ابو الامير
11-01-2003, 02:38 PM
سئل بوش الأب في حرب الخليج الثانية : كيف ترسل أميركا أبناءها من أجل شيوخ النفط ؟ فأجاب ' نحن ذهبنا من أجل شيوخ أمريكا ومصالحها وليس من أجل شيوخ النفط ' .
وفي شهر سبتمبر 1990 أي بعد احتلال العراق للكويت نشرت صحيفة لوس إنجلوس تايمز مقالة للسفير السابق في السعودية جيمس إكنـز بعنوان [الآن ومع وجود القوات الأمريكية حول حقول النفط هل ندع الفرصة تفوتنا؟] جاء فيها ' في شهر يناير من عام 1975 نشرت صحيفة كومنتري التي يصدرها المحافظون الجدد مقالة تقترح غزو السعودية وذلك كحل لمشكلة الغرب الأزلية ولمشاكل الولايات المتحدة الاقتصادية... ومن ثم استغلال النفط إلى آخره ' ويضيف' إن الذين عملوا والذين يعملون حالياً في الحكومة الأمريكية ومن ضمنهم كيسنجر ـ الذي كان جادّاً في موضوع احتلال آبار النفط في عام 1975 ـ لا بد أنهم يرون الآن عدم ترك هذه المصادر غير العادية بعد أن أصبحت تحت سيطرتنا ' .
هكذا كانت حرب الخليج الثانية – غزو العراق للكويت – فرصة سانحة لأمريكا لتحقيق نقلة بعيدة في وجودها في منطقة الخليج والجزيرة العربية ، الأمر الذي دفع المحلل السياسي الأمريكي جورج أريجستون لأن يكتب بعد حرب عاصفة الصحراء [ تحرير الكويت ] مقالا مطولا في صحيفة 'نيويورك تايمز' الأمريكية قال فيه '.. نجحت دبلوماسية الحرب .. نحن الآن متواجدون فوق أكبر بحر للنفط في العالم وبدعوة كريمة من أمراء هذا البحر .. نتمتع بما يتمتع به الضيوف من ميزات .. أرأيتم كيف استقبلونا بالورود؟! .. نحن نطبق الآن على أهم مصادر النفط دون الحاجة إلى استخدام مخالبنا .. وإلى الأبد ' وفق قوله .
فمما لا يشك فيه أحد أن أمريكا نجحت في استغلال حرب الكويت لتحقيق مصالحها بنجاح كبير ، فلقد أدت تداعيات حرب الخليج الثانية عام 1991، والفترة التالية لها إلى تحول كبير في شكل الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج تحديدا في اتجاهين:
الأول: اتساع نطاق التسهيلات العسكرية المقدمة للقوات الأمريكية في قواعد ومحطات وموانئ ومطارات ومعسكرات ومراكز الغالبية العظمى من دول المنطقة ذات العلاقة بالولايات المتحدة ، أو حتى بعض الدول التي لا يبدو أنه تربطها علاقات سياسية قوية بها، وتتضمن تلك التسهيلات حق استخدام المجال الجوي وزيارة الموانئ واستخدام المطارات العسكرية وعمليات النقل الجوي والانتشار المتقدم وخدمات الوقود والصيانة وتخزين الأسلحة إضافة إلى المناورات العسكرية المشتركة .
الثانى: تزايد عدد القواعد العسكرية الرئيسية بشكل غير مسبوق ليصل إلى خمس قواعد عسكرية في دول الخليج وحدها ، وتأتى أهمية تلك القواعد من أنها تشكل مراكز عمليات عسكرية رئيسة شبه متكاملة تتمتع باستقلالية نسبية، وقدرة عامة على دعم عمليات قتال جوية أو برية أو بحرية سواء من خلال تمركز عناصر من تلك القوات فعليا فيها، أو تجهيز القاعدة لانتشارها وقت الحاجة، وتتم إدارتها بموجب اتفاقات عسكرية مع الدول المضيفة لها ، ويمكِّن ذلك القوات الأمريكية من إدارة عمليات عسكرية رئيسة بشكل سريع في اتجاهات مختلفة دون حاجة لخطط حشد كبرى ، أو إتمام ذلك الحشد بشكل سريع .
