تسجيل الدخول

View Full Version : مقال للدكتور . جعفر شيخ إدريس ، رئيس الجامعة الأمريكية المفتوحة . ( التعليق السياسي )


وميض
26-01-2002, 12:00 PM
يتساءل كثير من المسلمين اليوم عما إذا كانت الحرب الأمريكية الغربية على ما يسمونه بالإرهاب حرباً دينية؟ الإجابة تعتمد فيما أرى على المقصود بالحرب الدينية. فإذا كان المعني بها أن الغرب يريد أن يحارب الإسلام باسم المسيحية أو أنه يريد نشر المسيحية؛ فإن حربه ليست دينية؛ لأن الواقع أن إيمان الغربيين بالمسيحية أو اليهودية صار أضعف بكثير مما كان عليه في الماضي، بل إن جمهرة كبيرة من قادتهم ومسؤوليهم لم تعد تؤمن بها ولا بأمثالها من الأديان. بَيْدَ أنهم ـ وحتى الملحدين منهم ـ لهم نوع من الانتماء إلى هاتين الديانتين باعتبارهما جزءاً من تاريخهم ومكوناً مهماً من مكونات حضارتهم التي يفاخرون بها ويعدونها خير حضارة عرفتها البشرية. وهذا هو الذي يعنيه بوش وبلير ومن دونهما حين يُصرِّحون بأنهم يدافعون عن منهج حياتهم، أو حين يقولون إنهم يحاربون أعداء الحضارة. هذه الحضارة التي لا ترضى عن دين إلا إذا رضي هو بأن يقر في المكان الضيق الذي حددته له فلا يتعداه ـ إلا إذا أقر بأن الله ـ تعالى ـ قد ترك الناس سدى لا يأمرهم ولا ينهاهم في أي أمر يتعلق بحياتهم السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، بل ترك كل هذا للناس يقررون فيه ما شاؤوا، ويغيرونه متى شاؤوا. الدين المرضي لديهم عنه هو دين لا يعترض على رأسمالية ولا ليبرالية، ولا يستعمل يداً في أمر بمعروف أو نهي عن منكر. وقد رضيت الأديان كلها فيما يبدو بهذه الحدود التي خطتها لها العلمانية، بل إنه لم يبق بعد سقوط الشيوعية منهج حياة منافس للمنهج الغربي الرأسمالي الليبرالي.

الاستثناء الوحيد هو الإسلام كما كان قد صرح بذلك فوكوياما الذي عبر عن هذا الغرور الغربي تعبيراً واضحاً حين زعم أن التاريخ انتهى فيما يتعلق بمناهج الحياة؛ فالناس كلهم سائرون نحو هذا النموذج الغربي الذي يراه النموذج الوحيد المناسب لعصرنا، والذي يسمى لذلك بالحداثـة. فالإســلام الذي ما يزال يؤمن كثير من أهله بأنــه بديل أصلح للناس من النموذج الغربي لا بد أن يكون حركة رجعيــة تعرقــل تقـدم البشرية؛ فلا مناص من حربه وإيقافـه عند حـده. فإذا كـان هـذا هــو المقصـود بالحرب الدينية فإنها لحرب دينية ما في ذلك من شك.

لكن السياسة عندهم مخادَعة. ومن المخادَعة أن لا يصرح قادة الدول الغربية ـ إلا بعض أغبيائهم ـ بأن خصمها هو الإسلام. فالإسلام دين سلام ومعايشة مع بقية الأديان، والغالبية العظمى من المسلمين أناس طيبون مسالمون راضون بالرأسمالية والليبرالية، إلا شرذمة تسمى الوهابية.

واختيار الوهابية أيضــاً اختيـار سياسي بارع لا بد أن من أوصوا به أناس مختصون في الدراسات الإسلامية وفي الشعوب الإسلامية. فما يسمى بالوهابية دعوة لها خصوم كثر في العالم الإسلامي سيخدعون فعلاً ويظنون أن الهجوم عليها ليس هجوماً على الإسلام وإنما هو هجوم على حركة ظلوا يعدونها خطراً عليهم لمحاربتها لما هم عليه من أنواع الشرك في العقيدة، والبــدع في العبادات، ولما نسب إليها زوراً من أقوال مخالفة للإسلام. لكن الذي لا يدركه هؤلاء المخدوعون أن ما يكرهه الغربيون فيما يسمونـه بالوهابية ليس هو ما يكرهونه هم.

