زمردة
29-05-2005, 06:40 AM
كلمة الشيخ أبو مصعب الزرقاوي .. لمن يريد أن يعرف حكم ما يفعله في العراق ..
تأن واقرأ بتجرد وإنصاف ..
انتهيت من تنسيق الجزء الأول من كلمة الأمير القائد أبو مصعب الزرقاوي و قمت بمراجعة النص و تصحيح الأخطاء الواردة فيه و قمت بترقيم الآيات و تخريج الأحاديث مع ذكر الحكم إذا لم يكن الحديث من الصحيحين ، و قمت بمراجعة أقوال أهل العلم و أشرت إلى مصدر كل قول تم إيراده ، فأسال الله إن ييسر لي إتمام الجزئين الآخرين .
وائل
-----------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
{ فَسَتذْكُرونَ مَا أَقُول لَكُم وَأُفَوضُ أَمْري إلى اللّه إنّ اللّه بَصيرٌ بالعبَاد }
القسم الإعلامي لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين
يقدم
كلمة للشيخ المجاهد :
أبي مصعب الزرقاوي - حفظه الله -
و هي بعنوان :
وعـَادَ أحفادُ ابن العـَـلْـقـمي
اسمع .. وتابع الكلمة مكتوبة :
الجزء الأول :
http://www.tajdeed.org.uk/sound/listen?fid=259
الجزء الثاني :
http://www.tajdeed.org.uk/sound/listen?fid=260
الحمد لله معز الإسلام بنصره ، ومذل الشرك بقهره ، ومصرف الأمور بأمره ومستدرج الكافرين بمكره ، الذي قدر الأيام دولاً بعدله ،وجعل العاقبة للمتقين بفضله ، والصلاة والسلام على من أعلى الله منار الإسلام بسيفه .
أمّــا بــعــد :
فقد مضت سنة الله سبحانه وتعالى أن يقع الصراع بين الحق والباطل منذ أن برأ الله الخلق وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وقد مضى على مدى التاريخ صور من هذا الصراع .
وهاهو فصل من فصوله يتجدد على أرض الرافدين على يد عـُـباد الصليب بعد أن أعلنوها بملء أفواههم أنها :
حرب صليبية
فنزلوا بالعثر من البلاد ، وسعوا بكفرهم بين العباد ، وأكثروا من البغي والفساد ، فانتهكوا الأعراض ، واستباحوا الحرمات ، ودنسوا المقدسات؛ يعاونهم في ذلك إخوانهم من الشيعة الروافض الذين ما كانت حرب على الإسلام والمسلمين إلا كانوا رأس حربة فيها .
كل ذلك في حال ردة من حكام هذه الأمة ، وتخاذل من علماء السوء ؛ الذين باعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل وفي حال غفلة من أهل الحق عن حقيقة هذه المعركة وأبعادها .
فهب المجاهدون الصادقون للذود عن حياض هذا الدين والدفاع عن أعراض المسلمين على قلة منهم في العدد ، وضعف في العدة ، وندرة في الناصرين وكثرة في المخذلين ، هبوا ولسان حالهم يقول :
يا رافعي عــلــم الجــهاد تقدمــوا *** ودعوا صفوف المحجمين وراء
خوضوا الكريهة حاسرين فإن طغت *** لجج الملاحم فاركبوا الأشلاء
فإذا بهم يواجهون أعتى قوة عسكرية عرفها التاريخ المعاصر بكبريائها وجبروتها ، وكامل عددها وعدتها ، وهذه سنة الله سبحانه وتعالى أن يكون الباطل في هذه الجولات أكثر عدداً وأعظم عدة ابتلاءً من الله لعباده ، وتمحيصاً لأوليائه ، وليعلموا أن النصر ليس بأيديهم ؛ وإنما هو محض فضل من الله تعالى عليهم ، فيرغبوا في دعائهم إليه ، ويتوكلوا في جهادهم عليه .
ولما عاين المجاهدون هذا التفاوت الهائل في العدة والعتاد بينهم وبين عدوهم رأوا لزاماً عليهم القيام بما يجبر هذا النقص ويسد هذا الفراغ ؛ حتى لا تنطفئ جذوة الجهاد وتخبو ناره ؛ فانطلقت كتائب الاستشهاديين يرومون رضا الرحمن ، ويتسابقون إلى الجنان ، فدكوا معاقل الكفر ، وكسروا جحافل الصفر ، وأعظموا في العدو النكاية ، وأثخنوا فيه الجراح ، وحطموا هيبته ، وكسروا شوكته ، وجرأوا عليه أبناء هذه الأمة ، وبعثوا في النفوس الأمل من جديد ، فلله الحمد والمنة .
