الطارق
18-06-2005, 02:12 AM
الإنسان الأول وقوة النار :
لا أشك للحظة أن الإنسان الأول قد أصيب بالفزع و الرعب عندما رأى أول نار تشتعل أمام عينيه ! !ولربما ضلت الإنسانية عهود وعصور وهي تجزع من هذا الضوء الحارق ! [ فقط تخيل معي حالة تلك التجمعات التي تقطن الكهوف وقد دخل عليهم دخيل عارف بإسرار النار ويحمل شعلة من نار ! أي رعب سيجتاح قلوب سكني هذا الكهف ! ]
وما إن علم الإنسان استعمال ذلك الضوء الحارق حتى علم ما له من فوائد ! ورغم هذا فقد علم الإنسان أيضا أن هذه النار قد تؤدي بكوارث شديدة إن اسيئ طريقة استعمالها !
يقيني أن هذه الصورة - صورة الخوف من النار لدى الإنسان الأول - قد تكررت في كثير من العصور باختلاف المخترعات والمحدثات التي مرت في تاريخ البشر ، الخوف من كل جديد والشك من كل مُحدث يتسبب في تغيير طباع إنسانية أو عادات وتقاليد أو مسار حياة ألفها مجتمع ما حقيقة لا شك فيها عرفت وتكررت عند كثير من المجتمعات وفي كل العصور !
مذكرات شخصية :
كان ذلك في منتصف الثمانيات الميلادية !
كان أكبر شخص فينا لم يبلغ الثالثة عشر من العمر !
قال أكبرنا – إن كنت أذكر - وهو يتحدث عن قنوات غربية ستصبح في متناول الجميع !
سيشاهدها الجميع بعد عدة سنوات ! ستكون في متناول الجميع !
كان يحدثنا بخطاب المحذر ( كان هذا أكثر إطلاعاً على الصحف ! غير أني لا أدري إن كانت الصحف تتحدث منذ ذاك الزمن عن الغزو الإعلامي ! يبدوا أنها كذلك ) .
آثار فينا هذا شيء الكثير من القلق ! كانت نبرته بالفعل محذره !
ورغم هذا فقد كان السؤال البديهي في مخيلتنا – والذي لربما طرحه أحدهم لست أذكر – كان هذا السؤال :
إن كانت هناك قنوات للأطفال !!؟ [ يا لبراءة الأطفال ! ]
في ذلك الزمن لم تكن المشاهدة إلا لقناة وحيدة للتلفاز السعودي [ لست أدري إن كانت القناة الثانية قد بدأت إرسالها أم لا مع أني أكاد أوقن أن إرسالها لم يصل لبلدتنا بعد ]
إن كنت أذكر فقد كان إرسالها [ القناة الأول وهل هناك غيرها ! ] يبدأ من العاشرة إلى الثانية عشرة صباحا ومن الخامسة إلى الثانية عشر مساءً أو ما يقاربها !!
لا أنسى أبداً كيف أنا كنا نتحلق حول التلفاز وقبل بداية الإرسال بأكثر من ساعة ننتظر !
وكانت من أكثر الصور العالقة في ذاكرتي هي عرضهم صور لمناطق المملكة عند بداية الإرسال ومعها موسيقى :
( يا لله يا غالي .. أنصر ملكنا ) ..
[ كم أثار هذا اللحن وتلك الصور والتي شاهدتها قبل عدة شهور ولا أدري إن كانت تعرض الآن .. كم أثارت في الكثير من الشجن والذكريات الحلوة ! وكم أعادت لي ذكرى الطفولة وما أجملها من ذكرى ]
حرب الخليج نقطة تحول :
لو أراد أي مؤرخ أن يستقرئ تأثير حرب الخليج الثانية على المنطقة وإحداثها لاكتشف الكثير من التأثيرات التي أحدثتها هذه الحرب في منطقتنا !
وليس حديثنا هنا عن جميع هذه التغيرات وتعدادها ! وإنما حديثنا هنا عن التغير الإعلامي بل الثورة الإعلامية في العالم العربي بالذات ..
فقد حدثت حرب الخليج وما صاحبها من تغطيه عبر السي أن أن [ اعتبرت تلك الحرب أول حرب في التاريخ تغطى أحداثها مباشرة ، وكانت السي ان ان أول من أعلن بداية الحرب وقبل إعلان الرئيس الأمريكي ، وقد كان هذا حديث العالم ]
أفاق العالم العربي على الحقيقة المرة – دعك من الهزيمة المريعة لرابع أقوى جيش في العالم !! - أفاق العالم العربي على حقيقة وهي أن العالم أجمع دخل عصر الإعلام الفضائي الدولي الذي انتشر في أرجاء المعمورة و كان هذا شيء جديد لم يشعر به العالم العربي وحتى تلك اللحظة ! [ والذي لم يستقل القمر العربي للبث الفضائي على الرغم أنه أطلق منذ سنة 84 أو 85 أو 86 م أي قبل خمس أو أربع سنين منذ ذلك التاريخ !!! ( هل يذكر أحدكم مغامرات تان تان عندما عرضها التلفاز السعودي عند إطلاق القمر العربي الأول !؟ كانت هذه عالقة في ذاكرتي وسبب ذلك على ما يبدوا أن هذا الفلم الكرتوني لم يعرض من قبل ولا من بعد ! ) ]
كانت تغطية السي ان ان حديث العالم بالفعل ، وحديث إعلام المنطقة بالذات ! [ لم تكن صحون الالتقاط في العالم العربي قد ظهرت إلا في الفنادق الكبرى ولم تعرف السي ان ان لعموم الشعوب العربية إلا عن طريق البث عبر القنوات العربية التي تبث صور عن السي ان ان ، وكمثال فقد كانت السي ان ان تبث عبر القناة الثانية السعودية ]
وكان السؤال الذي يطرح كيف لم يستغل القمر العربي حتى ذلك الوقت في إنشاء القنوات الفضائية العربية !!؟ [ الطريف في الأمر أن ( عرب سات ) حققت أرباح كبيرة بعد أن عصر الفضائيات بعد أن كانت تعاني من الخسائر قبل ظهور القنوات الفضائية ] .
