|
عضو شرف
|
|
المشاركات: 7,164
|
#4
|
وقال بعض الحكماء : عجب المرء بنفسه أحد حساد عقله .
وليس إلى ما يكسبه الكبر من المقت حد , ولا إلى ما ينتهي إليه العجب من الجهل غاية , حتى إنه ليطفئ من المحاسن ما انتشر , ويسلب من الفضائل ما اشتهر .
وناهيك بسيئة تحبط كل حسنة وبمذمة تهدم كل فضيلة , مع ما يثيره من حنق ويكسبه من حقد .
حكى عمر بن حفص قال : قيل للحجاج كيف وجدت منزلك بالعراق ؟ قال : خير منزل لو كان الله < 238 > بلغني قتل أربعة فتقربت إليه بدمائهم : مقاتل بن مسمع ولي سجستان فأتاه الناس فأعطاهم الأموال , فلما عزل دخل مسجد البصرة فبسط الناس له أرديتهم فمشى عليها , وقال لرجل يماشيه : لمثل هذا فليعمل العاملون .
وعبد الله بن زياد بن ظبيان التيمي خوف أهل البصرة أمر فخطب خطبة أوجز فيها , فنادى الناس من أعراض المسجد : أكثر الله فينا مثلك .
فقال : لقد كلفتم الله شططا .
ومعبد بن زرارة كان ذات يوم جالسا في طريق فمرت به امرأة فقالت له : يا عبد الله كيف الطريق إلى موضع كذا ؟ فقال : يا هناه مثلي يكون من عبيد الله .
وأبو شمال الأسدي أضل راحلته فالتمسها الناس فلم يجدوها , فقال : والله إن لم يرد إلي راحلتي لا صليت له صلاة أبدا .
فالتمسها الناس فوجدوها , فقالوا له : قد رد الله راحلتك فصل .
فقال : إن يميني يمين مصر .
فانظر إلى هؤلاء كيف أفضي بهم العجب إلى حمق صاروا به نكالا في الأولين , ومثلا في الآخرين .
ولو تصور المعجب المتكبر ما فطر عليه من جبلة , وبلي به من مهنة , لخفض جناح نفسه واستبدل لينا من عتوه , وسكوتا من نفوره .
وقال الأحنف بن قيس : عجبت لمن جرى في مجرى البول مرتين كيف يتكبر ! وقد وصف بعض الشعراء الإنسان فقال :
يا مظهر الكبر إعجابا بصورته *** انظر خلاك فإن النتن تثريب
لو فكر الناس فيما في بطونهم *** ما استشعر الكبر شبان ولا شيب
هل في ابن آدم مثل الرأس مكرمة *** وهو بخمس من الأقذار مضروب
أنف يسيل وأذن ريحها سهك *** والعين مرفضة والثغر ملعوب
ياابن التراب ومأكول التراب غدا *** أقصر فإنك مأكول ومشروب
المصدر
كتاب أدب الدنيا والدين
|
|
24-09-2000 , 05:29 PM
|
الرد مع إقتباس
|