PDA

View Full Version : * وقفة مع كاتب *


صدى الحق
24-12-1999, 06:28 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه وقفة مع الكاتب خليفة الكبيسي قرأت له في موقع جواهر الإنترنت ، وأسئل الله أن ينفعنا بهذه المشاركات .

http://jwaher.com/khalifa/a3thrnee.gif

من بين أنوار المصابيح المتلألئة.. ومع صوت الطبل والطار.. ومزجا بالزغاريد التي ترسم على وجه الحاضرات ابتهاجا وسرورا..
انبعث في اعماقها بكاء وحزن مريران وظلا حبيسين في جوفها يدفع في هدوء دموعها الحار المستحيية ممن حولها..
حار العريس في امر عروسه حين رآها في مقلتين غارقتين دموعا في كبد وجه عروسه..
حاول العريس ان يتشاغل عن هذه الدموع بنظرات غير مستقرة. لكي لا يؤذي عروسه باطالة النظر اليها ولكي لا يحسب الحاضرون عليه عيبا او يحسبوه فيه ألما في عز فرحته..
ولكن سرعان ما يعود في قلق بنظراته الى عروسه فيجدها دموعا صماء بكما متنامية وسط كحل العينين الساحرين وفي اطار وسمات الزينة وقسماتها التي ازينت بها عروسه..
تلك الزينة التي غطت خديها ووجنتيها وشفتيها وطرحت على جسدها هذه الزينة فستانا جعلها آية في الحسن من آيات الله العظام..
ومضت اللحظات على مضض عايشه العريس الحائر امام الصمت القاتل من زوجته اللهم الا بسمة مصطنعة تفتعلها العروس بغية ارضاء عريسها ومجاملة الحاضرات في ليلة فرحها أولئك الحاضرات اللاتي يشققن صدرها بنظراتهم ليعرفوا سر ما بها الا ان صدرها الحزين لا يريهن شيئا ولا يسمح لهن بشقه وفلق فؤادها لمعرفة سر حالها وألمها. ولما انقضى الحفل..
وسار العريسان نحو غرفتهما الخلة صامتين.. انطلقت العروس مندفعة نحو السرير وانكبت عليه لتكتب لعريسها كليماتها التالية: أعلم انك قضيت الوقت حائرا في امري..
تقلب الظنون والافكار في رأسك وتجتهد ما استطعت حتى تعرف سر دموعي في ليلة فرحنا..
واعلم انك لم تصل الى حقيقة السر.. وربما ظننت انني غير راغبة في الزواج منك..
وربما ظننت ان لدي سرا اخلاقيا اخفيته عنك قبلا فخشيت ان تعلمه حاضرا في هذه الليلة..
وربما ذهبت الى ما هو ابعد من ذلك واخطر..
فظننت ان عروسك لم تعد عذراء وبكرا وخشيت هي ان يكشف امرها..
ولكن. لا تخف.. فلا هذا ولا ذاك.. ولكني في ليلة زفافي هذه تذكرت كلمات كانت امي رحمها الله تسمعني اياها قبل مماتها ومذ أن وعيت الحياة..
حيث كانت تقول لي: عساني اشوفك عروس يا أمل.. وأفرح بعرسك.. وأرقص فيه ..
ولكن القدر لم يمهلها حتى ترى فرحي هذا في يومي هذا في حالي هذا.. فأخذتها المنون بأمنيتها هذه التي حبستها عندها عظيمة..
فقبل عشر سنين خلون.. جاءت اوراق الطبيب لتحمل لنا خبرا اسود مفاده ان أمي اصيبت بمرض السرطان في رئتيها ومذ هي الا بضع شهر بعد ذاك الخبر ثم ماتت..
ولم يكن لديها من الذرية سواي انا وحيدتها من ذكور واناث.. وكانت وصيتها حين حضرها الموت قائلة لأبي الذي حفظها بكل أمانة وشرف الأمانة..
وصانها بكل صدق ووفاء.. حيث أوصته قائلة له: لا تزوج أمل ابنتي الا بعد ان تنهي دراستها الجامعية..
حتى تتسلح بسلاح العلم أمام تحديات الحياة حتى زوجت لأي من الرجال ولم توفق معه بحياة ناجحة غير ذات بعيد أمكنها أن تعيش بشهادتها وعلمها في غنى عنه..
كذلك فاني لا أمنعك من الزواج.. فاذا تزوجت كن رؤوفا بابنتي عونا لها على محن وأهوال زوجة الاب.. وكن عادلا في حكمك لابنتي وعليها..
وقد جعلت الله لها كافلا وعليك وكيلها .. ففي هذه الليلة يا زوجي العزيز.. اسري بمشاعري ووجداني الى حيث قبر امي..
وكأن احساس السمع عندي قد سمع كلماتها تلك لتوه فأنشط في احشائي وصدري ذكراها رحمها الله وبعث بذلك في نفسي حزنا عصر قلبي في ليلة فرحي..
نعم فان ما تراه هذه الليلة في وجهي وشكلي الظاهر انما هو فرح جسدي وليس فرحا في قلبي..
فكانت الاماني في هذه الذكرى ان تعايش امي هذا اليوم.. فيا ليت شعري أنها كانت معي في ليلتي هذه.. وما الاماني في حالي هذا إلا خواطر اخادع نفسي بها..
وكانت غايات أماني في ليلتي هذه والحاضرات فرحي ان تكون امي بينهن حين يزغردن وحين يطربن وحين يغنين وحين يرقصن..
ولكن اين أمي منهن.. بل أين انا منها في هذه الليلة؟ فيا عزيزي..
اعذرني ان لم أكن فاعلة أنسا وسرورا في حضرتك الليلة.. نعم.. أعذرني.. فان في جوفي بكاء
http://jwaher.com/wakfa_m3a_katb.htm
------------------
رضاك اللهم ربي أرجو *** فعفوك سابقٌ وأنت الكريمُ

زمردة
24-12-1999, 11:46 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..

نسأل الله أن يفرح والدتها بها في قبرها .. وأن تكون امتداداً طيباً لها ..

وأن يعوضها في زوجها وأولادها ومن حولها عن فقد والدتها ..

جزاك الله خيراً صدى الحق ..

وهذه القصة تذكّر كم هي الأماني كثيرة .. وكم هو العمر قصير ..

نسأل الله أن يوفقنا إلى استغلال كل لحظات عمرنا القصير الفاني في طاعته ..

------------------
ماخاب من استشار وما ندم من استخار



[b]<small><small>[ تم تعديل الموضوع بواسطة &nbsp; زمردة &nbsp; يوم &nbsp; 24-12-1999]

صدى الحق
25-12-1999, 03:54 AM
وجزاكِ الله خيراً على حسن متابعتكِ وتعليقك ، وأسئل الله لكِ التوفيق والسداد إن شاء الله تعالى .

------------------
سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم