سردال
02-04-2003, 02:36 AM
المصدر: جريدة البيان (http://www.albayan.co.ae/albayan/book)
صورة الغلاف:
http://www.albayan.co.ae/albayan/book/2003/issue256/photos/13.gif
المؤلف: سكوت رايتر وويليام ريفيرز بيت.
http://i.cnn.net/cnn/2002/WORLD/meast/09/08/ritter.cnna/story.ritter.jpg
الناشر: بروفايل بوكس ـ لندن 2003
الصفحات: 78 صفحة من القطع الصغير
هذا الكتاب مؤلف من قبل شخصين في الواقع. الاول هو سكوت ريتر المفتش السابق عن الاسلحة في العراق. وقبل ذلك كان ضابطاً في سلك البحرية الاميركية. وهو ينتمي الى الحزب الجمهوري في اميركا وقد صوت لجورج دبليو بوش في الانتخابات الاخيرة ولكنه معارض عنيد للحرب الوقائية. والثاني هو ويليام ريفيرز بيت، احد الخبراء الاميركان في شئون الشرق الاوسط. وهو يعيش في مدينة بوسطن وهو الذي الف الكتاب بالفعل بعد ان اجرى عدة مقابلات مع الاول. ويهدف الكتاب الى التكذيب القاطع لآراء فريق بوش حول العراق فهذا الفريق اليميني المؤلف من مجموعة من الصقور يريد ان يوهمنا بأن الحرب الوقائية على العراق شيء ضروري بل وشرعي، ثم يختلق عدة حجج وهمية لا اساس لها من الصحة ويحاول نشرها في العالم عن طريق وسائل الاعلام الجبارة. ولكن الكتاب يفند هذه الحجج الواحدة بعد الاخرى ويقول لنا بما معناه:1 ـ لا توجد اي علاقة بين نظام صدام حسين والقاعدة، 2 ـ اسلحة العراق من كيماوية وبيولوجية أو ذرية، كانت قد دمرت خلال السنوات القليلة التي تلت حرب الخليج وعاصفة الصحراء، 3 ـ ان الاقمار الصناعية وطائرات التجسس قادرة على الكشف عن اسلحة الدمار الشامل لو انها كانت موجودة في العراق او لو انه كان ينتجها حاليا. 4 ـ ان الحصار المفروض على العراق يحرمه من المواد الاولية والوسائل التكنولوجية الضرورية لصناعة هذه الاسلحة، 5 ـ ان تغيير النظام بالقوة لن يؤدي الى الديمقراطية، 6 ـ واخيرا فإن نتائج الحرب ستكون خطرة على منطقة الشرق الاوسط بأسرها وربما ادت الى اندلاع حرب ذرية!
في المقدمة العامة لهذا الكتاب الصغير من حيث الحجم والقوي من حيث المحتوى والمضمون يقول الباحث الاميركي ويليام ريفيرز بيت ما معناه:
ان جورج دبليو بوش يقف الآن امام معضلة رهيبة تدعى العراق، وهي مشكلة كانت اميركا قد ساهمت في تشكيلها عن طريق تدخلها في منطقة الشرق الاوسط منذ عدة عقود من السنين ولكن ساهم في تشكيلها ايضا قادة المنطقة من امثال شاه ايران، والخميني وصدام حسين بالطبع.
ان رؤساء اميركا المتعاقبين من ترومان، الى نيكسون، الى كارتر، الى ريغان، الى كلينتون، الى بوش الأب، وبوش الابن كلهم مسئولون عن هذه المعضلة التي تشغل العالم حالياً، انها مشكلة معقدة يختلط فيها النفط بالدم، بالسلطة، بالحرب الباردة. ولكن حرب بوش قد تؤدي الى الفوضى لا الى النظام الديمقراطي المستقر الذي يحلم به، لقد انخرط بوش كثيراً في التحضير لحرب العراق، ووظف الكثير من الجهود والاموال الى درجة انه اصبح سجين الوضع ، ولم يعد يستطيع التراجع لان الثمن السياسي سيكون باهظاً بالنسبة له. وبالتالي فالحرب محتومة الوقوع للاسف الشديد. وقد قال ريتشارد بيرل مستشار وزارة الدفاع، واحد المسئولين الكبار عن الحرب بأن على بوش ان يسير حتى النهاية لكي يحافظ على هيبته أو سمعته السياسية.