وصف مبسط للتواجد الأمريكي العسكري في منطقة الخليج :
في هذا الإطار يمكن رصد أهم مواقع انتشار التسهيلات العسكرية الأمريكية -ومعها عناصر القوات البريطانية- في منطقة الخليج والجزيرة العربية كالتالي :
البحرين: تتمتع القوات الأمريكية بوجود عسكري قوي في البحرين ، فهناك تسهيلات عسكرية مختلفة في ميناء سلمان ومطار المحرق وقاعدة الشيخ عيسى الجوية ، لكن قاعدة الجفير العسكرية القريبة من المنامة تمثل واحدة من أهم القواعد العسكرية في الخليج حيث تضم مركز قيادة الأسطول الخامس الأمريكي، ومركز قيادة القوات الخاصة ، ويتمركز في البحرين ما بين 860 و1200 عسكري إضافة إلى وحدة عسكرية بريطانية.
الكويت: تتمركز عناصر مختلفة من القوات الأمريكية في كل المواقع العسكرية الكويتية الرئيسة تقريبا ، حيث تعمل بصورة مشتركة مع جيش الكويت ، في قاعدة أحمد الجابر الجوية ومعسكر الدوحة وجزيرة فيليكا ومطار الكويت الجوي وميناء الأحمدي ، لكن أهم المواقع العسكرية الأمريكية توجد في قاعدة علي السالم ومعسكر أريفجان، حيث تتمركز قوة جوية وبرية رئيسية ، وعناصر تابعة لقيادة الجيش الأمريكي.
ويبلغ عدد القوات الأمريكية في الكويت حوالي 10 آلاف عسكري مع حوالي 522 دبابة ، ومعدات للواء مدرع [ثلاث كتائب] ، وحوالي 52 مقاتلة و75 هليوكبتر مسلحة أباتشي ووحدات باتريوت [ مع ملاحظة أن هذه الأعداد في تزايد مستمر خاصة مع قرب ضرب العراق ] .
السعودية: كانت التسهيلات العسكرية السعودية -ولا تزال على بعض المستويات- تمثل أقوى مواقع تواجد للقوات الأمريكية في الخليج منذ العام 1990، فهناك تسهيلات عسكرية مختلفة لعناصر متعددة من القوات الأمريكية في الدمام والهفوف والخبر وتبوك وينبع وقاعدة الملك عبد العزيز بالظهران وقاعدة الملك فهد البحرية بجدة وقاعدة الملك خالد الجوية بأبها، وقاعدة الرياض العسكرية ، وقاعدة الطائف العسكرية ، لكن قاعدة الأمير سلطان الجوية جنوب الرياض هي أقوى مواقع التواجد العسكري الأمريكي في السعودية ، حيث يوجد بها حوالي 5100 جندي أميركي، وتضم قيادة القوات الجوية الأمريكية في الخليج التي نقلت بعض عناصرها إلى قطر، يضاف إليها 42 مقاتلة إف 15 وإف 16 وإف 117 ، كما تتواجد بالقاعدة نفسها عناصر عسكرية بريطانية [200 جندي] وفرنسية [130 جندي] تدعمها طائرات تورنادو وميراج ، وطائرات نقل عسكرية.
عمان: أصبحت عمان واحدة من أكثر مواقع الوجود العسكري في المنطقة فعالية ، خاصة بعد مشاركة القوات الأمريكية والبريطانية المتواجدة بها في حرب أفغانستان ، وتتركز التسهيلات العسكرية الممنوحة للولايات المتحدة في ميناء قابوس بمسقط وميناء صلالة ومطار السيب الدولي . وتتعدد المواقع العسكرية الرئيسة التي تتواجد بها القوات الأمريكية في عمان ، فهناك عناصر رئيسة تابعة للقوات الجوية في قاعدة المثنى الجوية وقاعدة تيمور الجوية ، وتمثل قاعدة مصيرة العسكرية واحدة من أقوى مواقع التمركز العسكري الأمريكي- البريطاني في الخليج ، ويتمركز في عمان حوالي 3000 عسكري أمريكي ، وعناصر مختلفة تابعة للقوات الجوية والبحرية.
