PDA

View Full Version : العدوان الفكري الغربي على الإسلام وعلى نبيه محمد عليه الصلاة والسلام


USAMA LADEN
11-04-2005, 05:02 AM
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده…وبعد:
قد يظن كثير من المسلمين أن العدوان الغربي على الإسلام وتشويه صورة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام واختراع صورة بشعة ومعاكسة لحقيقة دين الإسلام ونبيه من طرف وسائل الإعلام في الغرب لا سيما في أميركا من جانب رؤساء بعض الكنائس الإنجيلية أمر جديد حدث بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001م وقيام الحرب الصليبية المقنعة الجديدة التي تقودها الولايات المتحدة ضد الإسلام والمسلمين تحت قناع " الحرب على الإرهاب وإزالة أسلحة الدمار الشامل " .
والحق أن هذا العدوان الإعلامي الشرس وتصوير الإسلام ونبيه عليه الصلاة والسلام في صورة مغايرة بالغة البشاعة ومعاكسة تماماً ، ليست جديدة ، بل هي : عقيدة غربية موروثة تشكلت ونمت خلال ثمانية قرون منذ القرن الأول وحتى نهاية القرن الثامن الهجري .
وانتقلت هذه العقيدة كاملة متماسكة عبر القرون لتصل إلى القرون الحديثة والمعاصرة . وأصبحت أشبه بالمستنقع الآسن العَفِن الذي تغرف منه وسائل الإعلام الغربية وبعض رجال الدين الأنجيليين في أميركا ، وينشرونها عبر وسائلهم المختلفة .
وقبل أن نلقي نظرة موجزة جداَ على تاريخ تلك العقيدة الغربية(1) القائمة على أساس التلفيق والاختراع لتصوير الإسلام في أشكال مشوهة وبشعة ، نعرض لمقتطفات من أقوال بعض رجال الدين الإنجيليين في أميركا عن الإسلام ونبيه محمد عليه الصلاة والسلام ليتضح لكل صاحب فكر خصيب مدى اعتناق هؤلاء لتلك العقيدة الموروثة التي لفقها أسلافهم خلال العصور الوسطى في أوربا .

1- جيري فالويل Jerry Falwell : وهو قسيس أنجيلي معروف له برنامج إذاعي وتلفزيوني يصل إلى أكثر من عشرة ملايين أسبوعياً وله جامعة أصولية خاصة تسمى جامعة الحرية Liberty University وهو الذي يروج في موقعه على الإنترنت www.Lalwell.com لكتابه "فلنتقدم إلى معركة هرمجدون" March to Armgeddon وهي معركة نهاية التاريخ كما في معتقدات الأنجيليين . وفي الصفحة الأولى من موقعه على الإنترنت يضع تاريخاً ملفقاً عن النبي عليه الصلاة والسلام; مستمد بكامله من كتابات بعض الرهبان الأوربيين في العصور الوسطى . ويهاجم فالويل النبي ; من خلال بعض وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى .
ومما قاله فالويل مساء يوم الأحد 6 أكتوبر 2002م في برنامج 60 دقيقة مانصه : "أنا اعتقد أن محمداً كان إرهابياً ، لقد قرأت ما يكفي من المسلمين وغير المسلمين أنه رجل عنف ، ورجل حروب ..... في اعتقادي المسيح وضع مثالاً للحب كما فعل موسى ، وأنا اعتقد أن محمداً وضع مثالاً عكسياً" .

2- بات روبرتسون Pat Robertson : وهو قسيّس إنجيلي معروف باهتماماته السياسية وتأييده المعلن لإسرئيل ، ويمتلك عدداً من المؤسسات الإعلامية من بينها نادي ال 700 (700 Club) وهو برنامج تلفزيوني يصل إلى عشرات الملايين في الولايات المتحدة الأمريكية إضافة إلى محطة فضائية تصل إلى 90 دولة في العالم بأكثر من 500 لغة مختلفة وهي محطة (البث النصراني Christian Broadcasting) ومنها إذاعة الشرق الأوسط المتخصصة في التنصير في منطقة العالم العربي .
كما سعى بات روبرتسون إلى الترشيح لمنصب الرئيس الأمريكي في عام 1988م ، ويقف خلف أقوى تحالف سياسي ديني في الحزب الجمهوري وهو (التحالف النصراني) (Christias Coalition) وموقعه الإلكتروني هو www.patrobertson ويملك أيضاً جامعة أصولية هي جامعة ريجنت Reqent University وفي هجومه على النبي عليه الصلاة والسلام من خلال برنامج هانتي وكولمز Hannity and Colmess في قناة فوكس الإخبارية Fox Newss قال ما يلي: "كل ما عليك هو أن تقرأ ما كتبه محمد في القرآن ، إنه كان يدعو قومه إلى قتل المشركين... إنه رجل متعصب إلى أقصى حد ..إنه كان لصاً وقاطع طريق .. « إن ما يدعو إليه هذا الرجل [محمد] في رأيي الشخصي ليس إلا خديعة وحيلة ضخمة" "إن 80% من القرآن من النصوص النصرانية واليهودية . ولقد ذكر موسى أكثر من 500 مرة في القرآن . أنا أقول إن هذا القرآن ماهو إلا سرقة من المعتقدات اليهودية .. ثم استدار محمد بعد ذلك ليقتل اليهود والنصارى في المدينة . أنا أقصد .. أن هذا الرجل [محمد] كان قاتلاً [سافك للدماء] " وسنثبت بعد قليل أن هذا القسيّس بات روبرتسون هو اللص والسارق عندما نورد أقوال الرهبان المتعصبين في العصور الوسطى ليتبين للقارئ الكريم مدى تطابق أقوال هذا المأفون مع أقوال عصر الظلمات في أوربا في العصور الوسطى ونقله لأقوالهم وأفكارهم .

