أصبح حالنا مع الكتب المحملة من النت كمثل الحمار يحمل أسفارا
جمعنا من مواقع النت آلاف الكتب والتي تثير لعاب أي قارئ إلا
أنه للأسف الشديد أن الكثير منها لم نطلع على ما فيها ولم نقرأ منه أي شيء على الرغم أن البعض منها قابع في جهاز الكمبوتر منذ أكثر من خمس سنوات على الأقل ، ورغم أن بعضها تلك الكتب تحمل مواضيع ماتعة ومفيدة وتتوافق مع ميولنا الخاصة في القراءة
أصبح التحميل من تلك المواقع كالمرض ما أن تجد كتاب حتى تحمله وما أن تنتهي من كتب إلا وتجد غيره فتحمله وهكذا دواليك ، حتى أصبحت ساعات النت الطويلة قد اقتصرت على هذا الحال كتاب ويليه كتاب بل وأحياناً دفعات من تحميل الكتب
.
وقد يبلغ الحال في أحيانا كثيرة أن تضع روابط عدة كتب لتحميلها وتترك جهاز الكمبيوتر وتغادر المنزل لعدة ساعات فتعود والتحميل لا زال سارياً ولم ينقطع
ثم في الأخير لا تجد الفرصة للقرأة بسبب ضيق الوقت أو من كثرة تحميل الكتب أو لصعوبة قراءة الكتب على الجهاز الكمبيوتر إما لتلك المعناة من مقابلة جهاز الكمبيوتر بسبب ملل الجلوس على الكرسي أو ألم الظهر أو أرهاق العينين مع إنعدام المتعة في تلك المقابلة أو المواجهة ولا يقارن هذا أبداً بمتعة وروقان النفس عند قراءة كتاب ورقي ففيها والله من المتعة الشي الكثير ويكفي مدح شيخنا الجاحظ رحمه الله عند وصفه لضم الكتب وسهولة قراءة الكتاب في رسالة الجد والهزل [ رسائل الجاحظ ج1 ص 249 ] حيث يقول :
(( وجعلتها مصحفاً مصحفا، وأجملتها صنفاً صنفا؛ ورأيت أنيِّ قد أحكمت شأني، وجمعت إلى أقطاري، ورأيت أن أنظر فيها وأنا مستلق ولا أنظر فيها وأنا منتصبٌ، استظهاراً على تعب البدن؛ إذ كانت الأسافل مثقلة بالأعالي، وإذ كان الانتصاب يسرع في إدخال الوهن على الأصلاب؛ ولأن ذلك أبقى على نور البصر، وأصلح لقوة الناظر؛ إذ كل واحدٍ من هذه المصاحف قد أعجز يدي بثقل جرمه، وضيق صدري بجفاء حجمه. وإذا ثقل أنكأ الصدر، وأوهن العظم.
وإذا أنا نظرت فيها وانا جالسٌ سدرت عيني، وتقوس ظهري، واجتمع الدم في وجهي، وأكرهت بصري على غير جهته، وأجريت شعاع ناظري في غير مجراه. ))
وهل أجمل من أن يستلقي القارى على سريرة مرتاح البال يتصفح الكتاب ويطلع على قصص وحوادث وتجارب رجال وامماً من كافة العصور
أشهدكم الله أني حملت الآلاف من الكتب ولكن على قدر سعادتي بتحميل تلك الكتب وعلى قدر فرحتي بتحميل كتاب كنت أبحث عنه وسمعت عنه الكثير إلا أنه على قدر تلك السعادة أشعر بحزن أنني لم استفد الكثير الكثير من تحميل تلك الكتب وعذري والله أن القراءة في جهاز الكمبيوتر غير عملية وثقيلة على النفس وتبعث الملل ..
أصبح حالنا مع تحميل الكتب والقابعة في جهاز الكمبيوتر كمثل الحمار يحمل أسفاراً