المبتسم
06-11-2001, 11:54 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في صغري امتلكت لوح تزلجٍ خشبي بإطاراتٍ بلاستيكية ، كنت أمارس فوقه هواية التزلج بمهارةٍ أحسد عليها ، لا سيما إذا وقفت واقفاً فوق ذلك اللوح :
كنت أتسكع كثيراً بلوح التزلج الخشبي في الحواري المحيطة بمنزلي مثيراً عاصفةً من الإعجاب لدى الكبار والصغار على السواء
كان ذلك قبل عشرين سنةً مضت تقريباً
وكان لي في لوحي الخشبي مآرب أخرى غير التزلج ، فكنت مثلاً أحضر فوقه أنبوبة الغاز إذا فرغ منها الهواء اختصاراً للوقت والجهد بدلاً من دحرجتها وإحداث ذلك الرنين المعدني المزعج منها والذي كان يتردد صداه في جوانب الحارات القديمة لمدينة جده
وذات يومٍ من أيام الله ، خرجت من منزلي ميمماً وجهي شطر محل الغاز أحمل الأنبوبة فوق لوح التزلج الخشبي وكنت أسنده بيدي كي لا يسقط من فوق اللوح
وصلت إلى المكان المنشود وقمت بتغيير الاسطوانة من محل تعبئة الغاز ثم قفلت عائداً إلى المنزل . سارت الأمور على ما يرام حتى وصلت إلى الحارة المجاورة لمنزلي
وهناك حدث مالم يكن في الحسبان ؟
رأيت مجموعةً من أشقياء تلك الحارة وقد وقفوا يتفرجون علي ويرمقون لوح تزلجي الخشبي بإعجابٍ وقد أضمروا في أنفسهم أمر سوءٍ ، تعمدت تجاهلهم وقد زادت سرعة ضربات قلبي وزاد إفراز مادة الأدرينالين في دمي
مررت بجوارهم وسمعت همسا يدور بينهم وتناهى إلى مسمعي كلمات من قبيل ( العربة واللعبة نأخذها ) كانت هناك مؤامرة خبيثة لقطع الطريق علي والسطو على عربتي مفخرة الحارة من قبل هذه العصابة الشريرة
بدأت أسرع الخطى وأنا أسند أنبوبة الغاز بكلتا يداي وقد نضح العرق من جبيني ، كنت أغذ السير مسرعا واختلس النظر إلى هذه العصابة خفية
بدأت العصابة بالتحرك خلفي بخطواتها البطيئة
قلت لنفسي : إذن فقد حيكت خيوط المؤامرة ودبر الأمر بليلٍ وانتهى
وصلت المنزل ودلفت مسرعا وصفقت الباب بقوة ثم قفزت بسرعة إلى سطح ( القلعة ) قصدي المنزل
من فوق سطح منزلي اختلست النظر إلى تلك العصابة وقد توزعوا حول باب المنزل يميناً وشمالا كفرقة ( اقتحامٍ خاصة ) كان كبيرهم رأس الأفعى يوزع المجموعة قائلا أنت هنا وأنت هنا وأنت انتظر شوي
مادت الأرض بي وأصابني فرق شديد
ثم انتظرت قليلا واستعدت رباطة جأشي وصرخت فيهم من فوق ( القلعة ) سطح المنزل صرخة شجاع القوم : ماذا تريدون ؟
رمقني كبيرهم ببصره وقال في ازدراء : انزل يا مصري ( كنت شديد بياض البشرة ) وكانوا يظنون أنني مصري أو شامي
قلت : أنا ماني مصري وبعدين ليش أنزل وش تبي بالضبط ؟
قال : وين العربة ( لوح التزلج الخشبي )
قلت : في البيت
قال : جيبه وتعال
قلت : ليش ؟
قال : أبيه
وهنا بدأت مفاوضات سلام الشرق الأوسط
كلمة من هنا
تهديد ووعيد من هناك
يابن الحلال ما يصير عيب
