الطارق
10-06-2001, 10:11 PM
حوار مع الحصري
سلمت على محاوري الضرير الذي لا يبصر ورحبت به
وبدأت بسؤالي التالي :
الطارق : أحببنا أن تعرفنا بنفسك ؟!
الحصري القيرواني : أسمي علي بن عبد الغني الفهري الحصري القيرواني ، كنيتي أبو الحسن ، وقد اشتهرت بالشعر والأدب وكنت عالما بالقراءات وطرقها وأقرأت الناس القرآن الكريم ... ( 1 ) واشترت بقيدة الغزلية الراعة التي مطلعها ( يا ليل : الصب متى غده )
الطارق : الحقيقة أن هناك شخص من أقرباءك قد عرف بهذا الأسم ( الحصري القيرواني ) وقد خلط بعض الأدباء * بينك وبينه ؟!
الحصري : نعم فذاك هو أبو إسحاق إبراهيم بن علي التميم ، وهو أبن خالتي وهو مؤلف كتاب ( زهر الأدب وثمر الألباب ) ( 2 )
الطارق : أحببنا أن تعرفنا عن مولدك ؟!
الحصري القيرواني : نعم ... ولدت بالقيروان عام أربعمائة وعشرين الهجرة وقضيت فترة من صباي وشبابي في القيروان .. ( 3 )
الطارق : وغادرتها لسببا ما ، أحببنا أن تذكره ؟!
الحصري : نعم .. خرجت من القيروان بعد نكبتها وخرابها بسبب
انقضاض قبائل بني هلال وبني سليم على القيروان نتيجة الخلاف الذي
نشب بين الفاطميين والمعز بن باديس وتوجيه الفاطميين لهذه القبائل لحرب ابن باديس وكان ذلك سنة أربعمائة تسعة أربعين للهجرة وقد استقريت لفترة بسبتة ( 3 )
الطارق : وقد دخلت الأندلس بعد سنة 450 هـ ؟!
الحصري : نعم .. وقد مدحت ملوكها ومن أشهرهم المعتمد بن عباد وغيره من ملوك الطوائف بالأندلس .. ( 4 )
الطارق : قرأت في وفيات الأعيان أن سبب دخولك الأندلس دعوة بعثها المعتمد بن عباد إليك في القيروان !!
الحصري : قرأت هذا وعجبت من قول صاحب وفيات الأعيان قوله ( بعث المعتمد بن عباد صاحب إشبيلية ....) ( 5 )
فلم يحكم المعتمد بن عباد إشبيلية إلا سنة 461 هـ بعد أبيه المعتضد وقد كان دخولي الأندلس سنة 450 هـ كما ذكرت من قبل ..
الطارق : هل يعني هذا أن ما ذكره ابن خلكان في كتابه ليس بصحيح ؟!
الحصري : حسبي ما قلت ..
الطارق : حسناً ... وقد مدحت المعتمد بن عباد عند موت أبيه العتضد سنة 461هـ ؟!
الحصري : نعم قلت فيه :
مات عباد ولكن
********** بقى النجل الكريم
فكأن الميت حي
********** غير أن الضاد ميم ** ( 6 )
الطارق : وقد تهاداك الملوك فمدحت الكثير من ملوك الطوائف كالمعتصم بن صمادح صاحب المرية وغيرهم ( 6 )
الحصري : أحسنت ... فقد تهادتني الملوك تهادي الرياض بالنسيم ، تنافسوا في تنافس الديار في الأنس المقيم ( 7 )
الطارق : ولم تكتفي بالشعر فقد كنت عالما بالقراءات وطرقها وأقرأت الناس القرآن الكريم بسبته ؟!
الحصري : نعم .. والحمد لله ، ولي قصيدة نظمتها في قراءة نافع عدد أبياتها مائتان وتسعة ( 7 )
الطارق : وقد استقريت بطنجة بالمغرب بعد زال حكم الطوائف وخلعهم من قبل ابن تاشفين سنة 484هـ حتى توفيت سنة 488 هـ ( 7 )
الحصري : نعم ...