ولكن يأبى المنهزمون من أبناء جلدتنا إلا أن يجمعوا إلى قعودهم وتخلفهم عن نصرة هذا الدين الطعن في المجاهدين الصادقين ، وأن يكونوا أعواناً للصليبيين من حيث يدرون أو لا يدرون ؛ فصوبوا سهام نقدهم إلى نحور المجاهدين ، وسلطوا ألسنتهم عليهم ، وسخروا أقلامهم للنيل منهم ، ورموهم بعظائم الأمور بحجة :
أنه يحصل في بعض هذه العمليات قتل لمن يوصفون بالمدنيين والأبرياء
ولعلمي أن المجاهدين أحسبهم ولا أزكيهم على الله لا يقدمون على مثل هذه العمليات إلا وضوابط الشرع وأوامره تحكمهم - كيف لا ؟ وهم إنما نفروا إلى ساحات الجهاد ابتغاء مرضات رب العباد ، ونصرة لدينه ، وإعلاءً لكلمته - أحببت أن أذكر حكم الشرع في مثل هذه الحوادث التي قد يقتل فيها بعض المسلمين تبعاً لا قصدا ، مستنيراً بأقوال الأئمة وعلماء الأمة ، وليس غرضي بيان حكم العمليات الاستشهادية فهذه قد قرر غير واحد من علمائنا جوازها فضلاً عن استحبابها .
وأصل هذه الكلمة مستخلص من بحث لشيخنا المجاهد :
أبي عبدالله المهاجر - حفظه الله ورعاه -
مع تصرف يسير مني ، وإسقاط لهذه الأحكام على واقعنا الجهادي في العراق .
فأقول وبالله التوفيق :
مما لا شك فيه أن الله تبارك وتعالى أمرنا برمي الكفار ، وقتلهم وقتالهم بكل وسيلة تحقق المقصود ، فيشرع لعباد الله المجاهدين في سبيل إعلاء كلمته رمي الكفار الحربيين وقتلهم وقتالهم بكل وسيلة تقطف نفوسهم وتنزع أرواحهم من أجسادهم تطهيراً للأرض من رجسهم ، ورفعاً لفتنتهم عن العباد أياً كانت هذه الوسيلة ، وإن كانت هذه الوسيلة تعم المقصودين من الكفار الحربيين وغير المقصودين من النساء والصبيان ، ومن في حكمهم من الكفار ممن لا يجوز قصدهم بالقتل .
وهو ما اصطلح الفقهاء على تسميتهم بـ( القتل بما يعم ) .
إن هذه المشروعية مقررة أيضاً وإن أفضى ذلك إلى قتل عدد من المسلمين ممن يقدر وجودهم حال القتال لسبب أو لآخر ضرورة عدم إمكان تجنبهم والتمييز بينهم وبين المقصودين من الكفار الحربيين .
ومع التسليم بأن قتل عدد من المسلمين معصومي الدم مفسدة كبيرة بلا شك ؛ إلا أن الوقوع في هذه المفسدة جائز ، بل متعين دفعاً لمفسدة أعظم وهي :
مفسدة تعطيل الجهاد .
إذ القول بعدم الجواز هنا خاصة في الصورة المعاصرة للقتال لا يعني غير تعطيل الجهاد وإيقافه ، بل وأد الجهاد وسد بابه بالكلية مما يعني بالضرورة :
إسلام البلاد والعباد للكفار الحاقدين على الإسلام وأهله كأعظم ما يكون الحقد ليفعلوا ما شاءوا من ضرب الذل والصغار على الإسلام وأهله ، وسوط المسلمين ، وقد غدوا لهم عبيداً مطاويع سوقاً جماعياً نحو الذبح تارة ، ونحو الكفر والمروق من الدين تارات مع تحريف الإسلام وتبديله بصورة تامة وقلب حقائقه وتغيير محكماته ، وإعادة صياغته صياغة جديدة ليغدو ديناً آخر غير ما جاء به المبعوث بالسيف صلى الله عليه وسلم .