3- فرانكلين جراهام Franklin Graham : وهو أبن القسيس الأمريكي بيلي جراهام .
وقد عمل والده قسيساً خاصاً للرؤساء الأمريكيين منذ عهد ريتشارد نيكسون ، وحتى الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون . ويتولى ابنه فرانكلين جراهام الآن نفس المهمة بعد تقاعد الأب ، وقام بعمل الطقوس الدينية لتنصيب الرئيس الأمريكي الحالي جورج دبليوبوش . ويتولى جميع مسئوليات الكنيسة التي أنشأها أبوه والتي تعد من أكبر الكنائس الأمريكية عدداً وتأثيراً ، وقامت خلال السنوات الماضية بأكثر من 450 حملة تنصير في جميع أنحاء العالم . وموقعه على الانترنت هو www.samaritan.org. وقد أدلى فرانكلين جراهام بتصريحات إعلامية قال فيها إن الإرهاب جزء من التيار العام للإسلام ، وأن القرآن ( يحض على العنف ) وكرر جراهام خلال برنامج ( هاينتي وكولمز ) المذاع على قناة فوكس نيوز الأمريكية في الخامس من أغسطس 2002م رفضه الاعتذار عن تصريحات أدلى بها بعد حوادث سبتمبر 2001م وصف فيها الإسلام بأنه دين ( شرير ) وفي كتاب جديد لفرانكلين جراهام يسمى (الاسم) The name ، يحتوي علىنصوص تتسم بالسفه والحطة بهدف الإساءة إلى الإسلام ومنها ما يلي : في الصفحة رقم 71 يقول : " الإسلام .. أسّسَ بواسطة فرد بشري مقاتل يسمى محمد ، وفي تعاليمه ترى تكتيك ( نشر الإسلام من خلال التوسع العسكري ) ، ومن خلال العنف إذا كان ضرورياً ، من الواضح أن هدف الإسلام النهائي هو السيطرة على العالم " ويقول في الصحفة 72 من كتابه إن " القرآن يحتوي على قصص أُخذت وحُرّفت عن العهدين القديم والجديد .. لم يكن للقرآن التأثير الواسع علىالثقافتين الغربية والمتحضرة الذي كان للأنجيل . الاختلاف رقم واحد بين الإسلام والمسيحية أن إله الإسلام ليس إله الديانة المسيحية " .

4- جيري فاينز Jerry Vines : وهو راعي كنيسة في جاكسون فيل في فلوريدا ، يصل عددأتباعها إلى 25 ألف شخص ،وهو من أبرز المتحدثين الأمريكيين في المؤتمر السنوي للكنائس المعمدانية الجنوبية ، وهو أكبر مؤتمر ديني يعقد كل عام. وقام الرئيس الحالي والرئيس السابق بمدح هذا القسيس واعتباره من المتحدثين بصدق عن دينهم وموقعه على الانترنت www.fbcjax.com . وقد أدلى جيري فاينز بتصريحات تتصف بالقذارة والسفه مليئة بالكراهية والحقد على الإسلام خلال الاجتماع السنوي للكنيسة المعمدانية الجنوبية ، والذي عُقد مؤخراً في مدينة سانت لويس بولاية ميسوري الأمريكية .
وخلال الاجتماع أفترى جيري فاينز على الرسول عليه الصلاة والسلام واتهمه زوراً و بهتاناً بأنه " شاذ يميل للأطفال ويتملكه الشيطان ، وتزوج من 12 زوجه آخرهن طفلة عمرها تسع سنوات " وأضاف فاينز أن " الله [ الذي يؤمن به المسلمون ] ليس الرب الذي يؤمن به المسيحيون " .
هذه الصور الملفقة المشوهة هي عقيدة دينية غربية موروثة ضمن عقائد المجتمع الغربي النصراني ، أصبحت راسخة في العقل الجمعي الغربي منذ نهاية القرن الثامن الهجري . وكانت هي المصدر الرئيس للمستشرقين والمنصرين المتعصبين في العصور الحديثة وهي التي نراها الآن ونسمع بها .

