عرض مشاركة مفردة
زمردة زمردة غير متصل    
مبدع فائق التميز  
المشاركات: 19,033
#9  



بين أمِّي وأخي، كيف أنامُ *** ليلةٌ أهونُ ما فيها الظَّلامُ

جُثَّةٌ هامدةٌ أمِّي أمَامي *** آهِ كم يجرحُني هذا الأمَامُ

وأخي الغالي هنا، يالَهْفَ نفسي *** جُثَّة أَذْبلَها الموتُ الزُّؤامُ

بين أمّي وأخي، بين حُطامٍ *** آه مما ضمه هذا الحطام

نَكْهَةُ الموتِ هنا تخنُقُ صدري *** وزوايا منزلي الغالي رُكَامُ

دَمُ أُمِّي وأَخي يرسمُ حَوْلِي *** صورةَ الرُّعْبِ، وللحُزْنِ ضِرَامُ

صورةٌ قاتمةٌ أبصرتموها *** وعلى أعينِكم منها جَهَامُ

رُبَّما«حَوْقَلَ» منكم مَنْ رآها *** وعلى شاشَتِه منها قَتَامُ

ثم أرخى طَرْفَهُ حيناً، فلمّا *** َسكَنَتْ آلامُه لذَّ المنامُ

سَكَرَاتُ الموتِ تَشْتدُّ أمَامِي *** وَأَنيُن الأُمِّ في قلبي سِهَامُ

وأخي حاول أَنْ ينطقَ، لكنْ *** فاضتِ الرُّوحُ وما تمّ الكلامُ

كلُّ شيءٍ ها هنا صار مُخيفاً *** بعد أَنْ قَوَّضَ أحلامي الحِمَامُ

ها هنا الإرجافُ والغَدْرُ انتصارٌ *** وهنا الإنصافُ والعدلُ انهزامُ

حاصروني، وأخي يَنْزِفُ عندي *** وَدَمُ الأُمِّ على الأَرضِ سِجَامُ

وبقايا الدارِ سِرْدابٌ مُخيفٌ *** لم يَعُدْ فيها لأَحبابي مُقامُ

وعلى ناصية الشارعِ جيشٌ *** من قرودٍ، كلُّ مَنْ فيه لِئَامُ

آلة الحرب هنا، آلة موتٍ *** زادُها اليوميُّ بنتٌ وغُلامُ

زادُها ليلى وإيمانٌ وسُعدَى *** ونضالٌ وجهادٌ وعصامُ

زادها اليوميُّ أَشْلاَءُ نساءٍ *** وشيوخٍ وهَنَتْ منها العِظَامُ

زادُها في رَحِم الأُمِّ جَنينٌ *** ورضيعٌ لم يفارقْهُ الفِطَامُ

آلةُ الحرب هنا وحشٌ مخيفٌ *** هائجٌ، غايتُه الكبرى انتقامُ

يا نظامَ الدُّولِ الكُبرى سَمِعْنَا *** منكَ لوماً، عجباً كيف نُلامُ؟!

أَتُلامُ امرأةٌ ثَكْلىَ تُنادِي *** أَيُلامُ الشَّعبُ بالقهرِ يُسَامُ؟!

أمن الإِرهابِ شارونُ بريءٌ *** وهو بالقتل شَغُوفٌ مُسْتَهامُ؟!

أيُّ مِكْيالَينِ ياقومُ لدَيْكمْ *** بهما يُلْقَى إلى الَجوْرِ الزِّمامُ؟!

لست أدري، ما الذي تعني لديكم *** حُرْمَةُ النَّاسِ، وما يعني السَّلامُ

لكَأَنّي بلسانِ الأرضِ يشكُو *** مثلما تشكو من الظلم«رِهَامُ» (*)

بين شارونَ وبينَ الصَّمْتِ منكمْ *** لم يعد للشر في الأرض لِجَامُ

فِتَنٌ أَبْصَرَتِ الشِّيشانُ منها *** مارَأتْ كابولُ والأَقصى وجَامُو

أَلْفُ شارونَ هُنَا يا قومُ، أعْدَى *** مَنْ يُعاديهمْ وفاءٌ والتزامُ

حاصروني هاهنا، للقصف حولي *** دَمْدَمَاتٌ، ولآلامي احتدامُ

هذه داري وربِّ البيت هذا *** مسجدٌ يعرفني فيه الإِمامُ

هاهنا صلَّى أبي الغالي وجدِّي *** ها هنا قاموا من اللَّيل وصامُوا

ياكرامَ الناسِ في الأرضِ، أَجيبُوا *** صرختي، لا تخذُلوني ياكرامُ

أنا لا أطلبُ من تُرْبَة أرضِي *** غيرَ قبرينِ، فَهل هذا حرامُ؟!

امنحوني حفرةً، أدفنُ أمِّي *** وأخي، فالدَّفن للموتى لِزَامُ


عبدالرحمن العشماوي

زمردة غير متصل قديم 16-04-2002 , 10:07 PM    الرد مع إقتباس