مدردش متقاعد
06-03-2002, 03:06 PM
مرحبا بالجميع من جديد.. بعد فترة توقف أعود مجدد لطرح المزيد من أجزء هذه السلسلة البحرية و كلي أمل أن تكون خفيفة على قلوبكم..و أن لا أكون قد ثقلت عليكم:)
لقراءة الجزء السابق:-
دردشات بحـريـــ(9)ـــة ***((تصادم العقارب!)) (http://www.swalif.net/sforum1/showthread.php?threadid=128280&highlight=%2A%2A%2A)
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
و أخير وصلنا في صباح اليوم التالي إلى سنغافورة حيث غادرنا هناك (Paul) المهندس الرابع كما غادر ضابط الملاحة الثاني (Phil) و التحق بدلا منه (Dom) الضخم الجثة اللندني اللهجة، كما التحقـ(ت) أيضا..زوجة مهندس البضاعة ليصبح عدد الإناث ثلاثة في السفينة التي ستقضي مع زوجها آخر أسبوعين له على السفينة لينزلا سوية في سنغافورة على طريق عودتنا إلى الإمارات…….آه نسيت أن أخبركم بأنه تتواجد معنا (كريستينا) كضابط ملاحة ثالث متدربة فهذه أول رحلة لها مع الشركة و يتوجب عليها أن تخوض فترة تدريب قصيرة حيث لم يسبق لها أن التحقت بمثل هذا النوع من السفن، هي أيضا أسترالية لكن من يراها للوهلة الأولى يعتقد أنها من قبائل الهنود الحمر السكان الأصليين لأمريكا! اكتشفت لاحقا أنها من ضمن المهاجرين إلى أستراليا و أن أمها من أندونيسيا وأبوها من جزر الكاريبي! عموما مع شكلها الأقرب لرجال و صوتها الأجش الغليظ الأشبه بصوت رعاة البقر (الكوبوي) لا غرابة من اختيارها لهذه المهنة الشاقة (الرجالية) البحتة!
لم يستغرق توقفنا في مياه سنغافورة أكثر عن ساعة نزل بها من نزل و صعد من صعد لنكمل طريقنا بعدها متجهين شمالا نحو اليابان في رحلة سوف تستغرق أسبوع كامل.
و خلال تلك الفترة أخذت أتعود تدريجيا على العمل على ظهر السفينة و استطعت استرجاع كثير مما تعلمته في رحلتي السابقة و مع ذلك فما زلت أتعلم كل يوم شيئا جديدا لم أكن أعرفه من قبل، فتخرجي و حصولي على شهادة الهندسة لا يعني أنني أعرف كل شي، فهذه هي أول رحلة لي كمهندس تحت التدريب (First Trip Junior Engineer) و مازال الطريق بالنسبة لي طويل و شاق جدا كي أصل إلى رتبة كبير المهندسين (Chief Engineer) فعلى الأقل يلزمني رصيد خبرة لا يقل عن 15 سنة بالإضافة إلى شهادات أخرى يتوجب الحصول عليها، عموما مازال الوقت مبكرا جدا للحديث عن موضوع الترقية
:):)
في صباح يوم من تلك الأيام كلفني (Ray) المهندس الثاني بعمل قطع حديدية باستخدام المخرطة التي في الورشة (جهاز يستخدم لعمل القطع الحديديةJ)، يا إلهي..مضت أكثر من ثلاث سنوات لم ألمس فيها جهاز المخرطة.. فآخر مرة اشتغلت فيها كانت في ورش الكلية في الفصل الأول من دراستي..و لم أكن في الحقيقة أحب مثل هذه الأعمال فكثيرا ما كنت أجرح يدي أو أصبع من أصابعي أثناء تعاملي مع جهاز المخرطة لتمتلئ يدي في نهاية اليوم بضمادات و لاصقات الجروح هاهاها…