وهذا هو هدفهم الأسمى الذي يسعون إليه ويجدون عليه أعواناً من خبالة المنتسبين للإسلام المنتسبين من علماء السحت وغيرهم ، فأي المفسدتين أعظم في شرع الله ودينه ؟؟
وقبل ذكر الأدلة الخاصة بالقول بالمشروعية لابد من تقرير أصلين هامين فنقول :
الأصل الأول – عصمة المسلمين وعظيم حرمة دمائهم
من المسلم به القول بأن دماء المسلمين معصومة بعصام الإسلام إلا بحقه .
روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله "(1)
وإذا كان قتل المسلم بغير حق من أعظم المحرمات التي حرمها سبحانه وتعالى والأدلة على ذلك كثيرة معلومة ، قال الله تعالى :
{ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مّتَعَمّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ً } (2)
قال الشيخ السعدي رحمه الله : ( فلم يرد في أنواع الكبائر أعظم من هذا الوعيد ، بل ولا مثله ) . انتهى كلامه (3)
وروى النسائي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال :
" قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا "
وروي مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وصحح الأئمة وقفه على عبدالله بن عمرو بن العاص .(4)
وقد روى ابن ماجة بإسناد فيه ضعف عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال :
" رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه وأن نظن به إلا خيراً " (5)
الأصل الثاني – حفظ الدين مقدم على حفظ النفس
قررت الشريعة أن الدين أعظم من النفس والعرض والمال ، فهو أعظم الضروريات الخمس وأساسها ، وحفظه مقدم على حفظها اتفاقاً مع استحضار أن هذه الضروريات الأخرى لا حفظ لها إلا بإقامة الدين ، والنصوص الكثيرة من الآيات والأحاديث الواردة بالأمر بالجهاد والحث عليه والترغيب فيه ، والنهي عن القعود والترهيب منه كلها دالة على تقرير هذا الأصل وهو كون حفظ الدين مقدماً ، قال تعالى :
{ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم وَأَخْرِجُوهُمْ مّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدّ مِنَ الْقَتْلِ } (6)
قال مجاهد - رحمه الله - في تفسير قوله تعالى (وَالْفِتْنَةُ أَشَدّ مِنَ الْقَتْلِ) قال : ( ارتداد المؤمن إلى الوثن أشد عليه من القتل ).
وقال قتادة والربيع بن أنس والضحاك : ( الشرك أشد من القتل ) .
وقال ابن زيد في بيان الفتنة المقصودة هنا : ( فتنة الكفر ) .
فنص تعالى على أن الكفر والشرك أشد في شرعه ودينه من القتل ، وهذا نص في تقديم حفظ الدين على غيره من الضروريات الأربع وعلى رأسها النفس ؛ فحفظ هذه الضروريات في مقابل ضياع الدين بخلاف أمر الله وشرعه هو الفتنة الحقيقية التي يُحذر منها المولى سبحانه .
قال ابن جرير الطبري : ( يعني تعالى ذكره بقوله ( والفتنة أشد من القتل ) : والشرك بالله أشد من القتل ).
وقد بُـيـّن فيما مضى أن أصل الفتنة الابتلاء والاختبار ، فتأويل الكلام :
وابتلاء المرء في دينه حتى يرجع عنه فيصير مشركاً بالله من بعد إسلامه أشد عليه وأضر من أن يقتل مقيماً على دينه مستمسكاً عليه محقاً فيه .
وقال القرطبي رحمه الله : (قوله تعالى والفتنة أشد من القتل أي الفتنة التي حملوكم عليها وراموا رجوعكم بها إلى الكفر أشد من القتل ) . انتهى كلامه رحمه الله (7).
والمعنيان متجهان دالان أظهر دلالة على ما نحن فيه ، ففتنة الكفر والشرك أعظم مطلقاًً من القتل فهي أعظم من مفسدة ما يُزهق من نفوس المؤمنين تبعاً لا قصداً في سبيل القضاء عليها وتطهير الكون منها ، قال تعالى :
{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ }
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : ( وتمام الورع أن يعلم الإنسان خير الخيرين، وشر الشرين ، ويعلم أن الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها وإلا فمن لم يوازن ما في الفعل والترك من المصلحة الشرعية والمفسدة الشرعية فقد يدع واجبات ويفعل محرمات ويرى ذلك من الورع أو يدع المعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله لما في فعل ذلك من أذى بعض الناس والانتقام منهم حتى يستولي الكفار والفجار على الصالحين الأبرار فلا ينظر المصلحة الراجحة في ذلك ، وقد قال الله تعالى : { يسألونك عن الشهر الحرام ... } الآية يقول سبحانه وإن كان قتل النفوس فيه شر فالفتنة الحاصلة بالكفر وظهور أهله أعظم من ذلك فيُـدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما ) . انتهى كلامه رحمه الله (8) .
