PDA

View Full Version : الدنيا إلى الجنة أو النـــــار


فتى الإيمان
02-09-2002, 07:05 PM
إنما الدنيا إلى الجنة والنـــــار طريق والليالي متجر الإنسان والأيام سوق

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد الزاهدين وإمام العابدين ، أما بعد:

فإن الدنيا دار سفر لا دار إقامة ، ومنزل عبور لا موطن حبور ، فينبغي للمؤمن أن يكون فيها على جناح سفر ، يهيئ زاده ومتاعه للرحيل المحتوم .

فالسعيد من اتخذ لهذا السفر زاداً يبلغه إلى رضوان الله تعالى والفوز بالجنة والنجاة من النار 0

إنما الدنيا إلى الجنة والنـــــار طريق والليالي متجر الإنسان والأيام سوق.

تعريف الزهد في الدنيا

تعددت عبارات السلف في تعريف الزهد في الدنيا وكلها تدور على عدم الرغبة فيها وخلو القلب من التعلق بها 0

قال الإمام أحمد : الزهد في الدنيا : قصر الأمل 0

وقال عبدالواحد بن زيد : الزهد في الدينار والدرهم 0

وسئل الجنيد عن الزهد فقال : استصغار الدنيا ، ومحو آثارها من القلب 0

وقال أبو سليمان الداراني : الزهد : ترك ما يشغل عن الله.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : الزهد ترك ما لا ينفع في الاخرة ، والورع ترك ما تخاف ضرره في الآخرة ، واستحسنه ابن القيم جداً 0

قال ابن القيم : والذي أجمع عليه العارفون : أن الزهد سفر القلب من وطن الدنيا ، وأخذ في منازل الآخرة !! 0

فأين المسافرون بقلوبهم إلى الله ؟

أين المشمرون إلى المنازل الرفيعة والدرجات العالية ؟

أين عشاق الجنان وطلاب الآخرة ؟



الزهد في القرآن

قال الإمام ابن القيم ( والقرآن مملوء من التزهيد في الدنيا ، والإخبار بخستها قلتها ، وانقطاعها وسرعة فنائها ، والترغيب في الآخرة والإخبار بشرفها ودوامها 0

ومن الآيات التي حثت على التزهيد في الدنيا :

1ـ قوله تعالى ((اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور )) [الحديد : 20] 0

2ـ وقوله سبحانه (( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب )) [ آل عمران : 14 ] 0

3ـ وقوله تعالى ((من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب )) [ الشورى : 20 ] 0

4ـ وقوله تعالى (( قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا )) [النساء : 77 ] .

5ـ وقوله تعالى ((بل تؤثرون الحياة الدنيا(16)والآخرة خير وأبقى )) [ الأعلى :16-17] 0

أحاديث الزهد في الدنيا

أما أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي رغبت في الزهد في الدنيا والتقلل منها والعزوف عنها فهي كثيرة منها :

1ـ قول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر رضي الله عنهما (( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل )) [ رواه البخاري ] 0

وزاد الترمذي في روايته (( وعد نفسك من أصحاب القبور )) 0

2ـ وقال النبي صلى الله عليه وسلم (( الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر )) [ رواه مسلم]0

3ـ وقال صلى الله عليه وسلم مبيناً حقارة الدنيا (( ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم ، فلينظر بم يرجع )) [ رواه مسلم ] 0

4ـ وقال صلى الله عليه وسلم (( مالي وللدنيا ،إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال ـ أي نام ـ في ظل شجرة ، في يوم صائف ، ثم راح وتركها )) [ رواه الترمذي وأحمد وهو صحيح ] 0

5ـ وقال صلى الله عليه وسلم (( لوكانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ، ما سقى كافراً منها شربة ماء )) [ رواه الترمذي وصححه الألباني ] 0

6ـ وقال صلى الله عليه وسلم (( ازهد في الدنيا يحبك الله ، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس )) [ رواه ابن ماجه وصححه الألباني ] 0

