|
عضو نشيط جداً
|
|
المشاركات: 361
|
#1
|
المتنبي يتجول في أروقة المتحف البريطاني
آضواء - رحلات من الذاكرة - المتنبي يتجول في أروقة المتحف البريطاني - عدنان الظاهر
دخلنا المتحف البريطاني الذي يرمزون اليه بحرفي B.M. ففوجئنا بلافتة تقول Pay one Pound, if you can الامر الذي لا سابقة له في تاريخ هذا المتحد العريق. لقد كان دخوله دوما مجانا، فما الذي طرأ فبدل اعرافه السابقة؟ وضع بريطانيا السيئ يا ابا الطيب. البطالة والتضخم والكساد العالمي وزيادة نفقات التسلح ونفقات الحروب الباهظة التكاليف ونفقات الشؤون السرية وسواها من المهمات الدولية المتشعبة. انتبه صاحبي الي ان طلب الباون الواحد وهو طلب زهيد جاء بصيغة فعل الامر (ادفع باونا) من دون كلمة (رجاء التي يحرص الانكليز علي قولها دائما وتحت جميع الظروف).
لم نتوقف طويلا لدي تماثيل ملوك آشور والثيران المجنحة، ولا في قسم تماثيل مصر القديمة واذرع الغرانيت الضخمة، لان ابا الطيب كان مشوقا لرؤية الجناح السومري ثم القسم الخاص بلوحات صيد الاسود الاشورية. اصر المتنبي ان التقط له العديد من الصور امام القيثارة السومرية ورأس الفتاة السومرية المحلي بزينات الذهب الخالص والاحجار الكريمة. ما كان يصدق عينيه ابدا. سمعته يكثر من ترديد (لا حول ولا قوة الا بالله). حاول التدخين فذكرته ان التدخين في المتحف ممنوع. لقد زحزحته اخيرا من مكانه الذي تسمر فيه مغريا اياه بالذهاب الي الجناح الخاص بلوحات صيد الاسود الاشورية. جرجر قدميه بصعوبة بالغة وهو يردد (لا حول ولا قوة الا بالله). سألته لماذا الحوقلة يا ابا الطيب. قال هذا تاريخنا العريق. هكذا كنا وهكذا اصبحنا. كان لنا قبل خمسة آلاف عام موسيقي وغناء وطرب وآلات طرب وصناعة ذهب وتعدين معادن وذوق فني رفيع المستوي. كانت لنا (تكنولوجيا) متطورة وادب وملاحم اشهرها ملحمة جلجامش التي تعرف. تأخرنا كثيرا للاسف الشديد.
نسي المتنبي همومه حين وجد نفسه في القسم الخاص بلوحات مطاردة الاسود وقتلها بالرماح وسهام قسي الملك الاشوري وفرسانه ومرافقيه. طلب مني التقاط المزيد من الصور له امام هذه اللوحات برغم عتمة المكان المصممة خصيصا لحفظ اللوحات من تأثير الضوء الضار. فالالواح اصلا من طين وليست من حجر صلد. لقد ادهشته دقة رسوم الخيول التي تجر عربات الصيد ثم روعة تناسب اعضاء اجساد الاسود ودقة الوضع المتوتر الخاص لحظة اطلاق السهم باتجاه اللبوة او غرس الرمح في فم الاسد الذي يهاجم عربة الملك من الخلف. تلكم امور يحار في تفسيرها المرء، قال المتنبي. من اين اتي لهم كل هذا الكمال الفني النادر؟ ولماذا كل هذا الاهتمام بصيد الاسود وليس بباقي الحيوانات؟ خاصة وان شعارهم هو الثور المجنح وليس الاسد. فالاسد رمز بابل التي دمروها والثور ليس كالاسد كما تعلم. انتهزت فرصة كلامه عن الاسود فسألته ماذا قالت الشعراء في الاسود. بعد هنيهة تفكير قال ان خير من قال شعرا في الاسد هو الشاعر البحتري. قلت له وماذا قال البحتري؟ في قصيدته التي وصف بها مصارعة وزير الخليفة المتوكل (الفتح بن خاقان) لاحد الاسود، وصف لحظة المقابلة بينهما ابدع واتم وصف لا يأتيه الا شاعر عبقري. اتجهت اليه بكل ما في من انتباه حاثا اياه علي الاستمرار في الكلام. قلت له اقرأ الوصف. قال البحتري:
فاحجم لما لم يجد فيك مطمعا
واقدم لما لم يجد عنك مهربا
لاحظ هندسة البيت صدرا وعجزا. لاحظ طباق الفعلين الرباعيين (احجم) و(اقدم) ثم مواجهة المطمع بالمهرب وهما نقيضان. لاحظ مرة ثانية سحر التضاد في اتجاه الحركة الفضائي ما بين الاحجام (التقهقر الي الخلف) والاقدام (الاندفاع الي الامام). هذا التناقض في الاتجاه الفيزيائي للحركة لما يبهر قارئ هذا البيت، بل ويهزه هزا. انه قمة الابداع في شعر البحتري. قلت له لكن لك في الاسد لشعرا رائعا ووصفا لم يسبقك اليه احد من الشعراء لا قديما ولا حديثا. قال تقصد القصيدة التي مدحت بها (بدر بن عمار) امير طبرية؟ نعم يا ابا الطيب. قال وما تحفظ منها؟ انشدته علي الفور:
ورد اذا ورد البحيرة شاربا
ورد الفرات زئيره والنيلا
في وحدة الرهبان الا انه
لا يعرف التحريم والتحليلا
يطأ الثري مترفقا من تيهه
فكأنه آس يجس عليلا
ويرد عفرته الي يافوخه
حتي تصير لرأئه اكليلا
ما زال يجمع نفسه في زوره
حتي حسبت العرض منه الطولا
قاطعني قائلا احسنت في ذكرك هذا البيت الاخير. ففيه حققت ما قد حقق البحتري قبلي من ابداع. هذا البيت صنو في الصياغة الشعرية لبيت البحتري الذي يأخذ بالالباب. قلت له اوافقك مائة في المائة يا ابا الطيب. لا يغلبنك شاعر مهما بلغ شأوه. لقد رسمت في هذا البيت صورة يعز نظيرها في دنيا الشعر اذ صورت حال جسد الاسد في لحظة استعداده للوثوب علي متحديه دفاعا عن نفسه. يتساوي العرض والطول في تلكم اللحظة الحرجة، حتي لكأن الاسد باختصاره لطول جسمه انما يختزل الزمن متعجلا وقوع النتيجة الحاسمة اذ ليس لديه كثير من الوقت للانتظار. اما قاتل او مقتول. انه يجمع سني عمره في نقطة واحدة لا غير. انهغا فلسفة تركيز الزمن في لحظة واحدة يأتي بعدها الانفجار المدمر الذي يحرر طاقة المادة المخزونة في الذرة او علي قاعدة صرخة شمشون الجبار (علي وعلي اعدائي يا رب). هم ابو الطيب ان يقول شيئا لكنه احجم ولم يقله.
مطعم اغريقي
ما كان الرجل ليريد ان يغادر هذا المكان من المتحف البريطاني لولا الحاحي في ان نتناول شيئا من الطعام في احد مطاعم لندن. جررته جرا نحو مطعم اغريقي قريب لنأكمل فيه الدونر كباب الذي يهوي. بعد الطعام والقهوة المرة اقترح أن نقطع شارع اكسفورد مشيا علي الاقدام ما دام النهار هو آخر نهار تبقي لنا في عاصمة الامبراطورية البريطانية كان الشارع كعادته شديد الزحام يعج بالبشر من مختلف الالوان والملل والنحل. سألته ايحب ان يبتاع من هذا الشارع شيئا يحتفظ به للذكري؟ قال كلا. سانسي سريعا ذكريات لندن حين اعود الي مكان اقامتي في المانيا. الذكريات تؤلمني وتشجيني.. الافضل لي ان انساها وان اشغل النفس بسوا.ا. قلت له وماذا عن لقائنا بالصديق الشاعر عزيز السماوي. قال ذلك امر آخر. لا ولن انسي دعوته في بيته ولا الطعام الفاخر الذي اعدته لنا السيدة ام مخلص. قلت له وماذا عن اسود آشور وجداريات مطاردتها وجمال الخيول الاصيلة ودقة نقشها واللبوة القتيلة باكثر من سهم مطروحة علي ظهرها كأنها تشكو مقتلها الي رب السماء؟ قال لا تذكرني بهذا الامر. انه فوق ما يحتمل البشر. كيف تجتمع قساوة الانسان واعلي درجات الفن، كيف؟ قلت له وماذا عن امسية ديوان الكوفة الادبية؟ قال اتفقت وصديقي محمد مكية ان نكون علي اتصال وثيق عن طريق التلفون او الفاكس او الرسائل وان يدعوني كلما انتظم حفل او مهرجان ثقافي في ديوانه. قلت له حتي لو لم تقرأ شيئا؟ قال قد تفهم الرجل ظروفي وطبيعة قراري. واذاه عرف السبب زال العجب والعتب. قلت له وهل حققت زيارتك هذه كل امانيك او حل ما كنت تتوقع منها رغم قصرها؟ قال ما زال في نفسي امر لم احققه. ما هو يا ابا الطيب؟ قال لم اتمتع بسفرة في زورق علي نهر التايمس. لا بأس عليك ابا محسد. سنقوم بذلك في السفرة القادمة. تنهد الرجل متسائلا بكل هدوء كأنما كان يكلم نفسه: ومتي سيكون ذلكم؟ قريبا جدا يا عزيزي. المهم تهيئة وانضاج الظروف المناسبة. ضحك صاحبي بمرارة ساخرة قائلا اراك تتكلم بمنطق رجال السياسة والتاكتيك والستراتيج. قلت له لا شأن لي بالسياسة ولا التكتكة ولا السترجة. تقاعدنا يا ابا الطيب كما تقاعدت انت عن الشعر. لا العمر يسمح ولا الصحة. ولقد اصبح كلانا زاهدا في بيتك الشعري الذي قلت فيه:
اريد من زمني ذا ان يبلغني
ما ليس يبلغه من نفسه الزمن
اخذ من سيجارته نفسا عميقا ثم قال هامسا
بم التعلل لا اهل ولا وطن
ولا نديم ولا كأس ولا سكن
حين انهينا شارع اكسفورد مشيا علي الاقدام وجد ابو الطيب نفسه وجها لوجه امام البوابة المسماة Marble Arch. توقف فجأة ودخل في لحظات تفكير عميق. لم يحرك قدميه ولم يشأ ان ينطق اي حرف. وقف ذاهلا غائبا عني وعن عالمه. ما بك يا ابا الطيب؟ لا شيء لا شيء. اتركني للحظة وشأني. تركته في غيبوبة الوجود ارقب حاله التي الفتها منذ زمن بعيد. سرح ببصره بعيدا وهو ينفث من اعماق صدره سحب الدخان الكثيف. لم يأبه بتطفل المارة وما كان اصلا حاسا بوجودهم. حين انهي سيجارته شرع يكلم نفسه قائلا: يجلس هناك اللورد الشاعر بايرون، يجلس في تلك الزاوية من حدائق الهايد بارك مع قلمه واوراقه وكلبه. لعله يروم ان يكتب شيئا لم يعرفه ناس زمانه. يحتل ركنا يقع بين قصر القتيلة (دايانا) وشارع شقة السيد محمد الفايد. كان بايرون ثائرا ومغضوبا في بلده عليه. كانت دايانا اميرة اما السيد آل فايد فانه مليونير معروف، صاحب مخازن هارودز الشهيرة. ما الذي جمع ما بين هؤلاء الثلاثة؟ قلت كان الرجل يتكلم مع نفسه بصوت مسموع فاجبته انها الحياة التي جمعت معا هؤلاء الثلاثة يا عزيزي ابا الطيب. التفت الي مقطبا ما بين حاجبيه قائلا: ماذا تقصد؟ قلت ان بايرون رجل انكليزي ودايانا سيدة انكليزية والهايد باركم يتوسط العاصمة البريطانية وقصر الملكة ليس عن هذا المكان ببعيد و.. فقاطعني قائلا اما السيد محمد آل فايد فان وزارة الداخلية البريطانية ترفض منحه جواز سفر بريطاني كما تقول الصحف! لم ينفعه ماله. فليرم به في اعماق نهر التايمس. قلت الهذا تود القيام بسفرة نهرية خلال هذا النهر؟ قال كلا. اموال الفايد شيء ورغباتي شيء آخر، لا علاقة لها بالمال ولا بالبشر. قلت هيا اذن فلنسرع الخطي. سنتناول طعام العشاء في احد المطاعم العربية في شارع Edgware Road وسيسعد ابو الطيب برؤية سياح الخليج وعوائلهم واطفالهم يجوبون هذا الشاعر مرحين مسرورين ليلا ونهارا. وسيري مقهي خاصا يقدم النارجيلة لمن يود التمتع بها. ابتسم الرجل بصدق وعفوية ثم قال أتباع بقلاوة جيدة في مخازن هذا الشارع؟ قلت اجل، ولكن.ا ليست بقلاوة بيروت وبلاد الشام. بقلاوة لندن تصنع في لندن والفارق كبير يا ابا الطيب. سمعته يردد مع نفسه (وفي المدامة معني ليس في العنب). قال ساخرا: لا اترك لندن من اجل البقلاوة. سأعود نفسي علي نوعيتها التي لا تضاهي نوعيات بقلاوة بيروت ودمشق وحلب. قلت له وهل سمعت ببقلاوة (حداد) و(نعوش)؟ قال رحم الله ايام ذاك الزمان. لم يبق في بغداد لا حداد ولا نعوش ولا شربت الحاج زبالة في شارع الرشيد قريبا من مقهي حسن عجمي ولا شربت جبار ابو الشربت في بداية شارع ابي نؤاس في بغداد. اضفت قائلا لعلمك يا ابا الطيب لقد ذكر الشاعر والقاص عبد الهادي سعدون الحاج زبالة زجبار ابو الشربت في مجموعته القصصية الاخيرة التي اعطاها عنوان (انتحالات عائلة) (أزمنة للنشر والتوزيع، عمان الطبعة الاولي 2002). قال ومن يكون هذا السعدون؟ قلت انه ناشر وشاعر يدرس ويعمل في العاصمة الاسبانية مدريد. قال ألهو صلة قربي بالمرحوم دون كيخوت؟ قلت كلا. لا اقرباء له في مدريد. ثم انه رجل عصري واقعي لا يقاتل طواحين الهواء وانما يقاتل بقلمه وعلي صفحات مجلته (الواح) يعمل هذا الشاب المكافح اغلب ساعات الليل عاصر برتقال او نادلا في احد مطاعم مدريد الليلية كي يستطيع ان يواصل دراسته الجامعية العليا وان يواجه متطلبات حياته الاخري. انه مكافح من الدرجة الاولي يا ابا الطيب ومثال ممتاز لقوة ارادة الحياة الخيرة المتطلعة ابدا. هز الرجل رأسه موافقا ثم قال اريد ان اقرأ قصص واشعار عبد الهادي. القصص نعم، تستطيع ان تقرأها وان تفهمها، اما اشعار الرجل فعصية علي فهمك يا عزيزي. انه يكتب قصيدة النثر التي لا عهد لك بها. وقد داعب في بعض شعره مرة المطرب داخل حسن، هل تعرف هذا المطرب؟ قال كلا، بل اعرف سعدي الحلي. علي اية حال، قال سأستمتع اذن بما يكتب عبد الهادي سعدون من قصص وسأترك سوريالية شعره الي امثالك من جيل القطب الواحد والعولمة وقصائد النثر العابرة للقارات والازمنة.
دون كيخوت
ونحن نقترب من مدخل فندقنا قال المتنبي: علي ذكر دون كيخوت.. اليس لعبد الهادي رفيق مثل سانشا بانشا؟ قلت بلي ورب الكعبة. له صديق حميم هو الروائي الفذ السيد محسن الرملي. قال لا حول ولا قوة الا بالله! لا دون كيخوت في الحياة الا وله سانشا بانشا. اعترضت منبها ابا الطيب ان عبد الهادي ليس كدون كيخوت، وانه لا يقاتل طواحين الهواء. قال افهم يا رجل قصدي جيدا. الذي يقاتل طواغيت الزمان بقلمه كمن يقاتل طواحين الهواء بسيفه الخشبي. قلم الخشب كسيف الخشب كلاهما خشب في خشب. قلت متضاحكا وماذا عن شربت جبار ابو الشربت؟ قال سواء بسواء.. كشربت الحاج زبالة في حيدرخانة شارع الرشيد في بغداد.. اصباغ جميلة وكثير من السكر وهشيم الثلج. طيف زبيب في الحيدرخانة والكثير من قشور الرمان في بداية شارع ابي نؤاس علي دجلة الخير وام الطواحين.. عفوا.. ام البساتين.