الطارق : وقد ألفت عدة كتب أحببنا أن تذكرها ؟!
الحصري : ألفت من الكتب :
( المستحسن من الأشعار )
( اقتراح القريح واجتراح الجريح ) : في رثاء ولد لي
( والقصيدة الحصرية ) : في القراءات
( معشرات الحصري ) : في الغزل والنسيب
وديوان شعر لي ( 8 )
الطارق : أخيرا لك قصيدة تعتبر من روائع الغزل في تاريخ الأدب العربي
عارضها الكثير من الشعراء كنجم الدين القمراوي و ناصف الدين الأرجاني و أحمد شوقي وإسماعيل صبري وغيرهم ( 9 )
كما اعتبرها فاروق شوشة أحد أحلى 20 قصيدة حب في تاريخ الشعر العربي وغنتها فيروز .. أحببنا أن تلقيها علينا .
الحصري : نعم .
القصيدة :
يا ليل : الصب متى غده ؟
***************** أقيام الساعة موعده
رقـــد السمار فأرقــه
***************** أسف للبين يردده
فبكاه النجم ورق له
***************** مما يرعاه ويرصده
كلِف بغزالٍ ذي هيفٍ
***************** خوف الواشين يشرده
نصبت عيناي له شركا
***************** في النوم فعز تصيده
وكفى عجباً أني قنِص
***************** للسرب سباني أغيده
صنم للفتنة منتصب
***************** أهواه ولا أتعبده
صاح ، والخمر جنى فمِهِ
***************** سكران اللحظ معربده
فيريق دم العشاق به
***************** والويل لمن يتقلده
كلا ، لا ذنب لمن قتلت
***************** عيناهُ ولم تقتل يدُه
يا من جحدت عيناه دمي
***************** وعلى خديه تورده
خداك قد اعترف بدمي
***************** فعلام جفونك تجحِدهُ
إني لأعيذك من قتلي
***************** وأظنك لا تتعمده
بالله هب المشتاق كرى
***************** فلعل خيالك يسعده
ما ضرك لو داويت ضنى
***************** صب يضنيك وتبعده
لم يبقى هواك له رمقاً
***************** فليبك عليه عُوده
وغداً يقضي أن بعد غدٍ
***************** هل من نظرٍ يتزودهُ
يا أهل الشوق لنا شرقٌ
***************** بالدمع يفيض مُوردهُ
يهوي المشتاق لقاءكمو
***************** وصروف الدهر تبعده
ما أحلى الوصل أعذبه
***************** لولا الأيام تنكده
بالبين وبالهجران ، فينا
***************** لفؤادي .. كيف تجلده !
الطارق : رائع ... لم يبقى من شيء إلا شكري لك ...
الهوامش :
* خلط حسن الكرمي صاحب كتاب ( قول على قول ) بين الاثنين فقد سأل عن ما هي قصيدة : يا ليل الصبُ متى غده
فقال : ( أنها للشاعر ( أبي الحسن ) علي بن عبد الغني الضرير المتوفي بالقيروان المعروف ( بأبي اسحاق ) الحُصري القيرواني جامع كتاب ( زهر الأدب ) اهـ
والعجيب أنه قال في البداية ( أبي الحسن ) ثم قال ( أبي اسححاق ) ورغم هذا لم ينتبه لها !!
** أي لم يفرق ا عدى الحرفين من المعتضد إلى المعتمد
المصادر :
( 1 ) وفيات الأعيان : ج3 / ص331 ، 332 .
( 2 ) وفيات الأعيان : ج1 / ص 54
( 3 ) أحلى 20 قصيدة حب : ص188
( 4 ) معجم الأدباء : ج14 : ص41
( 5 ) وفيات الأعيان : ج3 / ص333
( 6 ) معجم الأدباء : 14 / ص 40
( 7 ) وفيات الأعيان : ج3 / ص 332 ، 334
( 8 ) الأعلام : ج 4 / ص 301
( 9 ) قول على قول : ج9 / ص 76 ، 77
سلمت على محاوري الضرير الذي لا يبصر ورحبت به
وبدأت بسؤالي التالي :
الطارق : أحببنا أن تعرفنا بنفسك ؟!