7ـ وقال صلى الله عليه وسلم ( اقتربت الساعة ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصاً ، ولا يزدادون من الله إلا بعداً )) [ رواه الحاكم وحسنه الألباني ] 0



حقيقة الزهد في الدنيا

الزهد في الدنيا هو ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فهو ليس بتحريم الطيبات وتضييع الأموال ، ولا بلبس المرقع من الثياب ، ولا بالجلوس في البيوت وانتظار الصدقات ، فإن العمل الحلال والكسب الحلال والنفقة الحلال عبادة يتقرب بها العبد إلى الله ، بشرط أن تكون الدنيا في الأيدي ، ولا تكون في القلوب ، وإذا كانت الدنيا في يد العبد لا في قلبه ، استوى في عينه إقبالها وإدبارها ، فلم يفرح بإقبالها ، ولم يحزن على إدبارها.

قال ابن القيم في وصف حقيقة الزهد ( وليس المراد ـ من الزهد ـ رفضها ـ أي الدنيا ـ من الملك ، فقد كان سليمان وداود عليهما السلام من أزهد أهل زمانهما ، ولهما من المال والملك والنساء مالهما 0

وكان نبينا صلى الله عليه وسلم من أزهد البشر على الإطلاق وله تسع نسوة 0

وكان على بن أبي طالب ، وعبدالرحمن بن عوف ، والزبير وعثمان ـ رضي الله عنهم ـ من الزهاد مع ما كان لهم من الأموال.

ومن أحسن ما قيل في الزهد كلام الحسن أو غيره : ليس الزهد في الدنيا بتحريم الحلال ولا إضاعة المال ، ولكن أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يدك .

جاء رجل إلى الحسن فقال : إن لي جاراً لا يأكل الفالوذج ، فقال الحسن : ولم ؟ قال : يقول : لا أؤدي شكره ، فقال الحسن : إن جارك جاهل ، وهل يؤدي شكر الماء البارد ؟0

أهمية الزهد

إن الزهد في الدنيا ليس من نافلة القول ، بل هو أمر لازم لكل من أراد رضوان الله تعالى والفوز بجنته ، ويكفي في فضيلته أنه اختيار نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، قال ابن القيم رحمه الله ( لا تتم الرغبة في الآخرة إلا بالزهد في الدنيا ، فإيثار الدنيا على الآخرة إما من فساد في الإيمان ، وإما من فساد في العقل ، أو منهما معاً0

ولذا نبذها رسول الله صلى الله عليه وسلم وراء ظهره هو وأصحابه ، وصرفوا عنها قلوبهم ، وهجروها ولم يميلوا إليها ، عدوها سجناً لا جنة ، فزهدوا فيها حقيقة الزهد ، ولو أرادوها لنالوا منها كل محبوب ، ولوصلوا منها إلى كل مرغوب ، ولكنهم علموا أنها دار عبور لا دار سرور ، وأنها سحابة صيف ينقشع عن قليل ، وخيال طيف ما استتم الزيارة حتى أذن بالرحيل ) .

أقسام الزهد


قال ابن القيم رحمه الله الزهد أقسام :

1ـ زهد في الحرام وهو فرض عين 0

2ـ وزهد في الشبهات ، وهو بحسب مراتب الشبهة ، فإن قويت التحق بالواجب ، وإن ضعفت كان مستحباً 0

3ـ وزهد في الفضول ، وهو زهد فيما لا يعني من الكلام والنظر والسؤال واللقاء وغيره0

4ـ وزهد في الناس 0

5ـ وزهد في النفس ، بحيث تهون عليه نفسه في الله .

6ـ وزهد جامع لذلك كله ، وهو الزهد فيما سوى الله وفي كل ما يشغلك عنه .

وأفضل الزهد إخفاء الزهد .. والقلب المعلق بالشهوات لا يصح له زهد ولا ورع .



