كنت جالسا أنتظر !
وفجأة نظرت إلى المدخل ..
نظرت إلى ذلك الشخص !
كان على الكرسي المتحرك !
يسير به الممرض !
كان الشحوب باديا على وجهه !!
وعيناه المتعبتان المطرقتان تثير في قلب
كل ناظر كثيرا من الأسى !
مر من جنبي وأنا مشفق لما أرى ..

أُدخل إلى الطبيب فقام متثاقلا من كرسيه !
كان جسدا نحيلا منحنيا! فخطى خطوة متثاقلة ! فجلس إلى كرسيه
المقابل لطبيبه !
أنفاسا متسارعة تبينتها من صدره الذي كان يرتفع وينخفض بوضوح !

بدا الطبيب يحادثه !
لم استمع لما يقول ؟
كانت كلماته ضعيفة !
مبعثرة !
ليس لمرضه هذا ( فشل كلوي ) فقط
ولكن أيضا لضعفه العقلي !

فجأة نظر بطرف عيناه الزائغتان المرهقتان نحوي
ولا أدري لم تحاشيت النظر لتلك العينين !؟

هل خوفا من أن أشعر بالألم لتلك النظرة ؟!
هل خجلا من أن أرد أي عون مع أنه ليس بيدي أي أمر !!؟
أم هل كنت أشعر أني لو كنت مكانه لما
كنت أرحب بتلك النظرات التي يملؤها الشفقة !!؟

لست أدري إلا أني لم أتحمل تلك النظرة !
خرجت من المستشفى وعيني تكاد تدمع !
خرجت منها وأنا ألعن مآسي هذه الدنيا !

خرجت منها وأنا أتذكر ضحكاته المجلجلة
وهو يتراطن بالانجليزية !
تذكرت حركاته الظريفة !
تذكرت تعلقه بأحد الشياب ومزاحه معه !
تذكرت عبث أحدهم به ومداعبته له عندما اعتمر عقالا وعمامة
وقد كان دوما حاسرا الرأس !

لقد هده المرض !
ليس مرض العقل فقط بل مرض الجسد أيضا !
زاد من هذا أنه ليس له من قريب إلا أخ مسكين لا يملك شيء !
لذا لم يجد يداً تمتد لتنجيه من هذا المرض !
لم يجد من يخلصه من غسيل الكلى ثلاث مرات في الأسبوع !

ولو كان فنانا أو فنانه أو لاعبا في مشرق الأرض أو مغربها
فسيجد الملايين التي تصرف لعلاجه !
أما هذا المجهول المهبول فلا !
فلن تجد لمثل هذا من يهتم !
لن تجد لمثل هذا من يشفق و يرحم !
إلا أن يرحمه الله برحمته !