في الواقع ان هناك مجموعة رجال يدفعون ببوش نحو الحرب، نذكر من بينهم: دونالد رامسفيلد «وزير الدفاع»، وبول وولفيتز «نائب وزير الدفاع» وريتشارد بيرل نفسه، وهم يقولون له: لا تخف، العملية ستكون بسيطة مثل ما حصل في حرب الخليج السابقة عندما هزم العراق بسرعة مذهلة وبأقل التكاليف، وبعدئذ يمكن ان نقيم نظاماً جديداً في العراق وتنتشر الديمقراطية في شتى انحاء المنطقة.. وهكذا نقدم خدمة كبيرة للبشرية بازاحة صدام الذي يمتلك اسلحة الدمار الشامل الخ.. ثم يضيفون قائلين لكي يخوفوا بوش اكثر: ان صدام قد يعطي اسلحة الدمار الشامل هذه الى اسامة بن لادن فتخيل ماذا سيحصل عندئذ؟!
على هذا النحو استطاع هؤلاء الصقور اقناع بوش بشن الحرب على العراق. ثم يضيف المؤلف قائلاً: لا ريب في ان صدام حسين هو واحد من اخطر الرجال الموجودين حالياً على سطح الارض هذا شيء مفروغ منه، وموقفنا ضد الحرب لا يعني الدفاع عنه، انه طاغية يحكم بلاده عن طريق التخويف والعنف. ولو استطاع لهاجم ايران والكويت والسعودية مرة اخرى من اجل زيادة سلطته في المنطقة.
ويضيف لا ريب في ان صدام حسين هو مشكلة بالنسبة للمنطقة ولكن نحن الذين صنعناه مثلما نصنع الكوكاكولا، فالحكومة الاميركية هي التي دعمت نظامه طيلة حربه مع ايران وفي اثناء تلك الحرب استخدم الاسلحة الكيماوية بمعرفتنا واستفاد من اسلحتنا ونقودنا ومخابراتنا العسكرية، ولم نحرك ساكناً، كنا راضين عنه آنذاك لانه يقابل عدونا المشترك «الخميني» ثم بعد ذلك وعندما حصلت عاصفة الصحراء وطردناه من الكويت لم نشأ القضاء عليه على الرغم من ان ذلك كان امراً ميسوراً بل وتركناه يسحق الانتفاضة الشعبية بالحديد والدم ونحن نتفرج على بعد خطوات، ويتابع: «يتحدث خبراء بوش عن اقامة نظام ديمقراطي في العراق بعد اسقاط صدام، ولكنهم مجانين! فالنظام الديمقراطي هناك مضاد لمصالحنا الوطنية، لماذا؟ لان النظام الديمقراطي يعني حكم الاغلبية ومن هم الاغلبية في العراق؟ انهم الشيعة! والشيعة مرتبطون مذهبياً وايديولوجياً بايران، واذا ما سمحنا لهم بحكم العراق فهذا يعني ان هذه البلد سوف يسقط في يد جماعة من الاصوليين المتزمتين.
فهل يمكن ان نضع في ايديهم كل الاحتياطيات البترولية الضخمة للعراق، ألا يكفينا آيات الله في طهران حتى نضيف اليهم آيات في بغداد؟ ويضيف المؤلف ضمن نفس المقتطف: هناك حل ثان هو ان نعطي الحكم للاكراد العراقيين ولكن هناك مشكلة تعترض ذلك وبالاحرى مشكلتان فالاكراد اقلية لا يتجاوز عددها 23% يضاف الى ذلك انهم اعداء «الداء للاتراك» وحليفتنا تركيا لن تقبل بأن يسيطروا على مقاليد الحكم في العراق لانها تخشى من ان ينضم اليهم اكراد تركيا ذاتها وعددهم بالملايين.
بقي امامنا حل اخير هو ان نبقي الحكم في ايدي جماعة صدام ولكن المشكلة هي ان عددهم لا يتجاوز نسبة 17% من سكان العراق، يضاف الى ذلك ان القبائل والعشائر قد تفرز حاكما لا يقل همجية وعنفاً عن صدام ذاته، وبالتالي فلماذا نزيحه اذا كان سيحل محله ديكتاتور آخر ابشع منه؟! ويرى المؤلف بأن مشكلة العراق معضلة بالفعل وليس من السهل على بوش ان يحلها اذ انه ورط نفسه في ورطة كبيرة فالمنطقة عبارة عن برميل من البارود واذا ما انفجر فسوف يحترق الشرق الاوسط كله، يقول ان المعركة ضد الارهاب سوف تفلت من ايدينا لان المجموعات الاصولية المتطرفة سوف تكثر كثيراً، وكذلك اعمال الانتحاريين وسواها وهكذا نكون قد سببنا لانفسنا مشكلة اكبر من السابقة.