أففففففف..معنى هذا أنني سأقف طوال اليوم بجانب هذا الجهاز التعيس أحسب الطول و العرض ووو إلى أن أحصل على شكل القطعة المطلوب!… المصيبة يا جماعة الخير أنني نسيت الآن كيفية استخدام الجهاز.. و لابد أن هذا سيكون محرجا لي إذا علم (Ray) بذلك..فهو يؤمن أن أي مهندس بحري يجب أن يكون ملما باستخدام جميع الأجهزة و الأدوات و من ضمنها أدوات الخراطة و الحدادة… آآه..ألم يكن من الأفضل لو قام بإسناد عمل القطع إلى (توني) الميكانيكي المتخصص في أعمال الحدادة و الخراطة..فهو متمرس في هذا المجال بل هو أستاذ فيها و لن يستغرق في صنعها أكثر عن ساعة فكثيرا ما كنت أقف مدهوشا أراقبه و هو يصنع بعض القطع المعقدة جدا .. و منها قطعة عجيبة اعتبرتها بمثابة تحفة فنية، فهي عبارة عن قطعة حديدية إحدى نهايتيها على شكل كف ليد إنسان أما النهاية الأخى فهي عبارة عن فتاحة لقواني (جمع قنينة) المياه الغازية.. الأمر الذي أثار استغرابي أنه إذا ما قمت بإدارة اليد ستكشف تحتها عن نصل حاد جدا لتكسير قوالب الثلج و تفتيتها.. إنه فعلا أستاذ!
كانت أول مرة ألمس فيها هذا الجهاز منذ سنين كما أخبرتكم مما جعلني متخوف جدا من التعامل معه..فغلطة بسيطة قد تكلفني أصبعا مبتورا.. أو إصابة في عيني.. لأصبح بعدها (المدردش الأعور!) .. أو على الأقل قطع في أصبع من أصابعي المسكينة…لذلك اتخذت احتياطاتي من لبس النظارات الواقية و إسدال أكمام لباسي و تغطية أي جزء ظاهر من جسمي و غيرها من الاحتياطات التي يجب اتخاذها عند التعامل مع مثل هذا النوع من الأجهزة الخطيرة لأقي نفسي من ما قد يحصل لي من جراء تطاير أجزاء الخراطة..و بدأت (بسم الله).. أقطع الحديدة… وأشكلها.. آووه.. يجب أن يكون طولها كذا مليميتر.. و عرضها كذا مليميتر.. و محيطها أيضا بقياس… يا إلهي.. أين الثقب الذي علي أن أضعه فيها… صدعة راس يا ناس..و الجهاز يدور.. كويك كويك كويك كويك كويك…بالرغم من أن القطعة صغيرة لا يتعدى حجمها أصبع الإبهام.. إلا أنها كما توقعت استغرقت مني يوما كاملا لإنجازها حيث كان يجب علي أن أصنعها وفق قياسات محددة و معينة و إلا لما كان لها فائدة..و طبعا كل ذلك بمساعدة (توني) الذي كان يرشدني و يوجهني باستخدام الأدوات المناسبة.. و لولاه لما انتهيت منها حتى لو بعد أسبوع ههههههه!
الحمد لله.. عدى الموضوع على على خير..و أنجزت بقدرة قادر صنع قطعتين متطابقتين من معدن النحاس هما بالأصل قطع غيار المفروض أن تكون متوفرة في السفينة و لكن بسبب عدم توفرها و احتياجنا لها قمت بعملها بنفسي ( يا عيني على التكنولوجيا)!
كم تندمت لأنني لم أصنع قطعة ثالثة .. كنت على الأقل (بروزتها) وعلقتها على جدار المجلس بجانب شهادتي و بجوارها عبارة (Made By Modardesh) هاهاها..عموما مازال في الوقت متسع لعمل المزيد من القطع.. من يدري ربما أستطيع بيعها بالملايين كما يفعل بعض النحاتين المعتوهين الذي يقومون بنحت أشياء غريبة و عجيبة و من ثم يطلقون عليها لقب فن (سريالي)!!
