PDA

View Full Version : مسألة الشعور بالألم


ملفت الانظار
10-07-2001, 06:17 PM
في قلب نيويـورك كـنت أعمل في صناعة العـطـور ، كانت لدي قـدرات فائـقة في هذه الـصناعة و توصلت إلى معادلة مستمدة من أبحاث قديمة جداً ، فقررت ذات يوم أن أجربها بنفسي ، لم أشعر في البداية بأي تغير ، لكن بعد ذلك تغير شكلي ، فأصبحتُ امرأة تملك أنوثة لا تقاوم ، ورجلاً طموحُه كبير جداً ، و حققت من خلالهما أشياءَ لا يفكر بها أحد ، لذلك كان الصراع في داخلي قوياً بين حقيقتي كأمرأة ، و بين أحاسيسي كرجل ، و هذا الصراع هو سر العطور التي أصنعها في نيويورك . فرضت صوتي بجدارة على قائمة الغناء العربي ، فغنيت لمحبوبتي حتى تعبت ، و كتبت لها حتى تعبت ، و نسقت صورتها كما يجب مع إطار الصورة التى يعجبها ، و خرجتْ كلماتي من قلب نبع صاف إلى بحر القلوب التي تنبض بالإحساس الجميل ، و تعرف قيمته ، و لكن طالما نحن نعيش في هذا العالم المادي فالبقاء ليس للأصلح ، بل البقاء للأجمل . في بلدتنا القديمة كل شيء ينضج إلا العقول و ثمار الحرية . لماذا ؟!! لأن حركة التعليم علمتنا المنافسة على النجاح و الشهرة ، و لم تعلمنا البذل و العطاء و الوقوف في الصفوف الخلفية ، فالرجال متعصبون للريادة ، و النساء يعملن بالمثل القائل : ( وراء كلّ عظيم امرأة ) ، فأصبح الرجل يلهث وراء نجاحه ، لتحقيق ذاته ، و أصبحت المرأة الفولاذية تريد كسر الطوق ، و قلب الموازين ، و تعديل المثل السابق ، ليصبح ( وراء كل امرأة عظيمة رجل متبلد خامل يـُرضِع الصغار ، و ينظف البيت ، و يطهو الطعام ) . هدئ من روعك ، كلمات نقولها لمن فقد صوابه ، و لكن هذه الكلمة لا تنفع مع الذي ظلم من أقرب الناس إليه ، فظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وَقْع الحسام المهند . فكر ملياً أيها الرجل المخدوع ، و دَعْ عنك الصكوك و الأموال و عبدة المال ، و اكشِف الغشاوة عن عينك ، فقد انقضّت عليك الديناصورات و الجوارح من كل حدَب وصوب ، و أنت مازلت تلهث خلف النجاح و الشهرة . عن نفسي ، كنت شابة نشطة ، تكتب بقوة لمساعدة الضعيف و نصرة المظلوم ، و شاء الله أنْ أحصل على مكافأتي ، ورضيتُ بها ، و الحمد لله ، و لكنّ ، هناك ، غلامين يتيمين في المدينة ، يعتصر الوجع في أعماقهما ، فكان أحدهما يكتب معاناته بإزميل على الجدران الخرسانية ، و كان الثاني تصيبه نوبةٌ من التشنجات فيسقط مغشياً عليه .. بين ذراعَي الأول ماتت أمهما ، فترك الأم تحتضر ، و أخذ يضمد جراح أخيه ، لم يكن بجواره ما يضمد به تلك الجراح غير قلم مغموس بالدماء نزفت جراح أخيه كثيراً و أمه تقول له : كيف تتركني يا ولدي و تذهب إلى أخيك ؟!! انهمرت الدموع من عينيه ، و لكن ظل يقبل قدميها حتى يشاركها المعاناة و يضع يده على رأس أخيه ، حتى يشعره بدفء الأسرة ، ابتلع هذا المجنون زجاجة كاملة من المهدئات و المسكنات ، حتى يسيطر على أحزانه ، و يستعيد قواه ، فقد انهمرت الدموع من عينيه ، و ليس هناك من يعينه في هذا الموقف الصعب ، فالأم تحتضر ، و الأخ مغشيٌ عليه . تلك هي معاناة هذه الأسرة البسيطة ، أن أحزانها و عذابها جزء من أسرارنا ، و لن نتحرر منها يا أصدقائي إلا حين يبكي القلم . مسألة الشعور بالألم تختلف من شخص لآخر ، و هو مرض نادر يصيبنا فجأة بدون مقدمات ، نتيجة تراكمات نفسية و معاناة طويلة مع الألم ، فالمتبلد حسياً يتأفف من الألم ، و كذلك لا يشعر بآلام الآخرين، و لا يتعاطف معهم ، بل يرى في دموعهم دموع التماسيح ، و إن جاء يواسيهم لا يختار العبارات الصحيحة في محلها ، بل يقول لهم في موضع الألم : ( طـنّش تـعِشْ تنتعش ) لا تستغربوا يا أحبتي ، فكم هم عظماء ، أهل الزيف و ( اللصمقة ) . لو تأملنا الحياة بشفافية

_ بقلم الهجير ( مختارات ادبية )

ابو سعود
10-07-2001, 07:26 PM
اهلا اخي ملفت الانظار فقد الفت نظري هذا الموضوع الجميل الذي يرمي الى معاني ابعد من التي يقراها الشخص في طيات موضوعك

الاحساس بالم الغير شعور قد نفتقده نحن في هذه الايام ولكن البعض يريد منك ان تتحمل كل همومه مهما كان صغرها غير عابء بهمومك ومشاكلك

لو نظرنا الى حكايات ابائنا واجدادنا لوجدنا فيها الكثير من العبر والاشياء الجميله التي تدل على قوة التكاتف الاجتماعي في تلك الايام
ولكن هل الزمان الذي نعيش فيه هو نفس ذلك الزمن?
لست من الذين يلقون باللوم على الزمن ومن الذين قال فيهم الشاعر نعيب زماننا العيب فينا
ولكن انظر لبساطة حياتهم والرتم المبسط والسهل لتلك الفترة من الزمن التي كانوا يعيشون فيها
تجد انها هي من تعينهم على التكاتف والتعاضد
لتعقيدات الحياة وسرعة نمطها في هذه الايام اثارها السلبية على حياتنا الاجتماعية مما ادى الى فقد الكثير من التعاطف والعون في اطار المجتمع بل تعداه ليصل الى نطاق الاسره
فترى كثيرا من الاسر اصبح للاخوة عندهم معنى اخر فهي لا تعدوا كونها اجتماعهم في منزل واحد دون شعود احدهم بالاخر

اعتقد ان ما يخبئه لنا الزمن في القادم سيكون اكبر من ذلك
ولك اتمنى ان كنا قد فقدنا شيئا كثيرا من التعاضد فليت انا لانفقد معنى الانسانية في داخلنا

ملفت الانظار
10-07-2001, 09:25 PM
هلا اخوي ابو سعود
شكرا لك ولطيب ردك على الموضوع
مشاركات الاحزان بين البشرية لهو واجد انساني ومعاناتنا لا تكون وحدها مكتومة بداخلنا فمااسعد انسان قد وجد ضنا يحتوي آلامه واحزانه ...
تقبل تقديري