ويعتقد المؤلف بأن الحل الحقيقي لمشكلة العراق والشرق الاوسط يتطلب وقتاً كبيراً وطويلاً فالتغيير الثقافي في العراق سوف يستغرق عدة عقود من السنين. وعندئذ سوف يعود العراق الى سابق عهده قبل ان يستلم حكمه صدام حسين، سوف يصبح اقوى واغنى بلد في منطقة الشرق الاوسط واكثر تقدماً. واذا ما حصل تطور للطبقة الوسطى في العراق، واذا ما تغيرت العقليات وحصل الانفتاح على القيم الديمقراطية والحضارية فإن نظام صدام حسين القمعي سوف يسقط من تلقاء ذاته.
ولكن الحل البديل عن ذلك هو حرب مدمرة، حرب كارثية واخطر مما يتوقع صقور بوش، وسوف يسقط خلالها عشرات الآلاف من المدنيين العراقيين، ومئات ان لم يكن آلاف الجنود الاميركيين هذا ناهيك عن ادانة الجماعة الدولية لاميركا وانفجار غضب عارم في العالم الاسلامي ضدنا، وظهور قائد عراقي جديد لا يقل سوءا عن صدام فهل هذا ما نريد؟ وهل يعني صقور واشنطن خطورة المغامرة التي يدفعون بوش اليها؟ يتساءل المؤلف:
يحتوي هذا الكتاب فصلاً كاملاً بعنوان العراق في القرن العشرين تاريخ مختصر وفيه يقول بأن العراق أمة صناعية يبلغ عدد سكانه عشرين مليون نسمة أو اكثر. ويمكن القول بأن آثار الاستعمار الانجليزي وتدخل الولايات المتحدة والقيادة الخطرة التي تقف على رأسه، والحرب الباردة، ومسألة النفط، كل ذلك هي اشياء هيمنت على تاريخ العراق طيلة القرن العشرين.
وربما انه يحتوي على اكبر احتياطي للبترول العالمي بعد السعودية فإن الامم الصناعية الغربية تتنافس عليه، ولا يمكن فهم ما يحصل في العراق من احداث اذا لم تأخذ هذه النقطة بعين الاعتبار يضاف الى ذلك التنافس الحامي عليه اثناء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي واميركا.
ولا يمكن فهم الصراع الايراني العراقي ان لم نأخذ مسألة الحرب الباردة على محمل الجد. فايران في ظل الشاه كانت تابعة كلياً لاميركا ولكن انتصار الخميني عام 1979 غير كل المعطيات في المنطقة وقلب كل التحالفات فلم تعد اميركا صديقة لايران وانما عدوة لدودة، وعندئذ راحت اميركا تدعم صدام حسين لاحراج النظام في ايران او حتى اسقاطه، ولم يكن من قبيل الصدفة ان صدام حسين قام في نفس اللحظة تقريباً بانقلاب داخلي على احمد حسن البكر ويؤكد المؤلف بأن صدام كان قد اقام نظاماً استخبارياً كبيراً في العراق، وبالتالي فلم يكن من الصعب عليه ان يزيح البكر ويحل محله.
ولكنه في اليوم الموعود جمع قادة الحزب من مدنيين وعسكريين في قاعة واحدة وراح يقلد اسماءهم الواحد بعد الآخر في جو من الصمت والرعب وكلما ذكر اسم احدهم جاء البوليس السري واخرجه من القاعة امام الجميع ووضع رصاصة في رأسه.
كان يوماً دموياً مرعباً، وبدءاً من ذلك اليوم لم يتجرأ احد في العراق على منافسة صدام حسين او الوقوف في وجهه يؤكد المؤلف ويرى المؤلف بأنه ليس من قبيل المصادفة ان زبجنيو بريجينسكي مستشار كارتر للامن القومي، راح عقب ذلك يشجع العراق علنياً على مهاجمة ايران واحتلال مياه شط العرب! فالواقع ان النفوذ السوفييتي ازداد في ايران بعد سقوط الشاه. وخافت اميركا عندئذ من ان تفقد مواقعها في منطقة الخليج ولذلك راحت لأول مرة تراهن على صدام وتدعمه من اجل ازعاج ايران والانتقام منها.