الإمارات العربية: تتمتع القوات الأمريكية بعناصر مختلفة من التسهيلات العسكرية في عدد من المواقع الإماراتية ، كقاعدة الظافرة الجوية بأبو ظبي ومطار الفجيرة الدولي ، وعدد من الموانئ البحرية كميناء زايد ومينائي رشيد وجبل علي بدبي وميناء الفجيرة ، ويتواجد في الإمارات حوالي 500 عسكري أمريكي وبعض طائرات الاستطلاع .
اليمن: تتمتع الوحدات العسكرية الأمريكية بتسهيلات مختلفة في اليمن، وقد اتسع نطاقها في إطار الحملة الأمريكية ضد الإرهاب لتشمل عناصر مختلفة للدعم والتدريب خاصة بالساحة اليمنية نفسها ، لكن التسهيلات العسكرية التقليدية في اليمن كانت تتركز عادة في ميناء عدن ذي الموقع الإستراتيجي الذي يعتبر محطة رئيسة لخدمات الوقود والصيانة الخاصة بالوحدات البحرية الأمريكية ، والذي شهد واقعة استهداف المدمرة يو إس إس كول في أكتوبر 2000.
قطر : مثلت قطر باتفاقيتها الأخيرة مع أمريكا والتي ضمنت وجودا دائما للقوات الأمريكية في قطر نقلة كبيرة في الوجود العسكري ، ونريد أن نبين حقيقة دولية وهي أنه من المفترض هي أن تسعى الدول لإنشاء قواعد في الدول الأخرى ومن أجل ذلك فإنها تقدم تنازلات ومصالح وتدفع أموالا من أجل أن توافق الدولة على تأجير قاعدة للدولة الأخرى ، فمثلاً أمريكا تدفع أموالا لليونان وكوريا الجنوبية نظير تأجير قواعدها هناك ، إلا أن الجديد في المسألة القطرية هي أن تكون الدولة المستضيفة هي التي تحملت كامل النفقات ، ففي ديسمبر الماضي [ 2002 ] تم في مقر وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني التوقيع علي الاتفاقية التنفيذية للتعاون العسكري المشترك بين الولايات المتحدة وقطر ، وقد وقع الاتفاقية كل من حمد بن جاسم ورونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي ، وقال الشيخ حمد بن جاسم بخصوص هذه الاتفاقية : إن الاتفاقية التي وقعت مع الجانب الأمريكي التي تنظم الوجود العسكري الأمريكي في قاعدة العديد كانت موضع نقاش بين الجانبين منذ فترة طويلة تصل إلي أكثر من سنة ، وهو أمر حقيقي ، فقطر بدأت تبني قاعدة 'العُديد' العسكرية التي يبلغ طول مدرج إقلاع مطارها 15000 قدم - وهو أطول مدرج في الخليج - ، وتجهيزها بمرائب تسع لأكثر من 100 طائرة منذ أكثر من سنة وهو الأمر الذي أثار أكثر من تساؤل حول المغزى السياسي والعسكري الذي دفع قطر لبناء هذه القاعدة الكبيرة على الرغم من أن عدد طائرات قطر لا يتجاوز الـ 12 طائرة .
والجواب الذي صدر عن أكثر من مسئول قطري يكمن في فلسفة قطرية تهدف إلى استقطاب القوات الأمريكية انطلاقاً من مبدأ 'ابنها وسيأتون' أي ابن القاعدة على أحدث المواصفات وسيكون ذلك كافياً لجذب القوات الأمريكية وقوات الحلفاء إلى قطر، وقد ذكر مسئولون أمريكيون أن أمير قطر في عام 1999م عبر عن رغبته في رؤية ما لا يقل عن 1000 جندي أمريكي يتمركزون بشكل دائم في قطر كما أشار بذلك أحد التقارير العسكرية الأمريكية.