وقال أيضاً : ( وذلك أن الله تعالى أباح من قتل النفوس ما يُـحتاج إليه في صلاح الخلق كما قال تعالى : { وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ } وإن كان فيه شر وفساد ففي فتنة الكفار من الشر والفساد ما هو أكبر ) . انتهى كلامه (9)
وقال الشاطبي – رحمه الله - : ( واعتبار الدين مقدم على اعتبار النفس وغيرها في نظر الشرع ) . (10)
وقال أيضاً : ( إن النفوس محترمة محفوظة ومطلوبة الإحياء بحيث إذا دار الأمر بين إحيائها وإتلاف المال عليها ، أو إتلافها وإحياء المال كان إحيائها أولى ؛ فإن عارض إحيائها إماتة الدين كان إحياء الدين أولى ، وإن أدى إلى إماتتها كما جاء في جهاد الكفار وقتل المرتد وغير ذلك ) . انتهى كلامه رحمه الله (11)
إذاً فحفظ الدين بالقضاء على حكم الطاغوت الذي يُـعبّد الناس له من دون الله رب العالمين ويسوقهم سوقاً جميعاً نحو الكفر والردة فضلاً عما يشيعه في البلاد وبين العباد من الظلم والإفساد مقدم إجماعاً على حفظ غيره من الضروريات الأخرى أياً كانت تلك الضروريات .
وقد نص الشاطبي -رحمه الله - : ( على أن الأوامر في الشريعة لا تجري في التأكيد مجرىً واحدا وأنها لا تدخل تحت قصد واحد ، فإن الأوامر المتعلقة بالأمور الضرورية ليست كالأوامر المتعلقة بالأمور الحاجية ولا التحسينية ، ولا الأمور المكملة للضروريات كالضروريات أنفسها ، بل بينهما تفاوت معلوم ، بل الأمور الضرورية ليست في الطلب على وزان واحد كالطلب المتعلق بأصل الدين ، ليس كالتأكيد في النفس ، ولا النفس كالعقل إلى سائر أصناف الضروريات ) .انتهى كلامه رحمه الله (12)
ورحم الله الشيخ سليمان بن سحمان عندما جلّى الأمر بدقة فقال : ( ولكن لما عاد الإسلام غريباً كما بدأ ، صار الجاهلون به يعتقدون ما هو سبب الرحمة سبب العذاب ، وما هو سبب الألفة والجماعة سبب الفرقة والاختلاف ، وما يحقن الدماء سبباً لسفكها كالذين قال الله فيهم : { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ يَطّيّرُواْ بِمُوسَىَ وَمَن مّعَهُ } (13) وكالذين قالوا لأتباع الرسل : { إِنّا تَطَيّرْنَا بِكُمْ }(14) فمن اعتقد أن تحكيم شريعة الإسلام يُـفضي إلى القتال والمخالفة وأنه لا يحصل الاجتماع و الألفة إلا على حاكم الطاغوت فهو كافر عدو لله ولجميع الرسل ؛ فإن هذا حقيقة ما عليه كفار قريش ، الذين يعتقدون أن الصواب ما عليه آباؤهم دون ما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم .
وقال : المقام الثاني إذا عرفت أن التحاكم إلى الطاغوت كفر وقد ذكر الله في كتابه أن الكفر أكبر من القتل فقال : { وَالْفِتْنَةُ أكبَرُّ مِنَ الْقَتْلِ } وقال : { وَالْفِتْنَةُ أَشَدّ مِنَ الْقَتْلِ } والفتنة هي الكفر ؛ فلو اقتتلت البادية والحاضرة ، حتى يذهبوا ، لكان أهون من أن ينصبوا في الأرض طاغوتاً يحكم بغير شريعة الإسلام التي بعث الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم ) . انتهى كلامه رحمه الله .(15)
فأعظم فتنة ترزأ بها الأرض هي الكفر والشرك بتعبيد العباد لغير المعبود الحق .