ولذلك وفي العام نفسه راح جيش صدام يغزو ايران.. ودخل صدام عندئذ في حرب مدمرة لا تبقي ولا تذر.. وتورط فيها لمدة ثماني سنوات وكان شبح اميركا يقف خلف صدام ويحثه على المغامرة بشكل مباشر او غير مباشر وعندما وصل الى رونالد ريغان الى السلطة زاد دعم اميركا للعراق، واصبحت تسلح صدام بكل قوة بل وتساعده في الحرب بشكل غير مباشر وفي عام 1982 ازيل اسم العراق من لائحة الدول الداعمة للارهاب.
ثم اعادت اميركا علاقاتها الكاملة مع العراق عام 1984 وراحت مخابراتها العسكرية تساعد جيش صدام ضد ايران فالاقمار الاصطناعية كانت تصور مواقع الجيش الايراني وتقدم الصور الى رئاسة اركان الجيش العراقي لكي تستفيد منها وتعرف كيف تتحرك وتضرب وفي عهد ريغان ابتدأت تنعقد خيوط الازمة الحالية، فالانخراط الاميركي هناك اصبح غامضاً وملتبساً من الناحية الاخلاقية، ان الخوف الاميركي من ايران جعلها تقبل بتصرفات مرعبة ارتكبها العراق في تلك الفترة، وبخاصة استخدام السلاح الكيماوي ضد القوات الايرانية وضد الاكراد في حلبجة.
كتب أخرى ملخصة حول العراق في العدد الأخير من بيان الكتب:
1) البازار الكبير (http://www.albayan.co.ae/albayan/book/2003/issue256/foriegnlib/1.htm)
2) العراق - سيرة حرب مرغوبة يتم فيها خداع للرأي العالمي وفرق الشرعية الدولية (http://www.albayan.co.ae/albayan/book/2003/issue256/foriegnlib/2.htm)
صورة الغلاف:
http://www.albayan.co.ae/albayan/book/2003/issue256/photos/13.gif
المؤلف: سكوت رايتر وويليام ريفيرز بيت.
http://i.cnn.net/cnn/2002/WORLD/meast/09/08/ritter.cnna/story.ritter.jpg
الناشر: بروفايل بوكس ـ لندن 2003
الصفحات: 78 صفحة من القطع الصغير
هذا الكتاب مؤلف من قبل شخصين في الواقع. الاول هو سكوت ريتر المفتش السابق عن الاسلحة في العراق. وقبل ذلك كان ضابطاً في سلك البحرية الاميركية. وهو ينتمي الى الحزب الجمهوري في اميركا وقد صوت لجورج دبليو بوش في الانتخابات الاخيرة ولكنه معارض عنيد للحرب الوقائية. والثاني هو ويليام ريفيرز بيت، احد الخبراء الاميركان في شئون الشرق الاوسط. وهو يعيش في مدينة بوسطن وهو الذي الف الكتاب بالفعل بعد ان اجرى عدة مقابلات مع الاول. ويهدف الكتاب الى التكذيب القاطع لآراء فريق بوش حول العراق فهذا الفريق اليميني المؤلف من مجموعة من الصقور يريد ان يوهمنا بأن الحرب الوقائية على العراق شيء ضروري بل وشرعي، ثم يختلق عدة حجج وهمية لا اساس لها من الصحة ويحاول نشرها في العالم عن طريق وسائل الاعلام الجبارة. ولكن الكتاب يفند هذه الحجج الواحدة بعد الاخرى ويقول لنا بما معناه:1 ـ لا توجد اي علاقة بين نظام صدام حسين والقاعدة، 2 ـ اسلحة العراق من كيماوية وبيولوجية أو ذرية، كانت قد دمرت خلال السنوات القليلة التي تلت حرب الخليج وعاصفة الصحراء، 3 ـ ان الاقمار الصناعية وطائرات التجسس قادرة على الكشف عن اسلحة الدمار الشامل لو انها كانت موجودة في العراق او لو انه كان ينتجها حاليا. 4 ـ ان الحصار المفروض على العراق يحرمه من المواد الاولية والوسائل التكنولوجية الضرورية لصناعة هذه الاسلحة، 5 ـ ان تغيير النظام بالقوة لن يؤدي الى الديمقراطية، 6 ـ واخيرا فإن نتائج الحرب ستكون خطرة على منطقة الشرق الاوسط بأسرها وربما ادت الى اندلاع حرب ذرية!