أقول انزل وهات العربة
المهم استغرقت المفاوضات وقتاً وجهدا لا يستهان بهما
وبينما كنا غارقين في المفاوضات والتهديد والوعيد من قبل العصابة إذ فوجئت بالدعم المعنوي قد وصل من حيث لا أحتسب
رأيت في رأس الحارة شقيقاي وهما شريران للغاية آنذاك ، كانا قد وصلا للتو من مدرستهما المتوسطة
في تلك اللحظة كانت العصابة غارقة في مفاوضاتها معي ولم يشعر الجمع بالخطر الزاحف عليهم من الخلف
هنا دبت الحياة في جسدي واستجمعت شجاعتي وقفزت من مكمني ، ثم بسرعةٍ فائقةٍ كان نزولي من فوق سلالم السطح ، تناولت سلاحاً أواجه بي تلك العصابة الشريرة وأرد اعتباري لكرامتي المجروحة ، وقع اختياري على عصى مكنسةٍ قديمةٍ متهالكةٍ عفى عليها الزمن
تناولتها بقوةٍ وصرخت صرخة ( خالد ) الله اكبر وقد بلغت شجاعتي ذروتها
فتحت الباب على حين غفلة من العصابة وقفزت مثل الهزبر الجريح فنثرت ذلك الجمع الشرير فوق الأحيدب نثرةً لازال التاريخ يذكرها لي حتى اللحظة في بقايا أشلاء ذاكرتي
فر الجمع الشرير من شدة الرعب والخوف والمفاجأة سائلين أنفسهم ماذا دهى هذا المفاوض الذي كان يرتجف من شدة الرعب والخوف قبل لحظات ؟
تتبعت بقايا فلولهم بسيفي ( عصى المكنسة ) المثلومة وأدركت أحد أفراد العصابة الشريرة والذي أوقعه حظه العاثر في يدي ، كان صغير السن تبدو على محياه علامات البلاهة والغباء رث الثياب ، مفتوح الصدر أو بمعنى لا يملك مايزرر به ثيابه ، حافي القدمين
ألقيت عليه القبض رمقته ببصري غاضبا وقد بلغت بي الشجاعة مبلغاً لم يسبق له مثيل وارتسمت على محياي ابتسامة الظفر
أما المسكين فقد بلغ به الرعب حتى وصلت روحه الحلقوم ، وشلت أطرافه عن الحركة ، كان جاحظ العينين يلهث بقوة ورعب وهو يستعطفني ويطلب الغوث والرحمة
ولكن هيهات
أشبعته ضربا بتلك العصى وهو يستغيث ولا مغيث ، ويصرخ ولامجير ، ويبكي ولا مكفكف لدمعه حتى كلت يدي من شدة الضرب والصفع
ثم أفلته
وفر مذعورا صارخا يشتم أفراد عصابته ويشتمني ويشتم نفسه
استغرقت هذه العملية البطولية وقتاً قصيرا للغاية
على رأس الحارة وقف شقيقاي يتفرجان في ذهول على هذه المعركة غير المتكافئة والتي خلدها تاريخ الحارة
أصبحت بعد هذه الموقعة التاريخية أتزلج على لوحي الخشبي في شجاعة وقد شمخت بأنفي عالياً على من مر بي من المارة
بالمناسبة نسيت أن أخبركم ، أصبح أفراد العصابة بعد هذه الحادثة يتملقونني بقيادة زعيمهم الجبان ، وماهي إلا أيام حتى انقلبوا على زعيمهم ورشحوني للزعامة فقبلتها بكل سرور
ما اشبه حال هذي العصابه ب...يعض الناس...
وما أشبهني آنذاك بزعيمٍ عربي غره النصر السخيف فنسي نفسه حتى أدركه العدو على حين غرة ، إذ حدثت بعدها حادثة كانت شبيهة بعام النكسة 1967 ولعل المقام يتسع لذكرها مرة أخرى...
تحياتي للجميع..