نعيد السؤال مرة أخرى : كيف لم يستغل القمر العربي في إنشاء القنوات الفضائية العربية في ذلك الوقت!؟
لست على إطلاع عن مسببات عدم استغلال هذا القمر بالبث الفضائي لكن لربما كان سبب ذلك عدم وجود أجهزة الالتقاط بسبب منعها [ هل منعت ؟! لست أدري لكن الصحافة كانت تحذر منذ زمن من الغزو الإعلامي !! ناهيك عن أن الحكومات العربية لدينا سياستها المنع والحجر على كل منافس للأعلام الرسمي !! ] أو سبب هذا غلاء سعرها [ ما أذكره جيداً أن سعر جهاز الاستقبال مع الطبق كان يبلغ حوالي العشر آلاف ريال ! وقال لي أحدهم أنه بدأ بسعر مقداره ثلاثين ألف !!!! ولست أدري هل هذا حقيقة ! ]
رغم والعوائق التي وضعت من الحكومات [ لازلت أذكر أنهم قرروا عندنا منع بيع أجهزة الاستقبال في ثلاثة وتسعين أو أربعة وتسعين ! ولم يطبقوا هذا فقد انتشرت تلك الأطباق اللاقطة على الأسطح كما تنتشر النار في هشيم الحطب !! ] .
ورغم الرفض من بعض فئات المجتمع بل ونظرات المجتمع لهذا الوافد الجديد ، ورغم بعض سلبيات هذا الوافد الجديد التي لا تعد ولا تحصى ! فقد انتشر هذا الوافد الجديد على أسطح المنازل والفنادق والاستراحات ، فتضاعفت عدد القنوات أضعافاً مضاعفة !
وهكذا دخلنا زمن الفضائيات العربية بكل سلبياتها وإيجابياتها [ أطرف ما سمعته في هذا أنه وعندما زار أحدهم شخص لديه هذا الجهاز غطى وجهه بعمامته عن الطبق الاقط بعد أن شاهد ذلك الطبق في فناء البيت ! والطريف أن لدى هذا الآن طبق استقبال في داره !! ] !
نقطة ضوء : في حرب الخليج الثانية كان اعتماد العالم في التغطية الإخبارية على ( السي أن أن ) ورغم تواجد هذه الحرب في عقر دارنا ! أما في حرب أفغانستان فقد كانت قناة الجزيرة هي الوحيدة التي تميزت في تلك الحرب ! ثم كانت حرب الخليج الثالثة أو غزو العراق فقد كان التنافس فيها بين الجزيرة والعربية وأبو ظبي وقد نافست تلك القنوات القنوات الإخبارية الغربية منافسة قوية !
السؤال البديهي : أليست هذه نقطة تستحق التأمل !؟
استرجاع تاريخي ( الثورة الورقية ) :
على حدود الصين ومع اتساع الدولة العربية الإسلامية حدثت معركة في موقع أسمه
( كش ) كانت هذه في زمن أبو العباس السفاح أو زمن المنصور أي في بداية الدولة العباسية [ دولة العلم والتأليف كما كانت الدولة الأموية دولة الفتوح والغزو ] كانت هذه المعركة سببا في اكتشاف العرب المسلمين للورق ( الكاغد ) من الأسرى الصينيين !
كان من خصائص هذا الورق عن الجلد والبرديات أنه كان خفيف الحمل قليل السعر أبيض اللون ، أي أنه عملي وأكثر مرونة مع جودة صناعة بعكس الجلود التي يكثر فيها الغش !
فانتشر هذا الكاغد في الدولة الإسلامية رغم ما قيل عن محاولة احتكاره في بداية ظهوره من قبل أحد البرامكة ( في عهد الرشيد ! ) [ والمعلومة هذه كأني شاهدتها في أحد البرامج أو قرأتها في كتاب ولا أذكر ما اسمه ! وتصور معي بالله عليك لو صدقت هذه المعلومة هل ستشعر معي - كما نشعر نحن في هذا الزمن – بمعاناة ذلك المواطن في ذاك الزمن من احتكار ( جهة معينة ) تلك السلعة وما يسببه ذلك من زيادة السعر مع ضعف الجودة وما ينتج بسبب ذلك من قلة انتشار السلعة المحتكرة وبدوره هذا سيقلل من ربحية العاملين على هذه الصناعة من مؤلفين ووراقين وناسخين وبائعين !
