PDA

View Full Version : الجريمة والعقاب


الطارق
03-08-2002, 07:33 AM
الجريمة والعقاب

(( إذا كنا لا نبدأ بأنفسنا فكيف نعدل في غيرنا ))

هذا ما سجله أمين الريحاني الكاتب المسيحي عن عدل ابن جلوي حاكم المنطقة الشرقية ( الحسا ) في عهد عبد العزيز وهو يصف عدل عبد العزيز في ذلك الزمن ..
وكان لتلك المقولة قصة عظيمة ذكرها أمين الريحاني قال : ( جاء عبد الله ذات يوم رجل يشكو ولدا ضربه وشتمه فقال عبد الله : وهل تعرفه إذا عاينته ؟ فأجاب الرجل بالإيجاب .
فأمر الأمير أن تجمع عنده أولاد ذاك الحي من البلد .
فأحضرهم كلهم وجاء الشاكي فنظر إليهم وأشار إلى غريمه ، فهمس أحد الحضور في أذنه : هو ابن الأمير . فجمجم الرجل بعض كلمات أراد بها الاعتذار والعدول ، فرد الأمير وسأل الولد ف\اقر بذنبه .
فأمر العبيد أن يبسطوه ( أي الولد ) أمامه وأن يقدموا للشاكي عسيباً أخضر من النخل .
فتردد العبيد وأحجم الرجل ، فأخذ الأمير القضيب بيده وشرع يضرب ابنه ويقول تلك المقولة العظيمة (( إذا كنا لا نبدأ بأنفسنا فكيف نعدل في غيرنا )) .

لذا ليس عجيب أن يأمن الناس في ذلك العصر ( قبل ثمانين عام ) وتتناقل القصص عن ذلك الأمن الذي استتب في البلاد بعد أن كانت الجزيرة العربية مسرح لقطاع الطرق من القبائل وبعد أن كانت طرق القوافل لا تسير إلا بدفع " الخوة " للقبائل وقد عجز عسكر الترك عن فعل شيء مع هذه القبائل .
وقد اصبح في عهد عبد العزيز وبعد تطبيق الشريعة يقف الجمل محمل بالحوائج في الصحراء ولا يتعرض له أي شخص حتى يعود إليه بل وقد يموت الجمل وهو على هذا الحال إن لم يعد صاحبه دون أن يعترضه أحد ...

وقد تشدد وتطرف الأمراء في العقاب لمنع الجريمة ومحاربتها حتى علق أحد كبار السن وهو يسخر من ما يحدث في زماننا و عصرنا هذا وما يحدث فيه من السرقة ويصف تشدد أمراء عبد العزيز فقال : في زمن الأمير الفلاني أمير منطقة كذا ، حدث أن مر أحدهم بكيس مليء بالبن ، فلمسها ليعلم ما بها ، ثم ذهب للأمير وأخبره بأمرها فقال وكيف علمت بأن الكيس من البن ، فقال : قد لمسته بيدي .
فغضب الأمير وقال : ألم نأمر بأن لا يعترض أحد أي شيء ليس له ، ثم أمر بقطع الإصبع الذي لمس به ذلك الكيس .

وقد علق هذا الشيخ وقال : لو كان هذا في زماننا فكيف سيتصرف وهو يرى ما يحدث في هذا الزمن من شباب اليوم وما يحدث في زماننا من الحوادث والسرقات وهل سيتشدد كل هذا التشدد وهل سيقمع هذا الجريمة !!

ورغم التشدد والإفراط في تطبيق العقوبة فقد كان هذا محل فخر بالنسبة لنا وحتى زمن قريب فقد أطلعت على مجلة تعود في تاريخها لعهد الفيصل رحمه الله يذكر أن مجلة لبنانية تهجمت على تطبيق الشريعة على أنه وحشية وقسوة فانبرى أحد اللبنانيين يدافع عن تطبيق الشريعة ويقارن حال الجريمة بين لبنان والمملكة ممتدحاً ذلك الآمن الذي تنعم به المملكة ذاكرا وكالعادة قصة عدم تعرض أملاك الناس للسرقة وحتى في القفار والطرق المهجورة ...

