شمعة
14-12-2001, 08:53 PM
في مكتبة الزمن ....
وعلى رفوف الأحداث
ومن بين الملفات المركونة ..
لفت نظري ملفا مغبرا بعض الشيء ..
نفضت عنه الغبار .. وبدأت قراءة فقرات منه ...
حدث في : قاعة محكمة الحياة
في يوم : ..
في شهر : ..
في سنة : ....
صاح المنادي : محكمة
برز السادة القضاة
وقف الجميع .. جلوس قال القاضي
صاح المنادي : القضية الأولى : فلانة فلان
وقف المدعي العام : حضرات القضاة والمستشارين.. الأخوة الحضور ..
قضيتنا الأولى اليوم .. هي الأولى من نوعها ..
هي قضية مصيرية .. قضية حياة أو موت !!!
هذه السيدة الماثلة أمام عدالتكم .. متهمة بثلاث تهم
التهمة الأولى
ضبطها وهي تتجول وحدها دون محرم .. في ساحات وأروقة الإنترنت في ساعات متأخرة من الليل !!! أين كان زوجها عنها !!!
تعالت أصوات الحضور : يا للهول .. صحيح أين عنها زوجها .. كيف يحدث هذا ؟!!
ضجيج وفوضى وعلامات استفهام متناثرة في جميع الأنحاء .
تدخل القاضي : هدوء .. الرجاء الالتزام بالهدوء .
استأنف المدعي العام : نعم أين هو طوال تلك الساعات أين هو وهي تجول وتصول بمفردها في هذه الساحات دون حسيب أو رقيب ؟!!!
سيدي القاضي حرصا على سلامة الزوج وسلامة المشاة والمتجولين والفارين من الزهق والملل والروتين الحياتي الممل إلى ساحات الإنترنت ومن أجل المحافظة على راحتهم ..ولتفادي الأضرار المستقبلية التي قد تنجم جراء تجوالها .. أطالب بتوقيع أقصى العقوبة عليها كي تكون عبرة لغيرها من النساء .. كما يقتضي به قانون الأحكام البشرية في مثل هذه الحالات .
التهمة الثانية
المدعي العام : ارتكابها خطأ .. امرأة تخطئ !!! طبعا ليس من الأهمية هنا معرفة نوع الخطأ وأسبابه ودوافعه وملابساته .. إنما المهم هو أنها أخطأت .. صغيرا كان أم كبيرا فهو جرم ويعاقب عليه قانوننا البشري ..
فما بالكم أن كانت متزوجة !!!
الحضور كالعادة مضخما دون أن يعرف حقيقة الأمر كل يناجي الآخر :
يا للكارثة كيف هذا !!! ..كيف تخطئ وهي متزوجة !!!!!؟..
بدت علامات الدهشة والاستفهام على رؤوس الحضور .
هتف القاضي ثانية : . الرجاء من الحضور التزام الهدوء .
المدعي العام : لذا أطلب من سيادتكم عدم التساهل معها .. وعدم الاكتفاء بالنصح والإرشاد أو التحذير حتى .. بل أطالب بتوقيع حكم الإعدام شنقا أو بالنفي كحكم مخفف رأفة بها .. وعدم الاكتراث لتبريراتها وحججها حتى لو كانت قوية ومقنعة وعدم النظر لحالتها الصحية والنفسية وقتها أو الأسباب والدوافع التي جرفتها ودفعتها لارتكاب مثل هذا الخطأ ..
وهذه هي العقوبة المقررة في مثل هذه الجرائم !!!
التهمة الثالثة
المدعي العام : سيدة متزوجة تخرج سافرة متبرجة غير مبالية بعواقب فعلتها الوخيمة !!!
بدت إمارات الحنق والعصبية ظاهرة على وجوه الحضور.. وبدأ الفوضى من قبل أن ينهي المدعي العام كلامه .. البعض يضرب كفا بكف .. والبعض الآخر يتساءل يا للمصيبة متزوجة وسافرة ألا تخاف ربها !! وما هو دور زوجها ولماذا تتبرج أصلا وهي متزوجة .. ؟!!!!! ..