في المقدمة العامة لهذا الكتاب الصغير من حيث الحجم والقوي من حيث المحتوى والمضمون يقول الباحث الاميركي ويليام ريفيرز بيت ما معناه:
ان جورج دبليو بوش يقف الآن امام معضلة رهيبة تدعى العراق، وهي مشكلة كانت اميركا قد ساهمت في تشكيلها عن طريق تدخلها في منطقة الشرق الاوسط منذ عدة عقود من السنين ولكن ساهم في تشكيلها ايضا قادة المنطقة من امثال شاه ايران، والخميني وصدام حسين بالطبع.
ان رؤساء اميركا المتعاقبين من ترومان، الى نيكسون، الى كارتر، الى ريغان، الى كلينتون، الى بوش الأب، وبوش الابن كلهم مسئولون عن هذه المعضلة التي تشغل العالم حالياً، انها مشكلة معقدة يختلط فيها النفط بالدم، بالسلطة، بالحرب الباردة. ولكن حرب بوش قد تؤدي الى الفوضى لا الى النظام الديمقراطي المستقر الذي يحلم به، لقد انخرط بوش كثيراً في التحضير لحرب العراق، ووظف الكثير من الجهود والاموال الى درجة انه اصبح سجين الوضع ، ولم يعد يستطيع التراجع لان الثمن السياسي سيكون باهظاً بالنسبة له. وبالتالي فالحرب محتومة الوقوع للاسف الشديد. وقد قال ريتشارد بيرل مستشار وزارة الدفاع، واحد المسئولين الكبار عن الحرب بأن على بوش ان يسير حتى النهاية لكي يحافظ على هيبته أو سمعته السياسية.
في الواقع ان هناك مجموعة رجال يدفعون ببوش نحو الحرب، نذكر من بينهم: دونالد رامسفيلد «وزير الدفاع»، وبول وولفيتز «نائب وزير الدفاع» وريتشارد بيرل نفسه، وهم يقولون له: لا تخف، العملية ستكون بسيطة مثل ما حصل في حرب الخليج السابقة عندما هزم العراق بسرعة مذهلة وبأقل التكاليف، وبعدئذ يمكن ان نقيم نظاماً جديداً في العراق وتنتشر الديمقراطية في شتى انحاء المنطقة.. وهكذا نقدم خدمة كبيرة للبشرية بازاحة صدام الذي يمتلك اسلحة الدمار الشامل الخ.. ثم يضيفون قائلين لكي يخوفوا بوش اكثر: ان صدام قد يعطي اسلحة الدمار الشامل هذه الى اسامة بن لادن فتخيل ماذا سيحصل عندئذ؟!
على هذا النحو استطاع هؤلاء الصقور اقناع بوش بشن الحرب على العراق. ثم يضيف المؤلف قائلاً: لا ريب في ان صدام حسين هو واحد من اخطر الرجال الموجودين حالياً على سطح الارض هذا شيء مفروغ منه، وموقفنا ضد الحرب لا يعني الدفاع عنه، انه طاغية يحكم بلاده عن طريق التخويف والعنف. ولو استطاع لهاجم ايران والكويت والسعودية مرة اخرى من اجل زيادة سلطته في المنطقة.