وفي زماننا هذا وبعد أن غير النفط والطفرة التي حدثت مجتمعنا وأخلاقنا وعادتنا حدثت هذه القصة :

حدثني أحد الأخوان وهو ثقة ، قال : حدث في بلدتنا أن تعرض اثنين من بلدتنا لامرأة غريبة من بلدة كبيرة وكانت مدرسة فخطفوها وانتهكوا حرمتها وكرامتها حتى قيل أنه أصابها النزيف .
فتداخل بعض كبار البلدة وتوسطوا مع جهات عليه وحرفوا في القضية ، واتهموها بأنها سيئة السمعة .
ولم تمضي أقل من السنة ، بل ما يزيد عن نصف السنة بقليل حتى خرج الاثنين منها براء
وفصلت المرأة من التدريس ، ولم يحدث هذا إلا بعد تدخل جهات عليا وضغطها لتطبيق هذا الأمر !!!
فقلت له : وأين شيوخ البلد وعلماءه ، فقال : من العجيب أن كان أكثر من تداخل في هذه القضية هو أمام أحد المساجد وشيخ البلدة ، لسبب بسيط أن من فعل هذا الجرم أحد أقرباءه !!!


أن هذا يحدث في بليدة ليست بالكبيرة ، فما بالك بالمدينة الكبيرة ، قطعاً سيحدث أكبر من هذا
وأعظم ، ومالك بعموم الدولة !!
في الماضي كان المثل يقول (( الناس على دين ملوكهم )) ورغم أن البعض يشكك في هذا لكن أليس من حقنا أن نضرب أمثلة قد تكون مدللة على هذا الشيء ، إذا فلنضرب هذه الأمثلة :

# الموظف المسؤول والذي بين يديه مسؤولية التحكم بالمال وعندما يرى أن الأموال تنهب من مستويات أعلى منه ألن يبحث عن نصيبه من هذه الكعكة ( قضايا الاختلاس والرشاوى ) ..

# المواطن الذي بل اعمل ووجد أن الوضع متردي وأن الأموال تصب في جيوب البعض من غير حق ، ألن ينحرف إلى السرقة ( سمعت من أحد الأشخاص أنه وبعد أن ألقي القبض على عصابة تخصصت في سرقة المنازل من الشباب وسوئل أفرادها عن أسباب السرقة فقالوا أننا لم نجد من عمل إلا هذا ) ..

# المواطن العادي الذي يرى كل هذا النهب ألن يفقد ثقته بالوضع وقد ينجرف مع من أنجرف في هذا الطريق ( بما أن القضية خربانة خرانة !! ) ..

وبإمكانكم أن تزيدوا أمثلة من هذا القبيل ، ولنتحدث عن موضوع أخر وهو مسببات ازدياد الجريمة في بلادنا ( أو بلداننا ) ؟!

* لعلي أجد أن مسببات هذا يعود مرجعه لـ : -

أولاً : لعل أول ما يتبادر للذهن هو أننا لم نطبق حدود شريعتنا الإسلامية بحق ، فنحن ندعي أننا نطبق الحدود ونتشدق دوما أن دستورنا هو القرآن ( كلمة حق يراد بها باطل ) ، وخير ما يدل على أننا لا نطبق الشريعة أنه لا يقام الحد إلا على الضعيف أما الشريف والأمير فهل يطبق عليه هذا الحد ؟!

( وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فكلمه أسامة فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <أتشفع في حد من حدود اللَّه تعالى!> ثم قام فاختطب ثم قال: <إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد؛ وأيم اللَّه لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها!> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وفي رواية: <فتلون وجه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال: <أتشفع في حد من حدود اللَّه!> فقال أسامة: استغفر لي يا رَسُول اللَّهِ، قال: ثم أمر بتلك المرأة فقطعت يدها.)

وكما ترى يقول الصادق الأمين أن هذا الفعل قد أهلك من قبلنا ، فإن كان أهلك من قبلنا فقطعا سيهلك كل من يعمل بهذا العمل ..

ثانياً : الحقيقة أن نظامنا أبعد ما يكون عن النظام المنضبط ( وهذا يشمل النظام ككل ولولا بركة النفط لرحنا في حيص بيص ) 0 ، هناك فوضى لا تخفى على أحد مرده ضعف الحزم ، لا ينحصر هذا في الحزم الأمني ( رجال الشرطة وما أدراك ما رجال الشرطة !! ) بل حتى الحزم الاجتماعي الذي يتضح في تساهل المجتمع مع الجريمة والتسامح معها على طريقة حب الخشوم وسامحه بالله ومن أمثالها ..