القاضي : سكوت
المدعي العام : حضرة القاضي .. هذه القضية بالذات لا يستهان بها فهي قضية رأي عام وإذا لم نتعامل معها بحزم ستكون دافعا لنشر الفساد في البلاد .. لذا أطالب وبشدة حبس هذه المتهمة الماثلة أمامكم حبسا مؤبدا مدى الحياة .. حفاظا على الشارع العام كما ينص به القانون البشري رقم 111..
توقفت هنا .. وبدأت أبحث عن مرافعة محامي المتهمة ..
الدفـــــــــــاع :
حضرات القضاة والمستشارين .. أيها الحضور قبل كل شي وقبل أن أبدأ مرافعتي .. أرجو أن يسمح لي سيدي القاضي بتلخيص الثلاث تهم .. في مذكرة دفاع واحدة .. تحت عنوان
(المرأة بين الحكم الشرعي والبشري )..
الحكم البشري هو ما حكم به زميلي المدعي العام ..
والسادة الأفاضل الحضور .. حكم فيه تجن واضح وتحامل كبير على
موكلتي ( المرأة المتزوجة ) !!! حكم لا أساس له من الصحة ولا يمت للدين أو الإنسانية بصلة ..
بئس ما تحكمون !!!
أما بالنسبة للحكم الشرعي .. دعوني أطرح عليكم سؤالا .. هل ديننا الإسلامي فرق بين المرأة المتزوجة والغير متزوجة في تطبيق التعاليم والأحكام الشرعية ؟ ..
هل تستثنى الغير متزوجة من بعض الأحكام .. وتعفى منها !!!! ؟؟
يبدو لي من حكمكم البشري الذي حكمتموه أنه كذلك ..
ولكن ما تعلمناه من ديننا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم عكس ذلك تماما ..
وهو أنه بمجرد وصول البنت لسن البلوغ تعامل معاملة المرأة ..وعليها التقيد بما تلزم به المرأة بشكل عام في جميع ما يخص أمور دينها .
أولا :
أتساءل هل (المرأة المتزوجة ) جهاز إلكتروني ..!!!!
أرى أنه من الصعب برمجة إنسان على حسب برنامج إنسان آخر .. ومهما حاولنا
وبذلنا أقصى جهدنا من أجل عمل نوع من الدمج أو التقارب أو الموازنة .. فستظهر لنا أمورا لا إرادية تعرقل نظام سير هذا البرنامج .. ولو لفترة ..
أعتقد أنكم غفلتم عن نقطة مهمة .. وهي أن المرأة إنسان .. إنسان مثلها مثل الرجل من حيث التكوين .. لها كيان و روح .. وكون المرأة إنسان .. فهي تتعرض لتقلبات غير إرادية .. نفسية ( أرق ، قلق ، ضيق ... الخ ) وعضوية كأن تصاب بمرض .. وتتفاقم المشكلة إذا قوبلت بالإهمال .
وهي في جميع الحالات طبعا ملزمة بطاعة ربها ورسوله أولا ثم زوجها .. وليس هناك أحد منا ينسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد ، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، من عظم حقه عليها " .
إن من حق الزوج على زوجته أن تطيعه في غير معصية وأن تحفظه في نفسها وماله .. وأن تمتنع عن مقارفة أي شيء يضيق به الرجل .. فلا تعبس في وجهه ولا تبدو في صورة يكرهها .. ولا ننسى أن لها حقوقا .. على الزوج الحرص على الالتزام بها لسد جميع المنافذ الجالبة للمشاكل .
والنقطة الثانية .. يسأل زميلي وكيل النيابة عن مكان تواجد هذا الزوج حال تصفحها الإنترنت ..
أستغرب سؤالك حقا .. ربما الحق معك في تساؤلك هذا .. ولكن ما أود أن أتطرق إليه هو ..
لماذا لم تحاسب المرأة الغير متزوجة على تواجدها في هذه الساعات المتأخرة ؟
أين والدها عنها ؟ !!!.. أليس هو مسئول عنها أيضا .. ما هو الفرق بين الاثنتين .. الأولى انتقلت مسئوليتها من والدها إلى زوجها والأخرى مازالت تحت مسئولية والدها وأهلها .. عجبا عجبا كيف تفكرون !!!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) فالإمام راع ومسئول عن رعيته .. والرجل في أهل بيته راع ومسئول عن رعيته ) ..
أرى أن التواجد في هذا الوقت المتأخر على الإنترنت .. أمر غير مستحب وغير مقبول للجميع ومن قبل الكثيرين إذا كان دون داع .
قال تعالى : " وجعلنا نومكم سباتا وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا "
ما هو مطلوب هنا من الزوج والوالد زيادة جرعة الاهتمام والقيام بمسئوليتهما على مستوى كمال البشر حتى نسد كل ثغر يؤدي للخطر
ننتقل للتهمة الثانية .. كيف تخطئ المرأة المتزوجة !!!
لا أرى داعيا لاستغرابكم وتساؤلكم وكل هذا اللغط الذي افتعلتموه .. بل أنا من يستغرب من حكمكم الغير منصف الذي حكمتموه دون مساءلة أو معرفة نوع وحجم وأسباب ما حصل ..
أتساءل هل المرأة المتزوجة إنسان أم ملاك !!!؟..
أريد أن أسمع إجابة منكم .. هل هي إنسان أم ملاك !!!؟؟
دعونا أيها السادة نتأمل هذه الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة .. ففيها الجواب الشافي الوافي الكافي .. لنلمس الحكم الرباني المثالي الذي ليس فيه أدنى شك وليس هناك حكم غيره يحكم به ..
قال تعالى : " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم " ..
هنا وجه الله سبحانه وتعالى خطابه إلى الذين أسرفوا لأنهم المكثرون من الذنوب والخطايا فكيف بغيرهم ؟!!! ونهاهم عن اليأس والقنوط من رحمة الله .. والآية توضح أن الله يغفر الذنوب كلها لمن تاب كبيرها وصغيرها . ولفظ " يا عبادي " يشمل المرأة والرجل .
وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، حتى تطلع الشمس من مغربها " .
وفي الحديث الصحيح : " والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لخفت عليكم ما هو أشد من الذنب وهو العجب " ( العجب : الغرور ، بضم العين والجيم ) .
وفي الحديث الصحيح : " والذي نفسي بيده ، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم
ولجاء بقوم آخرين يذنبون ، فيستغفرون الله ، فيغفر لهم ".
وفي الحديث الصحيح : " كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون " ..
لنركز على ( كل ابن آدم ) أي جميع البشر .. والمرأة على ما أعتقد من ضمن البشر ولم تستثنى أو تعصم من الوقوع في الخطأ . أم أنكم تعتقدون أن المرأة بمجرد زواجها تعصم من الخطأ !!! ( استغفر الله ) ..
وقال تعالى : " والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون " ..
نفهم من هذه الآية أن الخطأ هو الإصرار على الخطأ والتمادي فيه .. أما من تاب توبة نصوحة يغفر الله تعالى له .
وكذلك قوله تعالى : " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما " .
أبواب التوبة والمغفرة والرحمة مفتوحة .. فلم تغلقها أيها الإنسان !!!
فما دام الإنسان يتوب ويستغفر ويندم .. فان الله غفور رحيم .
سبحان الله ما أرحمه وما أكرمه !!
فأين هي رحمة البشر !!!
ننتقل للتهمة الثالثة .. قضية التبرج
دعونا نوضح أولا المقصود من التبرج ..
