PDA

View Full Version : محاورة (1)


رزين
09-09-2001, 03:13 PM
في ليلة من ليالي الربيع الرائعة ومع صفاء السماء واختفاء الغيوم بدا البدر في كبد السماء وكأنه عروس أحاطت بها النجوم الرائعة الخلابة وكان البحر يتهادى بأمواجه ويأتي مسرعا مرتطما بالصخور ثم ينسحب عنها مسرعا كما أتى وهو يعزف سيمفونيته الخالدة المحببة للأسماع تاركا خلفه الصخور لامعة نظيفة ..
فألقى القمر بضوئه عليه ونظر إليه بتعالي ثم قال : مساء الخير أيها البحر الخالد .. يا مرتع الأسماك وموطن الحيتان وحاضن الفلك والقوارب ...
فرد عليه البحر : أُسعدت مساءً ، يا بدراً صاعداً في السماء يامن يتغنى بك العشاق والشعراء..
قال القمر : ماذا دهاك يا بحر ، فأنت منذ الأزل وأنت تعزف هذا اللحن الرتيب الذي لا يتغير وأمواجك ما فتأت تلطم الصخور .. ألا كففت عن هذا الآن فما تفعله يتنافى مع طبيعة أمواجك الرقيقة التي تتكسر على قساوة الصخور وموسيقاك باتت تضجرني لشدة رتابتها..
رد البحر بهدوء : وماذا تريدني أن أفعل ، أمواجي تصر على مداعبة الصخور علها تتحدث أو تتحرك ولكن كل ما يحدث .. أن تعود أمواجي حزينة مكسورة الخاطر ..!!
قال القمر بتخابث : أما حان الأن .. أن تؤدبها على عدم مضايقة الغير ..؟
عصفت أمواج البحر وأرسلها بقوة لترتطم بالصخور في شدة ورد بغضب للقمر : وهل الصخر يتألم أو يحس بشيء مما يحدث ؟؟ فهو في مكانه لا يتحرك منذ الأزل ..
قطع حديثهما صوت أنين ، فنظر القمر وقال : انظر يا بحر الصخر يئن ..
توقفت أمواج البحر وهدأت وسأل بإستغراب شديد : الصخر يأن؟؟
ثم استدرك : مما تأنين يا صخور الجبل التي تتكسر أمواجي على صدرك القوي الثابت؟؟
فقالت الصخور : ومن قال اني قوية ثابتة ، إني كنت قبل عدة قرون جبلا ً شامخاً هاهنا ولكن أمواجك الرقيقة كما _ كما يزعم القمر _ فتتني وحولتني الى مجرد صخور عائمة على شاطيءٍ مهجور تلطمها الأمواج في كل روحة وغدوة وهي تحسب أنها عادت مهزومة مكسورة ، وهي تحمل في كل لحظة أجزاءً صغيرةً مني فلن يمضي وقت طويل حتى أكون مجرد رمل وتراب يختلط به بعض الحصى الصغير على هذا الشاطيء....
قال القمر بشماتة المنتصر : أهكذا فعلت الأمواج بكِ وأنا الذي أحسبها رقيقة ناعمة لا تقوى على شيء ..؟
أضطربت أمواج البحر وانسحبت عن الشاطيء وهو يعتذر بقوله : أنا متأسف جداً أيتها الصخور .. فأعتذر لك عما فعلته أمواجي بك ..
ردت الصخرة بسرعة : لا تتأسف لي يا بحر .. فلست مسؤلاً عنها دوماً .. فالقمر هو من يجذبها خلفه أينما تحرك وسار..
رد القمر باستنكار وتعجب: كيف ذلك وأنا عالٍ في السماء ؟؟
قالت الصخرة بهدوء : إن حركتك في السماء تحرك الأمواج خلفك وهي تسعى للتغزل بجمالك الفتان فترتطم بي عن طريق عمليتي الجزر والمد وهي ما تسبب لي المتاعب ..
فجأء سكت الجميع الا صوت الموج العابث وهو يصطدم بالصخور غير عابىء بما يسببه لها من ألآم .. لماذا الهدوء المفاجيء يا ترى ؟؟
آآآآآه ..... انها .....................................................................................................................
............................................... يتبع

انتظروا البقية ...................
رزين