ويمكن أن نوجز مصادر تلك العقيدة الموروثة في أربعة مصادر رئيسية هي :-

1- ما كتبه النصارى الشرقيون وأشهرهم : يوحنا الدمشقي وتلميذه أبو قره ويوحنا النقيوسي ، ويحى بن عدي ، ومؤلف مجهول لمقالة تسمى الدفاع السرياني .

2- ما كتبه الكتّاب البيزنطيون ( الروم ) وعلى رأسهم : ثيوفانس المعترف ، ونيقتاس البيزنطي ، وجرمانوس .

3- المصادر الأسبانية : وعلى رأسهم المقالة الأسبانية عن محمد عليه الصلاة والسلام وماكتبه ايزدور الأشبيلي ، وأولوخيو ، وبول الفارو ، وغيرهم .

4- ما كتبه ولفقه واخترعه الكتاب الغربيون حتى نهاية القرن الثامن الهجري .
ويأتي على رأس تلك الكتابات : المشروع الكلوني . وهو أول وأكبر مشروع استشراقي هدف بالدرجة الأولى إلى تفنيذ الإسلام . وكتاب لمؤلف مجهول يسمى : الدحض الرباعي ، وكتاب آخر لمؤلف مجهول يسمى (المتناقضات) وما كتبه كل من : بدرودي الفونسو ، وسان بدرو باسكوال ، وريكولدو دي مونت كروس ، ورامون مارتي ، وريموندلول ، ووليم الطرابلسي ، ووليم الصوري ، ووليم آدم ، وجاكيوس دي فتري ، وهامبرت الروماني ، وفيد ينزو أوف بافيا ، وغيرهم كثير .

ولا مجال هنا لعرض كل ما كتبته تلك المصادر الأربعة الرئيسة عن الإسلام ، فالمادة العلمية التي جمعناها عن كل مصدر تغطي مجلداً كاملاً . وسوف نعرض مجرد نماذج مختصرة لبعض تلك الكتابات حتى نرى كيف تشكلت وتكونت تلك العقيدة الغربية الموروثة عن الإسلام ونبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام .

من النصارى الشرقيين يوحنا الدمشقي ( 55 - 131هـ / 675 - 749 م ) وهو من نصارى الشام ، وُلدَ وعاش في العصر الأموي ، وتضلع في اللاهوت ، وكتب كتباً كثيرة ، ومن ضمنها كتاب كتبه باليونانية بعنوان الهرطقات . وأفرد فيه فصلاً عن الإسلام أطلق عليه اسم ( هرطقة الأسماعيليين ) ويقصد بالإسماعيلين العرب من أبناء اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام . وهذا الفصل شديد الطعن ، اتهم فيه يوحنا العرب بالهرطقه والضلال والخرافة ، واعتبرهم فرقة نصرانية متهرطقة ، وزعم أن محمداً عليه الصلاة والسلام كان رسولاً زائفاً ادَّعى النبوة زمن الامبراطور هرقل ، بعد أن قرأ العهد القديم والعهد الجديد وتعلّم من راهب أريوسي فتظاهر بالتقوى حتى استمال العرب إليه وأخبرهم أنه تلقى كتاباً من السماء ، وقدّم فيه تلك الشرائع المضحكة ـ على حد قوله ـ التي تسمى بالإسلام . ومن التلفيقات التي وضعها يوحنا في فصله هذا لتشويه صورة النبي عليه الصلاة والسلام زعمه الكاذب أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل إلى بيت زينب بنت جحش في غياب زوجها فافتتن بها وخرج وهو يقول سبحان مقلب القلوب.... إلى آخر القصة التي تسربت إلى بعض كتب التفسير ، وأدرك ابن كثير زيفها فأعرض عن ذكرها في تفسيره وأشار إلى أنها ملفقةً لا تصح .
وكان هدف يوحنا الدمشقي من ذلك التشويه تحصين النصارى من أهل الذمة والحيلولة بينهم في بلاد الشام وبين اعتناق الإسلام حين رأى تسامح المسلمين مع أهل الذمة، ودخول كثير من النصارى في الإسلام فلم يجد وسيلة لتثبيت النصارى على دينهم سوى اتهام الإسلام بالهرطقة وتشويه سيرة النبي عليه الصلاة والسلام ، لتكون صورته في نظر النصارى صورة كريهة حتى لا يقبلوا على اعتناق الإسلام . وقد انتشر هذا الكتاب في بلاد الدولة البيزنطية ( دولة الروم ) واستخدمه الكتّاب البيزنطيون في هجماتهم الفكرية على الإسلام ثم تُرجم إلى اللاتينية وأسهم في صياغة العقيدة الغربية تجاه الإسلام والمسلمين طوال العصور الوسطى وحتى العصر الحاضر .