التبرج يعني تكلف إظهار ما يجب إخفاؤه وأصله الخروج من البرج أو القصر ثم استعمل في خروج المرأة من الحشمة وإظهار مفاتنها و إبراز محاسنها .
أرى أنك محقا فيما ذكرته وجميعنا يعلم بأنه ومن المفروض والمستحسن أن تتزين المرأة لزوجها وفي بيتها وليس خارجه وهذا ما أمر به ربنا .. مع ذلك أجدك ظلمتها حين قلت : " متزوجة وتتبرج !! " ونحن نعلم أن الالتزام بالزي الإسلامي والاحتشام فرض على جميع المسلمات .. وليس مقتصرا على النساء المتزوجات فقط ..
للأسف هذا المفهوم الخاطئ الشائع بين أغلب الناس .. حيث تكاد تصدق ما يحدث ويجري ويقال وكأنه أمر طبيعي .. تسمع البنت تقول لك وبكل فخر سأتحجب يعد أن أتزوج !!! .. وكأنها ضمنت عمرها .. وأكيدة من أنها ستعيش إلى أن تتزوج وتتحجب !!!..
السادة أعضاء هيئة المحكمة .. السادة الحضور .. لا يخفى عليكم أن الإسلام قد حدد السن التي تبدأ بها المرأة في الاحتشام فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
" يا أسماء .. إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح لها أن يرى منها إلا هذا وهذا .. وأشار إلى وجهه وكفيه " .. لماذا ؟ .. لأنه هو الحفاظ الذي يحفظ عليها دينها وشرفها وكرامتها وعفافها وحيائها .. وليس من صالح المرأة ولا من صالح المجتمع أن تتخلى المرأة عن الصيانة والاحتشام .
قال تعالى : " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين " ..
سيدي القاضي .. أرى أنه كان من الأجدر بنا أن ننصح هذه المرأة ونوجهها .. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله"
ونذكرها بتعاليم دينها "وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين " .. بدلا من توجيه أصابع وأسهم الاتهام نحوها والحكم عليها دون حق أو شفقة ..
وعلى رفوف الأحداث
ومن بين الملفات المركونة ..
لفت نظري ملفا مغبرا بعض الشيء ..
نفضت عنه الغبار .. وبدأت قراءة فقرات منه ...
حدث في : قاعة محكمة الحياة
في يوم : ..
في شهر : ..
في سنة : ....
صاح المنادي : محكمة
برز السادة القضاة
وقف الجميع .. جلوس قال القاضي
صاح المنادي : القضية الأولى : فلانة فلان
وقف المدعي العام : حضرات القضاة والمستشارين.. الأخوة الحضور ..
قضيتنا الأولى اليوم .. هي الأولى من نوعها ..
هي قضية مصيرية .. قضية حياة أو موت !!!
هذه السيدة الماثلة أمام عدالتكم .. متهمة بثلاث تهم
التهمة الأولى
ضبطها وهي تتجول وحدها دون محرم .. في ساحات وأروقة الإنترنت في ساعات متأخرة من الليل !!! أين كان زوجها عنها !!!
تعالت أصوات الحضور : يا للهول .. صحيح أين عنها زوجها .. كيف يحدث هذا ؟!!
ضجيج وفوضى وعلامات استفهام متناثرة في جميع الأنحاء .
تدخل القاضي : هدوء .. الرجاء الالتزام بالهدوء .
استأنف المدعي العام : نعم أين هو طوال تلك الساعات أين هو وهي تجول وتصول بمفردها في هذه الساحات دون حسيب أو رقيب ؟!!!
سيدي القاضي حرصا على سلامة الزوج وسلامة المشاة والمتجولين والفارين من الزهق والملل والروتين الحياتي الممل إلى ساحات الإنترنت ومن أجل المحافظة على راحتهم ..ولتفادي الأضرار المستقبلية التي قد تنجم جراء تجوالها .. أطالب بتوقيع أقصى العقوبة عليها كي تكون عبرة لغيرها من النساء .. كما يقتضي به قانون الأحكام البشرية في مثل هذه الحالات .
