PDA

View Full Version : مريوم ملاس (2و 3)


المزوحي
14-02-2003, 11:33 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

قام غلوم بعدة مناورات فلم تتجاوب معه حفاظا على كبريائها ، و لما أحس انه ما من فائدة هم بالرحيل فبادرته قائلة : شو يعني حرام أتدلع ؟! ( مش شايفة خير ) ، كان يبدو للعيان أنه ابن عائلة محترمة ( اغلب المعاكسين من عائلات محترمة! ) ، و استمرت علاقتهما فترة ليست بالبسيطة فقد كانت بمثابة الدجاجة التي تبيض ذهبا و عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة

لم تتمادى في علاقتها معه بل كانت تحسب لكل خطوة ألف حساب ، لم يكن يهم ( غلوم) سوى الهدايا و سداد فواتير هاتفه و تفصيل ملابس العيد له ، و عندما تعرف على فتاة أخرى تركها إلى غير رجعة بعد أن اعترف بأنه لا يكن لها أي عاطفة و لم يكن ليتعرف يوما على برميل متحرك إلا للاستفادة من وضعها المادي ، أصيبت بحالة نفسية لازمتها فترة من الوقت كما اتضح أنها مصابة بارتفاع في ضغط الدم و مستوى الكوليسترول.

تأكدت ( مريوم ) بأنها لا تثير الإعجاب و لا يمكن لأي رجل أن ينظر لها و هي بهذا الحال ، صممت على تخفيف وزنها فالتحقت بإحدى صالات الرشاقة بالإضافة إلى متابعة برنامج ( ما إلك إلا هيفا) ، كادت تسقط من على سطح المنزل بينما كانت تتابع إحدى الحلقات التي كانت تصور تمارينها على سطح بناية ! ، مضت عدة أشهر بلا فائدة فالجسد ما زال ممتلئ بالدهون ، أخيرا قررت إجراء عملية جراحية تجميلية لإزالة السمنة و الدهون لعلها تستعيد بعضا من رشاقتها و جمالها المعهود.

سافرت إلى أوربا مع خادمتها ( ما اكثر البنات اللواتي يسافرن بدون محرم ) و أجرت عملية التجميل رغم خطورتها ، تم زرع رقاقات من مادة السيليكون في أجزاء من جسدها ، و استخدم الجلد الزائد في صناعة حقيبة جلدية ! ، ( يقال و العهدة على الراوي انه و بعد الحظر المفروض على جلود الحيوانات بدا المصنعون في استخدام جلود البشر للاستفادة من زيادة الجلود المترهلة !) ، هي الآن حديث الفتيات في الكليات و الجامعات و في أوساط المجتمع ، الكل يتحدث عن إصرارها و عزيمتها معتقدين أن استعادتها لجمالها السابق كان نتيجة للريجيم القاسي و تمارين الرشاقة ، كانت كالملاس و غدت كالعود المياس.


عادت تستعرض مفاتنها في الأسواق و المراكز التجارية ، المعجبين و المعجبات و المعاكسين ينهمرون من كل صوب و حوب ، تفننت في الملبس و التبرج ، تارة ترتدي الملابس الضيقة و تارة الملابس الفضفاضة ، أحيانا تتجول بدون شيلة و أحيانا بغشوة ، أثبتت صحة النظرية العلمية ( التنورة الضيقة و القصيرة قادرة على جذب اكبر عدد من الرجال) ، تارة يعاكسها شاب يرتدي بنطلونا ضيقا لا يمكن لطفل صغير أن يرتديه و قد حلق شاربه و لحيته فغدا وجهه كالعشب المحروق ، و كائنات غريبة تتدلى من رأسه فتكتشف لاحقا أنها خصلات من شعره ، و تارة يعاكسها شاب يتحدث بلغة مكسرة مع انه يرتدي الغترة و العقال ، و أحيانا يقترب منها فتى صغير فتظنه سيطلب منها حاجة فتفاجأ بأنه يود التعرف عليها ، و شرطة الآداب تقوم بواجبها على اكمل وجه فما أن يعاكسها شاب إلا و تكون له بالمرصاد و تنشر صورته في الصحف ، تضايقت كثيرا مما يحدث للشباب المساكين و التمست لهم العذر فهي إغراء لا يقاوم ، و قررت أن لا تتجول في المراكز التجارية إلا و خادمتها تمشي خلفها حاملة لوحة تحذيرية قد كتب عليها ( احذر ، الفتاة مراقبة بالرادار).