وكما هو متوقع حققت الفلسفة القطرية مغزاها ، ففي شهر أبريل من عام 2000م ناقش وزير الدفاع الأمريكي الأسبق ويليام كوهن مع المسئولين القطريين الطرق المناسبة للاستفادة من قاعدة 'العُديد' في الأوقات الحرجة واستمرت المحادثات بين قطر والبنتاجون حول اتفاق يهدف إلى تمكين الطائرات الحربية الأمريكية من استخدام قاعدة قطرية في وقت الحاجة، وهو ما سيعطي القوات الأمريكية شبكة أوسع في المنطقة لمواجهة تهديدات محتملة من إيران أو ' مزعومة ' من العراق ، وكان ضمن الموضوعات التي تمت مناقشتها هو من سيدفع لتطوير قاعدة 'العُديد' بالتحديد التي تقع جنوبي العاصمة الدوحة على بعد حوالي 35 كلم .
وفي خريف عام 2001م بدأت الولايات المتحدة في تركيب الكمبيوترات وأجهزة الاتصال والمعدات الاستخباراتية وغيرها في هذه القاعدة ، وفي بداية عام 2002م ازدادت أعداد الطائرات الحربية الأمريكية والجنود بشكل كبير.
وفي أواسط شهر مارس عام 2002م كان الآلاف من الجنود الأمريكيين متمركزين في قاعدة 'العُديد'، وبحلول شهر أبريل كان هناك ما يقارب 2000 جندي يعيشون في مدينة خيام كبيرة عرفت باسم 'كامب أندي'.
ثم في أواسط شهر يونيو وصل العدد إلى أكثر من 3000 جندي أمريكي ، كما تعتزم الولايات المتحدة تخزين حوالي 50 طائرة حربية في القاعدة وآلاف الجنود الأمريكيين بصفة دائمة، وقد عرضت الحكومة القطرية مبلغ 400 مليون دولار لإنفاقها في تحديث وتطوير القاعدة ، ومن ضمنها مبانٍ سكنية ثابتة ، وبناء مخازن للوقود تتسع لمليون جالون من وقود الطائرات ومعدات لغرفة العمليات والتحكم .
هذا ما ذكره تقرير عسكري أمريكي عن القاعدة . غير أن الأهم هو الهدف من التمركز الأمريكي في قطر، وفي هذه القاعدة العملاقة بالذات ، فقد ذكر الكاتب العسكري روبرت بورنز في صحيفة 'كريستيان ساينس مونيتور' بتاريخ 2 يوليو الماضي: ' لو أمر الرئيس بوش بتوجيه ضربة للعراق فإن هذه القاعدة ستكون محور انطلاق مهماً للطائرات العسكرية الأمريكية ولمعداتها وعتادها '.
بينما يقول المحلل العسكري الخاص ويليام أركن ' إن هذه القاعدة هي أكفأ قاعدة في الخليج ' .
وقد ذكر بورنز في مقاله إن الحكومة القطرية - بعد أحداث 11 سبتمبر بوقت قصير - سمحت للطائرات الحربية الأمريكية باستخدام قاعدة 'العُديد' وأن هذه الطائرات قامت بمهمات هجومية على الأراضي الأفغانية .
وقد سلط الكاتب العسكري بورنز بعض الأضواء على إمكانيات هذه القاعدة والعاملين فيها فذكر الآتي:
- هناك حوالي 3300 جندي من القوات الأمريكية في قطر معظمهم في قاعدة 'العُديد' حيث لا يخفى التنامي العسكري الأمريكي على أحد ، وقد أنشئت مدينة خيام في هذه المنطقة الصحراوية، كما أنشئت المستودعات وأحيطت بأميال من عوائق الحماية تحسباً لأية هجمات إرهابية .
