PDA

View Full Version : وجاورت قبر الباز حُبّا و صحبةً قصيدة مبكية في رثاء العلامة


أبو لـُجين ابراهيم
11-01-2001, 10:42 PM
( و جاورت قبر الباز حُبّا و صحبةً ) قصيدة مبكية في رثاء العلامة ابن عثيمين

شعر: صالح بن علي العمري- الظهران


تباركت ربي حين تعطي وتمنعُ *** تباركت ربي حين تُدْني وترفعُ

تباركت ربي عزّةً و جلالةً *** إليك إذا ما احلولك الخطب نفزعُ

لك الخلق.. تقضي حكمةً و تلطّفاً *** و كلٌّ إلى الله المهيمن يرجعُ


تباركت علما..أنت نوري وملجأي *** ويا دافع الأمر الذي ليس يُدفع

لك الحكم إن ضاقت علينا وإن بغت *** ففضلك يا منّان أرضى و أوسع

لك الأمر إن لاحت خطوبٌ جسيمةٌ *** فحفظك يا رحمن أقوى و أمنعُ

تباركت.. ثبّت مهجةً قد تفطّرت *** و قلبا على وقع الرزايا يُفزّعُ

أتاك لظى دمعي و همّي و غربتي *** و آهات روحي والفؤادُ المُفجّع

أعالجُ جمرا في الحشا و صبابةً *** و تُصلى على نار المصيبة أضلعُ

و أبكي.. فأستعزي بذكرى حبيبنا *** فأسلو.. وما يجديك أنّك تجزعُ !!

لعمري وإن كانت حياةً طويلةً *** فكلٌّ له في صولة الدهر مصرعُ

غرورٌ و أحلامٌ و همٌّ و حسرةُ *** و ظلٌّ تولى.. و الجديد يُرقّعُ

أأبكيك شيخَ الزهد والعلم والتقى *** وقد حُقَّ أن أبكي فؤادا يُصدّع

أيرثيك شعري، والمصيبة هيمنت *** يحار الفتى في أمره كيف يصنع

ذهبت إلى عزٍّ و مجدٍ و رفعةٍ *** فَجُزْتَ .. و ما زلنا نصالي و نُصْرعُ

و تُسْلمنا الدنيا لبلوى و محنةٍ *** و للشر أنيابٌ بها السمُّ يلمعُ

لئن غبت جثمانا فوالله لم تغب *** و ذكرك بين الناس أبقى وأرفعُ

تراثك موصولٌ، وعلمك خالدٌ *** و خيرك للغادي مصيفٌ و مربعُ

و ما مات من زانت بساتين فكره *** و فتواه في العلياء كالشمس تسطع

و ما مات من أسدى إلى الحق عمره *** و قلبك بالأخرى شغوفٌ مولّعُ

يهلّ كأن القطر من حسن قوله *** فتثمرُ أغصانٌ و يزهر بلقعُ

ركبت مطايا العزم تقوىً و همّةً *** و أنت لفعل الخير أدنى و أسرع

و أُسديت ثوب الزهد.. ثوبا مسربلا *** و ذلك ثوبٌ ليس والله يُخلعُ

ومن ذاق طعم الأنس بالله حقبةُ *** فليس له في عيشة الزيف مطمع

و غيرك يستعلي عروشا كسيحةً *** و أنت على عرش القلوب تربّعُ

تفكرتُ في دنياك، والأمن سابغٌ *** لمن كان لله المهيمن أخشعُ

صلاةٌ و قرآن و ذكر ومسجدٌ *** و حولك أجيالٌ و عانٍ و موجعُ

فأنى لظلم النفس حظٌ و إنما *** شُغلتَ بفعل الخير والدرب مّهْيّعُ

وكم قمت في عين الملمّات فانثنت *** وأنت لحصن الدين بابٌ مُمنّعُ

تبدّيت كالشُمِّ الرواسيْ تجذّرت *** تقرُّ بها الدنيا و لاتتزعزعُ

و قفت بشهر الصوم طوداً على الضنى *** تبشُّ . . فلا تشكو و لاتتوجعُ

بلاءٌ لو استعلى على رأس شاهقٍ *** لخرَّ من البلوى طريحا يُصدّعُ

بُليت وفي البلوى طهورٌ و رفعةٌ *** و في غمرة السكرات تفتي و تنفعُ

و من حولك الأجيال من كل بقعةٍ *** و أرواحهم تشتاقُ و الدهر يسمعُ

فأنساهمُ خوفا عليك من الردى *** فوائدُ حبرٍ عن قريبٍ تُشيّعُ

تركتهمُ جمعا أقاموا على الأسى *** أعيذهمُ بالله من أن يُضيّعوا

ستخلد يا ذكر " العثيمين" معلما *** على هامة الأيام تاجٌ مرصّعُ

فواللة لاتنفكُ تغليك أمتي *** و يأسى على ذكراك قلبٌ و مدمعُ

فتاواك أنوارٌ.. وصوتك رحمةٌ *** و نصحك مثل الغيث، و"الشرحُ ممتعُ"

ونعشك أجفاني و قبرك مهجتي *** و ذكرك للصحب المحبين منبعُ

لئن أودعوك اليوم في طيّب الثرى *** فقد علموا من في ثرى الطيب ودّعوا

و جاورت قبر الباز حُبّا و صحبةً *** عسى أن يكن في جنّة الخلد مجمعُ

تُخَلّدُ أعمال الدعاة و تزدهي *** وفاءً ، إذا ما زال كسرى وتُبّعُ

عليك سلام الله ما هلّ هاطلٌ *** و ما هبّ نسمٌ و انحنى متضرعُ..