إن ما يعنيه الغربيون وأذنابهم بالوهابية إنما هو إسلام الكتاب والسنة الذي يرسم للناس منهج حياة متكامل ويربيهم على الدعوة إليه وجهاد أعدائه؛ ولذلك فإنهم لا يقصرون كلامهم عن الوهابية على السعودية وإنما يُدخلون فيه مصر وبلاداً إسلامية أخرى ـ أي كل بلد فيه حركة إسلامية سنية رشيدة سواء كانت سياسية أو غير سياسية؛ لأنهم يرون أن مناخ الفكر السني هذا هـو المناخ الذي يغرس فى نفوس المسلمين اعتزازاً بدينهـم ووقوفــاً صارماً ضد خصومهم.

قادة الحضارة الغربية يريدون منا معاشر المسلمين أن نلبي لهم ثلاثة مطالب:

أولها: أن تكون العلمانية منهج حياتنا كما هي منهج حياتهم، وأن لا يحتل الإسلام إلا مكاناً ضيقاً في إطارها.

ثانياً: لكن هذه العلمانية يجب أن تكون ليبرالية ديمقراطية في السياسة، رأسمالية حرة في الاقتصاد، إباحية في القيم.

ثالثاً: أن تكون هذه العلمانية العربية أو «الإسلامية» خادمة لمصالح الدول الغربية ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية؛ وذلك لأن الدولة قد تحقق ذينك الشرطين السابقين لكنها تكون مع ذلك دولة قوية مستقلة منافسة للدول الغربية. فالذي تحرص عليه الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة هو أن لا يكون لها في مجال القوة المادية منافس تمكنه قوته من الاستقلال عنها في مراعاة مصالحه. ومن هنا فإنهم ينظرون بكثير من القلق إلى دول مثل الصين واليابان، ويعملون على أن لا تكون أي منهما منافساً للغرب.

فالمطلب الثالث هذا هو أبو المطالب عندهم، وما الآخران إلا وسائل إليه، إن حققا غرضهما فبها، وإلا ضحي بهما في سبيله. أعني أن الديمقراطية مثلاً مطلوبة شريطة أن لا تؤدي إلى موقف معاد، أو منافس للولايات المتحدة. فإذا كانت كذلك استبدل بها نظام دكتاتوري يحقق التبعية.

وهم يسعون لتحقيق هذه الردة فينا أولاً بأن نتبع سبيلهم في الاستماع إلى نصائح يسدونها إلينا في الطريقة التي نفهم بها ديننا ونفسره. تأتي هذه النصائح أحياناً منهم مباشرة، ولكنها تأتي في كثير من الأحيان عن طريق عملائهم الفكريين المنافقين في بلادنا. لكنهم ينسون أن كتاب ربنا يحذرنا من الاستماع في أمر ديننا إلى قوم جاهلين به، معادين له، كافرين به. قال الإمام الطبري معلقاً على قوله ـ تعالى ـ: {مّا يّوّدٍَ الذٌينّ كّفّرٍوا مٌنً أّهًلٌ الكٌتّابٌ ولا المٍشًرٌكٌينّ أّن يٍنّزَّلّ عّلّيًكٍم مٌَنً خّيًرُ مٌَن رَّبٌَكٍمً واللَّهٍ يّخًتّصٍَ بٌرّحًمّتٌهٌ مّن يّشّاءٍ واللَّهٍ ذٍو الفّضًلٌ العّظٌيمٌ} [البقرة: 105]. قال ـ رحمه الله ـ: «وفي هذه الآية دلالة بينة على أن الله ـ تبارك وتعالى ـ نهى المؤمنين عن الركون إلى أعدائهم من أهل الكتاب والمشركين، والاستماع من قولهم، وقبول شيء مما يأتونهم به على وجه النصيحة لهم منهم، باطلاعه جل ثناؤه إياهم على ما يستبطنه لهم أهل الكتاب والمشركون من الضغن والحسد، وإن أظهروا بألسنتهم خلاف ما هم مستبطنون».

أما الوسيلة العملية الخطيرة الثانية فهي أن يطلب منا أن نغير مناهج دراساتنا الإسلامية لكي تتمشى مع تلك الفهوم التي يرونها مجافية للأصولية، ومجاملة للعلمانية. لكن هذه وسيلة خاسرة. فإن خضعت بعض الدول فغيرت وبدلت وحرفت؛ فما كل الدول بفاعلة ذلك. ولئن غاب الدين الصحيح من المدارس الرسمية فلن يغيب من صدور العلماء الدعاة الربانيين. لقد تكفل الله ـ تعالى ـ بحفظ هذا الدين في صورة آيات تتلى، وأحاديث تقرأ، وفي صورة طائفـة لا تـزال على الحـق ظاهرة لا يضرها من خالفها ولا من خذلها حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون.

