View Full Version : ( مبنــاهــا .. ومعنـــاهــا ...)
بو عبدالرحمن
12-01-2001, 08:27 AM
_
سؤال :
هل السعادة تعني الضحك والرقص ومتابعة اللذة ، والانتفاش في غرور على الناس ؟
بمعنى :
هل بالضرورة أن يكون كل ضاحك ، وكل مغني ، وكل مشهور ،
وكل متابع للهوى ، ولك منتفش على الناس … وأمثال هؤلاء ..
هل بالضرورة أن يكون هذا الإنسان سعيدا محسودا على سعادته ….؟؟
أحسب أن الإجابة على هذا السؤال معروفة ، ولا تحتاج إلى بيان ..
- - -
أعجبني أحد العلماء وهو يفرّق بين المتعة ، وبين السعادة ..
فليس كل متمتع بشيء سعيد بالضرورة ..
لأن السعادة مبناها ومحلها القلب ، والقلب بيد الرب جل في علاه ..
أما المتعة فقد تكون محصورة في الحواس ، ويحسب الإنسان أنه سعيد وهو يتناولها ويمارسها .
ولذا نرى ربنا جل جلاله يخبر عن الكافرين :
( فأمتعه قليلاً ثم اضطره إلى عذاب النار ) .. ( كلوا وتمتعوا قليلا ..)
لاحظ: أنها مجرد متعة من ناحية .. وأنها قصيرة خاطفة قليلة من ناحية ..!!
لم يذكر ربنا سبحانه في آية واحدة أن الكافر والمنافق والفاسق يمكن أن يتحصل على سعادة حقيقية .
لأن القلب بيد الله عز وجل ، يقلبه كيف يشاء ،
فكيف يمكن أن يملأ هذا القلب بالسعادة وهو يصر على الإعراض عنه ، ومخالفة أوامره .؟؟؟
- - -
إن السعادة الحقيقية : لن تكون على كمالها وتمامها وروعتها :
إلا للمؤمن الصادق المقبل بكلية قلبه على ربه ،
ليملأ عليه ربه سبحانه حياته أنسا وسكينة وسعادة وهناء ..
بل إن نسائم الجنة لتهب على هذا القلب السماوي فتجعله منتشيا إلى درجة مذهلة يعجز عن التعبير عنها ..
ولذا قال أحد العلماء الربانيين :
نحن في لذة لو عرفها الملوك وأبناء الملوك .. لقاتلونا عليها بالسيوف ..!
وقال الآخر :
مساكين أهل الدنيا ( يعني أهل الأهواء والشهوات ) ..
خرجوا من الدنيا ولم يذوقوا أحلى وأطيب ما فيها.. قيل له : وما أحلى وأطيب ما فيها ؟
قال : معرفة الله تعالى ، والإقبال عليه ، والتلذذ بمناجاته وذكره .
ولا يزال وراء الكلام كلام ..
بو عبدالرحمن
12-01-2001, 08:11 PM
_
أنزلت نفس الموضوع بنفس العنوان في أحد المنتديات ..
وفجأني أخ كريم ، كأنه فهم من كلامي أنني أكفر العصاة وأصحاب الذنوب ..!!
وهل أنا إلا منهم ؟؟
على كل حال ..
كان ردي عليه كالآتي : ( أرجو تنبيهي إذا أخطأت )
- - -
حياك الله وبياك وجعل الجنة مأواك
وأسعدك الله في دنياك .. وأخراك أيضا ..
أخي الحبيب ..
وهل جاء في كلامي أنني أكفر أحداً ؟
أعوذ بالله من غضب الله ..
نحن لا نكفر مسلما لمصية أو لذنوب وقع فيها .
ومن منا يسلم من جملة من هذه الذنوب والمعاصي ..
وإنما نعيش على ستر الله ورحمته ..
ولكن هذا شيء .. والذي أريده من مقالي شيء آخر
ولذا فإنني أحيلك على قراءة الموضوع من جديد
وستجد أنني أركز على أن السعادة القلبية مبناها ومدارها على القلب
والقلب بيد الرب , ويستحيل أن يقذف الله السعادة في قلب لا يعرفه ولا يقبل عليه
نعم قد يجعله يتسمتع _ كما تستمتع البهائم _ أكرمك الله وأعزك _
ولكن أن يكون سعيدا حقا ؟ فلا وألف لا ..
