|
عضو نشيط جداً
|
|
المشاركات: 294
|
#1
|
الأمير تركي الفيصل والإرهاب ...... مقالة
الأمير تركي الفيصل :لنحارب الإرهاب
الأربعاء 18 سبتمبر 2002 04:38
في سبتمبر (ايلول) 1973، جرى تعييني في مكتب التفاهم الخارجي، الذي تم تفويضه للعمل مع وكالات الاستخبارات الصديقة، بما في ذلك "وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية" (سي.آي.ايه). وبقيت منذ ذلك الحين وحتى 31 اغسطس (آب) 2001، عندما تقاعدت بعد عملي كمدير للإدارة العامة للمخابرات، معايشا بصورة مباشرة جميع جهود الحكومة السعودية في الحرب ضد الارهاب.
عملت الادارة العامة للمخابرات ووكالة الاستخبارات المركزية الاميركية معاً لمكافحة المنظمات الارهابية ذات التوجه الشيوعي حول العالم، اذ تبادلنا المعلومات حول "ابو نضال"، الى جانب منظمة "الالوية الحمراء" الايطالية، و"بادر ماينهوف" الألمانية، و"الجيش الاحمر الياباني"، بالإضافة الى الكثير من المنظمات والمجموعات الاخرى التي تهدد المصالح الاميركية ـ السعودية.
وعندما غزا السوفيات افغانستان في ديسمبر (كانون الاول) 1979، دخلت السعودية والولايات المتحدة في برنامج سري مع باكستان لمساعدة الشعب الافغاني في مقاومة الغزاة.
عايشت، خلال عملي مديرا عاما للمخابرات السعودية، في اوقات كثيرة صعبة الخلافات بين دولتينا. فخلال تلك الفترة، جمعت بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة علاقات وثيقة، وناقشتا خلافاتهما بصراحة وانفتاح. اتفقنا كثيرا على ان نختلف، لكننا كنا نعترف باستمرار بالمنافع المتبادلة لعلاقة الشراكة بين الطرفين. عايشت كذلك، الفترات التي وصلت فيها العلاقة بين البلدين الى اوج قمتها، فاتفاقيات فك الارتباط بين مصر واسرائيل، من جهة، وسوريا واسرائيل عامي 1975 و1976، من جهة اخرى، لم تكن لتأخذ مكانها من دون التعاون السعودي ـ الاميركي، كما ان زيادة السعودية لانتاج النفط، في منتصف الثمانينات، وهي الخطوة التي ادت الى خفض اسعار النفط ومهدت السبيل امام فترة ازدهار عالمي، وانسحاب القوات الاسرائيلية من لبنان عام 1982، ومساهمة السعودية في القتال ضد "الكونترا" في نيكاراغوا، ربما لم تكن لتقع كذلك، لولا التعاون السعودي ـ الاميركي. وخلال عقد التسعينات كان التعاون السعودي ـ الاميركي عاملا رئيسيا في تحرير الكويت وتمهيد السبيل لانعقاد مؤتمر مدريد، الذي جمع بين اسرائيل ومصر والاردن وسوريا والفلسطينيين، لأول مرة بغرض التوصل الى تسوية سلمية.
ثم جاءت احداث 11 سبتمبر (ايلول)، التي تعتبر من دون ادنى شك، واحدة من ابشع الجرائم غدرا وبشاعة في التاريخ. وكان بين مقترفي ذلك العمل البشع 15 سعوديا، اصابوا المواطن السعودي العادي بالحزن والصدمة. وجاءت إدانة القيادة السعودية لما حدث شاملة وفورية. فبوصف السعودية دولة عانت من الارهابيين، خلال الاربعين عاما السابقة، فقد تفهمنا بعض الحزن والألم الذي شعر به الاميركيون في ذلك اليوم. كان ذلك الحدث بالنسبة لي مفجعا، اذ انني خصصت حياتي العملية كلها لمكافحة مثل هذه الجرائم، كما تذكرت الألم والغضب الذي شعرت به عندما قتل والدي، الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز، نتيجة فعل ارهابي.