الحصري القيرواني : أسمي علي بن عبد الغني الفهري الحصري القيرواني ، كنيتي أبو الحسن ، وقد اشتهرت بالشعر والأدب وكنت عالما بالقراءات وطرقها وأقرأت الناس القرآن الكريم ... ( 1 ) واشترت بقيدة الغزلية الراعة التي مطلعها ( يا ليل : الصب متى غده )
الطارق : الحقيقة أن هناك شخص من أقرباءك قد عرف بهذا الأسم ( الحصري القيرواني ) وقد خلط بعض الأدباء * بينك وبينه ؟!
الحصري : نعم فذاك هو أبو إسحاق إبراهيم بن علي التميم ، وهو أبن خالتي وهو مؤلف كتاب ( زهر الأدب وثمر الألباب ) ( 2 )
الطارق : أحببنا أن تعرفنا عن مولدك ؟!
الحصري القيرواني : نعم ... ولدت بالقيروان عام أربعمائة وعشرين الهجرة وقضيت فترة من صباي وشبابي في القيروان .. ( 3 )
الطارق : وغادرتها لسببا ما ، أحببنا أن تذكره ؟!
الحصري : نعم .. خرجت من القيروان بعد نكبتها وخرابها بسبب
انقضاض قبائل بني هلال وبني سليم على القيروان نتيجة الخلاف الذي
نشب بين الفاطميين والمعز بن باديس وتوجيه الفاطميين لهذه القبائل لحرب ابن باديس وكان ذلك سنة أربعمائة تسعة أربعين للهجرة وقد استقريت لفترة بسبتة ( 3 )
الطارق : وقد دخلت الأندلس بعد سنة 450 هـ ؟!
الحصري : نعم .. وقد مدحت ملوكها ومن أشهرهم المعتمد بن عباد وغيره من ملوك الطوائف بالأندلس .. ( 4 )
الطارق : قرأت في وفيات الأعيان أن سبب دخولك الأندلس دعوة بعثها المعتمد بن عباد إليك في القيروان !!
الحصري : قرأت هذا وعجبت من قول صاحب وفيات الأعيان قوله ( بعث المعتمد بن عباد صاحب إشبيلية ....) ( 5 )
فلم يحكم المعتمد بن عباد إشبيلية إلا سنة 461 هـ بعد أبيه المعتضد وقد كان دخولي الأندلس سنة 450 هـ كما ذكرت من قبل ..
الطارق : هل يعني هذا أن ما ذكره ابن خلكان في كتابه ليس بصحيح ؟!
الحصري : حسبي ما قلت ..
الطارق : حسناً ... وقد مدحت المعتمد بن عباد عند موت أبيه العتضد سنة 461هـ ؟!
الحصري : نعم قلت فيه :
مات عباد ولكن
********** بقى النجل الكريم
فكأن الميت حي
********** غير أن الضاد ميم ** ( 6 )
الطارق : وقد تهاداك الملوك فمدحت الكثير من ملوك الطوائف كالمعتصم بن صمادح صاحب المرية وغيرهم ( 6 )
الحصري : أحسنت ... فقد تهادتني الملوك تهادي الرياض بالنسيم ، تنافسوا في تنافس الديار في الأنس المقيم ( 7 )
الطارق : ولم تكتفي بالشعر فقد كنت عالما بالقراءات وطرقها وأقرأت الناس القرآن الكريم بسبته ؟!
الحصري : نعم .. والحمد لله ، ولي قصيدة نظمتها في قراءة نافع عدد أبياتها مائتان وتسعة ( 7 )
الطارق : وقد استقريت بطنجة بالمغرب بعد زال حكم الطوائف وخلعهم من قبل ابن تاشفين سنة 484هـ حتى توفيت سنة 488 هـ ( 7 )
الحصري : نعم ...