التهمة الثانية
المدعي العام : ارتكابها خطأ .. امرأة تخطئ !!! طبعا ليس من الأهمية هنا معرفة نوع الخطأ وأسبابه ودوافعه وملابساته .. إنما المهم هو أنها أخطأت .. صغيرا كان أم كبيرا فهو جرم ويعاقب عليه قانوننا البشري ..
فما بالكم أن كانت متزوجة !!!
الحضور كالعادة مضخما دون أن يعرف حقيقة الأمر كل يناجي الآخر :
يا للكارثة كيف هذا !!! ..كيف تخطئ وهي متزوجة !!!!!؟..
بدت علامات الدهشة والاستفهام على رؤوس الحضور .
هتف القاضي ثانية : . الرجاء من الحضور التزام الهدوء .
المدعي العام : لذا أطلب من سيادتكم عدم التساهل معها .. وعدم الاكتفاء بالنصح والإرشاد أو التحذير حتى .. بل أطالب بتوقيع حكم الإعدام شنقا أو بالنفي كحكم مخفف رأفة بها .. وعدم الاكتراث لتبريراتها وحججها حتى لو كانت قوية ومقنعة وعدم النظر لحالتها الصحية والنفسية وقتها أو الأسباب والدوافع التي جرفتها ودفعتها لارتكاب مثل هذا الخطأ ..
وهذه هي العقوبة المقررة في مثل هذه الجرائم !!!
التهمة الثالثة
المدعي العام : سيدة متزوجة تخرج سافرة متبرجة غير مبالية بعواقب فعلتها الوخيمة !!!
بدت إمارات الحنق والعصبية ظاهرة على وجوه الحضور.. وبدأ الفوضى من قبل أن ينهي المدعي العام كلامه .. البعض يضرب كفا بكف .. والبعض الآخر يتساءل يا للمصيبة متزوجة وسافرة ألا تخاف ربها !! وما هو دور زوجها ولماذا تتبرج أصلا وهي متزوجة .. ؟!!!!! ..
القاضي : سكوت
المدعي العام : حضرة القاضي .. هذه القضية بالذات لا يستهان بها فهي قضية رأي عام وإذا لم نتعامل معها بحزم ستكون دافعا لنشر الفساد في البلاد .. لذا أطالب وبشدة حبس هذه المتهمة الماثلة أمامكم حبسا مؤبدا مدى الحياة .. حفاظا على الشارع العام كما ينص به القانون البشري رقم 111..
توقفت هنا .. وبدأت أبحث عن مرافعة محامي المتهمة ..
الدفـــــــــــاع :
حضرات القضاة والمستشارين .. أيها الحضور قبل كل شي وقبل أن أبدأ مرافعتي .. أرجو أن يسمح لي سيدي القاضي بتلخيص الثلاث تهم .. في مذكرة دفاع واحدة .. تحت عنوان
(المرأة بين الحكم الشرعي والبشري )..
الحكم البشري هو ما حكم به زميلي المدعي العام ..
والسادة الأفاضل الحضور .. حكم فيه تجن واضح وتحامل كبير على
موكلتي ( المرأة المتزوجة ) !!! حكم لا أساس له من الصحة ولا يمت للدين أو الإنسانية بصلة ..
بئس ما تحكمون !!!
أما بالنسبة للحكم الشرعي .. دعوني أطرح عليكم سؤالا .. هل ديننا الإسلامي فرق بين المرأة المتزوجة والغير متزوجة في تطبيق التعاليم والأحكام الشرعية ؟ ..
هل تستثنى الغير متزوجة من بعض الأحكام .. وتعفى منها !!!! ؟؟
يبدو لي من حكمكم البشري الذي حكمتموه أنه كذلك ..
ولكن ما تعلمناه من ديننا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم عكس ذلك تماما ..
