المكنون
21-03-2001, 03:25 PM
إخواني الكرام .......... السلام عليكم
ذكر أبو علي القالي في كتابه الأمالي الجزء الأول هذه القصة ، آمل أن تحوز على استحسانكم لما تحويه من فوائد دينية ولغوية وأدبية ، كما أرجو منكم عدم التردد في سؤالي ما يشكل عليكم فهمه .
كان خُنافر بن التؤم الحميري كاهنا ، وكان قد أوتي بسطة في الجسم ، وسعة في المال ، وكان عاتيا ، فلما وفدت وفود اليمن على النبي صلى الله عليه وسلم ، وظهر الإسلام أغار على إبل لمراد فاكتسحها وخرج بأهله وماله ولحق بالشحر ، فحالف جودان بن يحي الفرضحي ، وكان سيدا منيعا ، ونزل بواد من أودية الشحر مخصبا كثير الشجر من الأيك والعرين .
قال خنافر : وكان رئي ( صاحبي الجني ) لا يكاد يغيب عني ، فلما شاع الإسلام فقدته مدة طويلة وساءني ذلك ، فبينا أنا ليلة بذلك الوادي نائما إذ هوى هويُ العقاب ، فقال : خُنافر ، فقلت : شِصار ( وهو اسمه ) ؟؟ فقال : أسمع أقل ، قلت : قل أسمع ، فقال : عِه تغم ، لكل مدة نهاية ، وكل ذي أمد إلى غاية ، قلت : أجل ، فقال : كل دولة إلى أجل ثم يتاح لها حِول ، انتُسخت النِحل ، ورجعت إلى حقائقها الملل ، إنك سجير موصول ، والنصح لك مبذول ، وإني آنست بأرض الشام ، نفر من آل العُذام ، حكاما على الحكام ، يذبرون ( يكتبون أو يقرؤون ) ذا رونق من الكلام ليس بالشعر المؤلف ، ولا السجع المتكلف ، فأصغت فزُجرت ، فعاودت فظلفت ( منعت ) ، فقلت : بم تهينمون وإلام تعتزون ، ؟ قالوا : خطاب كُبار ، جاء من عند الملك الجبار ، فاسمع ياشصار عن أصدق الأخبار ، وأسلك أوضح الآثار ، تنج من أوار النار ، فقلت : وما هذا الكلام ؟ فقالوا : فرقان بين الكفر والإيمان ، رسول من أهل مضر ، من أهل المدر ، ابتعث فظهر ، فجاء بقول قد بهر ، وأوضح نهجا قد دثر ، فيه مواعظ لمن أعتبر ، ومعاذ لمن أزدجر ، أُلف بالآى الكُبر ، قلت : ومن هذا المبعوث من مضر ؟ قال : أحمد خير البشر ، فإن آمنت أعطيت الشبر ( الخير ) وإن خالفت أصليت سقر ، فآمنت ياخنافر ، وأقبلت إليك أبادر ، فجانب كل كافر ، وشايع كل مؤمن طاهر ، وإلا فهو الفراق ، لا عن تلاق ، قلت : من أين أبغي هذا الدين ؟ قال : من ذات الإحرين ، والنفر اليمانين ، أهل الماء والطين ، قلت : أوضح ، قال : الحق بيثرب ذات النخل ، والحرة ذات النعل ، فهناك أهل الطول والفضل ، والمواساة والبذل ، ثم أملَس عني ، فبت مذعورا أراعي الصباح ، فلما برق لي النور امتطيت راحلتي ، وآذنت أعبُدي ، واحتملت بأهلي حتى وردت الجوف ، فرددت الإبل على أربابها بحولها وسقابها، ، وأقبلت أريد صنعاء ، فأصبت بها معاذ بن جبل أميرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبايعته على الإسلام وعلمني سورا من القرآن ، فمن الله علي بالهدى بعد الضلالة ، والعلم بعد الجهالة ، وقلت في ذلك :
ألم تر أن الله عاد بفضله *** فأنقد من لفح الزخيخ خنافرا
وكشف لي عن حجمتي عمامها *** وأوضح لي نهجي وقد كان داثرا
دعاني شصارا للتي لو رفضتها *** لأصليت جمرا من لظى الهوب واهرا
فأصبحت والإسلام حشوا جوانحي *** وجانبت من أمسى عن الحق نائرا
وكان مضلي من هديت برشده *** فلله مغو عاد بالرشد آمرا
نجوت بحمد الله من كل فحمة *** تورث هلكا يوم شايعت شاصرا
وقد امتنى بعد ذاك يحابر *** بما كنت أغشى المنديات يحابرا
فمن مبلغ فتيان قومي ألوكةً *** بأنى من أقتال من كان كافرا
عليكم سواء القصد لا فل حدكم *** فقد أصبح الإسلام للكفر قاهرا
عذرا على الإطالـــــــــة
ذكر أبو علي القالي في كتابه الأمالي الجزء الأول هذه القصة ، آمل أن تحوز على استحسانكم لما تحويه من فوائد دينية ولغوية وأدبية ، كما أرجو منكم عدم التردد في سؤالي ما يشكل عليكم فهمه .