ودليلي من القرآن الكريم ..
( ومن أعرض عن ذكري .. فإن له معيشة ضنكا .. ونحشره يوم القيامة أعمى )
ومعنى ( الضنك ) :
حياة القلق والاضطراب النفسي وعدم الاستقرار ، وعدم الطمأنينة .الخ
فالسعادة القلبية شيء .. ومجرد التمتع شيء آخر
فهما دائرتان منفكتان ..
فمن أراد أن يتذوق السعادة الحقيقية : فعليه بتعمير قلبه : بمحبة الله تعالى
محبة لها ثمرات في دنيا الواقع ، وليست محبة لسان فحسب .
محبة تسوق صاحبها إلى رحاب الله تعالى في كل وقت ..
محبة تلزم صاحبها أن يقتدي بسيد البشر محمد ( وهل مثل محمد أحد !؟) صلى الله عليه وسلم
محبة تجعل صاحبها لا يفرط في تعاليم ربه ولو شق ذلك على نفسه ..
فإنها جنة ورب الكعبة .. وقبل ذلك سعادة حقيقية في الدنيا
سعادة لا يعرف طعمها إلا الذين ساروا في الطريق رغم مصاعب الطريق .. !
هل فهمتني الآن يا أخي .. بارك الله فيك ..
فأنا لم أقل دع دنياك وراء ظهرك ، واعتكف في زاوية ..!
ولم أقل لك لا تتنعم بالحلال من الطيبات ..
ولم أقل لك عش فقيرا معدما لتكون سعيدا حقا ..
ولم أقل لك لا تستمتع بمباهج الدنيا التي خلقها الله عز وجل لتكون أنموذجا يذكرك بالجنة ، ويشدك إليها ..!
أخي الحبيب .
ارجع مرة ثانية إلى كلامي واقرأه بتأمل وستجد كل هذه المعاني واضحة ..
تحياتي إليك وخالص دعواتي لك ..
وجزاك الله خير الجزاء
بوركت أخي بوعبد الرحمن أيها المؤمن الصادق
نعم أخي محل السعادة الحقيقة في راحت هذا القلب من الطمئنية والاستقرار مع الله وبالله فكلما أقترب من المصدر وهو الله زادت سعادته وطمئنيته وكلما أبتعد قلة سعادته وراحت باله فيعيش في ظنك وضيق ( وربما يكون صاحبنا هذا يعيش في قصر وبساتين وكل ماديات الحياة المترفة وبرغم ان كل ما حوله رائع ومبهر الا ان قلبه موحش ضيق لم يعرف لسعادة طعم حقيقي ) .. فالحواس والماديات لهي شيء مؤقت وقد يزول او تزول انت ايها الانسان هل لسعادة هنا مع تلك المتعة بقاء ؟! لا طبعا !! اذا لا سعادة مع الماديات .. ربما يتوهم المرء انه قد يكون سعيدا ولكن في الحقيقة هو مخدوع ومبهور فقلبه أمتلاء بحب تلك المتعة لظنه انه قد يبلغ السعادة بها ونسي انها ليست المصدر وانها قد تزول او يزول هو ..
المؤمن هو المجرب الوحيد للسعادة الحقيقية فهو دائما يعيش معها وفي كل أوقاته .. المؤمن كالوعاء ينضح ما بداخله فإن كان داخله مراضاة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تراه سعيدا مبتهجا مبتسما يحسده على تلك السعادة الملوك ..
أما أهل الاهواء والشهوات .. هم يتمتعون فقط من غير سعادة ..
صدى الحق
13-01-2001, 06:55 AM
حياك الله وبياك وجعل الله الجنة مثوانا وإياك ،
أخي الفاضل استوقفتني جملتك وهل أنا إلا منهم ، نعم فمن منا يجرؤ على أن يظن أنه في مأمن من تقلب صروف الدهر وتغير حاله من حال إلى حال ؟
كثيرين هم الذين يتكبرون على الله وقد أعمتهم الثقة العمياء بأنهم على حق ، وهم ابعد ما يكونون عن الحق نسئل الله السلامة .