ويضيف لا ريب في ان صدام حسين هو مشكلة بالنسبة للمنطقة ولكن نحن الذين صنعناه مثلما نصنع الكوكاكولا، فالحكومة الاميركية هي التي دعمت نظامه طيلة حربه مع ايران وفي اثناء تلك الحرب استخدم الاسلحة الكيماوية بمعرفتنا واستفاد من اسلحتنا ونقودنا ومخابراتنا العسكرية، ولم نحرك ساكناً، كنا راضين عنه آنذاك لانه يقابل عدونا المشترك «الخميني» ثم بعد ذلك وعندما حصلت عاصفة الصحراء وطردناه من الكويت لم نشأ القضاء عليه على الرغم من ان ذلك كان امراً ميسوراً بل وتركناه يسحق الانتفاضة الشعبية بالحديد والدم ونحن نتفرج على بعد خطوات، ويتابع: «يتحدث خبراء بوش عن اقامة نظام ديمقراطي في العراق بعد اسقاط صدام، ولكنهم مجانين! فالنظام الديمقراطي هناك مضاد لمصالحنا الوطنية، لماذا؟ لان النظام الديمقراطي يعني حكم الاغلبية ومن هم الاغلبية في العراق؟ انهم الشيعة! والشيعة مرتبطون مذهبياً وايديولوجياً بايران، واذا ما سمحنا لهم بحكم العراق فهذا يعني ان هذه البلد سوف يسقط في يد جماعة من الاصوليين المتزمتين.
فهل يمكن ان نضع في ايديهم كل الاحتياطيات البترولية الضخمة للعراق، ألا يكفينا آيات الله في طهران حتى نضيف اليهم آيات في بغداد؟ ويضيف المؤلف ضمن نفس المقتطف: هناك حل ثان هو ان نعطي الحكم للاكراد العراقيين ولكن هناك مشكلة تعترض ذلك وبالاحرى مشكلتان فالاكراد اقلية لا يتجاوز عددها 23% يضاف الى ذلك انهم اعداء «الداء للاتراك» وحليفتنا تركيا لن تقبل بأن يسيطروا على مقاليد الحكم في العراق لانها تخشى من ان ينضم اليهم اكراد تركيا ذاتها وعددهم بالملايين.
بقي امامنا حل اخير هو ان نبقي الحكم في ايدي جماعة صدام ولكن المشكلة هي ان عددهم لا يتجاوز نسبة 17% من سكان العراق، يضاف الى ذلك ان القبائل والعشائر قد تفرز حاكما لا يقل همجية وعنفاً عن صدام ذاته، وبالتالي فلماذا نزيحه اذا كان سيحل محله ديكتاتور آخر ابشع منه؟! ويرى المؤلف بأن مشكلة العراق معضلة بالفعل وليس من السهل على بوش ان يحلها اذ انه ورط نفسه في ورطة كبيرة فالمنطقة عبارة عن برميل من البارود واذا ما انفجر فسوف يحترق الشرق الاوسط كله، يقول ان المعركة ضد الارهاب سوف تفلت من ايدينا لان المجموعات الاصولية المتطرفة سوف تكثر كثيراً، وكذلك اعمال الانتحاريين وسواها وهكذا نكون قد سببنا لانفسنا مشكلة اكبر من السابقة.
ويعتقد المؤلف بأن الحل الحقيقي لمشكلة العراق والشرق الاوسط يتطلب وقتاً كبيراً وطويلاً فالتغيير الثقافي في العراق سوف يستغرق عدة عقود من السنين. وعندئذ سوف يعود العراق الى سابق عهده قبل ان يستلم حكمه صدام حسين، سوف يصبح اقوى واغنى بلد في منطقة الشرق الاوسط واكثر تقدماً. واذا ما حصل تطور للطبقة الوسطى في العراق، واذا ما تغيرت العقليات وحصل الانفتاح على القيم الديمقراطية والحضارية فإن نظام صدام حسين القمعي سوف يسقط من تلقاء ذاته.
ولكن الحل البديل عن ذلك هو حرب مدمرة، حرب كارثية واخطر مما يتوقع صقور بوش، وسوف يسقط خلالها عشرات الآلاف من المدنيين العراقيين، ومئات ان لم يكن آلاف الجنود الاميركيين هذا ناهيك عن ادانة الجماعة الدولية لاميركا وانفجار غضب عارم في العالم الاسلامي ضدنا، وظهور قائد عراقي جديد لا يقل سوءا عن صدام فهل هذا ما نريد؟ وهل يعني صقور واشنطن خطورة المغامرة التي يدفعون بوش اليها؟ يتساءل المؤلف:
يحتوي هذا الكتاب فصلاً كاملاً بعنوان العراق في القرن العشرين تاريخ مختصر وفيه يقول بأن العراق أمة صناعية يبلغ عدد سكانه عشرين مليون نسمة أو اكثر. ويمكن القول بأن آثار الاستعمار الانجليزي وتدخل الولايات المتحدة والقيادة الخطرة التي تقف على رأسه، والحرب الباردة، ومسألة النفط، كل ذلك هي اشياء هيمنت على تاريخ العراق طيلة القرن العشرين.
