PDA

View Full Version : حقيقة التأثير السياسي للحركات الإسلامية الباكستانية


متشيم
29-01-2002, 12:59 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

تعتبر الباكستان بعدا استراتيجيا إقليميا لدول الخليج والدول الإسلامية ، وخلال الفترة التي تميل فيها الكفة للإسلاميين تمثل فيه الباكستان خطرا على الدول المعادية للإسلام ، ويكفي الباكستان فخرا في عصر الرئيس الراحل البطل المجاهد ضياء الحق رحمه الله أن إسرائيل صرحت بأن حدودها الجوية آمنة إلى حدود باكستان ، يعني بما في ذلك سوريا والعراق وإيران ، لأن إسرائيل كانت تعلم بقوة باكستان ووزنها الحقيقي ، لا البالون الرافضي المسمى "إيران" الذي لم يشكل تواجده أي تهديد لإسرائيل.

خلال الأحداث الأخيرة حاولت الحركات الإسلامية وعلى رأسها "الحركة الإسلامية" و "جمعية العلماء" بتحرك ثقيل الوزن نجم عنه اعتقال أو حجز زعماء الجماعتين وبعض الجماعات الإسلامية الأخرى ، التصريحات التي صاحبت تحرك التيار الإسلامي الباكستاني استطاعت أن تهيج الشارع الباكستاني وخاصة في مدينة بيشاور ذات الطابع الالتزامي المحافظ ، واستطاعت أن تشكل إزعاجا شديدا للحكومة الباكستانية والحكومة الأمريكية وكذلك الحلف المناهض لطالبان.

ولكن تفاجئنا مع مرور الوقت أن الجماهير الغفيرة التي تحركت مشاعرها ضد الامريكان قلت ، وأن هذه المشاعر خبت لدى الكثيرين ، فأين تلك المشاعر التي حركتنا نحن البعيدين عن مدار الأحداث؟ وأين تلك المظاهرات التي عمت الباكستان؟ وأين ذلك الشباب الذي رأينها يشتبك مع قوات الشرطة؟ وأن التهديدات العنيفة التي صرح بها العلماء بأنهم سيقتحمون قاعدة "يعقوب أباد"؟ أين ذهب كل هذا؟

إن هذا وللأسف أثبت فيما لا يدع مجالا للشك أن هذه الحركات بدأت تفقد الكثير من شعبيتها ، وأن الجمهور العريض الذي تحرك لمساندتها لم يكن جمهورها الحقيقي والناس الذين استجابوا لدعوات الحركات الإسلامية في باكستان لا يمثلون عمقا حقيقيا لهذه الحركات ، إنما استفادت الحركات الإسلامية من الأحداث لتسيير جموع من الناس تأييدا لآراءها (التي اعتبرها هي الحق) وراهنت هذه الحركات على مجموعة كبيرة من الناس الذين لا تحركهم سوى العواطف ، تلك العواطف التي تسخن بسرعة وتخبوا بسرعة أكبر ، ولم يكن اعتماد هذه الحركات على قاعدة شعبية عريضة حقيقية تمثل التيار الإسلامي.

وبهذا تفقد الحركة الإسلامية حيزا كبيرا من هيبتها ، حيث راهنت على الشارع الذي كان يغلي وسرعان ما أصبح قالبا من الثلج ، ولتثبت الحركة الإسلامية في باكستان أن شعاراتها لا تعدوا أن تكون "فلفل" تسخن به الألسن لتنطق بكلمات نارية ما يلبث أن يزول تأثير "الفلفل" وتغيب العواطف ، ولذلك كان جزاء الحركات الإسلامية أن تم تحييدها بشكل مطلق في الاجتماع الوطني الذي عقده برفيز مشرف بقادة الأحزاب الباكستانية ، في الوقت الذي استعانت الهند بأعتى الهنودس المتعصبين واستعانت حتى بمثثلي المسلمين للوقوف في صفها.