هل ستشعر معي بعد هذا أن هذا الاحتكار قد يكون عقبة كبيرة وضعت أمام تقدم أو تطور أو قل حتى ثورة حضارية وحتى وإن لم يشعر بها ويستوعبها المجتمع في ذلك العصر ، وهل ستلاحظ كيف أن النظام أي نظام قد يوجد الكثير من العراقيل أمام التطور الحضاري وحتى دون أن يشعر !! ] .
وكان هذا الورق من أسباب انتشار التأليف العربي الإسلامي وازدياد التمدن والرقي الحضاري في العالم الإسلامي ، وكان سبب في ظهور صناعة الوراقة واكتساب المؤلفين العرب الكثير من الأموال من تأليفهم الكتب ، فقد انتشر الكتاب العربي لخفة الورق في أنحاء العالم الإسلامي [ لاحظ الدفعة الكبيرة التي سببها اكتشاف الورق ( الكاغد ) وهو خفيف الوزن منخفض السعر في العالم العربي الإسلامي الممتد جغرافياً ! كان اكتشاف الورق ثورة تطور في ذلك الزمن يتماشى تماما مع اتساع الدولة !!!! ] .
جرى حوار في ذلك الزمن بين أديب من أعمدة الأدباء في ذلك الزمن ووزير مثقف حاول فيها الوزير أن يثني الأديب عن استعمال الكاغد ويدعوه لاستخدام الجلود في مؤلفاته .
ورغم المحاولات التي أراد أن يقنع بها الوزير ذلك الأديب فلم يقتنع الأديب لهذه الحجج و المبررات! ومن يدري فقد يكون عدم اقتناع الأديب لحجج الوزير سببا في وصول هذا النص إلينا ، فقد كانت كتب هذا المؤلف ونسخها تنتشر في أنحاء المعمورة من الصين إلى الأندلس وكان النساخون والوراقون سببا في هذا الانتشار [ تأمل معي تطور ( لوح الكتابة ) كانت الكتابة أول الأمر تعتمد على النقوش الحجرية أو الطينية وطبيعي أن هذه لن تنتقل من مكان إلا أخر فموقعا ثابت حيث كانت نعم هي أقل عرضه للتلف من غيرها لكن ما يوجد فيها لن يجد له انتشاراً مثلما هي الجلود والتي كان بالأماكن نقلها ورغم هذا فيصعب نقل مجموعة كبيرة منها فهي ثقيلة بعكس الورق الذي ربما هو سريع التلف إلا أنه أخف وزناً واقل سعرا فتداوله بسبب قلة سعره بين الناس كبير وانتشاره أوسع لذلك ! ]
انتشرت المؤلفات في ذلك الزمن وكان من بينها ما يزيد سلبياته عن إيجابياته ، فقد كان الزنادقة يتفننون في صناعة كتبهم وزخرفتها كما يقول معاصر في ذلك الزمن [ وقد سقطت كتب الزنادقة فقد تناولت قصص سخيفة عن النور والظلمة وتزاوج الشياطين وأمثال هذه مما لا فائدة منه ] .. رغم هذا كان هذا الزمن الذي دونت فيه المعارف اللغوية والدينية والأدبية والعلمية وكان العصر الذهبي للحضارة العربية و الإسلامية [ كان أحد معلمينا في مادة الفيزياء ينتقد قيام المأمون بترجمة الكتب اليونانية ! كان يقول أن هذه كانت سبباً في انتشار الزنادقة في العالم الإسلامي ! وليت هذا المعلم – لست أدري إن كان يستحق هذه الكلمة – كان يقوم بما كلف به فيحرص على تعليمنا ! فقد كانت طريقة تعليمه سببا في تخلف الكثير من الطلاب في صفنا ورسوبهم سنة دراسية !! ]
تأمل : قارن حفاوة العالم الإسلامي بالورق ( الكاغد ) واستقبال العالم الإسلامي لاختراع الطباعة هذا إذ ثبت حقيقة أن العالم العربي والإسلامي رفض الطباعة كما يزعم البعض ؟؟!!
بين التطور والجمود :
في بداية القرن العشرين حاول البعض في بلادنا أن يقف أمام انتشار السيارة واللاسلكي وغيرها من المخترعات الحديثة بدعوى أنها من فعل الجن أو أنها من صنع الكفار !
رفض أحد الملوك ( الملك عبد العزيز يرحمه الله ) هذه الرأي واعتبر أن هذا ليس في صالح المسلمين ولا الدولة ، وكان هذا حقيقة !
