PDA

View Full Version : فكر..واشكر..واسعد


ابوبيادر
16-05-2003, 05:11 PM
يقول الاستاذ عائض بن عبد الله القرنى فى كتابه لا تحزن ....فكر و اشكر.....تذكر نعم الله عليك و حاول ان تحصيها ستجد انها تغمرك من فوقك و من تحت قدميك .....

" و ان تعدوا نعمة الله لا تحصوها "

صحة فى بدن, امن فى وطن, غذاء و كساء, و هواء و ماء, لديك الدنيا و انت ما تشعر, تملك الحياة و انت لا تعلم....عندك عينان و لسان و شفتان و يدان و رجلان ....

" و فى انفسكم افلا تبصرون"

و فى العلاج المعرفى فى الطب النفسى ننصح المريض بالنظر الى الايجابيات التى فيه حتى يستطيع ان يقدر نفسه و يحبها و يحترمها و يحاول بذل المزيد من المجهود للحصول على الشعور بالثبات مع النفس و القدرة على التكيف مع خبرات الحياة المختلفة ....و المنطق هنا ادراك قيمة انفسنا فنبذل المجهود من اجل الحصول على السعادة بلا كلل او ملل....فكيف تبذل المجهود فيما لا تدرك قيمته ....فالتدبر فيما لدينا من نعم و ايجابيات مهم...ان نحب انفسنا و ندرك قيمتها يجعلنا نبذل الكثير من اجل الحصول على الراحة و السعادة....

و هنا تقابلنا المشكلة كيف يمكن ان ترى ايجابياتك ...ان معظم البشر حتى بدون الوقوع تحت طائلة المرض لديهم نزعة للحزن و الياس السريع و تزيد هذه النزعة دائما بعدم القدرة على رؤية الايجابيات و جعلها وسيلة لشحذ الهمة و النشاط من اجل مزيد من الاستقرار و السعادة....و الافظع من هذه النزعة ان من الموروثات الحضارية الجديدة و التى صارت مستقرة و متاصلة فى فكر الكثير من البشر اننا لا نتغير الى الاحسن الا اذا نظرنا الى ما ينقصنا و تفكرنا فى المفقود...

و نقف هنا وقفة بسيطة و نتصور مثلا بسيطا ...

لو ان لدينا شخصين فقد كل منهما ذراعه فى حادث

الاول قرر انه هالك و ان الحياة صائرة و لا محالة الى هباء ...فكيف سيعمل و كيف سيتعامل مع الآخرين و نظرات الشفقة و كيف سترضى اى امراة بعاهته

و الثانى قرر ان هذا قضاء الله و انه لا مفر من القدر و ان ما حدث قد حدث و لا بد التعامل معه فيحاول ان يستعمل الذراع الآخر الذى لا زال سليما و الحمد لله و يبحث عن عمل يناسب الامكانيات المتاحة و يقبل مساندة الناس له على انها مساندة روحانية و ود اصيل ليس شفقة و حتى لو كانت شفقة فهى ان دلت دلت على بقايا خير فى قلوب الناس و يفكر ان المراة التى تقبل ان تكمل معى مشوار الحياة و انا على هذه الحال انما هى رزق صالح من الله لانها قبلتنى فى الضراء قبل السراء و هذا هو الحب الطاهر الثابت...

و نناقش الآن ما يفعله كلاهما الاول ينظر الى نصف الكوب الفارغ فيزيد احساسه بالخوف و العطش....و يزيد ياسه من انه يستطيع ان يعيد ملء النصف الفارغ..." انظر الى كم الطاقة و المجهود الذى استهلك فى الياس و الخوف" ...و الثانى ينظر الى نصف الكوب الممتلىء فيشعر بالطمانينة و الهدوء فيستجمع قواه و يشحذ الهمم و يناطح الصعاب و هو حسن الظن بالله و توفيقه فينجح و يتقدم و ينال شرف المحاولة و الاستمرار بدلا من الوقوع و التهاوى كفريسة للياس و التبرم بلا طائل فى النهاية...

