اعتزالي الرد .. ليس كما يظن الكثيرون ، وهو أنني في صومعة ما وبرج عاجي يلفه الغرور من أقصاه إلى أدناه .

السبب الحقيقي ، هو أنني أرفض دوما الحياة بازدواجية . فإن كنت سأكتب رأيي فيما أقرأ سأفعل ذلك بكل صدق وصراحة . وإن كنت سأمتدح هذا يعني أنني سأذم أيضا .

وهذا ما لا يتم تقبله في الساحة الثقافية بصورة عامة . لن أقول لك أنني تفاجأت بل كانت صدمة حقيقية لي منذ سنوات مضت ، عندما اصطدمت مع رموز ثقافية كانت تعلمنا وتدعونا للتفاعل وابداء الرأي وتقبل الآخر والنقد والتلقي الصحيح وووو ما إلى ذلك من أمور مطروحة في الساحة . وفي النهاية نجدهم أبعد ما يكونون عن تقبل الرأي الآخر والإختلاف معهم في وجهات نظر بسيطة .

المضحك ، أنك ما إن تقول أني لا أحب قراءة شعر المتنبي مثلا ، تجد الجميع يصرخ فيك ومن أنت حتى لا تحب المتنبي ؟ وأنت تحاول الصعود على كتفه لتصبح مشهورا . وجمل من تلك التي لا تنم إلا عقليات مغلقة لا تمت لحق الرأي والطرح الصريح بصلة .

أصبح كل من حولنا يحاول تشكيل ذائقة الغير بشكل أو بآخر ، فالإعلام يجبرنا على التحدث بلهجة لبنانية بعد أن فرض علينا اللهجة المصرية لعقود مضت . والإذاعات تجبرنا على حفظ أغنيات تافهة بسبب تكرار بثها ، وفي الشعر أيضا يريدننا أن نحب من تم تنصيبهم رموزا على الشعر حتى لو لم نتقبل ما نقرأه .

فهل بقي فينا من يتقبل الرأي الصريح ، ويعتبره رأيا صادقا في تجربته لا في شخصه ؟

هناك من يشعرك أن تشتم أهله عندما تقول له نصك لا جديد فيه ، مسموع ومكرر ، أبياتك غير موزونة ، قافيتك لا تتوافق في العجز والصدر ... إلخ من ملاحظات أولية ، فما بالك بآراء أخرى أكثر صراحة وصدقا في تجارب أشخاص ، أغلبهم نشروا ما لديهم طلبا للمدح والتربيت على الكتف والتشجيع بكلمات رنانة مثل :

رااااااااااائع ... إإإإإإإإإإبدااااااااااع .. قمة الرووووووووووعة .. وهلم جرى .

من يظن أن المدح تشجيع فعليه أن يبحث عن من يذمه . عله يحظى بـمن ينصف تجربته .


لتوهجك هنا كل الشكر .. وقافلة من الود لحضورك .

!! ألف .. لام .. فل .. فل !!