نقلا عن مفكره الاسلام
وفي شهر سبتمبر 1990 أي بعد احتلال العراق للكويت نشرت صحيفة لوس إنجلوس تايمز مقالة للسفير السابق في السعودية جيمس إكنـز بعنوان [الآن ومع وجود القوات الأمريكية حول حقول النفط هل ندع الفرصة تفوتنا؟] جاء فيها ' في شهر يناير من عام 1975 نشرت صحيفة كومنتري التي يصدرها المحافظون الجدد مقالة تقترح غزو السعودية وذلك كحل لمشكلة الغرب الأزلية ولمشاكل الولايات المتحدة الاقتصادية... ومن ثم استغلال النفط إلى آخره ' ويضيف' إن الذين عملوا والذين يعملون حالياً في الحكومة الأمريكية ومن ضمنهم كيسنجر ـ الذي كان جادّاً في موضوع احتلال آبار النفط في عام 1975 ـ لا بد أنهم يرون الآن عدم ترك هذه المصادر غير العادية بعد أن أصبحت تحت سيطرتنا ' .
هكذا كانت حرب الخليج الثانية – غزو العراق للكويت – فرصة سانحة لأمريكا لتحقيق نقلة بعيدة في وجودها في منطقة الخليج والجزيرة العربية ، الأمر الذي دفع المحلل السياسي الأمريكي جورج أريجستون لأن يكتب بعد حرب عاصفة الصحراء [ تحرير الكويت ] مقالا مطولا في صحيفة 'نيويورك تايمز' الأمريكية قال فيه '.. نجحت دبلوماسية الحرب .. نحن الآن متواجدون فوق أكبر بحر للنفط في العالم وبدعوة كريمة من أمراء هذا البحر .. نتمتع بما يتمتع به الضيوف من ميزات .. أرأيتم كيف استقبلونا بالورود؟! .. نحن نطبق الآن على أهم مصادر النفط دون الحاجة إلى استخدام مخالبنا .. وإلى الأبد ' وفق قوله .
فمما لا يشك فيه أحد أن أمريكا نجحت في استغلال حرب الكويت لتحقيق مصالحها بنجاح كبير ، فلقد أدت تداعيات حرب الخليج الثانية عام 1991، والفترة التالية لها إلى تحول كبير في شكل الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج تحديدا في اتجاهين:
الأول: اتساع نطاق التسهيلات العسكرية المقدمة للقوات الأمريكية في قواعد ومحطات وموانئ ومطارات ومعسكرات ومراكز الغالبية العظمى من دول المنطقة ذات العلاقة بالولايات المتحدة ، أو حتى بعض الدول التي لا يبدو أنه تربطها علاقات سياسية قوية بها، وتتضمن تلك التسهيلات حق استخدام المجال الجوي وزيارة الموانئ واستخدام المطارات العسكرية وعمليات النقل الجوي والانتشار المتقدم وخدمات الوقود والصيانة وتخزين الأسلحة إضافة إلى المناورات العسكرية المشتركة .
الثانى: تزايد عدد القواعد العسكرية الرئيسية بشكل غير مسبوق ليصل إلى خمس قواعد عسكرية في دول الخليج وحدها ، وتأتى أهمية تلك القواعد من أنها تشكل مراكز عمليات عسكرية رئيسة شبه متكاملة تتمتع باستقلالية نسبية، وقدرة عامة على دعم عمليات قتال جوية أو برية أو بحرية سواء من خلال تمركز عناصر من تلك القوات فعليا فيها، أو تجهيز القاعدة لانتشارها وقت الحاجة، وتتم إدارتها بموجب اتفاقات عسكرية مع الدول المضيفة لها ، ويمكِّن ذلك القوات الأمريكية من إدارة عمليات عسكرية رئيسة بشكل سريع في اتجاهات مختلفة دون حاجة لخطط حشد كبرى ، أو إتمام ذلك الحشد بشكل سريع .