ولنتصور معاً لو أذعن الملك عبد العزيز لهذا الرأي ، واستمر هذا الإذعان لمن بعده فكيف سيكون حال هذه الدولة وسكانها !!!! [ على الأقل لن تجد هذه الطرق السريعة التي تربط مدننا ! هذا أقل شيء ، أما الاحتمال الكبير فهل ستكون هناك دولة !؟ ]
وبمكانك أن تحكم في وقتنا الحالي في تعاملنا مع الثورات التي تحدث في العالم من اتصالات وإعلام ومعلوماتية ومكتشفات وتأثير تعاملنا هذا على مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة ! [ هل سيأتي الزمن الذي ستنتقد فيه الأجيال القادمة بعد عشرين سنة أو أكثر سلبية وتأخر تعاملنا مع المخترعات الجديدة والمكتشفات الحديثة ووضعنا العراقيل أمام انتشارها !!!؟ ]
الإنترنت ثورة معلوماتية في تاريخ الإنسانية :
نعيش في زماننا هذا على ما يبدوا ثورة معلوماتية يعتبرها البعض هي الموجة الثالثة في تاريخ الإنسانية [ بعد الموجة الأولى الزراعية والموجة الثانية الصناعية ] تتضح صورتها يوما بعد يوم ! وبينما نرى أن هناك الكثير من الدول العالمية قد استقبلت هذا الوافد الجديد بترحاب [ كمثال الهند الذي يرى البعض أن اقتصادها يزداد تطوراً ومن بين أسباب هذا التطور التقنية المعلوماتية التي انتشرت فيها ووفرت الكثير من الوظائف للهنود وأوجدت جيل من التقنين والمبرمجين وبذلك تصبح الهند الفقيرة ذات الكثافة السكانية الكبيرة ذات مستقبل واعد في عالم اليوم ! ] .
وبينما نجد هذه الاحتفالية في العالم أجمع ، نجد أنفسنا نحن في العالم العربي والسعودية بالذات نصنع كما صنع ذلك البرمكي الذي حاول أن يحتكر ويسيطر على صناعة الورقة ، مع فرق أن صناعة الوراق لم تكن معروفة إلا في الصين فقط - وكان العرب ثاني من حملها بعدهما - ولم تكن بين الأمم في ذلك الزمن منافسة وتكالب من أجل التطور والتقدم كما يشهده عالمنا الآن !!!
العرب بين احتفالية الوراقة ورفض الطباعة :
بل الأدهى من ذلك أننا أوجدنا المعوقات أمام هذا الوافد الجديد فأصبحت خدمة الإنترنت بالنسبة في بلادنا كالكاغد السيئ السعر مع جودة رديئة ، بينما لدى العالم الخارجي انتشر لديهم أنواع وأنواع من فاخر الورق ذو السعر المنخفض والجودة العالية !!!
ويبدوا أننا إننا في زماننا هذا لم نصل لتلك العقلية التي كانت غالبة في العصر العباسي الأولى عندما احتفل العرب بصناعة الورق وقاموا بتطويره ونشره بل على العكس من ذلك يبدو أن العرب في تعاملهم مع النت والثورة المعلوماتية ينهجون نهج العرب والمسلمين الذين قاموا بمنع الطباعة ووضعوا أمام انتشارها العراقيل فكان ذلك سبباً في تأخر العرب والمسلمين عقود بل قرون حتى أفاق العالم الإسلامي والعربي على جحافل قوى الغرب الاستعماري وهي تغزوه في عقر داره !
ومن الغريب أن العرب لا يشعرون بهذا التغير العالمي الذي يحدث من حولهم ، لا يشعرون بأن العالم يعيش عصر جديد وموجة ثالثة تكون الثورة المعلوماتية هي رائدتها وعنوانها وحتى إن شعروا بهذا فإنهم لم يأخذوا العبر بما حدث من أخطاء جسيمة سابقة كانت سبباً في تخلف العالم العربي والإسلامي وتأخره [ وهكذا أصبحت الثورة المعلوماتية والإتصالية لدى الحكومات العربية مجرد مشروع جديد من أجل التكسب والربحية على حساب المواطن المغلوب على أمره ، بدلاً من أن تكون طريقة من طرق التقدم الحضاري والاقتصادي والعلمي كما يشهد العالم ! ] .
ومن المؤسف أن تلك العقلية التي يسيطر عليها الجشع لا تنحصر في الحكومات فقط بل أنها قد تشمل قاعدة أوسع يرون فيها أولئك أن حق التكسب والاحتكار حق مكتسب لهم مع علمهم برداءة الخدمة وغلاءها مما أنتج بسبب هذه العقلية ضعف في انتشار خدمة الإنترنت في العالم العربي مقارنة بالعالم أجمع !
ونسي هؤلاء أن التكسب الآني قد يعقبه خسران كبير على المستوى العام ومن ثم يضرر بالتالي على المدى البعيد وحتى القريب أولئك الذين يتبعون هذا النهج !
وأنا أتساءل من جديد هل سيأتي الزمن الذي ستنتقد فيه الأجيال القادمة بعد عشرين سنة أو أكثر سلبية وتأخر تعاملنا مع المخترعات الجديدة والمكتشفات الحديثة ووضعنا العراقيل أمام انتشارها !؟
قاعدة : عجلة الزمن وما يتبعها من تطور ستسحق من يعترض طريقها من لا يجاريها ويقننها ! قد تؤجل بعض الظروف والموانع تلك العجلة لكنها لن تمنع ذلك الطوفان !!!
وبإمكانك أن تختار :
هل يكون الطوفان لك !
أو عليك!
أو حتى من دونك !
وكل هذا يعتمد على سرعة قابليتك للأشياء المحدثة واستيعابك لها وتأقلمك معها !!