ثالثاً : تغير المجتمع السعودي من البداوة إلى المدنية : حتى أصبح ثلثي عدد السكان يعيشون في المدن الكبرى وقطعا أن هذا التغير الرهيب له تأثير في أخلاق السكان ، وحياتهم الاجتماعية ، والنفسية وتأثير هذا على سلوكهم الإنساني ..
ومعلوم أن صخب المدينة وتفككها تؤدي إلى ازدياد الجرائم في المجتمع بعكس البداوة حيث التقارب والتعاون ..

رابعاً : التربية وما أدراك ما التربية ، لا يخفى على أحد أن أجدادنا كانوا أكثر حرصاً على تربية أبناءهم من زماننا هذا من حيث الاحترام والأخلاق والرجولة ..
ولربما مرجع هذا التغير الذي حدث في حياة جيل ما قبل الطفرة وما بعدها والذي أنتج حياة مختلفة كثيرة عن حياة الجيل السابق ..
ويكفينا أن ندلل على ذلك بما تحكي الكتب عن خلق أبناء الجزيرة وشهامتهم ، وبين ما يحدث في زماننا من الشباب في الأسواق ، بل وما يحدث في اتصالات السعوديين بالقنوات الفضائية !

وقد حدثني أحدهم بقصة عن أحد المستورات توضح ما يحدث في زماننا من قلة الحياء من شبابنا ، قالت إحداهن : حدث لي أن ذهبت مع زوجي إلى أحد المدن الكبيرة ، وكان أن أنزلني زوجي في أحد الأسواق الكبيرة مع ابني الصغير وكان أن ألزم زوجي بشيء فقادرنا على أن لا يتأخر علينا كثيراً ، وكنا غرب في هذه المدينة ، وعندما انتهيت من حاجتي خرجت وأنا أنتظر زوجي حتى يقدم وقد تأخر عن موعده وكان ذلك في وقت متأخر من المساء وقد أغلقت المتاجر ، فلا تتصوروا ماذا حدث لها من شبابنا ، فقد أخذ يمر بعض الشباب ويصرخون طالبين أن أطلع معهم عارضين المال حتى بلغ السعر 500 ريال وكنت أبكي من هذا الأمر ولم يحترموا لا وجود أبني ولا بكائي من هذا الموقف ، ولم يخلصني إلا مجيء زوجي !

خامسا : البطالة وتردي الحالة المالية : وهذا سبب أخر وإن كان يعتمد بشكل خاص على تغير المجتمع السعودي وتغير أخلاقه ..

سادساً : وسائل الأعلام وتأثيرها وتأثر المشاهد بما تقدمه في هذا الخصوص ..


هذا كل ما توصلت إليه ، وقد يكون هناك مسببات أخرى وبإمكانكم أن تزيدوا عليها
أما الأن فلنأتي إلى أخر نقاطنا وهو يختص بالعنوان ( الجريمة والعقاب ) وسؤال يتبادر لذهني الآن ..

سؤالي هو : هل العقاب يردع الجريمة ؟! أو يقلل من حدوثها ؟!
وإذ لم يردع الجريمة فهل هناك من رادع لها ؟! وما هو ؟!
وهل يستغني هذا الرادع عن أسلوب العقاب ؟!

تحياتي ..

أبو نايف
03-08-2002, 12:19 PM
أخي الطارق حفظه الله


أتفق معاك في كل النقاط اللي ذكرتها

الامن كان بمستوى أفضل في السابق عن في الوقت الحالي .....طبعا في السعوديه. والامور تتدهور مع الوقت

هناك ظاهره أجتماعيه ألاحظها وهو أن الناس وبطريقه واعيه أو غير واعيه يؤمنون في قرارة أنفسهم بأن النظام لايطبق بشكل صحيح ولا يطبق على الجميع

ودائرة من لايطبق عليهم النظام تتوسع حتى أصبحت كبيره جدا
حتى أصبح النظام هزيلا جدا والقصه اللتي ذكرتها عن المرأه اللي أغتصبت دليل على أتساع الدائره وليس أدل من ذالك أيظا تدفق المئات من المواطنين اللي عندهم مشاكل الى الاماره فلوا أن الجهات المختصه أخذت حقوقهم ونظرت بأوضاعهم لما أحتاجوا لكتابة معاريض والدخول على أمير المنطقه .....