يتبع...
تأن واقرأ بتجرد وإنصاف ..
انتهيت من تنسيق الجزء الأول من كلمة الأمير القائد أبو مصعب الزرقاوي و قمت بمراجعة النص و تصحيح الأخطاء الواردة فيه و قمت بترقيم الآيات و تخريج الأحاديث مع ذكر الحكم إذا لم يكن الحديث من الصحيحين ، و قمت بمراجعة أقوال أهل العلم و أشرت إلى مصدر كل قول تم إيراده ، فأسال الله إن ييسر لي إتمام الجزئين الآخرين .
وائل
-----------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
{ فَسَتذْكُرونَ مَا أَقُول لَكُم وَأُفَوضُ أَمْري إلى اللّه إنّ اللّه بَصيرٌ بالعبَاد }
القسم الإعلامي لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين
يقدم
كلمة للشيخ المجاهد :
أبي مصعب الزرقاوي - حفظه الله -
و هي بعنوان :
وعـَادَ أحفادُ ابن العـَـلْـقـمي
اسمع .. وتابع الكلمة مكتوبة :
الجزء الأول :
http://www.tajdeed.org.uk/sound/listen?fid=259
الجزء الثاني :
http://www.tajdeed.org.uk/sound/listen?fid=260
الحمد لله معز الإسلام بنصره ، ومذل الشرك بقهره ، ومصرف الأمور بأمره ومستدرج الكافرين بمكره ، الذي قدر الأيام دولاً بعدله ،وجعل العاقبة للمتقين بفضله ، والصلاة والسلام على من أعلى الله منار الإسلام بسيفه .
أمّــا بــعــد :
فقد مضت سنة الله سبحانه وتعالى أن يقع الصراع بين الحق والباطل منذ أن برأ الله الخلق وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وقد مضى على مدى التاريخ صور من هذا الصراع .
وهاهو فصل من فصوله يتجدد على أرض الرافدين على يد عـُـباد الصليب بعد أن أعلنوها بملء أفواههم أنها :
حرب صليبية
فنزلوا بالعثر من البلاد ، وسعوا بكفرهم بين العباد ، وأكثروا من البغي والفساد ، فانتهكوا الأعراض ، واستباحوا الحرمات ، ودنسوا المقدسات؛ يعاونهم في ذلك إخوانهم من الشيعة الروافض الذين ما كانت حرب على الإسلام والمسلمين إلا كانوا رأس حربة فيها .
كل ذلك في حال ردة من حكام هذه الأمة ، وتخاذل من علماء السوء ؛ الذين باعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل وفي حال غفلة من أهل الحق عن حقيقة هذه المعركة وأبعادها .
فهب المجاهدون الصادقون للذود عن حياض هذا الدين والدفاع عن أعراض المسلمين على قلة منهم في العدد ، وضعف في العدة ، وندرة في الناصرين وكثرة في المخذلين ، هبوا ولسان حالهم يقول :
يا رافعي عــلــم الجــهاد تقدمــوا *** ودعوا صفوف المحجمين وراء
خوضوا الكريهة حاسرين فإن طغت *** لجج الملاحم فاركبوا الأشلاء
فإذا بهم يواجهون أعتى قوة عسكرية عرفها التاريخ المعاصر بكبريائها وجبروتها ، وكامل عددها وعدتها ، وهذه سنة الله سبحانه وتعالى أن يكون الباطل في هذه الجولات أكثر عدداً وأعظم عدة ابتلاءً من الله لعباده ، وتمحيصاً لأوليائه ، وليعلموا أن النصر ليس بأيديهم ؛ وإنما هو محض فضل من الله تعالى عليهم ، فيرغبوا في دعائهم إليه ، ويتوكلوا في جهادهم عليه .
ولما عاين المجاهدون هذا التفاوت الهائل في العدة والعتاد بينهم وبين عدوهم رأوا لزاماً عليهم القيام بما يجبر هذا النقص ويسد هذا الفراغ ؛ حتى لا تنطفئ جذوة الجهاد وتخبو ناره ؛ فانطلقت كتائب الاستشهاديين يرومون رضا الرحمن ، ويتسابقون إلى الجنان ، فدكوا معاقل الكفر ، وكسروا جحافل الصفر ، وأعظموا في العدو النكاية ، وأثخنوا فيه الجراح ، وحطموا هيبته ، وكسروا شوكته ، وجرأوا عليه أبناء هذه الأمة ، وبعثوا في النفوس الأمل من جديد ، فلله الحمد والمنة .
