البت الأهم
16-01-2002, 05:12 AM
المقامة البيروتية
من كتاب ( أوراق شاهد عيان
في غرائب هذا الزمان)
للكاتب : بدر عبد الحق
--------------------------
حدثنا أبو خليل البيروتي ، قال :
- بعد "الخروج الكبير" من بيروت ، ستخرب الكثير من البيوت ، فتغدو
الوجوه كالحة ، و الشفاه مالحة ، و يطير النوم من العيون ، و تصبح
الحياة نوعاً من الجنون .
قلنا :
- كيف ، يا رعاك الله ؟
قال أبو خليل :
- ستحدث "خروجات" كثيرة ، و تطورات خطيرة : تخرج الحرية من
القاموس ، و يصبح لكل مواطن جاسوس ، و تخرج العصافير من
الأعشاش ، لتدخلها الأفاعي و الأوباش ، و تنحني الهامات و الرؤوس ،
و تسلب العزة من النفوس ، و تكمم أفواه الأحرار ، و تنفتح حناجر
الأشرار .
قلنا :
- و ماذا بعد ؟
قال :
- اصبر يا هذا ، و اعلم أن لكل فعل ، رد فعل ، مساو له بالمقدار ، و
معاكس له في المسار ، و أن مقابل كل "خروج كبير" ، دخول أكبر
بكثير .
قلنا :
- زدنا ، زاد الله في علمك ، و وسع عليك في فهمك .
قال :
- ستسقط أوراق التوت ، و يدخل اليهود إلى بيروت ، و بذلك تنكشف
اللعبة ، لكن .. بعد فراغ الجعبة .
قلنا :
- و ماذا سيفعل سركيس ؟
قال :
- يركب الطائرة إلى باريس . و هناك يضع يده على خده ، إلى جوار
صديقه ريمون اده .
قلنا :
- و عرب القمة ؟
قال و قد زوى حاجبيه ، و أشاح عني بعارضيه :
- هذا سؤال سخيف ، و جوابه .. يا لطيف .. فاقفز عنه إلى سواه ، و
ابحث عن كل شيء إلاه .
قلنا و قد خشينا غضب أبي خليل :
- حسنا .. ماذا سيحل بنا ، نحن معشر الكتاب ؟
قال :
- هذا سؤال حاضر الجواب : ستخرجون عن أطواركم ، و
تعجزون عن توصيل أفكاركم ، و ستبحثون عن أساليب جديدة ، لإبقاء
أعماركم مديدة ، فتنغلق أمامكم دروب الحق ، و تنفتح لكم دروب الرزق .
قلنا :
- و كيف يكون ذلك ، يا طويل العمر ؟
قال :
- سيكتب في علم التاريخ ، من له باع طويل في أكل البطيخ
، و يتحدث عن تعمير الصحاري ، من أفنى عمره في تمديد المجاري ، و
ينصرف إلى رياضة الاسكواش ، من كان يعالج هموم الناس ، و يفتي
في مسائل الدين من لا يميز بين الحجر و الطين .
قلنا :
- أما من سبيل إلى الخلاص ؟
قال :
- بلى : يأتي على الناس زمان ، يكون فيه القابض على
رأسه ، كالقابض على الجمر . و يأتي على الكتاب زمان ، يكون فيه
أصدقهم أكثرهم صمتا ،و أكذبهم ، أعلاهم صوتا ، فإذا خيرتم ، فاختاروا
الأولى . فإن غم عليكم ، فلا تخشوا من الناس الحرج ، و اسألوا الله
سرعة الفرج .
--------------------------
ملاحظة : المقال كتب بين عامي 1980 و 1986 في جريدة الرأي الأردنية ، و لا أعلم خلفيات المقال ، و لكن جماليته و حديثه عن صمت الكتاب و أكل البطيخ و أبو خليل الحافي ... كل هذا أجبرني أن أشارككم به
و تقبلوا تحياتي
من كتاب ( أوراق شاهد عيان
في غرائب هذا الزمان)
للكاتب : بدر عبد الحق
--------------------------
حدثنا أبو خليل البيروتي ، قال :
- بعد "الخروج الكبير" من بيروت ، ستخرب الكثير من البيوت ، فتغدو
الوجوه كالحة ، و الشفاه مالحة ، و يطير النوم من العيون ، و تصبح
الحياة نوعاً من الجنون .
قلنا :
- كيف ، يا رعاك الله ؟
قال أبو خليل :
- ستحدث "خروجات" كثيرة ، و تطورات خطيرة : تخرج الحرية من
القاموس ، و يصبح لكل مواطن جاسوس ، و تخرج العصافير من
الأعشاش ، لتدخلها الأفاعي و الأوباش ، و تنحني الهامات و الرؤوس ،
و تسلب العزة من النفوس ، و تكمم أفواه الأحرار ، و تنفتح حناجر
الأشرار .
قلنا :
- و ماذا بعد ؟
قال :
- اصبر يا هذا ، و اعلم أن لكل فعل ، رد فعل ، مساو له بالمقدار ، و
معاكس له في المسار ، و أن مقابل كل "خروج كبير" ، دخول أكبر
بكثير .
قلنا :
- زدنا ، زاد الله في علمك ، و وسع عليك في فهمك .
قال :
- ستسقط أوراق التوت ، و يدخل اليهود إلى بيروت ، و بذلك تنكشف
اللعبة ، لكن .. بعد فراغ الجعبة .
قلنا :
- و ماذا سيفعل سركيس ؟
قال :
- يركب الطائرة إلى باريس . و هناك يضع يده على خده ، إلى جوار
صديقه ريمون اده .
قلنا :
- و عرب القمة ؟
قال و قد زوى حاجبيه ، و أشاح عني بعارضيه :
- هذا سؤال سخيف ، و جوابه .. يا لطيف .. فاقفز عنه إلى سواه ، و
ابحث عن كل شيء إلاه .
قلنا و قد خشينا غضب أبي خليل :
- حسنا .. ماذا سيحل بنا ، نحن معشر الكتاب ؟
قال :
- هذا سؤال حاضر الجواب : ستخرجون عن أطواركم ، و
تعجزون عن توصيل أفكاركم ، و ستبحثون عن أساليب جديدة ، لإبقاء
أعماركم مديدة ، فتنغلق أمامكم دروب الحق ، و تنفتح لكم دروب الرزق .
قلنا :
- و كيف يكون ذلك ، يا طويل العمر ؟
قال :
- سيكتب في علم التاريخ ، من له باع طويل في أكل البطيخ
، و يتحدث عن تعمير الصحاري ، من أفنى عمره في تمديد المجاري ، و
ينصرف إلى رياضة الاسكواش ، من كان يعالج هموم الناس ، و يفتي
في مسائل الدين من لا يميز بين الحجر و الطين .
قلنا :
- أما من سبيل إلى الخلاص ؟
قال :
- بلى : يأتي على الناس زمان ، يكون فيه القابض على
رأسه ، كالقابض على الجمر . و يأتي على الكتاب زمان ، يكون فيه
أصدقهم أكثرهم صمتا ،و أكذبهم ، أعلاهم صوتا ، فإذا خيرتم ، فاختاروا
الأولى . فإن غم عليكم ، فلا تخشوا من الناس الحرج ، و اسألوا الله
سرعة الفرج .
--------------------------
ملاحظة : المقال كتب بين عامي 1980 و 1986 في جريدة الرأي الأردنية ، و لا أعلم خلفيات المقال ، و لكن جماليته و حديثه عن صمت الكتاب و أكل البطيخ و أبو خليل الحافي ... كل هذا أجبرني أن أشارككم به
و تقبلوا تحياتي