اذا بمكسب الربح و الخسارة منطق الثانى احسن....لقد فكر و شكر ...لقد نظر و تدبر فيما لديه و شكر اى رضى و تاقلم و قام للحياة ليكمل الطريق فى همة و اصرار و تفاؤل...

و لكن هل مجرد التفكر كافى..؟؟...القضية هى كيف تتفكر فتدرك قيمة ما لديك فتستطيع ان تشكر و تتفائل و تقبل على الحياة بعزيمة قوية...و الشكر هنا يعنى بالمنظور العملى القبول و القبول هو المرونة النفسية و التسليم بالامر الواقع و القدرة على التاقلم و التكيف معه و الانطلاق من المتاح الى نقطة بداية جديدة و بالمنظور الروحانى القبول و الشكر هو الرضا بالقضاء...اى ان الرضا بالقضاء هو عمليا القبول و التاقلم و المرونة النفسية التى تمكنك من التعامل مع مشقات و احباطات الحياة و القيام للاستمرار فى الحياة مرة اخرى...

و يقول الشيخ هنا كيف تدرك قيمة ما لديك؟؟؟... تعالى نفكر......ماذا لو قايضك احدهم على بصرك فى مقابل جبل ذهب ...هل ترضى ان تبيع بصرك و تظل اعمى فى مقابل جبل ذهب..؟؟؟

هل تبيع سمعك و تصبح اصم فى مقابل اكوام من الفضة ؟؟ هل من الممكن ان تضحى بلسانك و تصبح ابكم فى مقابل قصر منيف؟؟ هل تبيع يديك فى مقابل عقود اللؤلؤ و الياقوت و تبقى اقطع اليدين؟؟...

" و ان تعدوا نعمة الله لا تحصوها "

" و فى انفسكم افلا تبصرون"

و اجيب انا عن نفسى... ملك قارون لا يساوى يد واحدة من يداى...

اننا اذا فى نعم عميمة و افضال جسيمة و لكننا لا نعرف كيف نتدبرها و لا نعرف كيف نراها ...ننشغل بتدبر المفقود و لا نرى الموجود و بالتالى لا نعرف كيف نسعد بالموجود و كيف نشكر و ان لم تكن سعيدا فكيف تشكر... و ان لم تكن راضيا كيف تشكر و ان لم تشكر كيف ستتوفر لديك المرونة النفسية التى تتيح لك ان تتاقلم لتستمر...و كيف ترضى ان لم تكن قادرا على رصد النعم و الايجابيات التى لديك دون غيرك...

و الرضا او الهدوء الكيميائى هم بداية التفاؤل و بداية القدرة على التحرك الايجابى فى الحياة و بداية النضج النفسى و المرونة فى مواجهة الاحباطات و العمل على قهرها بدلا من الاستسلام لها....

اذا بمبدأ عملى بحت لو جرب كل منا ان يفكر و يتدبر فى نفسه و يحب فيها و يحمد ما لديه من ايجابيات و جرب ان يرضى و يتكيف و يشكر الله عليها و يكرس فكره و عمله فى ملء نصف الكوب الفارغ بدلا من التحسر على النصف الفارغ او الجزع من عدم القدرة على ملئه...اعتقد ان المكسب مضمون ففى الدنيا الراحة النفسية و الشعور بالقوة و النجاح و فى الآخرة رضا المولى سبحانه و تعالى ...

اعتقد الفكرة تستحق التجربة...خذ ورقة و قلم و ارصد كل ما لديك من مقتنيات و اسال نفسك بطريقة عملية بحتة هل تستطيع ان تتخلى عن بصرك مثلا..... و تدبر فى كل ما لديك هل هو ثمين و غالى ام لا .....و انظر شعورك بعد ان ترى كم الاشياء الثمينة التى تمتلكها و كم لديك من الامكانيات التى تمكنك من عمل ما لا يستطيعه غيرك من المحرومين من هذه النعم و ...."....فكر و اشكر..." و كن مرنا و اشحذ الهمة للحياة و اقدم عليها فانت سعيد باذن الله لانك تستطيع الحصول على السعادة و تستحقها