كان خُنافر بن التؤم الحميري كاهنا ، وكان قد أوتي بسطة في الجسم ، وسعة في المال ، وكان عاتيا ، فلما وفدت وفود اليمن على النبي صلى الله عليه وسلم ، وظهر الإسلام أغار على إبل لمراد فاكتسحها وخرج بأهله وماله ولحق بالشحر ، فحالف جودان بن يحي الفرضحي ، وكان سيدا منيعا ، ونزل بواد من أودية الشحر مخصبا كثير الشجر من الأيك والعرين .
قال خنافر : وكان رئي ( صاحبي الجني ) لا يكاد يغيب عني ، فلما شاع الإسلام فقدته مدة طويلة وساءني ذلك ، فبينا أنا ليلة بذلك الوادي نائما إذ هوى هويُ العقاب ، فقال : خُنافر ، فقلت : شِصار ( وهو اسمه ) ؟؟ فقال : أسمع أقل ، قلت : قل أسمع ، فقال : عِه تغم ، لكل مدة نهاية ، وكل ذي أمد إلى غاية ، قلت : أجل ، فقال : كل دولة إلى أجل ثم يتاح لها حِول ، انتُسخت النِحل ، ورجعت إلى حقائقها الملل ، إنك سجير موصول ، والنصح لك مبذول ، وإني آنست بأرض الشام ، نفر من آل العُذام ، حكاما على الحكام ، يذبرون ( يكتبون أو يقرؤون ) ذا رونق من الكلام ليس بالشعر المؤلف ، ولا السجع المتكلف ، فأصغت فزُجرت ، فعاودت فظلفت ( منعت ) ، فقلت : بم تهينمون وإلام تعتزون ، ؟ قالوا : خطاب كُبار ، جاء من عند الملك الجبار ، فاسمع ياشصار عن أصدق الأخبار ، وأسلك أوضح الآثار ، تنج من أوار النار ، فقلت : وما هذا الكلام ؟ فقالوا : فرقان بين الكفر والإيمان ، رسول من أهل مضر ، من أهل المدر ، ابتعث فظهر ، فجاء بقول قد بهر ، وأوضح نهجا قد دثر ، فيه مواعظ لمن أعتبر ، ومعاذ لمن أزدجر ، أُلف بالآى الكُبر ، قلت : ومن هذا المبعوث من مضر ؟ قال : أحمد خير البشر ، فإن آمنت أعطيت الشبر ( الخير ) وإن خالفت أصليت سقر ، فآمنت ياخنافر ، وأقبلت إليك أبادر ، فجانب كل كافر ، وشايع كل مؤمن طاهر ، وإلا فهو الفراق ، لا عن تلاق ، قلت : من أين أبغي هذا الدين ؟ قال : من ذات الإحرين ، والنفر اليمانين ، أهل الماء والطين ، قلت : أوضح ، قال : الحق بيثرب ذات النخل ، والحرة ذات النعل ، فهناك أهل الطول والفضل ، والمواساة والبذل ، ثم أملَس عني ، فبت مذعورا أراعي الصباح ، فلما برق لي النور امتطيت راحلتي ، وآذنت أعبُدي ، واحتملت بأهلي حتى وردت الجوف ، فرددت الإبل على أربابها بحولها وسقابها، ، وأقبلت أريد صنعاء ، فأصبت بها معاذ بن جبل أميرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبايعته على الإسلام وعلمني سورا من القرآن ، فمن الله علي بالهدى بعد الضلالة ، والعلم بعد الجهالة ، وقلت في ذلك :
ألم تر أن الله عاد بفضله *** فأنقد من لفح الزخيخ خنافرا
وكشف لي عن حجمتي عمامها *** وأوضح لي نهجي وقد كان داثرا
دعاني شصارا للتي لو رفضتها *** لأصليت جمرا من لظى الهوب واهرا
فأصبحت والإسلام حشوا جوانحي *** وجانبت من أمسى عن الحق نائرا
وكان مضلي من هديت برشده *** فلله مغو عاد بالرشد آمرا
نجوت بحمد الله من كل فحمة *** تورث هلكا يوم شايعت شاصرا
وقد امتنى بعد ذاك يحابر *** بما كنت أغشى المنديات يحابرا
فمن مبلغ فتيان قومي ألوكةً *** بأنى من أقتال من كان كافرا
عليكم سواء القصد لا فل حدكم *** فقد أصبح الإسلام للكفر قاهرا
عذرا على الإطالـــــــــة