نهضت مبكرا صباحا فحلقت وجهي وتحممت وارتديت ملابسي علي عجل لالتقي بصاحبي حوالي الساعة الثامنة لتناول طعام الفطور في مطعم الفندق كما تعودنا صباحات الايام القليلة السالفة. اليوم نغادر لندن الساعة الثانية بعد الظهر عائدين الي مكان اقامتنا في مدينة ميونيخ الالمانية. طال انتظاري فشرعت بتناول فطور مختصر اذ انتابني شيء من القلق. هل اصابت صاحبي وعكة صحية جراء ما تناولنا مساء امس من طعام في المطعم العربي؟ كلا. لو كان ذلك صحيحا لاصابني ما قد اصاب صاحبي من مكروه.. مغص في المعدة او اسهال مثلا. هل غط صاحبي في نوم عميق؟ جائز. اذن سأذهب اليه في حجرته لاستجلي الامر او لاوقظه من سباته. طرقت باب حجرته مرارا، طرقا خفيفا بادئ الامر ثم ازداد الطرق حدة. لا جواب. بقيت الباب مغلقة. ماذا حل بصاحبي؟ هل اسأل ادارة الفندق عن الامر؟ كلا. سأحاول ان افتح باب الحجرة. فتحت الباب وما كان موصدا فذهلت اني لم اجد ابا الطيب. اين تري غاب الرجل؟
ماذا حل به؟ هل نقلوه ليلا الي المستشفي؟ اخذت احد المصاعد نازلا الي ادارة الفندق مستفسرا عما حل بالرجل صاحبي. فوجئت ان لا علم لادارة الفندق بالامر. صعد احد المسؤولين معي الي حجرة صاحبي وشرع يبحث عنه في دولاب الملابس وتحت الفراش وفي الحمام وفي بيت الراحة فلم نعثر له علي اثر. اين اختفي الرجل؟ واين حقيبة ملابسه المتواضعة؟ اتصل المدير بشرطة لندن ينقل لهم الخبر المشؤوم.. اختفاء الشاعر ابي الطيب المتنبي. كما في الفندق مساء امس معا حتي لاخر لحظة قبيل النوم. اتفقنا ان نجهز حقائبنا وان نلتقي الساعة الثامنة علي طعام الفطور. ماذا حل بالرجل؟ اعطيت افادتي للشرطة مفصلة وكان اكثر اسئلتهم مركزا علي وقائع اليوم السابق ولا سيما الساعات الاخيرة التي قضيناها معا سواء في شارع اكسفورد او في شارع Edgware Road وفي اي مطعم تناولنا عشاءنا الاخير وماذا اكلنا ومن قدم لنا الخدمات في المطعم وغيرها الكثير من الاسئلة. طلبوا مني البقاء في لندن والغاء موعد سفري الي المانيا لدواعي اتمام التحقيق. اقنعتهم ان ذلك غير ممكن نظرا لارتباطي ببعض المواعيد المهمة. تركت معهم رقم هاتفي وعنواني كاملا في ميونيخ وقلت لهم اني علي استعداد للعودة الي لندن ان اقتضت الحاجة. شكروني وانصرفوا قائلين اخبرنا علي الفور بما يستجد من امور لها علاقة بحادث اختفاء الشاعر الشهير ابي الطيب المتنبي.
ما كنت اري في سماء لندن الا الظلمة والاحباط. اخذتني سيارة التاكسي الي محطة فكتوريا لاستقل الباص الذاهب الي مطار هيثرو. ظلام في ظلام. اين صاحبي ابو محسد؟ ماذا ول لاصدقائنا في ميونيخ؟ كيف سأخبر الشرطة الالمانية عن اختفائه في بلد آخر وقد سافرنا الي لندن معا؟ وهل تساوي ميونيخ شيئا بدون شاعري العظيم ابي الطيب؟ من سيملأ فراغ هذا الرجل في حياتي الباقية؟
جريدة (الزمان) العدد 1334 التاريخ 2002 - 10 -10
|
|
22-02-2006 , 06:39 PM
|
الرد مع إقتباس
|