لا أشك للحظة أن الإنسان الأول قد أصيب بالفزع و الرعب عندما رأى أول نار تشتعل أمام عينيه ! !ولربما ضلت الإنسانية عهود وعصور وهي تجزع من هذا الضوء الحارق ! [ فقط تخيل معي حالة تلك التجمعات التي تقطن الكهوف وقد دخل عليهم دخيل عارف بإسرار النار ويحمل شعلة من نار ! أي رعب سيجتاح قلوب سكني هذا الكهف ! ]
وما إن علم الإنسان استعمال ذلك الضوء الحارق حتى علم ما له من فوائد ! ورغم هذا فقد علم الإنسان أيضا أن هذه النار قد تؤدي بكوارث شديدة إن اسيئ طريقة استعمالها !
يقيني أن هذه الصورة - صورة الخوف من النار لدى الإنسان الأول - قد تكررت في كثير من العصور باختلاف المخترعات والمحدثات التي مرت في تاريخ البشر ، الخوف من كل جديد والشك من كل مُحدث يتسبب في تغيير طباع إنسانية أو عادات وتقاليد أو مسار حياة ألفها مجتمع ما حقيقة لا شك فيها عرفت وتكررت عند كثير من المجتمعات وفي كل العصور !
مذكرات شخصية :
كان ذلك في منتصف الثمانيات الميلادية !
كان أكبر شخص فينا لم يبلغ الثالثة عشر من العمر !
قال أكبرنا – إن كنت أذكر - وهو يتحدث عن قنوات غربية ستصبح في متناول الجميع !
سيشاهدها الجميع بعد عدة سنوات ! ستكون في متناول الجميع !
كان يحدثنا بخطاب المحذر ( كان هذا أكثر إطلاعاً على الصحف ! غير أني لا أدري إن كانت الصحف تتحدث منذ ذاك الزمن عن الغزو الإعلامي ! يبدوا أنها كذلك ) .
آثار فينا هذا شيء الكثير من القلق ! كانت نبرته بالفعل محذره !
ورغم هذا فقد كان السؤال البديهي في مخيلتنا – والذي لربما طرحه أحدهم لست أذكر – كان هذا السؤال :
إن كانت هناك قنوات للأطفال !!؟ [ يا لبراءة الأطفال ! ]
في ذلك الزمن لم تكن المشاهدة إلا لقناة وحيدة للتلفاز السعودي [ لست أدري إن كانت القناة الثانية قد بدأت إرسالها أم لا مع أني أكاد أوقن أن إرسالها لم يصل لبلدتنا بعد ]
إن كنت أذكر فقد كان إرسالها [ القناة الأول وهل هناك غيرها ! ] يبدأ من العاشرة إلى الثانية عشرة صباحا ومن الخامسة إلى الثانية عشر مساءً أو ما يقاربها !!
لا أنسى أبداً كيف أنا كنا نتحلق حول التلفاز وقبل بداية الإرسال بأكثر من ساعة ننتظر !
وكانت من أكثر الصور العالقة في ذاكرتي هي عرضهم صور لمناطق المملكة عند بداية الإرسال ومعها موسيقى :
( يا لله يا غالي .. أنصر ملكنا ) ..
[ كم أثار هذا اللحن وتلك الصور والتي شاهدتها قبل عدة شهور ولا أدري إن كانت تعرض الآن .. كم أثارت في الكثير من الشجن والذكريات الحلوة ! وكم أعادت لي ذكرى الطفولة وما أجملها من ذكرى ]
حرب الخليج نقطة تحول :
لو أراد أي مؤرخ أن يستقرئ تأثير حرب الخليج الثانية على المنطقة وإحداثها لاكتشف الكثير من التأثيرات التي أحدثتها هذه الحرب في منطقتنا !
وليس حديثنا هنا عن جميع هذه التغيرات وتعدادها ! وإنما حديثنا هنا عن التغير الإعلامي بل الثورة الإعلامية في العالم العربي بالذات ..
فقد حدثت حرب الخليج وما صاحبها من تغطيه عبر السي أن أن [ اعتبرت تلك الحرب أول حرب في التاريخ تغطى أحداثها مباشرة ، وكانت السي ان ان أول من أعلن بداية الحرب وقبل إعلان الرئيس الأمريكي ، وقد كان هذا حديث العالم ]
أفاق العالم العربي على الحقيقة المرة – دعك من الهزيمة المريعة لرابع أقوى جيش في العالم !! - أفاق العالم العربي على حقيقة وهي أن العالم أجمع دخل عصر الإعلام الفضائي الدولي الذي انتشر في أرجاء المعمورة و كان هذا شيء جديد لم يشعر به العالم العربي وحتى تلك اللحظة ! [ والذي لم يستقل القمر العربي للبث الفضائي على الرغم أنه أطلق منذ سنة 84 أو 85 أو 86 م أي قبل خمس أو أربع سنين منذ ذلك التاريخ !!! ( هل يذكر أحدكم مغامرات تان تان عندما عرضها التلفاز السعودي عند إطلاق القمر العربي الأول !؟ كانت هذه عالقة في ذاكرتي وسبب ذلك على ما يبدوا أن هذا الفلم الكرتوني لم يعرض من قبل ولا من بعد ! ) ]
كانت تغطية السي ان ان حديث العالم بالفعل ، وحديث إعلام المنطقة بالذات ! [ لم تكن صحون الالتقاط في العالم العربي قد ظهرت إلا في الفنادق الكبرى ولم تعرف السي ان ان لعموم الشعوب العربية إلا عن طريق البث عبر القنوات العربية التي تبث صور عن السي ان ان ، وكمثال فقد كانت السي ان ان تبث عبر القناة الثانية السعودية ]
وكان السؤال الذي يطرح كيف لم يستغل القمر العربي حتى ذلك الوقت في إنشاء القنوات الفضائية العربية !!؟ [ الطريف في الأمر أن ( عرب سات ) حققت أرباح كبيرة بعد أن عصر الفضائيات بعد أن كانت تعاني من الخسائر قبل ظهور القنوات الفضائية ] .