أقوال السلف في الزهد

قال على بن أبي طالب رضي الله عنه : إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة ، وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة ، ولكل منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل 0 ((وتزودوا فإن خير الزاد التقوى )) [ البقرة : 197] 0

وقال عيسى بن مريم عليه السلام : اعبروها و لا تعمروها 0

وقال : من ذا الذي يبني على موج البحر داراَ؟! تلكم الدنيا فلا تتخذوها قرارا0

وقال عبدالله بن عون : إن من كان قبلنا كانوا يجعلون للدنيا ما فضل عن آخرتهم، وإنكم تجعلون لآخرتكم ما فضل عن دنياكم 0

قلت : هذا كان في زمان عبدالله بن عون ، أما اليوم فإن أكثر الناس قد زهدوا في الآخرة حتى بالفضلة !! 0

الأسباب المعينة على الزهد في الدنيا


1ـ النظر في الدنيا وسرعة زوالها وفنائها ونقصها وخستها ومافي المزاحمة عليها من الغصص والنغص والأنكاد 0

2ـ النظر في الآخرة وإقبالها ومجيئها ودوامها وبقائها وشرف ما فيها من الخيرات 0

3ـ الإكثار من ذكر الموت والدار الآخرة 0

4ـ تشييع الجنائز والتفكر في مصارع الآباء والإخوان وأنهم لم يأخذوا في قبورهم شيئاً من الدنيا ولم يستفيدوا غير العمل الصالح 0

5ـ التفرغ للآخرة والإقبال على طاعة الله وإعمار الأوقات بالذكر وتلاوة القرآن 0

6ـ إيثار المصالح الدينية على المصالح الدنيوية 0

7ـ البذل والإنفاق وكثرة الصدقات 0

8ـ ترك مجالس أهل الدنيا والاشتغال بمجالس الآخرة 0

9ـ الإقلال من العام والشراب والنوم والضحك والمزاح 0

10ـ مطالعة أخبار الزاهدين وبخاصة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .


وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

جـاسر
03-09-2002, 10:15 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


أخي بالله فتى الإيمان ،،،

جزاك الله خير الجزاء آخى الفاضل على هذا الموضوع الرائع وجعله في ميزان حسناتك ان شاء الله ، ما شاء الله الموضوع كامل متكامل ، اسمح لي أخي الفاضل بهذه المداخلة .

ان وصف نعيم الجنة وما أعده الله لعباده المؤمنين مما يطول وصفه ولا يوفى حقه ، وقد احترت فعلا بأي شيء ابدأ وعن أي شيء أتكلم .

قال صلى الله عليه وسلم " قال الله عز وجل : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا إذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر "

" فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين "

فإن سألت : عن أرضها وتربتها ، فهي المسك والزعفران.
وان سألت : عن سقفها ، فهو عرش الرحمن .
وان سألت : عن ملاطها ، فهو المسك الاذفر .
وان سألت : عن حصبائها ، فهو اللؤلؤ والجوهر .
وان سألت : عن بنائها ، فلبنة من فضة ولبنة من ذهب .
وان سألت : عن أشجارها ، فما فيها شجرة إلا وساقها من ذهب وفضة لا من الحطب والخشب .
وان سألت : عن ثمرها ، فأمثال القلال ، ألين من الزبد وأحلى من العسل .
وان سألت : عن ورقها ، فأحسن ما يكون من رقائق الحلل .
وان سألت : عن أ نهارها ، فأنهار من لبن لم تتغير طعمه ، وانهار من خمر لذة للشاربين ، وانهار من عسل مصفى .
وان سألت : عن طعامهم ، ففاكهة مما يتخيرون ، ولحم طير مما يشتهون .
وان سألت : عن شرابهم ، فالتسنيم والزنجبيل والكافور .
وان سألت : عن آنيتهم ، فآنية الذهب والفضة في صفاء القوارير .
وان سألت : عن سعة أبوابها ، فبين المصراعين مسيرة أربعين من الأعوام ، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام .
وان سألت : عن تصفيق الرياح لأشجارها ، فإنها تستفز بالطرب من يسمعها .
وان سألت : عن ظلها ، ففيها شجرة واحدة يسير الراكب المجد السريع في ظلها مائة عام لا يقطعها .
وان سألت : عن خيامها وقبابها ، فالخيمة الواحدة من درة مجوفة طولها ستون ميلا من تلك الخيام .
وان سألت : عن علاليها وجواسقها فهي غرف من فوقها غرف مبنية ، تجري من تحتها الأنهار .
وان سألت : عن ارتفاعها ، انظر إلى الكوكب الطالع أو الغارب في الأفق الذي لا تكاد تناله الأبصار .
وان سألت : عن لباس أهلها ، فهو الحرير و الذهب .
وان سألت : عن فرشها ، فبطائنها من استبرق مفروشة في أعلى الرتب .
وان سألت : عن أرائكها ، فهي الاسرة عليها البشخانات ، وهي الحجال مزررة بأزرار الذهب ، فما لها من فروج ولا خلال .
وان سألت : عن اسنانهم ، فأبناء ثلاثة وثلاثين ، على صورة آدم عليه السلام ، ابي البشر .
وان سألت : عن وجوه أهلها وحسنهم ، فعلى صورة القمر .
وان سألت : عن سماعهم ، فغناء أزواجهم من الحور العين ، واعلى منه سماع أصوات الملائكة والنبيين ، وأعلى منها سماع خطاب رب العالمين .
وان سألت : عن مطاياهم التي يتزاورون عيها ، فنجائب أنشأها الله مما شاء ، تسير بهم حيث شاءوا من الجنان .
وان سألت : عن حليهم وشارتهم ، فاسأور الذهب واللؤلؤ على الروس ملابس التيجان .
وان سألت : عن غلمانهم فولدان مخلدون ، كأنهم لؤلؤ مكنون .
وان سألت : عن عرائسهم وأزواجهم ، فهن الكواعب الأتراب ، اللاتي جرى في أعضائهن ماء الشباب ، فللورد والتفاح ما لبسته الخدود ، وللرمان ما تضمنته النهود ، وللؤلؤ المنظوم ما حوته الثغور ، وللدقة واللطافة ما دارت عليه الخصور .

تجرى الشمس في محاسن وجهها إذا برزت ، ويضيء البرق من بين ثناياها إذا تبسمت ، إذا قابلت حبها فقل ما شئت في تقابل النيرين ، وإذا حادثته فما ظنك بمحادثة الحبيبين ، وان ضمها إليه فما ظنك بتعانق الغصنين ، يرى وجهه في صحن خدها ، كما يرى في المرآة التي جلاها صيقلها ، ويرى مخ ساقها من وراء اللحم ، ولا يستره جلدها ولا عظمها ولا حللها .

لو اطلعت على الدنيا لملأت ما بين الأرض والسماء ريحا ولاستنطقت أفواه الخلائق تهليلا وتكبيرا وتسبيحا ، ولتزخرف لها ما بين الخافقين ، ولغمضت من غيرها كل عين ، ولطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم ، ولآمن من على وجهها بالله الحي القيوم ، ونصيفها"خمارها" على رأسها خير من الدنيا وما فيها .

لا يفنها شبابها ولا تبلى ثيابها ، ولا يخلق ثوب جمالها ، ولا يمل طيب وصالها قد صرت طرفها على زوجها ، فلا تطمح لأحد سواه ، وقصرت طرفه عليها فهي غاية أمنيته وهواه ، ان نظر إليها سرته وان أمرها اطاعتة وان غاب عنها حفظته ، فهو معها في غاية الآمن والآمان .

وان سألت : عن السن ، فأتراب في اعدل سن الشباب
وان سألت : عن الحسن ، فهل رأيت الشمس والقمر .
وان سألت : عن الحدق" سواد العين " فاحسن سواد في أصفى بياض في احسن حور .
وان سألت : عن القدود ، فهل رأيت احسن الأغصان .
وان سألت : عن النهود ، فهن الكواعب ، نهودهن كالطف ا لرمان .
وان سألت : عن اللون ، فكأنه الياقوت والمرجان .
وان سألت : عن حسن الخلق ، فهن الخيرات الحسان ، اللاتي جمع لهن بين الحسن والحسان ، فاعطين جمال الباطن والظاهر ، فهن أفراح النفوس وقرة النواظر .
وان سألت : عن حسن العشرة ولذة ما هنالك ، فهن العرب المتحببات إلى الأزواج ، بلطافة التبعل التي تمتزج بالزوج أي امتزاج .

