PDA

View Full Version : ابحث وفتش من أي المعادن أنت ؟ هل أنت من الذهب أو الزئبق أو ا


أبو لـُجين ابراهيم
22-08-2001, 07:24 AM
ابحث وفتش من أي المعادن أنت ؟ هل أنت من الذهب أو الزئبق أو النحاس أو الحديد

روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تجدون الناس معادن ? خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام ? إذا فقهوا ? وتجدون خير الناس في هذا الشان أشدهم له كراهية ? وتجدون شر الناس ذا وجهين ? الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه " .
إن هذا الحديث الشريف يتضمن فوائد خصبة في معرفة الناس ? وانتماءاتهم ? ومشاعرهم ?
وميولهم ? ومواقفهم في الحياة ? وما الذي هم فيه وما الذي يحرصون عليه .

وهذا الحديث أصل من أصول الحكمة ? وقاعدة في أسلوب التعامل مع الآخرين

فقوله صلى الله عليه وسلم : " تجدون الناس معادن ? حكمة ذهبية عليها بريق وضاء صادق من نور النبوة ? وهي جملة معبرة

إن باطن الأرض يزخر بأنواع من المعادن والجواهر ?وإن الباحث في خصائصها يجد أنها تختلف اختلافاً واضحاً في طبائعها وصفاتها وفوائدها وأثمانها عند الناس ? فمنها الجامد والسائل ? ومنها
اللين الطري والقوي الشديد ? ومنها النفيس الغالي ? ومنها غير ذلك .

وكذلك طبائع الناس وأخلاقهم وأذواقهم ومشاربهم ?وهذه حقيقة مستورة لا يعرفها إلا من خالط الناس بأخذ وعطاء ?وفي حالة الغضب ? وفي حالة الرضا ? ورصد مواقفهم من تقلبات الأيام ? وتحولات الأمور ?ودنا من نفوسهم ? وتغلغل في أعماقها ليسجل أحاسيسها ومراميها وانفعالاتها ?

وحينذاك يجد أن بعضهم قوي عنيد ? صاحب طبع حديدي ? يرتفع على غيره بالحق أو بالباطل .
ويجد بعضهم وديعاً ليناً أليفاً مطواعاً سهلاً قريباً ? ويجد في الناس أيضاً صاحب الطبع الذهبي ? الذي يجمع بين نفاسة المعدن وحسن المنظر ? تتقلب الأيام ولا يتقلب ?وتتبدل القيم وهو محفوظ القيمة ? لا ينزل عن مستواها الرفيع ? إن صهرته المحن بنارها ? خرج من فتنتها أصفى مما كان
واشد جلاء ولمعاناً وجاذبية .

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : " تجدون الناس معادن " أن خير معادن الناس
في نظر الإسلام ? من جمع بين شرف الدنيا وعز والآخرة .

وبهذا المعيار صحح الإسلام ما استقر في أذهان بعض الناس من أن التفاضل لا يقوم إلا على أساس الغنى أو الجاه المادي ? ولعل هذا هو الذي دفع الصحابة إلى أن يعرفوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أي القبائل من العرب جمعت المجد من أطرافه ? وبلغت قمة الشرف ? فقالوا : من أكرم الناس يا رسول الله ? ولما كان الكرم هو كثرة الخير : قال : أتقاهم .

ولما لم يكن هذا مقصدهم من السؤال ? ظن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يريدون شخصاً بذاته ? حاز الرئاسة والغنى في الدنيا ? والفوز والرضوان في الآخرة ? فأخبرهم أن أكرم الناس نبي الله يوسف عليه السلام ? فقالوا : ليس عن هذا نسألك ? إنما عن قبائل العرب ? فقال لهم : " خيارهم في
الجاهلية خيارهم في الإسلام ? إذا فقهوا " أي : علموا الأحكام الشرعية وعملوا بمتقضاها .

إن الإسلام يرفع منزلة الفضائل أياً كانت ? ويُعلي من مكانة مكارم الأخلاق أني وجدت ?ويغالي بقيمة المروءات من أي صدرت ? ولا يغمط النفوس الكبيرة حقها ? بل يجعل أهل الشمائل الطيبة في الجاهلية ? هم أصحابها وأهلها في الإسلام ? إذا اتصلوا بشرع الله وفقهوا دينه .

روت كتب السيرة والتاريخ أن امرأة أسيرة تعرضت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في طريقة إلى المسجد ? وقالت : يا محمد ? هلك الولد ? وبعد الوافد " أي أخوها الذي كان يرعاها " فإن رأيت أن تمن علي وتخلي سبيلي فافعل ? ولا تشمت بي قبائل العرب ? فإن أبي كان يحمي الذمار " أي : العرض والشرف " ويفك العاني " أي الأسير " ويشبع الجائع ويكسو العاري ? ويقري الضيف ? ويطعم الطعام ? ولم يرد طالب حاجة جاءه قط ? أنا سفانة بنت حاتم الطائي ? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا جارية هذه الصفات المؤمنين حقاً ? ولو كان أبوك مسلماً ? لترحمنا عليه ? خلوا سبيلها ? فإن اباها كان يحب مكارم الأخلاق ? والله يحب مكارم الأخلاق
…. والقصة مذكورة في كتاب البداية والنهاية لابن كثير .

إن هذا الحاكم النبوي يدلنا على أن هنالك نفوساً لا تعدم الخير ? بل عن الفضل والمعروف والنجدة ? تملأ جوانبها ? وهي أسرع من غيرها في الاستجابة لدعوات الخير والحق ?ولقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل المروءات والنجدة ? أولئك الذين عاشوا في الجاهلية وما أن علموا أن محمداً صلى الله عليه وسلم يدعو إلى مكارم الأخلاق ? حتى أسرعوا لدعوته ? وأقبلوا عليها في شوق ورغبة .

هذا .. ومن خلال مطالعتنا وتأملنا في هذا الحديث " الناس معادن " نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بقية الحديث …. " وتجدون شر الناس ذا الوجهين "وهو يعني : أصحاب النفوس الضعيفة ? الذين يراءون الآخرين ? ويسيرون مع كل ركب ? ويمدحون قل قائل ? " ولا يخلصون مع أنفسهم ? ولا يراعون مصالح أمتهم ومجتمعهم ? همهم مطامعهم ? وهدفهم أشخاصهم ? ولو على حساب الحق ? يأتون هؤلاء بوجه ? ويأتون أولئك بوجه ? في الأسواق والأندية والإدارات
ومرافق الأعمال .

و التاريخ والواقع مليئان بالمآسي ? والأحزان التي أصابت المجتمعات من ذوي الوجهين الذين يظهرون غير ما يخفون ?ويتكلمون بغير ما يوقنون ? { وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون .. } [ البقرة : 14 ] .

وهكذا ? كان النبي صلى الله عليه وسلم دقيقاً في تحديد طبائع الناس ? وصفاتهم وميولهم وتطلعاتهم في الحياة ?وهو قد شبههم بالمعادن ? التي منها الحديد ? والنحاس والزئبق والذهب .

المراجع من عدة مصادر منها : البداية والنهاية وفقه السنة وفي ظلال القرآن

الخير
22-08-2001, 07:34 AM
جزاك الله خيرا يا أخي

وفقت في اختيار الموضوع.