Lopez
في صغري امتلكت لوح تزلجٍ خشبي بإطاراتٍ بلاستيكية ، كنت أمارس فوقه هواية التزلج بمهارةٍ أحسد عليها ، لا سيما إذا وقفت واقفاً فوق ذلك اللوح :
كنت أتسكع كثيراً بلوح التزلج الخشبي في الحواري المحيطة بمنزلي مثيراً عاصفةً من الإعجاب لدى الكبار والصغار على السواء
كان ذلك قبل عشرين سنةً مضت تقريباً
وكان لي في لوحي الخشبي مآرب أخرى غير التزلج ، فكنت مثلاً أحضر فوقه أنبوبة الغاز إذا فرغ منها الهواء اختصاراً للوقت والجهد بدلاً من دحرجتها وإحداث ذلك الرنين المعدني المزعج منها والذي كان يتردد صداه في جوانب الحارات القديمة لمدينة جده
وذات يومٍ من أيام الله ، خرجت من منزلي ميمماً وجهي شطر محل الغاز أحمل الأنبوبة فوق لوح التزلج الخشبي وكنت أسنده بيدي كي لا يسقط من فوق اللوح
وصلت إلى المكان المنشود وقمت بتغيير الاسطوانة من محل تعبئة الغاز ثم قفلت عائداً إلى المنزل . سارت الأمور على ما يرام حتى وصلت إلى الحارة المجاورة لمنزلي
وهناك حدث مالم يكن في الحسبان ؟
رأيت مجموعةً من أشقياء تلك الحارة وقد وقفوا يتفرجون علي ويرمقون لوح تزلجي الخشبي بإعجابٍ وقد أضمروا في أنفسهم أمر سوءٍ ، تعمدت تجاهلهم وقد زادت سرعة ضربات قلبي وزاد إفراز مادة الأدرينالين في دمي
مررت بجوارهم وسمعت همسا يدور بينهم وتناهى إلى مسمعي كلمات من قبيل ( العربة واللعبة نأخذها ) كانت هناك مؤامرة خبيثة لقطع الطريق علي والسطو على عربتي مفخرة الحارة من قبل هذه العصابة الشريرة
بدأت أسرع الخطى وأنا أسند أنبوبة الغاز بكلتا يداي وقد نضح العرق من جبيني ، كنت أغذ السير مسرعا واختلس النظر إلى هذه العصابة خفية
بدأت العصابة بالتحرك خلفي بخطواتها البطيئة
قلت لنفسي : إذن فقد حيكت خيوط المؤامرة ودبر الأمر بليلٍ وانتهى
وصلت المنزل ودلفت مسرعا وصفقت الباب بقوة ثم قفزت بسرعة إلى سطح ( القلعة ) قصدي المنزل
من فوق سطح منزلي اختلست النظر إلى تلك العصابة وقد توزعوا حول باب المنزل يميناً وشمالا كفرقة ( اقتحامٍ خاصة ) كان كبيرهم رأس الأفعى يوزع المجموعة قائلا أنت هنا وأنت هنا وأنت انتظر شوي
مادت الأرض بي وأصابني فرق شديد
ثم انتظرت قليلا واستعدت رباطة جأشي وصرخت فيهم من فوق ( القلعة ) سطح المنزل صرخة شجاع القوم : ماذا تريدون ؟
رمقني كبيرهم ببصره وقال في ازدراء : انزل يا مصري ( كنت شديد بياض البشرة ) وكانوا يظنون أنني مصري أو شامي
قلت : أنا ماني مصري وبعدين ليش أنزل وش تبي بالضبط ؟
قال : وين العربة ( لوح التزلج الخشبي )
قلت : في البيت
قال : جيبه وتعال
قلت : ليش ؟
قال : أبيه
وهنا بدأت مفاوضات سلام الشرق الأوسط
كلمة من هنا
تهديد ووعيد من هناك
يابن الحلال ما يصير عيب
أقول انزل وهات العربة