نعيد السؤال مرة أخرى : كيف لم يستغل القمر العربي في إنشاء القنوات الفضائية العربية في ذلك الوقت!؟
لست على إطلاع عن مسببات عدم استغلال هذا القمر بالبث الفضائي لكن لربما كان سبب ذلك عدم وجود أجهزة الالتقاط بسبب منعها [ هل منعت ؟! لست أدري لكن الصحافة كانت تحذر منذ زمن من الغزو الإعلامي !! ناهيك عن أن الحكومات العربية لدينا سياستها المنع والحجر على كل منافس للأعلام الرسمي !! ] أو سبب هذا غلاء سعرها [ ما أذكره جيداً أن سعر جهاز الاستقبال مع الطبق كان يبلغ حوالي العشر آلاف ريال ! وقال لي أحدهم أنه بدأ بسعر مقداره ثلاثين ألف !!!! ولست أدري هل هذا حقيقة ! ]
رغم والعوائق التي وضعت من الحكومات [ لازلت أذكر أنهم قرروا عندنا منع بيع أجهزة الاستقبال في ثلاثة وتسعين أو أربعة وتسعين ! ولم يطبقوا هذا فقد انتشرت تلك الأطباق اللاقطة على الأسطح كما تنتشر النار في هشيم الحطب !! ] .
ورغم الرفض من بعض فئات المجتمع بل ونظرات المجتمع لهذا الوافد الجديد ، ورغم بعض سلبيات هذا الوافد الجديد التي لا تعد ولا تحصى ! فقد انتشر هذا الوافد الجديد على أسطح المنازل والفنادق والاستراحات ، فتضاعفت عدد القنوات أضعافاً مضاعفة !
وهكذا دخلنا زمن الفضائيات العربية بكل سلبياتها وإيجابياتها [ أطرف ما سمعته في هذا أنه وعندما زار أحدهم شخص لديه هذا الجهاز غطى وجهه بعمامته عن الطبق الاقط بعد أن شاهد ذلك الطبق في فناء البيت ! والطريف أن لدى هذا الآن طبق استقبال في داره !! ] !
نقطة ضوء : في حرب الخليج الثانية كان اعتماد العالم في التغطية الإخبارية على ( السي أن أن ) ورغم تواجد هذه الحرب في عقر دارنا ! أما في حرب أفغانستان فقد كانت قناة الجزيرة هي الوحيدة التي تميزت في تلك الحرب ! ثم كانت حرب الخليج الثالثة أو غزو العراق فقد كان التنافس فيها بين الجزيرة والعربية وأبو ظبي وقد نافست تلك القنوات القنوات الإخبارية الغربية منافسة قوية !
السؤال البديهي : أليست هذه نقطة تستحق التأمل !؟
استرجاع تاريخي ( الثورة الورقية ) :
على حدود الصين ومع اتساع الدولة العربية الإسلامية حدثت معركة في موقع أسمه
( كش ) كانت هذه في زمن أبو العباس السفاح أو زمن المنصور أي في بداية الدولة العباسية [ دولة العلم والتأليف كما كانت الدولة الأموية دولة الفتوح والغزو ] كانت هذه المعركة سببا في اكتشاف العرب المسلمين للورق ( الكاغد ) من الأسرى الصينيين !
كان من خصائص هذا الورق عن الجلد والبرديات أنه كان خفيف الحمل قليل السعر أبيض اللون ، أي أنه عملي وأكثر مرونة مع جودة صناعة بعكس الجلود التي يكثر فيها الغش !
فانتشر هذا الكاغد في الدولة الإسلامية رغم ما قيل عن محاولة احتكاره في بداية ظهوره من قبل أحد البرامكة ( في عهد الرشيد ! ) [ والمعلومة هذه كأني شاهدتها في أحد البرامج أو قرأتها في كتاب ولا أذكر ما اسمه ! وتصور معي بالله عليك لو صدقت هذه المعلومة هل ستشعر معي - كما نشعر نحن في هذا الزمن – بمعاناة ذلك المواطن في ذاك الزمن من احتكار ( جهة معينة ) تلك السلعة وما يسببه ذلك من زيادة السعر مع ضعف الجودة وما ينتج بسبب ذلك من قلة انتشار السلعة المحتكرة وبدوره هذا سيقلل من ربحية العاملين على هذه الصناعة من مؤلفين ووراقين وناسخين وبائعين !