بصفتي مديرا للمخابرات العامة، كنت اعتبر اسامة بن لادن، لبعض الوقت، هدفا لإدارة المخابرات. وعندما تبنى الارهاب عام 1994، اتخذت الحكومة السعودية خطوة غير مسبوقة وجردته من جنسيتها. وفي عام 1996، عرض الرئيس السوداني تسليمه للسعودية، شريطة موافقتها على عدم محاكمته، بيد ان السعودية رفضت ذلك العرض، لأننا نريد ان يمثل بن لادن امام العدالة. تبادلنا، في ذلك الوقت، وبتوجيه من القيادة السعودية، المعلومات التي حصلنا عليها حول بن لادن مع وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية. وفي عام 1997، اسس الامير سلطان بن عبد العزيز، وزير الدفاع، لجنة استخباراتية مشتركة لتبادل المعلومات حول الارهاب، بصورة عامة، وحول بن لادن و"القاعدة" على وجه الخصوص.
بعد مرور عام على 11 سبتمبر، لاحظت الكثير من التغييرات التي طرأت على السعودية. اولا، ثمة إدانة واسعة للتطرف هناك، فحتى اكثر مواطنينا تشددا، بدأوا يؤيدون الاعتدال. اما القيادة السعودية فقد حذرت الذين لا يزالوا يؤيدون الافكار المتطرفة.
الاصلاحات السعودية تتواصل على نحو مطرد، فصحافتنا تتبع نهجا منفتحا بصورة متزايدة، فضلا عن ان وسائل إعلامنا تنقل نقدا صريحا للحكومة والمشكلات الاجتماعية. يضاف الى ذلك، ان نظامنا القضائي يشهد حركة اصلاح، وبات التمثيل القانوني الكامل للمتهم امرا إلزاميا. الشرطة باتت الآن مطالبة باتباع اجراءات قضائية متشددة في اصدار المذكرات وحبس المتهمين وإبلاغ اقرب الاقرباء عند حبس متهم بغرض التحقيق.
بدأنا ايضا في اصدار بطاقات هوية للنساء، اعترافا بحقوقهن تحت القانون الاسلامي، وهي حقوق تشتمل على حرية القيام بإجراء مالي وتأسيس عمل تجاري، الى جانب حقوق اخرى.
كل هذه التطورات وغيرها، مما ذكرت آنفا، جاءت عقب وقوع احداث 11 سبتمبر. بعضها كان قيد الإجراء قبل ذلك، ولكن المشاهد البشعة لأحداث 11 سبتمبر، والتهديد الذي يشكله الارهاب على الشعوب المتحضرة، سرعت جميعها من عملية التغيير وإعادة النظر من جانبنا.
عملت المملكة العربية السعودية مع الولايات المتحدة على مدى السبعين عاما الماضية على نحو ادى الى استفادة الدولتين من هذه الشراكة الثابتة. ولنتذكر ان البلدين يواجهان الخطر نفسه، فأسامة بن لادن استهدف السعودية قبل استهدافه الولايات المتحدة. ينتمي لمنظمة "القاعدة" آلاف من الاتباع، يتحدرون مما يزيد على ستين دولة، بما فيها دول حليفة للولايات المتحدة. اذ ان اختيار بن لادن 15 سعوديا لعصابة القتلة، في وقت لم يكن يعرف فيه الكثير منهم، كما يتباهى، حتى الهدف النهائي لمهمته، امر لا يمكن تفسيره سوى انه جاء كمحاولة لإفساد العلاقة الوثيقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة.
في الولايات المتحدة، من يحكم على كل السعوديين بأنهم غير متحضرين، ومنغلقين وهمجيين، بيد ان هذه الاتهامات التعميمية غير جديرة بالشعب الاميركي. فلنفوت على المتطرفين فرصة تحقيق انتصار بإضعاف الشراكة القائمة بين بلدينا، ولنظل اقوياء. ومهما رأينا من عيوب في بعضنا بعضا يجب ان نواجهها ونتغلب عليها معاً، على نهج يقوم على روح الاحترام المتبادل والانفتاح.
* المدير السابق للمخابرات العامة السعودية (1977 ـ 2001)
الشرق الأوسط اللندنية
|
|
19-09-2002 , 12:13 AM
|
الرد مع إقتباس
|