في أحد الأيام شد انتباهها إعلان في إحدى القنوات الفضائية عن مسابقة لاختيار ملكة جمال الكون ، لعبت الشياطين في رأسها ( المرأة لها اكثر من شيطان) و اقتنعت بضرورة المشاركة في المسابقة كونها المحك و الاختبار الحقيقي لجمالها و رشاقتها ، أرادت أن تثبت قدرتها على مقارعة جميلات العالم ، فاشتركت في المسابقة بمباركة من الأهل و الأصدقاء تأهلت للتصفيات النهائية بكل سهولة مع ملكة جمال ( الواق واق) و ملكة جمال ( إسرائيل).

كانت كل الدلائل تشير إلى انحصار المنافسة بينها و بين ممثلة العدو الصهيوني ، في اللحظات الحاسمة انسحب أعضاء لجنة التحكيم العرب كي لا يتهموا بالتحيز لممثلة العرب ، و ضغط اللوبي الصهيوني من اجل ضمان الفوز بألاعيبه القذرة و محاولة رشوة لجنة التحكيم و لكن هيهات هيهات لحيلهم و ألاعيبهم التي لم يكتب لها النجاح فقد انتصرت بنت الخليج بفارق صوتين فقط ، و قد رجحت كفتها الشيلة التي تلثمت بها في ظهورها الأخير فكانت السبب الرئيسي في ترجيح كفتها فحققت انتصارا عجز عنه الرجال.

و في حديث مباشر أذيع من مكان المسابقة أعربت ( مريوم) عن سعادتها الغامرة بهذا الفوز الكبير و أهدته لجميع من ساندها حتى وصلت إلى ما هي عليه ، و في تعليقها على انتصارها على ممثلة العدو الصهيوني قالت : لو تعطى المرأة الفرصة الكاملة لحققت ما عجز عنه الرجال و لحررت فلسطين و أعادت الأندلس ! ( صحيح ما يجيبها إلا حريمها). بث الخبر على شبكات التلفزة العالمية ، هللت الصحافة العربية و خرجت بمانشيتات عريضة كان من أبرزها ( أماطت اللثام عن وجهها فكشفت للعالم جمالها ) و ( رشاقة بنت الصحراء تتغلب على رشاقة بني قينقاع ) ، فيما أعربت صحيفة ( الشؤم ) العربية في عددها الصادر أمس عن تخوفها الشديد من تبعات هذا الانتصار و تأثيره على محادثات السلام ، و في الطرف الآخر قللت الصحافة الإسرائيلية من هذا الانتصار و اعتبرته فوزا هزيلا لن يرجح الكفة العربية في قضية الشرق الأوسط.

نالت ( مريوم ) شهرة واسعة في أرجاء المعمورة و أصبحت مطلوبة لتقديم عروض الأزياء و الإعلانات ، أصبحت سفيرة للبنت الخليجية ، قاتلت و ناضلت من اجل أن تنال الفتاة العربية حريتها ، قامت بأدوار البطولة في عدد من الأفلام و فازت بجائزة الأوسكار عن دورها في فيلم ( صمت الثيران) ، كانت من أوائل المشيشات في الوطن العربي و استطاعت أن تروج للشيشة العربية في البلاد الغربية ، بعد فترة من الوقت بدأت أثار عملية التجميل تبدأ في الظهور على أجزاء من جسدها ، تشوهت و فقدت جمالها تدريجيا ، تملكها نوع من الجنون فأقدمت على الانتحار.

============

اتفقنا منذ البداية على أن أحداث و شخصيات هذه القصة خيالية على الرغم من تضمنها لأحداث تحدث بشكل يومي فقد كنت اكتب و لا اعلم إلى أين سيقودني قلمي ، في نظري ( مريوم) ليست المسؤولة عن كل ما حدث لها ، قد تكون ضحية لإهمال والديها أو ضحية للمجتمع الذي عاشت فيه و لكن كل هذا لا يبرر تصرفاتها ، و حتى ( غلوم ) و أمثاله موجودون في المجتمع بكثرة و بأشكال مختلفة فلماذا يعيشون بلا عقاب ؟ ، و لماذا أصبحنا نعيش في مجتمع لا نمد فيه يد المساعدة إلى الآخرين ؟ ، هذه بعض من الأسئلة التي راودتني أثناء الكتابة و للأسف لم أجد لها الجواب الشافي ، عزيزي القارئ قد تعجبك هذه القصة فأكون قد نجحت في إيصال الفكرة إليك ، و قد لا تعجبك و لا تروق لك و في هذه الحالة لا داعي للقلق فهي مجرد خزعبلات!.

طيور الشوق
15-02-2003, 11:39 AM
أخي الكريم المزوحي
استمتعت كثيرا لقراءة قصتك الشائقة، وأسلوبك الساخر الجميل.
أتمنى لك كل التوفيق، وإلى الأمام دائماَ.