هل ستشعر معي بعد هذا أن هذا الاحتكار قد يكون عقبة كبيرة وضعت أمام تقدم أو تطور أو قل حتى ثورة حضارية وحتى وإن لم يشعر بها ويستوعبها المجتمع في ذلك العصر ، وهل ستلاحظ كيف أن النظام أي نظام قد يوجد الكثير من العراقيل أمام التطور الحضاري وحتى دون أن يشعر !! ] .
وكان هذا الورق من أسباب انتشار التأليف العربي الإسلامي وازدياد التمدن والرقي الحضاري في العالم الإسلامي ، وكان سبب في ظهور صناعة الوراقة واكتساب المؤلفين العرب الكثير من الأموال من تأليفهم الكتب ، فقد انتشر الكتاب العربي لخفة الورق في أنحاء العالم الإسلامي [ لاحظ الدفعة الكبيرة التي سببها اكتشاف الورق ( الكاغد ) وهو خفيف الوزن منخفض السعر في العالم العربي الإسلامي الممتد جغرافياً ! كان اكتشاف الورق ثورة تطور في ذلك الزمن يتماشى تماما مع اتساع الدولة !!!! ] .
جرى حوار في ذلك الزمن بين أديب من أعمدة الأدباء في ذلك الزمن ووزير مثقف حاول فيها الوزير أن يثني الأديب عن استعمال الكاغد ويدعوه لاستخدام الجلود في مؤلفاته .
ورغم المحاولات التي أراد أن يقنع بها الوزير ذلك الأديب فلم يقتنع الأديب لهذه الحجج و المبررات! ومن يدري فقد يكون عدم اقتناع الأديب لحجج الوزير سببا في وصول هذا النص إلينا ، فقد كانت كتب هذا المؤلف ونسخها تنتشر في أنحاء المعمورة من الصين إلى الأندلس وكان النساخون والوراقون سببا في هذا الانتشار [ تأمل معي تطور ( لوح الكتابة ) كانت الكتابة أول الأمر تعتمد على النقوش الحجرية أو الطينية وطبيعي أن هذه لن تنتقل من مكان إلا أخر فموقعا ثابت حيث كانت نعم هي أقل عرضه للتلف من غيرها لكن ما يوجد فيها لن يجد له انتشاراً مثلما هي الجلود والتي كان بالأماكن نقلها ورغم هذا فيصعب نقل مجموعة كبيرة منها فهي ثقيلة بعكس الورق الذي ربما هو سريع التلف إلا أنه أخف وزناً واقل سعرا فتداوله بسبب قلة سعره بين الناس كبير وانتشاره أوسع لذلك ! ]
انتشرت المؤلفات في ذلك الزمن وكان من بينها ما يزيد سلبياته عن إيجابياته ، فقد كان الزنادقة يتفننون في صناعة كتبهم وزخرفتها كما يقول معاصر في ذلك الزمن [ وقد سقطت كتب الزنادقة فقد تناولت قصص سخيفة عن النور والظلمة وتزاوج الشياطين وأمثال هذه مما لا فائدة منه ] .. رغم هذا كان هذا الزمن الذي دونت فيه المعارف اللغوية والدينية والأدبية والعلمية وكان العصر الذهبي للحضارة العربية و الإسلامية [ كان أحد معلمينا في مادة الفيزياء ينتقد قيام المأمون بترجمة الكتب اليونانية ! كان يقول أن هذه كانت سبباً في انتشار الزنادقة في العالم الإسلامي ! وليت هذا المعلم – لست أدري إن كان يستحق هذه الكلمة – كان يقوم بما كلف به فيحرص على تعليمنا ! فقد كانت طريقة تعليمه سببا في تخلف الكثير من الطلاب في صفنا ورسوبهم سنة دراسية !! ]
تأمل : قارن حفاوة العالم الإسلامي بالورق ( الكاغد ) واستقبال العالم الإسلامي لاختراع الطباعة هذا إذ ثبت حقيقة أن العالم العربي والإسلامي رفض الطباعة كما يزعم البعض ؟؟!!
بين التطور والجمود :
في بداية القرن العشرين حاول البعض في بلادنا أن يقف أمام انتشار السيارة واللاسلكي وغيرها من المخترعات الحديثة بدعوى أنها من فعل الجن أو أنها من صنع الكفار !
رفض أحد الملوك ( الملك عبد العزيز يرحمه الله ) هذه الرأي واعتبر أن هذا ليس في صالح المسلمين ولا الدولة ، وكان هذا حقيقة !
