PDA

View Full Version : لحظة من فضلك …؟ ( فتش عن سلامة صدرك وأبحث من أيّ الناس أنت ) !!


أبو لـُجين ابراهيم
05-07-2000, 07:17 PM
لحظة من فضلك …؟ ( فتش عن سلامة صدرك وأبحث من أيّ الناس أنت ) !!

من اعظم نعم الله – تعالى – على العبد المسلم أن يجعل صدره سليماً من الشحناء والبغضاء نقياً من الغل والحسد، صافياً من الغدر والخيانة ، معافى من الضغينة والحقد، لا يطوي في قلبه إلا المحبة والإشفاق على المسلمين.

قد يجد المرء من بعض إخوانه أذى أو يصيبه منهم مكروه، وربما يسرف بعض إخوانه في جرحه أو الحط من قدره، بل قد يصل الأمر – والعياذ بالله – إلى أن يفتري أحد إخوانه عليه الكذب ويتهمه بالسوء .. ومع ذلك كله تراه يدعو الله – عزوجل بقلب صادق أن يتوب على إخوانه ، ويتجاوز عنهم ، ويهديهم سبيل الرشاد، ولا يجد في نفسه سبيلاً إلى الانتقام أو الانتصار للنفس وبقدر أدبارهم عنه وأذاهم له ، يكون إقباله عليهم وإحسانه إليهم ، ويهتدي دائماً بقول الله- تعالى

(وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ(34)وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) [فصلت: 34،35]

كما يهتدي بما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال : يا رسول الله ! إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ ، وأحلم عنهم ، ويجهلون علي !! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله تعالى ظهير عليهم ما دمت على ذلك).

إذا أدمت قوارصكم فؤادي

صبرت على أذاكم وانطويت

وجئت إليكـم طلق المحيـا

كأني ما سمـعـت لا رأيـت

كم يعلو قدر الإنسان، وتشرف منزلته حينما يصل إلى هذه المنقبة العظيمة والخلة الكريمة التي لا يقوى عليها إلا ذوو الصدق والإخلاص.. ولا يستطيع أن يصل إلى أعتابها إلا من جاهد نفسه حق المجاهدة، وفطمها عن شهواتها.. ؟!.

أرأيت إلى ذلك الصحابي الجليل رضي الله عنه الذي أشار النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً إلى أنه من أهل الجنة ، فلما ذهب إليه عبد الله بن عمرو بن العاص وبات عنده ثلاث ليال فلم يره فعل كبير عمل ، فعجب عبد الله من حاله وسأله : ما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال الرجل : (ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ، ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه) فقال عبد الله : هذه التي بلغت بك ، وهي التي لا نطيق .

إن هذه الصفة الجليلة من الصفات التي رفعت أقدار الصحابة رضي الله عنهم فهاهو ذا سفيان بن دينار يقول : قلب لأبي بشير – وكان من أصحاب علي بن أبي طالب – رضي الله عنه أخبرني عن أعمال من كان قبلنا ؟ قال : (كانوا يعملون يسيراً ويؤجرون كثيراً) فقال سفيان : ولم ذلك؟ قال : (لسلامة صدورهم).

ولهذا بين ابن القيم أن سلامة القلب : (مشهد شريف جداً لمن عرفه وذاق حلاوته ، وهو أن لا يشغل قلبه وسره بما ناله من الأذى وطلب الوصول إلى درك ثأره، وشفاء نفسه ، بل يفرغ قلبه من ذلك ، ويرى أن سلامته وبرده وخلوه منه أنفع له، والذ وأطيب ، وأعون على مصالحه، فإن القلب إذا اشتغل بشيء فاته ما هو أهم عنده ، وخير له منه ، فيكون بذلك مغبوناً ، والرشيد لا يرضى بذلك ، ويرى أنه من تصرفات السفيه ، فأين سلامة القلب من امتلائه بالغل والوساوس ، وإعمال الفكر في إدراك الانتقام؟).


إن ثمة حقيقة في غاية الأهمية والخطورة : وهي أن بعض صفوف الدعاة قد يكدرها بعض الأذى والسوء، فقد أصبح الشغل الشاغل لبعض الجهلة والقاعدين البطالين هو الوقوع في أعراض إخوانهم، ثم اشتغل آخرون بإشاعة السوء والنميمة ، يفرون في أعراض الناس فرياً ، ولا يقيمون وزناً لكبير ولا صغير، ولا يخافون الله تعالى في لحوم إخوانهم!! واشتغل بعض من جرحهم هؤلاء بالرد عليهم وتبرئة ساحتهم، وإذا كان بعض ذلك مشروعاً ، إلا أن الخوف كل الخوف أن يتحول إلى مجرد انتصار للنفس وتنفيس للهم، ينشغل بذلك عن الأولى والأهم.

أما النفوس العلية الكبيرة العامرة بنور القرآن، وذكر الرحمن فإنها لا تلتفت إلى هذه الصغائر، ولا تشغلها تلك التوافه عن السير قدما في هذا الطريق، فالناس في شغل، وأولئك الأبرار في شغل آخر.. الناس في قيل وقال، وأولئك الأطهار لهم شأن آخر وهم أعظم ، ومن نذر نفسه وجند وقته لخدمة دين الله تعالى فأسهر ليلة وأشغل نهاره في تتبع أحوال المسلمين وعلاج مشكلاتهم أيجد في نفسه اطمئناناً لسماع الوشاة ، أو رغبة في الانتصار للذات؟!.

قد رشحوك لأمر لو فطنت له

فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

إن الأمة الإسلامية تمر بمرحلة خطيرة تكالب فيها الأعداء عليها من كل مكان، وأمامها مفرق طريق، ولا وقت هنا للهو والعبث والاشتغال بهذه الهموم الوضيعة التي أدنى ما فيها أنها تشتت الفكر ، وتقبض الصدر ، وتلهي الإنسان عن معالي الأمور..!

المرجع : مجلة البيان عدد رقم 151



------------------
abulojin@yahoo.com

غزلان
05-07-2000, 10:09 PM
تسلم ........