كانت هذه هي قصتي مع جهاز المخرطة الذي تعلمت استخدامه و إن لم أتقن جمع (تكنيكاته) بعد)…..و في الحلقة القادمة سأحكي لكم عن حمام الزيت المنعش الذي أخذته.. و أي زيت؟ إنه زيت من نوع خاص جدا!!.. لمعرفة المزيد من التفاصيل..تابعوا معي تكملة الدردشات البحرية
تحياتي
مدردش متقاعد
لقراءة الجزء السابق:-
دردشات بحـريـــ(9)ـــة ***((تصادم العقارب!)) (http://www.swalif.net/sforum1/showthread.php?threadid=128280&highlight=%2A%2A%2A)
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
و أخير وصلنا في صباح اليوم التالي إلى سنغافورة حيث غادرنا هناك (Paul) المهندس الرابع كما غادر ضابط الملاحة الثاني (Phil) و التحق بدلا منه (Dom) الضخم الجثة اللندني اللهجة، كما التحقـ(ت) أيضا..زوجة مهندس البضاعة ليصبح عدد الإناث ثلاثة في السفينة التي ستقضي مع زوجها آخر أسبوعين له على السفينة لينزلا سوية في سنغافورة على طريق عودتنا إلى الإمارات…….آه نسيت أن أخبركم بأنه تتواجد معنا (كريستينا) كضابط ملاحة ثالث متدربة فهذه أول رحلة لها مع الشركة و يتوجب عليها أن تخوض فترة تدريب قصيرة حيث لم يسبق لها أن التحقت بمثل هذا النوع من السفن، هي أيضا أسترالية لكن من يراها للوهلة الأولى يعتقد أنها من قبائل الهنود الحمر السكان الأصليين لأمريكا! اكتشفت لاحقا أنها من ضمن المهاجرين إلى أستراليا و أن أمها من أندونيسيا وأبوها من جزر الكاريبي! عموما مع شكلها الأقرب لرجال و صوتها الأجش الغليظ الأشبه بصوت رعاة البقر (الكوبوي) لا غرابة من اختيارها لهذه المهنة الشاقة (الرجالية) البحتة!
لم يستغرق توقفنا في مياه سنغافورة أكثر عن ساعة نزل بها من نزل و صعد من صعد لنكمل طريقنا بعدها متجهين شمالا نحو اليابان في رحلة سوف تستغرق أسبوع كامل.
و خلال تلك الفترة أخذت أتعود تدريجيا على العمل على ظهر السفينة و استطعت استرجاع كثير مما تعلمته في رحلتي السابقة و مع ذلك فما زلت أتعلم كل يوم شيئا جديدا لم أكن أعرفه من قبل، فتخرجي و حصولي على شهادة الهندسة لا يعني أنني أعرف كل شي، فهذه هي أول رحلة لي كمهندس تحت التدريب (First Trip Junior Engineer) و مازال الطريق بالنسبة لي طويل و شاق جدا كي أصل إلى رتبة كبير المهندسين (Chief Engineer) فعلى الأقل يلزمني رصيد خبرة لا يقل عن 15 سنة بالإضافة إلى شهادات أخرى يتوجب الحصول عليها، عموما مازال الوقت مبكرا جدا للحديث عن موضوع الترقية
:):)
في صباح يوم من تلك الأيام كلفني (Ray) المهندس الثاني بعمل قطع حديدية باستخدام المخرطة التي في الورشة (جهاز يستخدم لعمل القطع الحديديةJ)، يا إلهي..مضت أكثر من ثلاث سنوات لم ألمس فيها جهاز المخرطة.. فآخر مرة اشتغلت فيها كانت في ورش الكلية في الفصل الأول من دراستي..و لم أكن في الحقيقة أحب مثل هذه الأعمال فكثيرا ما كنت أجرح يدي أو أصبع من أصابعي أثناء تعاملي مع جهاز المخرطة لتمتلئ يدي في نهاية اليوم بضمادات و لاصقات الجروح هاهاها…
أففففففف..معنى هذا أنني سأقف طوال اليوم بجانب هذا الجهاز التعيس أحسب الطول و العرض ووو إلى أن أحصل على شكل القطعة المطلوب!… المصيبة يا جماعة الخير أنني نسيت الآن كيفية استخدام الجهاز.. و لابد أن هذا سيكون محرجا لي إذا علم (Ray) بذلك..فهو يؤمن أن أي مهندس بحري يجب أن يكون ملما باستخدام جميع الأجهزة و الأدوات و من ضمنها أدوات الخراطة و الحدادة… آآه..ألم يكن من الأفضل لو قام بإسناد عمل القطع إلى (توني) الميكانيكي المتخصص في أعمال الحدادة و الخراطة..فهو متمرس في هذا المجال بل هو أستاذ فيها و لن يستغرق في صنعها أكثر عن ساعة فكثيرا ما كنت أقف مدهوشا أراقبه و هو يصنع بعض القطع المعقدة جدا .. و منها قطعة عجيبة اعتبرتها بمثابة تحفة فنية، فهي عبارة عن قطعة حديدية إحدى نهايتيها على شكل كف ليد إنسان أما النهاية الأخى فهي عبارة عن فتاحة لقواني (جمع قنينة) المياه الغازية.. الأمر الذي أثار استغرابي أنه إذا ما قمت بإدارة اليد ستكشف تحتها عن نصل حاد جدا لتكسير قوالب الثلج و تفتيتها.. إنه فعلا أستاذ!