وصف مبسط للتواجد الأمريكي العسكري في منطقة الخليج :
في هذا الإطار يمكن رصد أهم مواقع انتشار التسهيلات العسكرية الأمريكية -ومعها عناصر القوات البريطانية- في منطقة الخليج والجزيرة العربية كالتالي :
البحرين: تتمتع القوات الأمريكية بوجود عسكري قوي في البحرين ، فهناك تسهيلات عسكرية مختلفة في ميناء سلمان ومطار المحرق وقاعدة الشيخ عيسى الجوية ، لكن قاعدة الجفير العسكرية القريبة من المنامة تمثل واحدة من أهم القواعد العسكرية في الخليج حيث تضم مركز قيادة الأسطول الخامس الأمريكي، ومركز قيادة القوات الخاصة ، ويتمركز في البحرين ما بين 860 و1200 عسكري إضافة إلى وحدة عسكرية بريطانية.
الكويت: تتمركز عناصر مختلفة من القوات الأمريكية في كل المواقع العسكرية الكويتية الرئيسة تقريبا ، حيث تعمل بصورة مشتركة مع جيش الكويت ، في قاعدة أحمد الجابر الجوية ومعسكر الدوحة وجزيرة فيليكا ومطار الكويت الجوي وميناء الأحمدي ، لكن أهم المواقع العسكرية الأمريكية توجد في قاعدة علي السالم ومعسكر أريفجان، حيث تتمركز قوة جوية وبرية رئيسية ، وعناصر تابعة لقيادة الجيش الأمريكي.
ويبلغ عدد القوات الأمريكية في الكويت حوالي 10 آلاف عسكري مع حوالي 522 دبابة ، ومعدات للواء مدرع [ثلاث كتائب] ، وحوالي 52 مقاتلة و75 هليوكبتر مسلحة أباتشي ووحدات باتريوت [ مع ملاحظة أن هذه الأعداد في تزايد مستمر خاصة مع قرب ضرب العراق ] .
السعودية: كانت التسهيلات العسكرية السعودية -ولا تزال على بعض المستويات- تمثل أقوى مواقع تواجد للقوات الأمريكية في الخليج منذ العام 1990، فهناك تسهيلات عسكرية مختلفة لعناصر متعددة من القوات الأمريكية في الدمام والهفوف والخبر وتبوك وينبع وقاعدة الملك عبد العزيز بالظهران وقاعدة الملك فهد البحرية بجدة وقاعدة الملك خالد الجوية بأبها، وقاعدة الرياض العسكرية ، وقاعدة الطائف العسكرية ، لكن قاعدة الأمير سلطان الجوية جنوب الرياض هي أقوى مواقع التواجد العسكري الأمريكي في السعودية ، حيث يوجد بها حوالي 5100 جندي أميركي، وتضم قيادة القوات الجوية الأمريكية في الخليج التي نقلت بعض عناصرها إلى قطر، يضاف إليها 42 مقاتلة إف 15 وإف 16 وإف 117 ، كما تتواجد بالقاعدة نفسها عناصر عسكرية بريطانية [200 جندي] وفرنسية [130 جندي] تدعمها طائرات تورنادو وميراج ، وطائرات نقل عسكرية.
عمان: أصبحت عمان واحدة من أكثر مواقع الوجود العسكري في المنطقة فعالية ، خاصة بعد مشاركة القوات الأمريكية والبريطانية المتواجدة بها في حرب أفغانستان ، وتتركز التسهيلات العسكرية الممنوحة للولايات المتحدة في ميناء قابوس بمسقط وميناء صلالة ومطار السيب الدولي . وتتعدد المواقع العسكرية الرئيسة التي تتواجد بها القوات الأمريكية في عمان ، فهناك عناصر رئيسة تابعة للقوات الجوية في قاعدة المثنى الجوية وقاعدة تيمور الجوية ، وتمثل قاعدة مصيرة العسكرية واحدة من أقوى مواقع التمركز العسكري الأمريكي- البريطاني في الخليج ، ويتمركز في عمان حوالي 3000 عسكري أمريكي ، وعناصر مختلفة تابعة للقوات الجوية والبحرية.
