لقد كان هدف قوى العدوان واضحاً منذ البداية دون أي لبس، وهو احتلال العراق، والسيطرة على ثروته النفطية، وتعريضه لمخاطر التقسيم. ولا يستطيع أحد الآن وبعد واحد وعشرين يوماً من العدوان أن يقول: إن هذا الهدف غير صحيح، فالأدلة باتت ملموسة على الأرض، من خلال المخططات والمشروعات الجاري الحديث عنها في الولايات المتحدة وبريطانيا و«إسرائيل» بشكل علني... إنهم يقتسمون العراق، بعد أن تشاركوا في قتل شعبه، تحت مسميات الحرية، والديمقراطية، والخطر المزعوم الذي يمثّله بسبب امتلاكه أسلحة تدمير شامل. ‏
وبالمناسبة فإن أسلحة التدمير الشامل التي قالوا إن العراق يمتلكها ويهدد بها الأمن القومي الأميركي... هذه الأسلحة التي اتخذوا منها ذريعة لغزو العراق صارت في طي النسيان، ولم يعد أحد يتطرق إليها إلا قليلاً، وذلك لأنهم على قناعة بأنها غير موجودة. ومع ذلك يمكن انتظار مفاجأة منهم على هذا الصعيد في اللحظات الأخيرة للحرب وليس الآن، فمصوّرو هوليوود الذين يعملون لحساب المخابرات الأميركية ويرافقون القوات الغازية على أتمّ الاستعداد لإخراج مثل هذا المشهد في مكانه وزمانه. ‏
إن شعب العراق هو الضحية المباشرة لهذا العدوان الآن ومستقبلاً: الآن عبر عمليات التقتيل الشنيعة التي يتعرض لها وتستخدم فيها أحدث آلات الحرب المخصّصة للإفناء البشري، ومستقبلاً عبر المخططات والمشروعات التي ستفرض عليه، وأقلها التنازل عن الثروة النفطية والاندماج بالمشروع الصهيوني. ولأن العراقيين يدركون هذه الحقائق العدوانية بحسّهم الوطني، وبفطرتهم العربية الأصيلة يقولون: «لا»، ويترجمون هذه الكلمة تضحية قلّ نظيرها في تاريخ الحروب. وشوارع بغداد تشهد على ذلك. وهذا ما يبعث الأمل في نفوس الجماهير العربية.