المهم استغرقت المفاوضات وقتاً وجهدا لا يستهان بهما
وبينما كنا غارقين في المفاوضات والتهديد والوعيد من قبل العصابة إذ فوجئت بالدعم المعنوي قد وصل من حيث لا أحتسب
رأيت في رأس الحارة شقيقاي وهما شريران للغاية آنذاك ، كانا قد وصلا للتو من مدرستهما المتوسطة
في تلك اللحظة كانت العصابة غارقة في مفاوضاتها معي ولم يشعر الجمع بالخطر الزاحف عليهم من الخلف
هنا دبت الحياة في جسدي واستجمعت شجاعتي وقفزت من مكمني ، ثم بسرعةٍ فائقةٍ كان نزولي من فوق سلالم السطح ، تناولت سلاحاً أواجه بي تلك العصابة الشريرة وأرد اعتباري لكرامتي المجروحة ، وقع اختياري على عصى مكنسةٍ قديمةٍ متهالكةٍ عفى عليها الزمن
تناولتها بقوةٍ وصرخت صرخة ( خالد ) الله اكبر وقد بلغت شجاعتي ذروتها
فتحت الباب على حين غفلة من العصابة وقفزت مثل الهزبر الجريح فنثرت ذلك الجمع الشرير فوق الأحيدب نثرةً لازال التاريخ يذكرها لي حتى اللحظة في بقايا أشلاء ذاكرتي
فر الجمع الشرير من شدة الرعب والخوف والمفاجأة سائلين أنفسهم ماذا دهى هذا المفاوض الذي كان يرتجف من شدة الرعب والخوف قبل لحظات ؟
تتبعت بقايا فلولهم بسيفي ( عصى المكنسة ) المثلومة وأدركت أحد أفراد العصابة الشريرة والذي أوقعه حظه العاثر في يدي ، كان صغير السن تبدو على محياه علامات البلاهة والغباء رث الثياب ، مفتوح الصدر أو بمعنى لا يملك مايزرر به ثيابه ، حافي القدمين
ألقيت عليه القبض رمقته ببصري غاضبا وقد بلغت بي الشجاعة مبلغاً لم يسبق له مثيل وارتسمت على محياي ابتسامة الظفر
أما المسكين فقد بلغ به الرعب حتى وصلت روحه الحلقوم ، وشلت أطرافه عن الحركة ، كان جاحظ العينين يلهث بقوة ورعب وهو يستعطفني ويطلب الغوث والرحمة
ولكن هيهات
أشبعته ضربا بتلك العصى وهو يستغيث ولا مغيث ، ويصرخ ولامجير ، ويبكي ولا مكفكف لدمعه حتى كلت يدي من شدة الضرب والصفع
ثم أفلته
وفر مذعورا صارخا يشتم أفراد عصابته ويشتمني ويشتم نفسه
استغرقت هذه العملية البطولية وقتاً قصيرا للغاية
على رأس الحارة وقف شقيقاي يتفرجان في ذهول على هذه المعركة غير المتكافئة والتي خلدها تاريخ الحارة
أصبحت بعد هذه الموقعة التاريخية أتزلج على لوحي الخشبي في شجاعة وقد شمخت بأنفي عالياً على من مر بي من المارة
بالمناسبة نسيت أن أخبركم ، أصبح أفراد العصابة بعد هذه الحادثة يتملقونني بقيادة زعيمهم الجبان ، وماهي إلا أيام حتى انقلبوا على زعيمهم ورشحوني للزعامة فقبلتها بكل سرور
ما اشبه حال هذي العصابه ب...يعض الناس...
وما أشبهني آنذاك بزعيمٍ عربي غره النصر السخيف فنسي نفسه حتى أدركه العدو على حين غرة ، إذ حدثت بعدها حادثة كانت شبيهة بعام النكسة 1967 ولعل المقام يتسع لذكرها مرة أخرى...
تحياتي للجميع..
Lopez