ولكن يأبى المنهزمون من أبناء جلدتنا إلا أن يجمعوا إلى قعودهم وتخلفهم عن نصرة هذا الدين الطعن في المجاهدين الصادقين ، وأن يكونوا أعواناً للصليبيين من حيث يدرون أو لا يدرون ؛ فصوبوا سهام نقدهم إلى نحور المجاهدين ، وسلطوا ألسنتهم عليهم ، وسخروا أقلامهم للنيل منهم ، ورموهم بعظائم الأمور بحجة :
أنه يحصل في بعض هذه العمليات قتل لمن يوصفون بالمدنيين والأبرياء
ولعلمي أن المجاهدين أحسبهم ولا أزكيهم على الله لا يقدمون على مثل هذه العمليات إلا وضوابط الشرع وأوامره تحكمهم - كيف لا ؟ وهم إنما نفروا إلى ساحات الجهاد ابتغاء مرضات رب العباد ، ونصرة لدينه ، وإعلاءً لكلمته - أحببت أن أذكر حكم الشرع في مثل هذه الحوادث التي قد يقتل فيها بعض المسلمين تبعاً لا قصدا ، مستنيراً بأقوال الأئمة وعلماء الأمة ، وليس غرضي بيان حكم العمليات الاستشهادية فهذه قد قرر غير واحد من علمائنا جوازها فضلاً عن استحبابها .
وأصل هذه الكلمة مستخلص من بحث لشيخنا المجاهد :
أبي عبدالله المهاجر - حفظه الله ورعاه -
مع تصرف يسير مني ، وإسقاط لهذه الأحكام على واقعنا الجهادي في العراق .
فأقول وبالله التوفيق :
مما لا شك فيه أن الله تبارك وتعالى أمرنا برمي الكفار ، وقتلهم وقتالهم بكل وسيلة تحقق المقصود ، فيشرع لعباد الله المجاهدين في سبيل إعلاء كلمته رمي الكفار الحربيين وقتلهم وقتالهم بكل وسيلة تقطف نفوسهم وتنزع أرواحهم من أجسادهم تطهيراً للأرض من رجسهم ، ورفعاً لفتنتهم عن العباد أياً كانت هذه الوسيلة ، وإن كانت هذه الوسيلة تعم المقصودين من الكفار الحربيين وغير المقصودين من النساء والصبيان ، ومن في حكمهم من الكفار ممن لا يجوز قصدهم بالقتل .
وهو ما اصطلح الفقهاء على تسميتهم بـ( القتل بما يعم ) .
إن هذه المشروعية مقررة أيضاً وإن أفضى ذلك إلى قتل عدد من المسلمين ممن يقدر وجودهم حال القتال لسبب أو لآخر ضرورة عدم إمكان تجنبهم والتمييز بينهم وبين المقصودين من الكفار الحربيين .
ومع التسليم بأن قتل عدد من المسلمين معصومي الدم مفسدة كبيرة بلا شك ؛ إلا أن الوقوع في هذه المفسدة جائز ، بل متعين دفعاً لمفسدة أعظم وهي :
مفسدة تعطيل الجهاد .
إذ القول بعدم الجواز هنا خاصة في الصورة المعاصرة للقتال لا يعني غير تعطيل الجهاد وإيقافه ، بل وأد الجهاد وسد بابه بالكلية مما يعني بالضرورة :
إسلام البلاد والعباد للكفار الحاقدين على الإسلام وأهله كأعظم ما يكون الحقد ليفعلوا ما شاءوا من ضرب الذل والصغار على الإسلام وأهله ، وسوط المسلمين ، وقد غدوا لهم عبيداً مطاويع سوقاً جماعياً نحو الذبح تارة ، ونحو الكفر والمروق من الدين تارات مع تحريف الإسلام وتبديله بصورة تامة وقلب حقائقه وتغيير محكماته ، وإعادة صياغته صياغة جديدة ليغدو ديناً آخر غير ما جاء به المبعوث بالسيف صلى الله عليه وسلم .