ولنتصور معاً لو أذعن الملك عبد العزيز لهذا الرأي ، واستمر هذا الإذعان لمن بعده فكيف سيكون حال هذه الدولة وسكانها !!!! [ على الأقل لن تجد هذه الطرق السريعة التي تربط مدننا ! هذا أقل شيء ، أما الاحتمال الكبير فهل ستكون هناك دولة !؟ ]
وبمكانك أن تحكم في وقتنا الحالي في تعاملنا مع الثورات التي تحدث في العالم من اتصالات وإعلام ومعلوماتية ومكتشفات وتأثير تعاملنا هذا على مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة ! [ هل سيأتي الزمن الذي ستنتقد فيه الأجيال القادمة بعد عشرين سنة أو أكثر سلبية وتأخر تعاملنا مع المخترعات الجديدة والمكتشفات الحديثة ووضعنا العراقيل أمام انتشارها !!!؟ ]
الإنترنت ثورة معلوماتية في تاريخ الإنسانية :
نعيش في زماننا هذا على ما يبدوا ثورة معلوماتية يعتبرها البعض هي الموجة الثالثة في تاريخ الإنسانية [ بعد الموجة الأولى الزراعية والموجة الثانية الصناعية ] تتضح صورتها يوما بعد يوم ! وبينما نرى أن هناك الكثير من الدول العالمية قد استقبلت هذا الوافد الجديد بترحاب [ كمثال الهند الذي يرى البعض أن اقتصادها يزداد تطوراً ومن بين أسباب هذا التطور التقنية المعلوماتية التي انتشرت فيها ووفرت الكثير من الوظائف للهنود وأوجدت جيل من التقنين والمبرمجين وبذلك تصبح الهند الفقيرة ذات الكثافة السكانية الكبيرة ذات مستقبل واعد في عالم اليوم ! ] .
وبينما نجد هذه الاحتفالية في العالم أجمع ، نجد أنفسنا نحن في العالم العربي والسعودية بالذات نصنع كما صنع ذلك البرمكي الذي حاول أن يحتكر ويسيطر على صناعة الورقة ، مع فرق أن صناعة الوراق لم تكن معروفة إلا في الصين فقط - وكان العرب ثاني من حملها بعدهما - ولم تكن بين الأمم في ذلك الزمن منافسة وتكالب من أجل التطور والتقدم كما يشهده عالمنا الآن !!!
العرب بين احتفالية الوراقة ورفض الطباعة :
بل الأدهى من ذلك أننا أوجدنا المعوقات أمام هذا الوافد الجديد فأصبحت خدمة الإنترنت بالنسبة في بلادنا كالكاغد السيئ السعر مع جودة رديئة ، بينما لدى العالم الخارجي انتشر لديهم أنواع وأنواع من فاخر الورق ذو السعر المنخفض والجودة العالية !!!
ويبدوا أننا إننا في زماننا هذا لم نصل لتلك العقلية التي كانت غالبة في العصر العباسي الأولى عندما احتفل العرب بصناعة الورق وقاموا بتطويره ونشره بل على العكس من ذلك يبدو أن العرب في تعاملهم مع النت والثورة المعلوماتية ينهجون نهج العرب والمسلمين الذين قاموا بمنع الطباعة ووضعوا أمام انتشارها العراقيل فكان ذلك سبباً في تأخر العرب والمسلمين عقود بل قرون حتى أفاق العالم الإسلامي والعربي على جحافل قوى الغرب الاستعماري وهي تغزوه في عقر داره !
ومن الغريب أن العرب لا يشعرون بهذا التغير العالمي الذي يحدث من حولهم ، لا يشعرون بأن العالم يعيش عصر جديد وموجة ثالثة تكون الثورة المعلوماتية هي رائدتها وعنوانها وحتى إن شعروا بهذا فإنهم لم يأخذوا العبر بما حدث من أخطاء جسيمة سابقة كانت سبباً في تخلف العالم العربي والإسلامي وتأخره [ وهكذا أصبحت الثورة المعلوماتية والإتصالية لدى الحكومات العربية مجرد مشروع جديد من أجل التكسب والربحية على حساب المواطن المغلوب على أمره ، بدلاً من أن تكون طريقة من طرق التقدم الحضاري والاقتصادي والعلمي كما يشهد العالم ! ] .
ومن المؤسف أن تلك العقلية التي يسيطر عليها الجشع لا تنحصر في الحكومات فقط بل أنها قد تشمل قاعدة أوسع يرون فيها أولئك أن حق التكسب والاحتكار حق مكتسب لهم مع علمهم برداءة الخدمة وغلاءها مما أنتج بسبب هذه العقلية ضعف في انتشار خدمة الإنترنت في العالم العربي مقارنة بالعالم أجمع !
ونسي هؤلاء أن التكسب الآني قد يعقبه خسران كبير على المستوى العام ومن ثم يضرر بالتالي على المدى البعيد وحتى القريب أولئك الذين يتبعون هذا النهج !
وأنا أتساءل من جديد هل سيأتي الزمن الذي ستنتقد فيه الأجيال القادمة بعد عشرين سنة أو أكثر سلبية وتأخر تعاملنا مع المخترعات الجديدة والمكتشفات الحديثة ووضعنا العراقيل أمام انتشارها !؟
قاعدة : عجلة الزمن وما يتبعها من تطور ستسحق من يعترض طريقها من لا يجاريها ويقننها ! قد تؤجل بعض الظروف والموانع تلك العجلة لكنها لن تمنع ذلك الطوفان !!!
وبإمكانك أن تختار :
هل يكون الطوفان لك !
أو عليك!
أو حتى من دونك !
وكل هذا يعتمد على سرعة قابليتك للأشياء المحدثة واستيعابك لها وتأقلمك معها !!