الإمارات العربية: تتمتع القوات الأمريكية بعناصر مختلفة من التسهيلات العسكرية في عدد من المواقع الإماراتية ، كقاعدة الظافرة الجوية بأبو ظبي ومطار الفجيرة الدولي ، وعدد من الموانئ البحرية كميناء زايد ومينائي رشيد وجبل علي بدبي وميناء الفجيرة ، ويتواجد في الإمارات حوالي 500 عسكري أمريكي وبعض طائرات الاستطلاع .
اليمن: تتمتع الوحدات العسكرية الأمريكية بتسهيلات مختلفة في اليمن، وقد اتسع نطاقها في إطار الحملة الأمريكية ضد الإرهاب لتشمل عناصر مختلفة للدعم والتدريب خاصة بالساحة اليمنية نفسها ، لكن التسهيلات العسكرية التقليدية في اليمن كانت تتركز عادة في ميناء عدن ذي الموقع الإستراتيجي الذي يعتبر محطة رئيسة لخدمات الوقود والصيانة الخاصة بالوحدات البحرية الأمريكية ، والذي شهد واقعة استهداف المدمرة يو إس إس كول في أكتوبر 2000.
قطر : مثلت قطر باتفاقيتها الأخيرة مع أمريكا والتي ضمنت وجودا دائما للقوات الأمريكية في قطر نقلة كبيرة في الوجود العسكري ، ونريد أن نبين حقيقة دولية وهي أنه من المفترض هي أن تسعى الدول لإنشاء قواعد في الدول الأخرى ومن أجل ذلك فإنها تقدم تنازلات ومصالح وتدفع أموالا من أجل أن توافق الدولة على تأجير قاعدة للدولة الأخرى ، فمثلاً أمريكا تدفع أموالا لليونان وكوريا الجنوبية نظير تأجير قواعدها هناك ، إلا أن الجديد في المسألة القطرية هي أن تكون الدولة المستضيفة هي التي تحملت كامل النفقات ، ففي ديسمبر الماضي [ 2002 ] تم في مقر وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني التوقيع علي الاتفاقية التنفيذية للتعاون العسكري المشترك بين الولايات المتحدة وقطر ، وقد وقع الاتفاقية كل من حمد بن جاسم ورونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي ، وقال الشيخ حمد بن جاسم بخصوص هذه الاتفاقية : إن الاتفاقية التي وقعت مع الجانب الأمريكي التي تنظم الوجود العسكري الأمريكي في قاعدة العديد كانت موضع نقاش بين الجانبين منذ فترة طويلة تصل إلي أكثر من سنة ، وهو أمر حقيقي ، فقطر بدأت تبني قاعدة 'العُديد' العسكرية التي يبلغ طول مدرج إقلاع مطارها 15000 قدم - وهو أطول مدرج في الخليج - ، وتجهيزها بمرائب تسع لأكثر من 100 طائرة منذ أكثر من سنة وهو الأمر الذي أثار أكثر من تساؤل حول المغزى السياسي والعسكري الذي دفع قطر لبناء هذه القاعدة الكبيرة على الرغم من أن عدد طائرات قطر لا يتجاوز الـ 12 طائرة .
والجواب الذي صدر عن أكثر من مسئول قطري يكمن في فلسفة قطرية تهدف إلى استقطاب القوات الأمريكية انطلاقاً من مبدأ 'ابنها وسيأتون' أي ابن القاعدة على أحدث المواصفات وسيكون ذلك كافياً لجذب القوات الأمريكية وقوات الحلفاء إلى قطر، وقد ذكر مسئولون أمريكيون أن أمير قطر في عام 1999م عبر عن رغبته في رؤية ما لا يقل عن 1000 جندي أمريكي يتمركزون بشكل دائم في قطر كما أشار بذلك أحد التقارير العسكرية الأمريكية.