لكن هذا الإيمان ينبغي أن لا يكون سبباً للتثاقل والغفلة، بل يجب أن يكون دافعاً قوياً للسعي والحركة استبشاراً بوعد الله الذي لا يخلف الميعاد.

وإنه لمما يساعد على الاستبشار والرجاء أن نعلم أنه ما كل الغرب على قلب رجل واحد في عدائه للإسلام؛ ففيه مسلمون تتزايد أعدادهم صباح مساء، وفيه منصفون متعاطفون مع المسلمين، وفيه مرتابون في حضارتهم أو كافرون بها باحثون عن بديل لها. فعلينا أن لا نعادي الناس في الغرب كافة ما داموا لا يعادوننا كافة، وأن نتذكر أن هذا من نعم الله علينا وإلا {ولّوً شّاءّ اللَّهٍ لّسّلَّطّهٍمً عّلّيًكٍمً فّلّقّاتّلٍوكٍمً} [النساء: 90].

وميض
26-01-2002, 12:03 PM
التعليق السياسي :
______________

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

لقد ذكر الدكتور .
( وإنه لمما يساعد على الاستبشار والرجاء أن نعلم أنه ما كل الغرب على قلب رجل واحد في عدائه للإسلام ؛ ففيه مسلمون تتزايد أعدادهم صباح مساء ، وفيه منصفون متعاطفون مع المسلمين ، وفيه مرتابون في حضارتهم أو كافرون بها باحثون عن بديل لها . فعلينا أن لا نعادي الناس في الغرب كافة ما داموا لا يعادوننا كافة ، وأن نتذكر أن هذا من نعم الله علينا وإلا {ولّوً شّاءّ اللَّهٍ لّسّلَّطّهٍمً عّلّيًكٍمً فّلّقّاتّلٍوكٍمً} [النساء: 90].)
إنتهى النقل

حتى هذه اللحظة لم يتعامل قادة الغرب مع (( ساسة )) من أتباع أهل السنة والجماعة وأئمة أهل البيت رضوان الله عليهم ، فهم لم يظهر لهم على الساحة الاجتماعية والسياسية إلا الفئة التي حرمت من علوم ( الحركة والسياسة ) أو إدارة المجتمع ، ومثل تلك العلوم لا تظهر ولا تدرس إلا في أجواء من الحرية .

وتلك الفئة الناشطة في مجال الدعوة تركت أثر طيب في الكثير من المجتمعات الإنسانية بعد ما نقلوا إليهم النقل الصحيح الذي بأيديهم وعرفوهم بالعقيدة الإسلامية الصحيحة وبالسنة النبوية وبعقيدة التوحيد بشكل عام وخاصة في المجال الذي يتعلق في مثل مسائل العبادات والمعاملات والمسائل الأخرى .

ولكن هناك حلقات فكرية وفقهية مفقودة في ما يخص علوم ( الحركة والسياسة ) أو إدارة المجتمع تم إخفائها عن أعينهم وأسماعهم من قبل حكام الجور ، وذلك أمر قديم متوارث وهو حصل بسبب التسلط والطغيان السياسي الذي بدأ منذ إنتهاء الخلافة الراشدة ووصل إلى عنفوانه في وقتنا الحاضر ، فمنذ ذلك الوقت بدأت تلك العلوم تنحسر حتى أصبحت في وقتنا الحاضر من العلوم التي لا تدرس من ضمن علوم الدين ولذلك أصبحت الحقيقة غائبة عن أعين معظم الناس .

وهناك فئة من الغربيين وصفهم الكاتب ( بمنصفون متعاطفون مع المسلمين ، وفيه مرتابون في حضارتهم أو كافرون بها باحثون عن بديل لها ) .

وتلك الفئة من الناس بحاجة لجهد فكري يفوق الجهود التي بذلت من قبل ، خاصة في مثل هذه الظروف التي وصلت به مجتمعاتهم إلى حافة الهاوية ، فتلك الفئة بحاجة لخطاب ( ديني سياسي ) يؤمن لهم المعلومة الحقيقية الصحيحة الكاملة ويعرفهم بقوانين الخلق في " النشأة والحياة والمصير " ويعرفهم بحقيقة حقوقهم وضرورات حياتهم في الإسلام و التي يحرص حكام الجور مع القيادات الغربية المعادية للدين الإسلامي إخفائها عن أعينهم وأسماعهم ، فتكفير وتغطية الحقائق من أعمال الكفار والمشركين وهي ليست من أعمال المؤمنين .

