<p><font size="4" face="Comic Sans MS" color="#400040">
فقدت في حياتي حتى الآن اثنين من أعز الناس!.. أمي .. و لا تسألوني من الثاني..
لأمي كتبت هذه و أعذروا بساطتها!.. لأنها لم تأت إلا كذا.. و لن أعيد كتابتها.. .. أحبها هكذا :)
</font></p><p><font size="4" face="Comic Sans MS" color="#993366">
من هنا أبدأ
أسير على عجل , أحمل قدما و أضعها لأحمل الأخرى و أضعها... و هكذا أسير .. لماذا لست أحس بالراحة ؟ شيء ما داخلي يتقلب يبحثُ عن منفذ و لا يجد , خرجت من المنزل و تخلصت من بعض العيون .. أسير في الطريق ما زالت هناك عيون ترقبني و ما زال الشيء يتقلب في داخلي يريد أن يخرج و لكن أين !! لن يخرج أمام هؤلاء .. لن أدع العيون تراني و الشيء على وجهي , سأظل كما كنت دائما جبلا لا تهزه الريح.
و أسير أحمل الشيء معي .. بداخلي .. أركب الحافلة و في الطريق أحدق في الأشياء ببلاهة.
شخص ما يمشي و يبتسم لحسناء تمشي معه ... آخر يحمل أكياساً ينثقب أحدها و تتدحرج البرتقالات منه .. يجري ينظر حوله، أنظر حولي و أرى آمالي تتدحرج من ثقب ما حدث .. و تسير الحافلة ، أطفال يمرحون و يلعبون و طفل هناك يبكي .. ما أضعفه !!
طريق خالية من البشر لا أحد يملأ الفراغ فيها ، و شجرة جافة الأوراق طويلة و ميتة ، تحجز الضوء عن غرسة خضراء يانعة خلفها ، الغرسة مازالت خضراء .. ليست تكبر و لكنها ما زالت خضراء ، إذا قطعوا الشجرة فستنمو الغرسة لأنه ما زال فيها بضع من اللون الأخضر ، نظرت داخلي : بحثت عن اللون الأخضر ، لم أكمل البحث لأننا وصلنا إلى الجامعة ، نزلت و أخذت أسير من جديد .. هكذا الوضع دائما .. لا أجد وقتا لإكمال شيء ، حتى أحلامي أصحو قبل أن أصل نهايتها ..
أسير في الطريق تقودني قدماي ، ذقني يستند إلى صدري ... و بلاطات الطريق تصطف أمامي .. أقرأ عليها :
قبل أربع سنوات رأيت الناس يملؤون البيت .. يبكون و يصرخون ، لم أسمع شيئا ، لم أسمع إلا أبي يقول لي : لقد ماتت .. رحمها الله ، حادث سيارة .. و انفلتت باقي الكلمات تتلاشى من حولي مع كل شيء آخر . أين اخوتي .. تعالوا إلي يا أحبائي ، و مات شيء داخلي : إبك ، لماذا لا تبكين ، إبك ؟!
لماذا أبكي إنها مازالت هنا في داخلي .. أسمع ضحكاتها و أذكر أغانيها .. عالروزنا عالروزنا .. ما زلت أرى بحور عينيها .. فلماذا أبكي ؟ ربما رحلت عن دنياكم .. و لكنها ما زالت معي .. و ولد الشيء داخلي .
وصلت الكلية و لكنني لم أرغب بالدخول وعدت أسير .
كنت أطبخ و أغسل و أرتب و أقوم بكل شيء ، و أزيد الأعباء على نفسي بأكبر قدر ممكن لئلا أدع الشيء يكبر ... و بين الحين و الحين أراها في منامي فنتحدث و نعمل معا تماما كما في الماضي.
حين مرضت في ذلك اليوم لم يحس بي أحد و قمت صنعت كماداتي بنفسي و وضعتها على جبهتي الساخنة ، كنت أتألم لأنها لم تكن هناك لتمرضني .. و لم يكن أحد آخر ، لقد تركت فراغا مؤلما و الشيء بدأ يكبر . أخذت أحدث الناس عن ذكرياتنا معا و لكن الناس .. عرفت بعدها أن ذكرياتنا تخصنا و لا مكان للناس فيها ، و أخذ الشيء يكبر ..
أحلامي كانت تتحطم شيئا فشيئا .. و أنا في كل فشل أنظر داخلي .. أبحث عنك ، عنها ، و أخذت أشكل مستقبلي كما كانت تريد ، كانت تحبه هكذا .. كانت تريدني هكذا .. أريد هذا لأنها كانت تريده .. و كبر الشيء أكثر و غطــــى علــــــي ، و أخذ يتقلب يريد أن يخرج ، لا أريده أن يخرج .. لا أريدها أن تموت و لكن أريد أن أبقى أنا .. و بدأ المطر يتساقط.
و أخذت حبات الماء تتراقص على وجنتي و تتحدر كما لو كانت ..
واشتد تقلب الشيء داخلي و بدأ يولد ... قطرات ساخنة بدأت تسيل على وجنتي .. لم تكن حبات مطر و لم تكن دموعا كانت الشيء يخرج من داخلي يكشف عني ، بكيت .. لقد ماتت و لم تعد هناك .. لقد رحلت و لن تعود ... لقد ماتت ، ما زال اللون الأخضر بداخلي و الشجرة الكبيرة الميتة قد اقتلعت لكن مكانها ما زال و سيبقى محفوظا .. النور بدأ يتسلل إلي ، حبات البرتقال عادت إلى الكيس و الطريق الطويل الخالي من البشر لم يكن خاليا .. كان مليئا ، و صوت دريد يصدح عبر المذياع : ...
يا مو يا مو يا ست الحبايب يا مو
بكيت و ليس ضعفا أن أبكي
يا مو يا مو يا ست الحبايب يا مو
إيمان محمود حماد
عــــمـــــــــــــــــــــان
20 / 12 / 1996م
</font></p>
عرض نسخة للطّباعة |
ارسل هذه الصفحة لصديق]