المشكلة الأكبر أن هذا الأمر أثبت عدم قدرة الحركة الإسلامية على استغلال الظروف لصالحها بشكل أكبر ، ولا ندري بالمستقبل ماذا قد يأتي لنا به؟ وهل ستقوم الحركات الإسلامية بسلوك نفس الطريق الذي اعتدناها منها وهي تهييج المشاعر

استكمل على هذا الموضوع بإذن الله ذاكرا السياسات التي أتوقع أن تقوم بها الحركات الإسلامية الباكستانية او التي ينبغي ان تقوم بها حتى تعيد لنفسها الهيبة وحتى يكون لها أثر أكثر عمقا بعد أكثر من 12 عام من حالة اللاوعي التي تعيشها إثر اغتيال الرئيس الراحال ضياء الحق رحمه الله.

ابو سعود
29-01-2002, 05:49 AM
تعد اللعبة السياسية اخطر لعبة عرفتها الامم.

وتكمن خطورتها في ان المتربع على عرش السلطة يقاوم بكل ما اوتي من قوة في سبيل الحفاظ على عرشه وسلطته.

لذلك عندما وصل الرئيس برويز مشرف الى سدة الحكم في الباكستان (ونحن نعلم مدى الانحياز الامريكي للعدو اللدود للباكستان وهو الهند) اقول عندما وصل مشرف كان يعلم مدى خطورة حالة اللا استقرار التي يعيشها الشارع الباكستاني . خصوصا لو نظرنا الى حالة رؤساء الوزراء قبل برويز. فاكثرهم تخلوا عن السلطة او لم يتم اعادة انتخابهم تحت تأثير ضغط الشارع الباكستاني.

واكثر ما وجده الرئيس مشرف خطراً على سلطته هو الجماعات الاسلامية لانه يعلم انها تناهض توجهه السياسي التقاربي مع الامريكان وهم يعلمون انه على حساب قضيتهم الاولى (كشمير)
لذلك درأً للخطر قام بتحجيم دورهم وقد اتت احداث الحادي عشر من سبتمبر لتكون المحرك الحقيقي للامريكان للضغط على الرئيس مشرف للتخلص من هذه الجماعات ونفوذها في سبيل ضمان استرارية حكم برويز للبلاد بالاضافة الى ملايين الدولارات التي تلقتها باكستان كمساعدة من امريكا ( وطبعا جميعا يعلم معنى المساعدات المقدمة للدول العربية والاسلامية ونصيب الحاكم منها)

هذا تصوري الشخصي للاحداث ومصير الجماعات الاسلامية الباكستانية

اما اتجاه هذه الجماعات للتصاريح المهيجة والمثيرة للعاطفة ومانراه من مظاهرات باسم هذه الجماعات دون اثر بارز لها في القرار فهي حتال اعتدنا عليها في عالمنا الاسلامي ولكن اتسائل لماذا خبى تأثير هذه الحركات خصوصا في دولة كباكستان!

تحياتي:)

متشيم
29-01-2002, 11:04 AM
أشكرك على المشاركة أخي ابو سعود

يحسب لبرويز قدرته على الاستمرار في الحكم لهذه اللحظة واعتقد قدرته على الاستمرار كانت مبنية على حالة الجمود السياسي والفشل الذريع المتواصل من بعد اغتيال ضياء الحق رحمه الله ، فبنازير بوتو سرقت المال العام ووزعت المناصب على الآلاف من ابناء عائلتها وأقاربها ، ونواز شريف كان على نهجها ، تارة تحكم هي ، ثم يحكم هو ثم هي ثم هو ، قصة هي وهوه ...

أما لماذا خبت المشاعر الباكستانية ضد أمريكا فسببها واحد أنها قامت على التهييج العاطفي ، ولو أن الحركات الإسلامية أوصلت للشعب الباكستاني واقع الأمة الحالي والتحديات التي تواجهها بشكل واضح ودقيق لكان هناك محركان للشعب الباكستاني ، العاطفة والعقل ، العقل لا يخبو ابدا أما العاطفة الهياجة فكالسيل الذي يجرف كل شيء ما يلبث أن يجف في الأرض.