فالإنسان الغربي تهمه مسائل الحرية والعدالة وإثبات الذات والمشاركة السياسة وهو حتى هذه اللحظة يعيش في جو من الخداع أوجده له الساسة المخادعون بإسم العدل والحرية والتعددية ...الخ ، وهذا الجو الخادع يلهيه ويشغله عن أمور كثيرة أهمها وعلى رأسها ( الأمن الفكري والروحي والنفسي والمادي ) كما تشغله عن مصيره الموعود ، فالإنسان الغربي بحاجة إلى بديل صادق يوضح له الفرق ويكشف له الزيف والخداع ، وهو لا يجد هذا البديل أمامه على أرض الواقع و في الخطاب الديني الذي تتبناه الحكومات الكافرة * والتي تحكم بلاد المسلمين في الوقت الراهن ، كما لا يجده في الخطاب الذي يحمله المخلصين من المؤمنين بفكرة التوحيد ، وذلك لأسباب التي ذكرناها ، وهو في نفس الوقت لا يريد الخطاب المفزع الذي يتوعده بالقتل وبالتعذيب الذي طغى على الخطاب والبيان الذي صدر من الأفراد الذين حصل بينهم وبين قادة الغرب أو بعض قادة العرب صدام مسلح ، فأنا أعتقد بأنهم لم يتعاملوا مع الموقف بالشكل وبالصورة الصحيحة فليس كل الناس بوش وبلير وشارون وكولن باول ورامسفيلد وبوتين وصدام حسين والقذافي وعسكر الجزائر ، وليس كل الناس تعمل على إنحدار وفناء الجنس البشري .

فهناك - وكما ذكر الكاتب - فئة تحتاج لجهود فكرية تبذل من خلال ( الحوار العلمي الجاد ) الهادي وبعيداً عن الجو الذي يصنعه أعداء الدين والإنسانية ، فأعداء الدين والإنسانية يهمهم أن يبقى الجو مشحونا لتحقيق أهدافهم الشاذة المريضة ضد البشرية جمعا ، كما يجب أن يكون بعيداً عن علماء وعمال السلطات التي تغتصب وتصادر حقوق الناس وضرورات حياتهم حتى يكون الحوار حوار جاد مثمر يستفيد منه كافة الناس .

ومثل أولئك القادة المصابون بالشذوذ الفكري ، وحتى هذه اللحظة لا يريدون ذلك ( الحوار العلمي الجاد ) لأنهم يعرفون نتيجته مقدماً ، فالسياسة عندهم مخادَعة - وكما ذكر الكاتب - وتلك هي الحقيقة ، وهم ليست لهم القدرة على المواجهة الفكرية ، وخيار الصدام المسلح بالنسبة لهم هو الخيار الوحيد الذي لا مفر منه خشية أن تسطع شمس الحقيقة التي لا تغطيها غمامات الشرك والتعتيم ، فالجو الذي تسوده غمامات التعتيم يهىء لهم الإستفراد بالقرار بعيداً عن تدخل مواطنيهم الذين لن يقروا سياستهم العدائية العدوانية لو علموا بالحقيقة الغائبة وبحقيقة حقوقهم وضرورات حياتهم التي يكفلها الإسلام والتي وهبها وأعطاها رب الخلق والبرية .

_______________________________

كافرة : هي كافرة لأنها لا تطبق الشريعة والمنهج الرباني وفي أحسن أحوالها تمارس الخديعة - فالطبع يغلب التطبع - وهي تقوم بتكفير وبتغطية الحقائق وقوانين الخلق في " النشأة والحياة والمصير " كما هي تغطي وتكفر حقوق الناس وضرورات حياتهم بوسائل متعددة ، ومن يقوم بذلك الفعل سيعيش بحالة من حالات الكفر وهي إعتام القلب وحجبه عن نور الله ، وهو بيده يفعل ذلك ، والإسلام ليست هوية ترفع في وجه الخصوم من أجل إسكاتهم ، فالمسلم مطالب بالعمل الصالح الصحيح المصلح وإذا مارس الكذب والخداع والعبث أو تجاهل واستخف بالمنهج الرباني وبأي صورة من الصور ستطاله الحالة لا محالة .