PDA

View Full Version : عندما بكيت في بغداد و البصرة


المزوحي
20-02-2003, 11:54 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

بالامس كنت في العراق، نعم كنت في العراق، زرت بغداد الجريحة، زرت الموصل و البصرة العتيقة.

المشهد الاول:
مستشفى الاطفال في المنصور

مبنى قديم لا يدل انه مستشفى إلا من لوحته الخارجية، الأقسام مكتظة بالأطفال ، الأحوال لا تسر، تكدس في الغرف، أجهزة تعود إلى حقبة السبعينات و الثمانينات، الأمهات يبكين، الأطفال لا حول لهم و لا قوة، بعضهم استسلموا للمرض فغطوا في نوم عميق، و البعض الآخر صامدين صامتين، و كثيرين رجعوا لان المستشفى قد امتلأ، السرير يتشارك فيبه طفلين و أحيانا ثلاثة، الطوابير كثيرة، و العلاج غير متوفر، الأدوية تنتظر موافقة لجنة المقاطعة، دخلت قسم السرطان، انفطر قلبي من الحزن، لم أتمالك نفسي فبكيت من الحسرة و الألم.

طفل اسمه عمر، مصاب بالسرطان، ملامح وجهه اختفت، لا تعرف مكان عينيه، و انفه و فمه، لا يمكن وصف شكله، اضطررت إلى اخذ صورة له و هو في أحضان أمه، كانت تبكي، و أبكتنا معها، صورته لم تبارح مخيلتي، أطفال ليس لهم ذنب، بعضهم ولدوا مشوهين، و آخرين تشوهوا بعد الحرب بفعل اليورانيوم المنضب، لا دواء و لا علاج و الضحية أطفال العراق.

المشهد الثاني :
دار رعاية الأيتام و المعوقين:
المبنى كسابقه، أطفال منتشرين في المبنى، بعضهم أيتام و بعضهم معوقون، البطانيات قديمة و الله لن تسمح لخادمك باستخدامها، أيتام تركوا يصارعون في هذه الدنيا وحدهم.

سيدة لا اعرف اسمها، ملقاة على السرير على بطنها، مشلولة لا تقوى على الحركة،، تريد أن تتكلم فلا تستطيع، كلماتها غير مفهومة، يفهمها الأطباء فقط، رغم حالتها المزرية ابتسمت لنا و فرحت، أتعلمون كيف شلت، سقط صاروخ على بيتها قتل جميع أفراد أسرتها و ظلت وحيدة بعد شللها.

المشهد الثالث :
ملجأ العامرية:
مبنى مخصص كملجأ أثناء استخدام الأسلحة الكيماوية، فتحة الصاروخ لا زالت تتوسط الملجأ، في منتصف المبنى تماما، احترق مات جميع من كانوا في الملجأ، مازالت قطع أجسادهم المحترقة متناثرة، متلاصقة بالأسقف و الجدران، و مازالت دماء دماءهم تعطر المكان.

المشهد الرابع :
منطقة النازحين في البصرة:
مباني ليست بمباني، تظنها مباني و هي ليست كذلك، الشرفات يسقط منها الأطفال، 3 عائلات في غرفة واحدة، تستعمل الستائر في النهار على الشبابيك و في الليل كبطانيات تدفيء اجسادهم.

الاطفال بلا احذية، و احذية الكبار بالية، ملابسهم مقطعة، و المجاري بالقرب منهم انهار جارية، وصل مختار المنطقة لاستقبالنا، حاله لم يكن افضل، فهو منهم و فيهم.

اقتربت عجوز مني لتسألنا من نكون، قالت : هل ستساعدوننا؟، قلت: إن شاء الله، قالت: يا ولدي و من يضمن لي أن مساعدتكم ستصلنا؟!، فصمت و لم أرد.

المشهد الخامس :
مستشفى الأطفال في البصرة:
الدكتورة جنان ترحب بنا، بكت لأننا أول وفد عربي يزورهم، تكلمت عن المعاناة، عن الأمراض و التشوهات، كانت الأم تسأل عند ولادتها، هل المولود ذكر أم أنثى، الآن جميع الأمهات يسألن، هل المولود طبيعي أم مشوه؟، شاهدت حالات عديدة مشوهة، أطفال برأسين، أطفال بأورام و أشكال اقل ما يقال عنها أنها لمسخ.

تصفحنا ألبوما لصور من الضحايا، في الألبوم صور لما قبل الإصابة بالسرطان و بعدها، طفلة بدت كملكة جمال قبل إصابتها، و بعد إصابتها بالمرض غدا شكلها مثل الإنسان المدهوس بالسيارة، صور و حالات فضلت أن لا شاهدها انزويت وحدي بعيدا.


والله إن الزيارة فتحت في قلبي جرحا عميقا لن يلتئم، عرفت أننا لسنا بشر، عرفت أننا غارقون في النعيم و الأحلام و غيرنا يأكل من لحوم البشر، تفاصيل كثيرة لم أوردها، و معاناة شديدة لم انقلها،سأتناولها في مقال آخر أن شاء الله.

اسمحوا لي كتبت الموضوع على عجل و حتى بدون مراجعة

بنت الصقور
22-02-2003, 02:58 PM
حليلهم

:cry:

وحليلك

:p

مسدد
22-02-2003, 11:05 PM
من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم (منسوب للرسول عليه الصلاة والسلام ولكن المعنى مقبول وهو من قول بعض الصالحين) أشكرك أخي على اهتمامك بأمر المسلمين ، وهذا ديدن المراعين للولاء والبراء.