وهو أنه بمجرد وصول البنت لسن البلوغ تعامل معاملة المرأة ..وعليها التقيد بما تلزم به المرأة بشكل عام في جميع ما يخص أمور دينها .
أولا :
أتساءل هل (المرأة المتزوجة ) جهاز إلكتروني ..!!!!
أرى أنه من الصعب برمجة إنسان على حسب برنامج إنسان آخر .. ومهما حاولنا
وبذلنا أقصى جهدنا من أجل عمل نوع من الدمج أو التقارب أو الموازنة .. فستظهر لنا أمورا لا إرادية تعرقل نظام سير هذا البرنامج .. ولو لفترة ..
أعتقد أنكم غفلتم عن نقطة مهمة .. وهي أن المرأة إنسان .. إنسان مثلها مثل الرجل من حيث التكوين .. لها كيان و روح .. وكون المرأة إنسان .. فهي تتعرض لتقلبات غير إرادية .. نفسية ( أرق ، قلق ، ضيق ... الخ ) وعضوية كأن تصاب بمرض .. وتتفاقم المشكلة إذا قوبلت بالإهمال .
وهي في جميع الحالات طبعا ملزمة بطاعة ربها ورسوله أولا ثم زوجها .. وليس هناك أحد منا ينسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد ، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، من عظم حقه عليها " .
إن من حق الزوج على زوجته أن تطيعه في غير معصية وأن تحفظه في نفسها وماله .. وأن تمتنع عن مقارفة أي شيء يضيق به الرجل .. فلا تعبس في وجهه ولا تبدو في صورة يكرهها .. ولا ننسى أن لها حقوقا .. على الزوج الحرص على الالتزام بها لسد جميع المنافذ الجالبة للمشاكل .
والنقطة الثانية .. يسأل زميلي وكيل النيابة عن مكان تواجد هذا الزوج حال تصفحها الإنترنت ..
أستغرب سؤالك حقا .. ربما الحق معك في تساؤلك هذا .. ولكن ما أود أن أتطرق إليه هو ..
لماذا لم تحاسب المرأة الغير متزوجة على تواجدها في هذه الساعات المتأخرة ؟
أين والدها عنها ؟ !!!.. أليس هو مسئول عنها أيضا .. ما هو الفرق بين الاثنتين .. الأولى انتقلت مسئوليتها من والدها إلى زوجها والأخرى مازالت تحت مسئولية والدها وأهلها .. عجبا عجبا كيف تفكرون !!!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) فالإمام راع ومسئول عن رعيته .. والرجل في أهل بيته راع ومسئول عن رعيته ) ..
أرى أن التواجد في هذا الوقت المتأخر على الإنترنت .. أمر غير مستحب وغير مقبول للجميع ومن قبل الكثيرين إذا كان دون داع .
قال تعالى : " وجعلنا نومكم سباتا وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا "
ما هو مطلوب هنا من الزوج والوالد زيادة جرعة الاهتمام والقيام بمسئوليتهما على مستوى كمال البشر حتى نسد كل ثغر يؤدي للخطر
ننتقل للتهمة الثانية .. كيف تخطئ المرأة المتزوجة !!!
لا أرى داعيا لاستغرابكم وتساؤلكم وكل هذا اللغط الذي افتعلتموه .. بل أنا من يستغرب من حكمكم الغير منصف الذي حكمتموه دون مساءلة أو معرفة نوع وحجم وأسباب ما حصل ..
أتساءل هل المرأة المتزوجة إنسان أم ملاك !!!؟..
أريد أن أسمع إجابة منكم .. هل هي إنسان أم ملاك !!!؟؟
دعونا أيها السادة نتأمل هذه الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة .. ففيها الجواب الشافي الوافي الكافي .. لنلمس الحكم الرباني المثالي الذي ليس فيه أدنى شك وليس هناك حكم غيره يحكم به ..
قال تعالى : " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم " ..