كانت أول مرة ألمس فيها هذا الجهاز منذ سنين كما أخبرتكم مما جعلني متخوف جدا من التعامل معه..فغلطة بسيطة قد تكلفني أصبعا مبتورا.. أو إصابة في عيني.. لأصبح بعدها (المدردش الأعور!) .. أو على الأقل قطع في أصبع من أصابعي المسكينة…لذلك اتخذت احتياطاتي من لبس النظارات الواقية و إسدال أكمام لباسي و تغطية أي جزء ظاهر من جسمي و غيرها من الاحتياطات التي يجب اتخاذها عند التعامل مع مثل هذا النوع من الأجهزة الخطيرة لأقي نفسي من ما قد يحصل لي من جراء تطاير أجزاء الخراطة..و بدأت (بسم الله).. أقطع الحديدة… وأشكلها.. آووه.. يجب أن يكون طولها كذا مليميتر.. و عرضها كذا مليميتر.. و محيطها أيضا بقياس… يا إلهي.. أين الثقب الذي علي أن أضعه فيها… صدعة راس يا ناس..و الجهاز يدور.. كويك كويك كويك كويك كويك…بالرغم من أن القطعة صغيرة لا يتعدى حجمها أصبع الإبهام.. إلا أنها كما توقعت استغرقت مني يوما كاملا لإنجازها حيث كان يجب علي أن أصنعها وفق قياسات محددة و معينة و إلا لما كان لها فائدة..و طبعا كل ذلك بمساعدة (توني) الذي كان يرشدني و يوجهني باستخدام الأدوات المناسبة.. و لولاه لما انتهيت منها حتى لو بعد أسبوع ههههههه!
الحمد لله.. عدى الموضوع على على خير..و أنجزت بقدرة قادر صنع قطعتين متطابقتين من معدن النحاس هما بالأصل قطع غيار المفروض أن تكون متوفرة في السفينة و لكن بسبب عدم توفرها و احتياجنا لها قمت بعملها بنفسي ( يا عيني على التكنولوجيا)!
كم تندمت لأنني لم أصنع قطعة ثالثة .. كنت على الأقل (بروزتها) وعلقتها على جدار المجلس بجانب شهادتي و بجوارها عبارة (Made By Modardesh) هاهاها..عموما مازال في الوقت متسع لعمل المزيد من القطع.. من يدري ربما أستطيع بيعها بالملايين كما يفعل بعض النحاتين المعتوهين الذي يقومون بنحت أشياء غريبة و عجيبة و من ثم يطلقون عليها لقب فن (سريالي)!!
كانت هذه هي قصتي مع جهاز المخرطة الذي تعلمت استخدامه و إن لم أتقن جمع (تكنيكاته) بعد)…..و في الحلقة القادمة سأحكي لكم عن حمام الزيت المنعش الذي أخذته.. و أي زيت؟ إنه زيت من نوع خاص جدا!!.. لمعرفة المزيد من التفاصيل..تابعوا معي تكملة الدردشات البحرية
تحياتي
مدردش متقاعد