الطارق : وقد ألفت عدة كتب أحببنا أن تذكرها ؟!
الحصري : ألفت من الكتب :
( المستحسن من الأشعار )
( اقتراح القريح واجتراح الجريح ) : في رثاء ولد لي
( والقصيدة الحصرية ) : في القراءات
( معشرات الحصري ) : في الغزل والنسيب
وديوان شعر لي ( 8 )
الطارق : أخيرا لك قصيدة تعتبر من روائع الغزل في تاريخ الأدب العربي
عارضها الكثير من الشعراء كنجم الدين القمراوي و ناصف الدين الأرجاني و أحمد شوقي وإسماعيل صبري وغيرهم ( 9 )
كما اعتبرها فاروق شوشة أحد أحلى 20 قصيدة حب في تاريخ الشعر العربي وغنتها فيروز .. أحببنا أن تلقيها علينا .
الحصري : نعم .
القصيدة :
يا ليل : الصب متى غده ؟
***************** أقيام الساعة موعده
رقـــد السمار فأرقــه
***************** أسف للبين يردده
فبكاه النجم ورق له
***************** مما يرعاه ويرصده
كلِف بغزالٍ ذي هيفٍ
***************** خوف الواشين يشرده
نصبت عيناي له شركا
***************** في النوم فعز تصيده
وكفى عجباً أني قنِص
***************** للسرب سباني أغيده
صنم للفتنة منتصب
***************** أهواه ولا أتعبده
صاح ، والخمر جنى فمِهِ
***************** سكران اللحظ معربده
فيريق دم العشاق به
***************** والويل لمن يتقلده
كلا ، لا ذنب لمن قتلت
***************** عيناهُ ولم تقتل يدُه
يا من جحدت عيناه دمي
***************** وعلى خديه تورده
خداك قد اعترف بدمي
***************** فعلام جفونك تجحِدهُ
إني لأعيذك من قتلي
***************** وأظنك لا تتعمده
بالله هب المشتاق كرى
***************** فلعل خيالك يسعده
ما ضرك لو داويت ضنى
***************** صب يضنيك وتبعده
لم يبقى هواك له رمقاً
***************** فليبك عليه عُوده
وغداً يقضي أن بعد غدٍ
***************** هل من نظرٍ يتزودهُ
يا أهل الشوق لنا شرقٌ
***************** بالدمع يفيض مُوردهُ
يهوي المشتاق لقاءكمو
***************** وصروف الدهر تبعده
ما أحلى الوصل أعذبه
***************** لولا الأيام تنكده
بالبين وبالهجران ، فينا
***************** لفؤادي .. كيف تجلده !
الطارق : رائع ... لم يبقى من شيء إلا شكري لك ...
الهوامش :
* خلط حسن الكرمي صاحب كتاب ( قول على قول ) بين الاثنين فقد سأل عن ما هي قصيدة : يا ليل الصبُ متى غده
فقال : ( أنها للشاعر ( أبي الحسن ) علي بن عبد الغني الضرير المتوفي بالقيروان المعروف ( بأبي اسحاق ) الحُصري القيرواني جامع كتاب ( زهر الأدب ) اهـ
والعجيب أنه قال في البداية ( أبي الحسن ) ثم قال ( أبي اسححاق ) ورغم هذا لم ينتبه لها !!
** أي لم يفرق ا عدى الحرفين من المعتضد إلى المعتمد
المصادر :
( 1 ) وفيات الأعيان : ج3 / ص331 ، 332 .
( 2 ) وفيات الأعيان : ج1 / ص 54
( 3 ) أحلى 20 قصيدة حب : ص188
( 4 ) معجم الأدباء : ج14 : ص41
( 5 ) وفيات الأعيان : ج3 / ص333
( 6 ) معجم الأدباء : 14 / ص 40
( 7 ) وفيات الأعيان : ج3 / ص 332 ، 334
( 8 ) الأعلام : ج 4 / ص 301
( 9 ) قول على قول : ج9 / ص 76 ، 77