعضْا))(1)؟ ورسـول الله -صلى الله عليه وسلم- يبين مـعـنـى الغيبـة بقوله : »ذكرك أخـاك بما يكـره..«.(2)
ب - ولأنه أذية ، وقد قال الله عـــز وجل : ((والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناْ وإثمْا مبيناْ))(3) قال ابن كثير : »أي ينسبون إليهم ما هم بُرآء منه ، لم يعملوه ، ولم يفعلوه ، يحـكــــون عن المؤمنين والمؤمنات ذلك على سبيل العيب والتنقص منهم ، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : »أربى الربى عند الله استحلال عرض امرئ مسلم ، ثم قرأ ((والذين يـؤذون الـمؤمنين والمؤمنات... الآية))«.(4) وقد قيل في معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- »من سمّع سـمّـــع الله به« : »أي من سمّع بعيوب الناس وأذاعها أظهر الله عيوبه«.
جـ- ولأنه إشاعة للفاحشة؟وقد قال الله تقدس اسمه:((إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب ألـيــم في الدنيا والآخرة ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون)).(5) وقد شنع الله تعالى على الذين رموا عائشة بالإفك كذباً وزوراً وتوعدهم بالعذاب الأليم.
وسواء أكان التشهير بحديث المجالس أو نظم هجاء من الشعر قال ابن قدامة : »ما كان من الشعر يتضمن هجو المسلمين والقدح في أعراضهم فهو محرم على قائله«.
2- إن كان المشهّرُ به بريئاً مما يشاع عنه ، فهذا هو الإفك والزور والبهتان والإثـم المبين، وأدلة تحريمه قد سبق بعضها.
3 -إذاكان المُشهّرُ به يتصف بما قيل فيه، لكنه لا يجاهر به ولا يقع به ضرر على غـيره، فالتشهير به محرم؛ لأنه غيبة وأذى وإشاعة للفاحشة ، ومن المقرر شرعاً : أن السّتر على المسلم واجب لمن ليس معروفاً بالفساد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »أقـيـلـوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا في الحدود«.(6) وقال -صلى الله عليه وسلم- : »من ستر مسلماً ســتره الله عز وجل يوم القـيـامــــة«.(7) قال النووي في شرحه : »وهذا الـسـتر في غير المشتهرين«، والواجب في مثل هذا نصحه لا فضحه.
4- يحرم تشهير الإنسان بنفسه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: »كل أمتي معافى إلا المجاهرين ، وإن من الإجهار أن يعمل العبد عملاً بالليل ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول : يا فلان عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره الله عز وجل، ويصبح يكشف ستر الله عز وجل عنه«.(8) ومن أصاب فاحشة فليستر على نفسه ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : »من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله«.(9)
5- من جــاهـــر بالمـعـصية جاز التشهير بفسقه، لأنه لا يستنكف أن يذكر بمعصيته، قال أحمد : »إذا كان الرجل معلناً بفسقه فليست له غيبة«.
6 -إذا كـــان التشهير على سبيل نصيحة المسلمين وتحذيرهم : كجـرح الرواة والشهـود، والـتشـهــير بمن لا يحسنون الفـتـيا، أو يكـتـبـون فـيـمـــا لا يعلمـون أو المبتدعة، أو ممن يتظاهرون بالعلم وهم فسقة أصــحــاب سوء وفتنة فهو واجــب. قـال القرافي(10) : »أرباب البدع والتصانيف المضلة ينبغي أن يشهر في الناس فسادهــــم وعيبهم ، وأنهم على غــيــر الــصـواب ليحذرها الناس الضعفاء فلا يقعوا فيها... بشرط أن لا يتعدى فيها الصدق ، ولا يفترى على أهلها من الفسوق والفواحش ما لم يفعلوه، بل يقتصر على ما فيهم من المنفرات خاصة ، فلا يقال في المبتدع : إنه يشرب الخمر ولا أنه يزني ولا غير ذلك مما ليس فيه، ويجوز وضع الكتب في جرح المجروحين من الرواة.. بشرط أن تكون النية خالصة لله تعالى في نصيحة المسلمين في ضبط الشريعة ، أما إذا كان لأجل عداوة أو تفكه بالأعراض وجرياً مع الهوى فذلك حرام ، وإن حصلت به المصلحة عند الرواة« ، وفي مغني المحتاج (11) : يـنـكــر على من تصدى للتدريس والفتوى والوعـظ وليس هو من أهله ويشهر أمره لئلا يغتر به«.
7 -يجب على الحاكم إشهار إقـامـة الـحــدود ، قال تعالى : (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ».(12) قال الكاساني(13) : »والـنــص وإن ورد في حد الزنى لكن النص الوارد فيه يكون وارداً في سائر الحدود دلالة ؛ لأن المـقـصــــود مــن الحدود كلها واحد ، وهو زجر العامة ، وذلك لا يحصل إلا وأن تكون الإقامة على رأس الـعـامة ؛ لأن الحضور ينزجرون بأنفسهم بالمعاينة ، والغائبون ينزجرون بإخبار الحضور ، فيحصل الزجر للكل«.
الهوامش :
(1)الحجرات ، آية (12).
(2)أخرجه أبو داوود والترمذي ، وقال : هذا حديث صحيح.
(3)الأحزاب ، آية (58).
(4)رواه أحمد وأبو داوود.
(5)النور ، آية (19).
(6)رواه أحمد.
(7)رواه مسلم.
(8)رواه البخاري ومسلم.
(9)رواه مالك والبيهقي والحاكم وصححه.
(10)الفروق (4/206).
(11)مغني المحتاج (4/211).
(12)النور ، آية (2).
(13)بدائع الصنائع (7/60).

حرف
05-01-2001, 11:18 AM
السلام عليك اخي الكريم

موضوعك وايد مهم وياليت الجميع يقرونه وياليت بعد ينشر في جميع الاقسام، وخاصه انه القضيه هذي فيها لبس وايد بين المسلمين وخاصه المتدينين منهم.

جزاك الله خير وسمحلي اخذ الموضوع.

حرف

صدى الحق
05-01-2001, 06:15 PM
جزاك الله خيراً أخي على مساهمتك القيمة التي يفتقد الكثيرين منا العمل بها هذه الأيام إذ غلبت أهوائنا جُل تصرفاتنا ، فأصبحنا كثيراً ما ننتصر لأنفسنا في وجه الحق .

أخوك
صدى الحق