وهذا هو هدفهم الأسمى الذي يسعون إليه ويجدون عليه أعواناً من خبالة المنتسبين للإسلام المنتسبين من علماء السحت وغيرهم ، فأي المفسدتين أعظم في شرع الله ودينه ؟؟
وقبل ذكر الأدلة الخاصة بالقول بالمشروعية لابد من تقرير أصلين هامين فنقول :
الأصل الأول – عصمة المسلمين وعظيم حرمة دمائهم
من المسلم به القول بأن دماء المسلمين معصومة بعصام الإسلام إلا بحقه .
روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله "(1)
وإذا كان قتل المسلم بغير حق من أعظم المحرمات التي حرمها سبحانه وتعالى والأدلة على ذلك كثيرة معلومة ، قال الله تعالى :
{ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مّتَعَمّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ً } (2)
قال الشيخ السعدي رحمه الله : ( فلم يرد في أنواع الكبائر أعظم من هذا الوعيد ، بل ولا مثله ) . انتهى كلامه (3)
وروى النسائي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال :
" قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا "
وروي مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وصحح الأئمة وقفه على عبدالله بن عمرو بن العاص .(4)
وقد روى ابن ماجة بإسناد فيه ضعف عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال :
" رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه وأن نظن به إلا خيراً " (5)
الأصل الثاني – حفظ الدين مقدم على حفظ النفس
قررت الشريعة أن الدين أعظم من النفس والعرض والمال ، فهو أعظم الضروريات الخمس وأساسها ، وحفظه مقدم على حفظها اتفاقاً مع استحضار أن هذه الضروريات الأخرى لا حفظ لها إلا بإقامة الدين ، والنصوص الكثيرة من الآيات والأحاديث الواردة بالأمر بالجهاد والحث عليه والترغيب فيه ، والنهي عن القعود والترهيب منه كلها دالة على تقرير هذا الأصل وهو كون حفظ الدين مقدماً ، قال تعالى :
{ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم وَأَخْرِجُوهُمْ مّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدّ مِنَ الْقَتْلِ } (6)
قال مجاهد - رحمه الله - في تفسير قوله تعالى (وَالْفِتْنَةُ أَشَدّ مِنَ الْقَتْلِ) قال : ( ارتداد المؤمن إلى الوثن أشد عليه من القتل ).
وقال قتادة والربيع بن أنس والضحاك : ( الشرك أشد من القتل ) .
وقال ابن زيد في بيان الفتنة المقصودة هنا : ( فتنة الكفر ) .
فنص تعالى على أن الكفر والشرك أشد في شرعه ودينه من القتل ، وهذا نص في تقديم حفظ الدين على غيره من الضروريات الأربع وعلى رأسها النفس ؛ فحفظ هذه الضروريات في مقابل ضياع الدين بخلاف أمر الله وشرعه هو الفتنة الحقيقية التي يُحذر منها المولى سبحانه .
قال ابن جرير الطبري : ( يعني تعالى ذكره بقوله ( والفتنة أشد من القتل ) : والشرك بالله أشد من القتل ).
وقد بُـيـّن فيما مضى أن أصل الفتنة الابتلاء والاختبار ، فتأويل الكلام :
وابتلاء المرء في دينه حتى يرجع عنه فيصير مشركاً بالله من بعد إسلامه أشد عليه وأضر من أن يقتل مقيماً على دينه مستمسكاً عليه محقاً فيه .
وقال القرطبي رحمه الله : (قوله تعالى والفتنة أشد من القتل أي الفتنة التي حملوكم عليها وراموا رجوعكم بها إلى الكفر أشد من القتل ) . انتهى كلامه رحمه الله (7).
والمعنيان متجهان دالان أظهر دلالة على ما نحن فيه ، ففتنة الكفر والشرك أعظم مطلقاًً من القتل فهي أعظم من مفسدة ما يُزهق من نفوس المؤمنين تبعاً لا قصداً في سبيل القضاء عليها وتطهير الكون منها ، قال تعالى :
{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ }
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : ( وتمام الورع أن يعلم الإنسان خير الخيرين، وشر الشرين ، ويعلم أن الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها وإلا فمن لم يوازن ما في الفعل والترك من المصلحة الشرعية والمفسدة الشرعية فقد يدع واجبات ويفعل محرمات ويرى ذلك من الورع أو يدع المعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله لما في فعل ذلك من أذى بعض الناس والانتقام منهم حتى يستولي الكفار والفجار على الصالحين الأبرار فلا ينظر المصلحة الراجحة في ذلك ، وقد قال الله تعالى : { يسألونك عن الشهر الحرام ... } الآية يقول سبحانه وإن كان قتل النفوس فيه شر فالفتنة الحاصلة بالكفر وظهور أهله أعظم من ذلك فيُـدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما ) . انتهى كلامه رحمه الله (8) .