لا اله إلا الله ، سبحان الله ، الله اكبر

فيا عجبا ممن باع ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر في ابد لا يزول ولا ينفذ ، بصبابة عيش ، إنما هو كأضغاث الأحلام أو كطيف زار في المنام مشوب بالنغص ، ممزوج بالغصص ان اضحك قليلا أبكى كثيرا وان سر يوما احزن شهورا ، آلمه تزيد على لذاته وأحزانه أضعاف أضعاف مسراته ، أوله مخاوف وآخره متالف .

وواعجبا ممن آثر الحظ الفاني الخسيس على الحظ الباقي النفيس ، ممن باع جنة عرضها السماوات والأرض ، بسجن ضيق بين أرباب العاهات والبليات .

وباع مساكن طيبة في جنة عدن تجرى من تحتها الأنهار ، بأعطان ضيقة آخرها الخراب والبوار

وواعجبا ممن باع أبكاراعربا أترابا كأنهم الياقوت والمرجان ، بقذرات دنسات سيئات الأخلاق ، مسافحات أو متخذات اخذان .

وباع حورا مقصورات في الخيام ، بخبيثات سيئات بين الأنام .

وباع انهارا من خمر لذة للشارين ، بشراب نجس ، مذهب للعقل ، مفسد للدنيا والدين .

وواعجبا ممن باع لذة النظر إلى وجه العزيز الرحيم ، بالتمتع برؤية الوجه القبيح الدميم .

وباع سماع الخطاب من الرحمن ، بسماع المعازف والغناء والألحان.
وباع الجلوس على منابر اللؤلؤ والياقوت والزبرجد يوم المزيد بالجلوس في مجالس الفسوق مع كل شيطان مريد.
وباع نداء المنادي : " يا أهل الجنة ان لكم ان تنعموا فلا تيأسوا وتحيوا فلا تموتوا ، وتقيموا فلا تظعنوا ، وتشبوا فلا تهرموا " بغناء المغنين .

فتذكر يا غافلا عن الآخرة ، وتفكر في الموت وما بعده ، فكفى به قاطعا للأمنيات وحارما للذات ومفرقا للجماعات .

كيف والقدوم على عقبة كأدى ولا يدري المهبط بعدها الى النار ام الى الجنة .

فاعمل على ان تلقى الله عز وجل وهو راض عنك غضبان ، واعلم ان الخواتيم ميراث السوابق .

ومن هنا كان يشتد خوف السلف من سوء الخواتيم .

وبكي بعض الصحابة عند موته ، فسئل عن ذلك ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول" ان الله تعالى قبض خلقه قبضتين ، فقال : هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار " ولا ادري في أي القبضتين كنت .

وقال بعض السلف : ما أبكى العيون ما أبكاها الكتاب السابق .

وكان سفيان يشتد قلقه من السوابق والخواتيم ، فكان يبكي ويقول : أخاف ان أكون في أم الكتاب شقيا ، ويبكي ويقول : أخاف ان اسلب الإيمان عند الموت .

وكان مالك بن ديار يقوم طول ليله قابضا على لحيته ، ويقول : يا رب قد علمت ساكن الجنة من ساكن النار ، ففي أي الدارين منزل مالك ؟ "

اللهم اجعل النور النافع في قلبي وبصري ، والشياطين منهزمين عني ، والصالحين قرنائي ، والعلماء أصفيائي ، والجنة مأواي والفوز نجاتي برحمتك يا ارحم الراحمين .

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك وصرفه على طاعتك .

ولا تنسونا من الدعاء
اخوكم بالله " جاسر "