وربما انه يحتوي على اكبر احتياطي للبترول العالمي بعد السعودية فإن الامم الصناعية الغربية تتنافس عليه، ولا يمكن فهم ما يحصل في العراق من احداث اذا لم تأخذ هذه النقطة بعين الاعتبار يضاف الى ذلك التنافس الحامي عليه اثناء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي واميركا.
ولا يمكن فهم الصراع الايراني العراقي ان لم نأخذ مسألة الحرب الباردة على محمل الجد. فايران في ظل الشاه كانت تابعة كلياً لاميركا ولكن انتصار الخميني عام 1979 غير كل المعطيات في المنطقة وقلب كل التحالفات فلم تعد اميركا صديقة لايران وانما عدوة لدودة، وعندئذ راحت اميركا تدعم صدام حسين لاحراج النظام في ايران او حتى اسقاطه، ولم يكن من قبيل الصدفة ان صدام حسين قام في نفس اللحظة تقريباً بانقلاب داخلي على احمد حسن البكر ويؤكد المؤلف بأن صدام كان قد اقام نظاماً استخبارياً كبيراً في العراق، وبالتالي فلم يكن من الصعب عليه ان يزيح البكر ويحل محله.
ولكنه في اليوم الموعود جمع قادة الحزب من مدنيين وعسكريين في قاعة واحدة وراح يقلد اسماءهم الواحد بعد الآخر في جو من الصمت والرعب وكلما ذكر اسم احدهم جاء البوليس السري واخرجه من القاعة امام الجميع ووضع رصاصة في رأسه.
كان يوماً دموياً مرعباً، وبدءاً من ذلك اليوم لم يتجرأ احد في العراق على منافسة صدام حسين او الوقوف في وجهه يؤكد المؤلف ويرى المؤلف بأنه ليس من قبيل المصادفة ان زبجنيو بريجينسكي مستشار كارتر للامن القومي، راح عقب ذلك يشجع العراق علنياً على مهاجمة ايران واحتلال مياه شط العرب! فالواقع ان النفوذ السوفييتي ازداد في ايران بعد سقوط الشاه. وخافت اميركا عندئذ من ان تفقد مواقعها في منطقة الخليج ولذلك راحت لأول مرة تراهن على صدام وتدعمه من اجل ازعاج ايران والانتقام منها.
ولذلك وفي العام نفسه راح جيش صدام يغزو ايران.. ودخل صدام عندئذ في حرب مدمرة لا تبقي ولا تذر.. وتورط فيها لمدة ثماني سنوات وكان شبح اميركا يقف خلف صدام ويحثه على المغامرة بشكل مباشر او غير مباشر وعندما وصل الى رونالد ريغان الى السلطة زاد دعم اميركا للعراق، واصبحت تسلح صدام بكل قوة بل وتساعده في الحرب بشكل غير مباشر وفي عام 1982 ازيل اسم العراق من لائحة الدول الداعمة للارهاب.
ثم اعادت اميركا علاقاتها الكاملة مع العراق عام 1984 وراحت مخابراتها العسكرية تساعد جيش صدام ضد ايران فالاقمار الاصطناعية كانت تصور مواقع الجيش الايراني وتقدم الصور الى رئاسة اركان الجيش العراقي لكي تستفيد منها وتعرف كيف تتحرك وتضرب وفي عهد ريغان ابتدأت تنعقد خيوط الازمة الحالية، فالانخراط الاميركي هناك اصبح غامضاً وملتبساً من الناحية الاخلاقية، ان الخوف الاميركي من ايران جعلها تقبل بتصرفات مرعبة ارتكبها العراق في تلك الفترة، وبخاصة استخدام السلاح الكيماوي ضد القوات الايرانية وضد الاكراد في حلبجة.
كتب أخرى ملخصة حول العراق في العدد الأخير من بيان الكتب:
1) البازار الكبير (http://www.albayan.co.ae/albayan/book/2003/issue256/foriegnlib/1.htm)
2) العراق - سيرة حرب مرغوبة يتم فيها خداع للرأي العالمي وفرق الشرعية الدولية (http://www.albayan.co.ae/albayan/book/2003/issue256/foriegnlib/2.htm)