البطاله وما أدراك مالبطاله

قبل شوي كنت جاي من أحد البنوك الوطنيه وكانت اخر زياره لي قبل هذه الزياره لنفس البنك قبل حوالي سنتين .........صدقني جميع الموظفين اللي قبل سنتين موجودين الان وكلهم أجانب زوله وهنود

تخيل يااخوي لايوجد أي موظف سعودي ماعدا مدير البنك وموظف واحد وهذا البنك في موقع مهم وشارع تجاري معروف في الرياض

ألم يجدوا سعوديين يشغلون هذه الوظائف؟؟؟

الحاصل أن السعوده اللي يقولون كلام فاضي غير مطبق والدليل مشاهد في كل مكان وللاسف حتى في بعض القطاعات الحكوميه


والسبب أن كبار التجار لايرغبون بتوظيف السعوديين ويفضلون الاجانب لانهم يستعبدون الاجانب ويتحكمون فيهم مثل عصر العبيد والمماليك في القرون الماحقه



والتجار الكبار لهم علاقاتهم وشراكاتهم مع المسئولين والمتنفذين في الدوله ...........وشلني وأشيلك
ومدلي وأقطعلك

والله يحييك




يقول الشاعر:

أذا كان رب البيت بالدف ضاربا
فشيمة أهل البيت هز الوسط




-----------------

هل العقاب رادع للجريمه أو يقلل منها؟

أعتقد أن العقاب ضروري للتقليل من الجريمه وليس ردعها تماما

ولردع الجريمه يجب أن تعالج مسبباتها الكثيره:
كالبطاله والكبت والظلم الاجتماعي والتفرقه العنصريه
ويجب فتح أبواب مفيده لاستغلال طاقات المجتمع وجعله مجتمع منتج لان الاحباط واليأس شعوران مساعدان على فعل الجريمه

ويجب أن يعمل النظام على أفهام الناس أن الجميع خاضعين للعقاب والا فأن الناس لن يحترموا النظام وسيقفزون عليه بطريقه أو بأخرى

الطارق
05-08-2002, 03:04 AM
حياك الله أخي أبو نايف ..


(( هناك ظاهره أجتماعيه ألاحظها وهو أن الناس وبطريقه واعيه أو غير واعيه يؤمنون في قرارة أنفسهم بأن النظام لايطبق بشكل صحيح ولا يطبق على الجميع ))

هذه حقيقة يلاحظها الكثير للأسف الشديد ، ويبدوا أنها ملحوظة في كثير من مناطق المملكة ...

ما أضحكني ذكرك لقصة المعاريض لإنه للأسف الشديد كثير ما أطلعت
علىالكثير من المعاريض والتي فيها الكثير من الشكاوي والطلبات
وبعضها للأسف الشديد طلب العفو عن قيام البعض بجرائم ، والمشكلة
أنه أحيانا تتحقق هذه الطلبات !!
أعرف شخص قبض عليه في قضية تهريب مخدرات وأشتغلت المعاريض
حتى أخرج من سجنه ولم يكمل أكثر من أربعة أشهر !!

عن البطالة وهي لها الـاثير الكبير في أزدياد الجريمة ، قبل عدة أشهر
اطلعت على تعميم عن السعودة في السعودية يقول التعميم أن نسبة
تحقيق السعودة ( بمنطقتنا ) لم يزد عن 1 بالمائة !!! مع العلم أن الخطط كانت تعمل على أن تكون نسبة السعودة 50 % !!!!

ذكرت قصة التجار وموقفهم من السعودة وهذا ليس بغريب على من هدد بنقل تجارتهم إلى دول الخليج إن فرضت عليهم السعودة !

--------------------------

(( هل العقاب رادع للجريمه أو يقلل منها؟

أعتقد أن العقاب ضروري للتقليل من الجريمه وليس ردعها تماما

ولردع الجريمه يجب أن تعالج مسبباتها الكثيره:
كالبطاله والكبت والظلم الاجتماعي والتفرقه العنصريه
ويجب فتح أبواب مفيده لاستغلال طاقات المجتمع وجعله مجتمع منتج لان الاحباط واليأس شعوران مساعدان على فعل الجريمه

ويجب أن يعمل النظام على أفهام الناس أن الجميع خاضعين للعقاب والا فأن الناس لن يحترموا النظام وسيقفزون عليه بطريقه أو بأخرى ))

هذا كلام جميل أشكرك عليه :)

تحياتي وتقديري ..