وكما هو متوقع حققت الفلسفة القطرية مغزاها ، ففي شهر أبريل من عام 2000م ناقش وزير الدفاع الأمريكي الأسبق ويليام كوهن مع المسئولين القطريين الطرق المناسبة للاستفادة من قاعدة 'العُديد' في الأوقات الحرجة واستمرت المحادثات بين قطر والبنتاجون حول اتفاق يهدف إلى تمكين الطائرات الحربية الأمريكية من استخدام قاعدة قطرية في وقت الحاجة، وهو ما سيعطي القوات الأمريكية شبكة أوسع في المنطقة لمواجهة تهديدات محتملة من إيران أو ' مزعومة ' من العراق ، وكان ضمن الموضوعات التي تمت مناقشتها هو من سيدفع لتطوير قاعدة 'العُديد' بالتحديد التي تقع جنوبي العاصمة الدوحة على بعد حوالي 35 كلم .
وفي خريف عام 2001م بدأت الولايات المتحدة في تركيب الكمبيوترات وأجهزة الاتصال والمعدات الاستخباراتية وغيرها في هذه القاعدة ، وفي بداية عام 2002م ازدادت أعداد الطائرات الحربية الأمريكية والجنود بشكل كبير.
وفي أواسط شهر مارس عام 2002م كان الآلاف من الجنود الأمريكيين متمركزين في قاعدة 'العُديد'، وبحلول شهر أبريل كان هناك ما يقارب 2000 جندي يعيشون في مدينة خيام كبيرة عرفت باسم 'كامب أندي'.
ثم في أواسط شهر يونيو وصل العدد إلى أكثر من 3000 جندي أمريكي ، كما تعتزم الولايات المتحدة تخزين حوالي 50 طائرة حربية في القاعدة وآلاف الجنود الأمريكيين بصفة دائمة، وقد عرضت الحكومة القطرية مبلغ 400 مليون دولار لإنفاقها في تحديث وتطوير القاعدة ، ومن ضمنها مبانٍ سكنية ثابتة ، وبناء مخازن للوقود تتسع لمليون جالون من وقود الطائرات ومعدات لغرفة العمليات والتحكم .
هذا ما ذكره تقرير عسكري أمريكي عن القاعدة . غير أن الأهم هو الهدف من التمركز الأمريكي في قطر، وفي هذه القاعدة العملاقة بالذات ، فقد ذكر الكاتب العسكري روبرت بورنز في صحيفة 'كريستيان ساينس مونيتور' بتاريخ 2 يوليو الماضي: ' لو أمر الرئيس بوش بتوجيه ضربة للعراق فإن هذه القاعدة ستكون محور انطلاق مهماً للطائرات العسكرية الأمريكية ولمعداتها وعتادها '.
بينما يقول المحلل العسكري الخاص ويليام أركن ' إن هذه القاعدة هي أكفأ قاعدة في الخليج ' .
وقد ذكر بورنز في مقاله إن الحكومة القطرية - بعد أحداث 11 سبتمبر بوقت قصير - سمحت للطائرات الحربية الأمريكية باستخدام قاعدة 'العُديد' وأن هذه الطائرات قامت بمهمات هجومية على الأراضي الأفغانية .
وقد سلط الكاتب العسكري بورنز بعض الأضواء على إمكانيات هذه القاعدة والعاملين فيها فذكر الآتي:
- هناك حوالي 3300 جندي من القوات الأمريكية في قطر معظمهم في قاعدة 'العُديد' حيث لا يخفى التنامي العسكري الأمريكي على أحد ، وقد أنشئت مدينة خيام في هذه المنطقة الصحراوية، كما أنشئت المستودعات وأحيطت بأميال من عوائق الحماية تحسباً لأية هجمات إرهابية .
نقلا عن مفكره الاسلام