وقال أيضاً : ( وذلك أن الله تعالى أباح من قتل النفوس ما يُـحتاج إليه في صلاح الخلق كما قال تعالى : { وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ } وإن كان فيه شر وفساد ففي فتنة الكفار من الشر والفساد ما هو أكبر ) . انتهى كلامه (9)
وقال الشاطبي – رحمه الله - : ( واعتبار الدين مقدم على اعتبار النفس وغيرها في نظر الشرع ) . (10)
وقال أيضاً : ( إن النفوس محترمة محفوظة ومطلوبة الإحياء بحيث إذا دار الأمر بين إحيائها وإتلاف المال عليها ، أو إتلافها وإحياء المال كان إحيائها أولى ؛ فإن عارض إحيائها إماتة الدين كان إحياء الدين أولى ، وإن أدى إلى إماتتها كما جاء في جهاد الكفار وقتل المرتد وغير ذلك ) . انتهى كلامه رحمه الله (11)
إذاً فحفظ الدين بالقضاء على حكم الطاغوت الذي يُـعبّد الناس له من دون الله رب العالمين ويسوقهم سوقاً جميعاً نحو الكفر والردة فضلاً عما يشيعه في البلاد وبين العباد من الظلم والإفساد مقدم إجماعاً على حفظ غيره من الضروريات الأخرى أياً كانت تلك الضروريات .
وقد نص الشاطبي -رحمه الله - : ( على أن الأوامر في الشريعة لا تجري في التأكيد مجرىً واحدا وأنها لا تدخل تحت قصد واحد ، فإن الأوامر المتعلقة بالأمور الضرورية ليست كالأوامر المتعلقة بالأمور الحاجية ولا التحسينية ، ولا الأمور المكملة للضروريات كالضروريات أنفسها ، بل بينهما تفاوت معلوم ، بل الأمور الضرورية ليست في الطلب على وزان واحد كالطلب المتعلق بأصل الدين ، ليس كالتأكيد في النفس ، ولا النفس كالعقل إلى سائر أصناف الضروريات ) .انتهى كلامه رحمه الله (12)
ورحم الله الشيخ سليمان بن سحمان عندما جلّى الأمر بدقة فقال : ( ولكن لما عاد الإسلام غريباً كما بدأ ، صار الجاهلون به يعتقدون ما هو سبب الرحمة سبب العذاب ، وما هو سبب الألفة والجماعة سبب الفرقة والاختلاف ، وما يحقن الدماء سبباً لسفكها كالذين قال الله فيهم : { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ يَطّيّرُواْ بِمُوسَىَ وَمَن مّعَهُ } (13) وكالذين قالوا لأتباع الرسل : { إِنّا تَطَيّرْنَا بِكُمْ }(14) فمن اعتقد أن تحكيم شريعة الإسلام يُـفضي إلى القتال والمخالفة وأنه لا يحصل الاجتماع و الألفة إلا على حاكم الطاغوت فهو كافر عدو لله ولجميع الرسل ؛ فإن هذا حقيقة ما عليه كفار قريش ، الذين يعتقدون أن الصواب ما عليه آباؤهم دون ما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم .
وقال : المقام الثاني إذا عرفت أن التحاكم إلى الطاغوت كفر وقد ذكر الله في كتابه أن الكفر أكبر من القتل فقال : { وَالْفِتْنَةُ أكبَرُّ مِنَ الْقَتْلِ } وقال : { وَالْفِتْنَةُ أَشَدّ مِنَ الْقَتْلِ } والفتنة هي الكفر ؛ فلو اقتتلت البادية والحاضرة ، حتى يذهبوا ، لكان أهون من أن ينصبوا في الأرض طاغوتاً يحكم بغير شريعة الإسلام التي بعث الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم ) . انتهى كلامه رحمه الله .(15)
فأعظم فتنة ترزأ بها الأرض هي الكفر والشرك بتعبيد العباد لغير المعبود الحق .
يتبع...