متشيم
29-01-2002, 10:48 PM
المشكلة الرئيسية التي يعاني منها التيار الإسلامي في الدول الإسلامية أنه برغم قوته في مواجهة خصومه إلا أنه بين اتجاهاته الفكرية المختلفة التي يضمها "التيار الإسلامية" أشد خصومة ، فعلى سبيل المثال ، ما حصل للجبهة الإسلامية للأنقاذ بمجرد ضربها ، حيث تفككت إلى عناصر متواجهة ، فتيار رفض رفع السلاح تمثل في قادة الجبهة كحشاني وعباس مدني وعلي بالحاج ، وتيار رفع السلاح في وجه الحكومة واسخدم السلاح ضد كل من يمثل الحكومة ، وتيار أشد تطرفا استحل دماء المسلمين وأعراضهم ، فنحرهم نحرا وسبى النساء (ولا يعفى الجيش الجزائري من ارتكاب نفس الفضائع) و كانت المصيبة الأكبر قتل حشاني (اعتقد هو المقتول) على يد أحد المنتسبين للجبهة بتهمة خضوعه للسلطة ، وسبق أن قتل أحد كبار قادة حركة السلم التي يتزعمها محفوظ النحناح على يد أحد الإسلاميين ، وأظن أن القائد كان الأمين العام للحركة ، وهو رجل عالم ومن كبار علماء الجزائر.

وفي نفس الوقت ظهر حزب التحرير الذي سخر من جبهة الأنقاذ ومن قادتها ، و ادعى أن كل ما حصل للجزائر كان لأن جبهة الإنقاذ لم تعلن تطبيق الشريعة (وهل أمسكت جبهة الإنقاذ بزمام الأمور حتى تعلن ذلك؟).

التيار الإسلامي في الكويت علمته المحنة أنه لا مكان للمتخاصمين ، ولذلك فإن أي مجموعة توظف طاقتها أو حتى جزء من طاقتها في محاربة مجموعة إسلامية أخرى كان مصيرها الذوبان وهذا فعلا ما حصل ، بينما في الدول الأخرى إنشغلت التيارات الإسلامية ببعضها البعض ، وتآكلت تآكلا عجيبا مما أضعفها ذلك ، وخلال عشر سنوات من بعد الأزمة عاد التيار الإسلامي بقوة أكبر وتنامى بشكل مطرد على عكس التيار اليساري.

والتيار الإسلامي في الباكستان يعاني من نفس المشكلة ، ولكن لم يجتمع سوى خلال الأزمة الراهنة ، ولم يوحد صفوفه سوى في هذه المشكلة التي فعلا كانت عنصر توحيد معتبر ، ولكن هذا التوحيد الطاريء لم يكن له تلك الفائدة سوى توحيد الرؤية خلال هذه الفترة ، في الوقت الذي ضيعوا فيه سنوات طويلة لو استغلوها في توحيد صفوفهم لوضع الباكستان وحتى أفغانستان بين أيديهم ، ولكن الإنشغال بالمعارك الجانبية أو على الأقل النفرة وعدم التعاون سبب كل هذا الضعف في التيار الإسلامي.

ينشغل قادة الحركات الإسلامية بالمشادات والمشاحنات الجانبية ، وينشغل العاملون ظمن هذه التيارات بالتنافس على كسب أكبر عدد من الأتباع ، والتنافس ما بينهم أشد من التنافس مع التيارات الأخرى المعادية أو المنافسة للتيار الإسلامي ككل.

وهذه هي حالة الحركات الإسلامية على عموم العالم الإسلامي ، تنافس ما بينها على أشده ، وتترك الساحة للعلماني والعميل والمغرض والخائن أو من لا يملك هدفا أو حتى للتيارات الوطنية ذات المعنى الطيب والاتجاه نحو الخير ، ولما تشتد الأزمة تتوحد الحركات الإسلامية في تيار واحد آملة أن تستفيد من هذه الوحدة ، ولن تستفيد من هذه الوحدة لأنها لم تظهر سوى في في ظرف طاريء ، على عكس فيما لو ظهر هذا التوحد والتعاون خلال فترة الهدوء.