هنا وجه الله سبحانه وتعالى خطابه إلى الذين أسرفوا لأنهم المكثرون من الذنوب والخطايا فكيف بغيرهم ؟!!! ونهاهم عن اليأس والقنوط من رحمة الله .. والآية توضح أن الله يغفر الذنوب كلها لمن تاب كبيرها وصغيرها . ولفظ " يا عبادي " يشمل المرأة والرجل .
وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، حتى تطلع الشمس من مغربها " .
وفي الحديث الصحيح : " والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لخفت عليكم ما هو أشد من الذنب وهو العجب " ( العجب : الغرور ، بضم العين والجيم ) .
وفي الحديث الصحيح : " والذي نفسي بيده ، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم
ولجاء بقوم آخرين يذنبون ، فيستغفرون الله ، فيغفر لهم ".
وفي الحديث الصحيح : " كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون " ..
لنركز على ( كل ابن آدم ) أي جميع البشر .. والمرأة على ما أعتقد من ضمن البشر ولم تستثنى أو تعصم من الوقوع في الخطأ . أم أنكم تعتقدون أن المرأة بمجرد زواجها تعصم من الخطأ !!! ( استغفر الله ) ..
وقال تعالى : " والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون " ..
نفهم من هذه الآية أن الخطأ هو الإصرار على الخطأ والتمادي فيه .. أما من تاب توبة نصوحة يغفر الله تعالى له .
وكذلك قوله تعالى : " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما " .
أبواب التوبة والمغفرة والرحمة مفتوحة .. فلم تغلقها أيها الإنسان !!!
فما دام الإنسان يتوب ويستغفر ويندم .. فان الله غفور رحيم .
سبحان الله ما أرحمه وما أكرمه !!
فأين هي رحمة البشر !!!
ننتقل للتهمة الثالثة .. قضية التبرج
دعونا نوضح أولا المقصود من التبرج ..
التبرج يعني تكلف إظهار ما يجب إخفاؤه وأصله الخروج من البرج أو القصر ثم استعمل في خروج المرأة من الحشمة وإظهار مفاتنها و إبراز محاسنها .
أرى أنك محقا فيما ذكرته وجميعنا يعلم بأنه ومن المفروض والمستحسن أن تتزين المرأة لزوجها وفي بيتها وليس خارجه وهذا ما أمر به ربنا .. مع ذلك أجدك ظلمتها حين قلت : " متزوجة وتتبرج !! " ونحن نعلم أن الالتزام بالزي الإسلامي والاحتشام فرض على جميع المسلمات .. وليس مقتصرا على النساء المتزوجات فقط ..
للأسف هذا المفهوم الخاطئ الشائع بين أغلب الناس .. حيث تكاد تصدق ما يحدث ويجري ويقال وكأنه أمر طبيعي .. تسمع البنت تقول لك وبكل فخر سأتحجب يعد أن أتزوج !!! .. وكأنها ضمنت عمرها .. وأكيدة من أنها ستعيش إلى أن تتزوج وتتحجب !!!..
السادة أعضاء هيئة المحكمة .. السادة الحضور .. لا يخفى عليكم أن الإسلام قد حدد السن التي تبدأ بها المرأة في الاحتشام فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
" يا أسماء .. إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح لها أن يرى منها إلا هذا وهذا .. وأشار إلى وجهه وكفيه " .. لماذا ؟ .. لأنه هو الحفاظ الذي يحفظ عليها دينها وشرفها وكرامتها وعفافها وحيائها .. وليس من صالح المرأة ولا من صالح المجتمع أن تتخلى المرأة عن الصيانة والاحتشام .
قال تعالى : " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين " ..
سيدي القاضي .. أرى أنه كان من الأجدر بنا أن ننصح هذه المرأة ونوجهها .. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله"
ونذكرها بتعاليم دينها "وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين " .. بدلا من توجيه أصابع وأسهم الاتهام نحوها والحكم عليها دون حق أو شفقة ..