سبحان الله وكثيراً ما نرى فئة من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر وقد نهوا الناس من أمر ويخالفونهم إليه .
وهل هناك أعظم من أن تأمر الناس بالصلاة وتنسى نفسك ، فتجده ينصح ويوجه ويذكر الناس للخير ويبذل جهده ووقته وماله ، ويدخل وقت الصلاة فينسى نفسه ، اللهم لا تجعلنا منهم .
حفظك الله ورعاك أخي إستمر وأبذل ما يتيسر لك من خير في سبيل الدعوة إلى الله ، ولا تعبأ لما قد تواجهه ، فطريق الجنة شائك وطويل ويحتاج إلى صبر وجهد وبذل الغالي والنفيس .
أخوك
صدى الحق
سائحة
13-01-2001, 08:39 AM
أخي الكريم بو عبد الرحمن ....
حيّاك الله وبياك و جعل الجنة مأواك ...
.... السعادة أمل منشود يسعى إليه الخلق منذ الازل فيصل من يصل
ويضل من يضل بإذن الله .... وهي أقرب إلى أحدهم من شرك نعله ...
فسبحان البر الرحيم الذي يسر وسهل لنا طريق الوصول وبينه ...
فهو طريق سهل يسير على من يسره الله له ....
وبعيد المنال على من حرم منه ....
... لذلك نرى من ابتعد عن بابه و رحابه يغرق في بحر الكآبة
وظلمات القلق برغم أنه يدخل في متعة ليخرج الى اخرى وهكذا
دواليك يسير و يلهث في دائرة مغلقة ....وعندما يفيق من
هذه المتع يجد صدره ضيقا حرجا ... ويتخبط في المعيشة
الضنك ... فيعود ليغرق نفسه في بحر المتع والشهوات لعله
يصل الى أمله المنشود ..... ولكن هيهات فهو كباسط كفيه الى
الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه .....
فسبحان من جعل السعادة في القلوب .... وجعل القلوب بيد
خالقا الرحيم ....
نسأله لنا ولكم سعادة الدارين إنه على ذلك لقدير ..وذلك هو
الفوز المبين .
بو عبدالرحمن
14-01-2001, 08:04 PM
-
ما شاء الله لا قوة إلا بالله
مداخلة رائعة ..
وتعقيب يستحق أن يقرأ أكثر من مرة ليستقر في أعماق القلب
بارك الله فيك .. ونفع بك ..
بو عبدالرحمن
14-01-2001, 08:11 PM
-
_
جزاك الله خير الجزاء على هذه المتابعة الواعية .
ثانيا :
هذه الوقفة التي وقفتها ، تدل على أنك قارئ جيد ويقظ جدا ..
ومن ثم فإنك تحسن التقاط المعاني التي قد تشرد على كثيرين غيرك ..
بارك الله فيك ..
ثالثاً : مداخلتك تصلح أن تكون موضوعا تفرده بعنوان آخر جديد
فما أحوجنا _ والله _ إلى من يذكرنا دائما بمثل هذه المعاني
التي عرضت لها ..
فاستمر يا أخي .. وثق أن الله لا يضيع أجر المحسنين ..
ولا تنسني من دعائك يا أخي .
بو عبدالرحمن
17-01-2001, 08:05 AM
-
ما شاء الله تبارك الرحمن .. لا قوة إلا بالله
مداخلة رائعة ، تدل على وعي طيب .. وثقافة راسخة ..
واصلي عطائك واستمري بهذه الروح ، وبهذه الحرارة
فما أكثر الذين يحتاجون مثل هذه الجرعات الرائعة
ولذا فإني أطالبك أيتها الأخت الفاضلة :
بأن تعيدي عرض هذا التعقيب كموضوع مستقل بعنوان جديد
طبعا بعد حذف السطرين الأول والثاني
وحبذا لو تعيدين تنسيق الموضوع فقط ..
أعني بعض الكلمات نراها فيالسطر الثاني ومكانها في السطرالأول وهكذا ..
فإذا استطعت أن تضيفي بعض ( البهارات والنكهات الإضافية) فإن ذلك سيكون أروع ..
أرجو أن أرى الموضوع قريبا يتصدر القائمة ..
وأسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال ..
بارك الله في قلمك ، وبارك الله في عقلك وقلبك ..